nanaabuabed
15-11-2022 - 11:45 am
(محمية الموجب) ... حين تعانق الجبال الوردية جداول المياه
ما بين سيقها وأوديتها وممراتها المائية, وبين طيورها ونباتاتها النادرة, تقف محمية الموجب شاهدا جديدا على غنى بلادنا وجمالها الذي منحته إياه الطبيعة.
تكشف محمية الموجب عن سر جديد من أسرار جمال الطبيعة في الأردن حيث السلاسل الجبلية العالية ذات الألوان الوردية والتشكيلات الصخرية الزاهية والأودية السحيقة التي تخترقها جداول وينابيع المياه الباردة النظيفة دائمة الجريان التي تنتهي رحلتها في البحر الميت.
تتميز المحمية التي تبلغ مساحتها 212 كم بخصوصية جغرافية فريدة حيث تتشكل من 3 أنماط مناخيه مختلفة هي مناخ البحر الأبيض المتوسط والنمط الإيراني الطوراني والنمط السوداني كما أن ارتفاعاتها المتباينة منحتها ميزة إضافية حيث تصل أخفض نقطة فيها إلى 400 متر تحت سطح الماء وأعلى نقطة فيها بين 800 فوق سطح البحر. كما تحظى المحمية بأهمية خاصة كونها تقع في حفرة الانهدام وعلى مسار الطيور المهاجرة بالإضافة لوجود بعض الأودية ذات الجريان الدائم إضافة إلى أن 27 كم منها يقع على شواطئ البحر الميت.
وقال مدير المحمية هشام الدهيسات خلال جولة للصحفيين نظمتها الجمعية الملكية لحماية الطبيعة في المحمية أن الهدف الرئيسي من وجودها هو العمل على صون الموائل والأنواع الطبيعية وتطوير برامج تنمية مستدامة داخل المحمية إضافة للحفاظ على حيوان البدن «الماعز الجبلي» تحديدا ومراقبة كمية ونوعية المياه الجارية في الوديان.
وكشف الدهيسات في الجولة التي رافق الصحفيين فيها أحمد النعيمي مسؤول الإعلام في الجمعية وعبد الزراق الحمود مدير مشروع حماية الطيور المحلقة في الجمعية أنه وفي السادس والعشرين من الشهر الحالي سيتم البت في إعلان محمية الموجب محمية محيط حيوي لتدخل العالمية حيث أنهت الجمعية الملف وقامت بإرساله إلى اليونسكو والذي من المنتظر الموافقة عليه.
وأكد الدهيسات أن إعلان الموجب محمية للمحيط الحيوي يعزز من مكانة الأردن الدولية ويلفت الأنظار للأردن والتي تمهد لدخولها في قائمة التراث الطبيعي العالمي خاصة في ظل تهميش تعيشه المحمية التي وفرت ممرات لدخول السياح إلى وادي الموجب، مزود بإجراءات السلامة العامة والمعدَّات المطلوبة بالإضافة لزيادة أعداد الإدلاء والمنقذين للحرص على تمتع الزوار والسياح برحلة آمنه وممتعة.
وأضاف الدهيسات أن هذه المسؤولية توجب علينا أن نزيد من أهتمامنا في المحمية والحفاظ عليها. وقال عن المحمية التي يعمل بها نحو 37 شخصا كلهم من أبناء المجتمع المحلي أنها عملت منذ البداية على مشروع إكثار البدن الذي كان مهددا بالانقراض بسبب عمليات الصيد الجائر التي تعرض لها الحيوان النادر كما بين أن زوار المحمية بلغ للعام الماضي قرابة 16 ألف سائح.
وبين أنه وفي العام 2006 تم إطلاق البدن كاملا إلى الطبيعة بعد أن نجح المشروع في إكثاره والحفاظ عليه مشيرا إلى أنه يتواجد في حدود المحمية نحو 700 رأس منه.
وعن أهم التحديات قال أن قضية الرعي كانت المعضلة الأساسية قبل أن تقوم الجمعية وبالتعاون مع المجتمع المحلي بتأسيس جمعية لمربي الأغنام في فقوع من أجل زراعة 15 ألف دونم من أراضي المحمية بشجيرات خاصة للرعي وتنظيم عمليات الرعي فيها.
وبين أن المحمية تحتوي على 412 نوعا من النباتات، منها 43 نوعا نادرا، و67 طبيا، و12 ساما، و22 مأكولا، و115 رعويا كما أنها تحتوي على 50 نوعا من اللافقاريات المائية، و30 من اللافقاريات البرية، وثلاثة أنواع من الأسماك، والبرمائيات أيضا، و21 من الزواحف، و150 من الطيور، و 24 نوعا من الثدييات، يعتبر البدن والضباع والذئاب والثعالب أهمها على الإطلاق.
وعلى بعد نحو 4 كم عن المحمية يقع مركز الرداس للمراقبة والتفتيش والذي ينطلق منه مفتشو المحمية في جولاتهم اليومية لمتابعة ما قد يحصل وللسيطرة على أي محاولة صيد قد تحدث في جبال المحمية الوعرة وصعبة التضاريس.
ويعاني المفتشون من صعوبات كبيرة خاصة بعده عن الشارع وعدم وجود طريق معبده له وعدم وجود أي كهرباء مما يجعل الطاقة المولدة عن طريق محولات خاصة تنقطع أثناء فصل الصيف حيث ترتفع الحرارة إلى قرابة 55 درجة مئوية في الظل.
وقال علي الليمون أحد المفتشين في المركز أن مهمة المفتشين حماية التنوع الحيوي في المحمية والتأكد من عدم وجود صيادين وكتابة التقارير اليومية وأنهم ينظمون جولات يومية على الأقدام والتي قد تستمر في كثير منها إلى 12 ساعة وسط الحر.
وبين أنه تم ضبط نحو 7 حالات مخالفه داخل حدود المحمية بالإضافة إلى إحباط عدد كبير من محاولات الصيد أسبوعيا.
وفي موقع مركز الحرف اليدوية التابع للمحمية والذي يقع في فقوع قال خازر مدالله مدير المركز أنه تأسس في عام 2003 وبدأ بخط إنتاج رملي والذي يجسد الحيوانات التي تعيش على أطراف منطقة الموجب.
وأضاف مدالله أن المركز بدأ بمشروع ثان وهو مشروع الحلي والفضة والتي يتم النقش عليها أشكال الحيوانات رموزا من الطبيعة إضافة لخط انتاج النباتات الطبية التي تشتهر بها المنطقة مبينا أن نحو 12 سيدة تستفيد من المركز الذي وفر لهن فرص عمل.
من جانبه قال مدير مشروع حماية الطيور المحلقة في الجمعية عبدالرزاق الحمود أن محمية الموجب الطبيعية تعتبر موقعا مهما لهجرة الطيور، وخصوصاً المحلقة منها كونها واقعة ضمن ثاني أهم مسار لهجرة الطيور على مستوى العالم: مسار حفرة الانهدام- البحر الأحمر الذي يعبره أكثر من 1,5 مليون طائر بين أوروبا أوروبا وإفريقيا خلال مواسم الهجرة كل عام.
وأضاف أن أهمية المحمية تأتي باعتبارها موقع عنق زجاجة لهذه الطيور، ونقصد بهذا المصطلح أنها مواقع معينة ضمن مسارات الهجرة، تعبرها الطيور بأعداد كبيرة معتمدة على آلية طيران التحليق « التحويم»، وتشكل تضاريسها معالم مهمة لتوجيه الطيور بعبور المسار الصحيح، كسلسلة جبال الموجب التي تختلف عن غيرها ضمن هذا المسار، ويساعد ارتفاعها على تشكيل تيارات الهواء الساخن التي تستخدمها الطيور خلال تحليقها.
وحول هذه الطيور قال ان 14 نوعا منها من أصل 36 تعتبر أنواعا مؤثرة بالنظام البيئي، بمعنى أنها تلعب دورا مهما في ظهور أو غياب أنواع كثيرة من الكائنات الحية الأخرى، لذلك فان دراستها تأتي في سلم أولويات البحث البيئي، كصقر الجراد- العويسق الذي أضحى مهدداً بالانقراض على مستوى العالم، ومازالت المحمية مكاناً ملائماً لتكاثره طبيعياً.
عن الرأي الأردنية