- نصف ساعة فقط كانت كافيه لنرى مخرج "الوراق " ومنه الى الحارة
- ( يابخت الى امه بتدعيله مش بتديله )
الحمدالله وصلت امس بالسلامة وكانت الرحلة والى بدأت في 59 وانتهت بالامس "مليانه " بالذكريات الجميلة مع الاحبة من الاخوة من مصر ..وسأتبع طريقة السرد في نقل الصور ..المفرحه والمحزنه ..فسياحتى في مصر هي في "ناسها " قبل ارضها ..والذين ارتبطت معهم برباط قوى صنعته السنين والمواقف ..
انطلقت الطائرة مقلعه في مساء يوم الثلاثاء الساعة الثالثة وعبر الاجواء الرائعة والتى لم نصادف فيها اي مطبات وذلك يعود الى روعة الطقس بحيث تمكنا من رؤية خليج العقيبة وقناة السويس بوضوح ..ومنازل اهل القاهرة المتراصه مما زاد الشوق قبل الهبوط ..
رغم انى كنت احمل شنطتين لم اتعرض للتفتيش فبمجرد اظهرت الجواز لمفتش الجمارك حتى اشار على بالذهاب لأخرج الى جموع المنتظرين والذين اشعرونى وكأنهم جمعياً في استقبالى .ولم اجد صعوبة في تمييز وجه صديقي "ابواسماعيل " مبتسماً وفاتحاً ذراعيه لأرتمى بينهما كطفل لقى والده ..
بعد غيبة ..وما ان انتهينا من السلام ..حتى تعاونا في حمل الشنطتين الى الباص المنتظر ومن ثم الى مواقف السيارات ..ومنها الى "مصر كلها "
من الجميل ان تصل في النهار وتكحل عينيك برؤيتها بوضوح ..لم نتأخر كثيراً حتى اعتلينا المحور بأتجاه الوراق "وراق العرب " مروراً بعده اماكن ومع كل لحظة حوار تسرق عيني منظراً هنا او هناك ..
نصف ساعة فقط كانت كافيه لنرى مخرج "الوراق " ومنه الى الحارة
..ومن خلالها الى البيت ومن ثم الى الشقة التى خصصها زميلي لي ..وضعت الشنط ..ومن بعدها نزلنا الى شقتة المضيف وكانت اسرته الصغيرة في استقبالي ..وجلسنا في الصالون ..ومن بعدها توافد ابناء عمومته الواحد بعد الاخر للسلام ..والكلام والسؤال عن الحال والاحوال ...
بعد العشاء الفاخر المنوع ..لم استطع الصمود وكان ظاهراً على انى خلاص ..عاوز انام ...فبعد مشاوير المطارات ..استويت ..وطلعت الى الشقة ونمت زي القتيل ..
معرفش نمت كم ساعة بس صحيت على اصوات وهمهمات وبكاء يرتفع بالتدريج ..فنهضت من فراشي وخرجت الى البلكونه ولم افتح الشباك خوفاً من شباك الجار الذي يقطن امامى حيث ان شباكي يكشف شقته ..ومن مواقف سابقه تحاشيت ان اعملها ..
خرجت الى البلكونه لأجد الشارع وقد امتلأ بالنسوان وقد اتشحن بالسواد وبدأنا بالعياط والصياح والولوله ..
هالنى المنظر فهو طبعاً غير مألوف بالنسبة لي ..نعم رأيته في الافلام لكن على الطبيعة "شي ثانى"
سمعت ضحكه من خلفى فرأيت "ابواسماعيل " فقال : ما تخفش مش من عندنا ..بس علشان الجنازة حتطلع من المسجد ده هم تجمعوا ..وخلاص شويه ويمشوا اصل صلوا عليها الفجر ..القيت نظره على ساعتى وعرفت انه لم يبقى الكثير على الشروق وصليت ونزلت معه ..واخترقنا الحاجز النسوى بصعوبة ووصلنا الى البوابه التى ستخرج منها الجنازة لنجد "خناقه للركب " ليه ..
هناك اختلاف مين الى حيشيل "الخشبة " فالمتوفيه مرات "اب" لم تخلف بل ربت ابناء زوجها والذي يصر ويحلف بالطلاق ان الى يشيل "الخشبة " اولاده واخوان المتوفيه يرون انهم احق من ابنائه والذين لا يمتون اليها بصلة ...وعبر المكرفيون نسمع صوت الامام وهو يهدئ الطرفين ويذكرهم بأحترام "الحالة " واحترام المسجد ..
ولا اخفيكم سراً حبيت اشفلى دكه واجلس ..بس ابواسماعيل قال تعال نمشي مصيرهم يتفقوا ..ودى حاجه عاديه ..فمره تجد اختلاف على نصب الصيوان وعلى عدد المقرئين ..وهكذا ..
وطول السكة واحنا ماشيين وانا افكر في الجنازات عندنا وكيف هي ملمومه ومفيهاش خساير ..(فاذا مات ميت دفناه وخلصنا ) والعزاء في المقبرة ..وتنتهى الحكاية ..برمي التراب ..
قبل ان نحدد وجهتنا اخذنا لفة في الحارة وذهب بي "ابواسماعيل الى "نادى وراق العرب " لأشاهد التجديدات التى طرأت عليه حيث يشغل فيه منصب ادارى تطوعى والتقيت ببعض الاخوة العاملين وكان لي الشرف بالسلام عليهم واصروا على تناول مشروب فطلبت "حليب بالشاى " تمهيداً لأفطار قادم ..تعرفت في هذه الجولة على الجهود المبذولة من الشباب في الارتقاء بناديهم والذي يقدم خدمات كبيرة لأعضائه رغم قلة الدعم ..وشحه ..بعدها خرجنا وقال لى "ابو اسماعيل "
وهذا هو السؤال الصعب فقلت له تعال نتمشى اولا ..ونفكر سوا ..اخترنا احد الشوارع ومشينا ..لم يتغير الشي الكثير في الحارة المصريه ..فقط وجدت "التوك تك "
وهي وسيلة نقل جديده على لم اشاهدها في 2005م ووجدتها طغت وبغت وتجبرت وتسيدت الحارة ..في السابق كان يصعب على وسائل النقل الحديثه الدخول ولذلك يستخدم السكان "الدواب" بكثرة ..
ولكن بعد وصول "التوك تك " اصبح الوسيلة الاولى في الحارة ..ومن النوادر ان ربات البيوت يذهبن لجلب "القوطه " بجنيه ويخسرنا 2 جنيه لتوك توك ..ويخشى ارباب البيوت من "السمنه " وانتشار "الكسل " بين النساء بسبب "التوك تك ..وتحميل ميزانيه الاسرة بند جديد "اجرة التوك تك "
اغلب قائدى هذه الوسيلة هم من الشباب "الروش " والذي يضع سمعات "كباريه " ويتسابقون لصيد الزبائن بقياده هي اقرب الى التهور ..
والانجراف ..لا يوجد لديهم ادنى احترام لقواعد المرور ..سألت واحد منهم مره عن هذا الامر فقال لي : اذا كان اصلا المرور مش معترف بيهم "كوسيلة نقل " ومفيش رخص ..يعترفوا بيه هم ليه وبقوانينه ..(نظرية برضه "
طبعاً انا كان لى حظ وافر في استخدام هذه الوسيلة .. فهىى رغم ما فيها من سلبيات فأيجابيتها ظاهرة ..الشباب يكتبون عبارات رائعة خلف هذه العربة وعلى سبيل المثال
(دي مش دبابه ...دي قوت الغلابا)
( يابخت الى امه بتدعيله مش بتديله )
وخذ من الشعارات الكتيير ..افيشات افلام ..عبارات سياسيه ..حكم وامثال ..وكأنهم سبحان الله بيوصلوا رسالة ما ..
ابو اسماعيل قال لي : ايه رايك نروح غيط الحج مكرم ..الجديد ..قلت له فين ده ..قالى في "جزيرة الوراق " طبعاً ضربت حكاية الجديد و مسمى "جزيرة الوراق " في الدماغ ..وايضاً لعشقي المتناهى لجو الغيطان والمزارع على طول قلت له ..ماشي ..
"جزيرة الوراق " يتبع
غير مألوف للكثير من السواح ... رغم أن هناك متعة في التجول في المناطق الشعبية حيث سترى
الواقع المصري كما هو وكما رأيناه في الافلام والمسلسلات .. أيضا واضحة ومعبرة وياريت تكون
هناك صور أكثر خاصة في الاحياء الشعبية في القاهرة ... في أنتظار باقي التقرير .. ومشكور جدا
على مساهمتك المفيدة في المنتدى !