واقع السياحة في الجزائر
إن لكل بلد خصائصه و مميزاته، سواء تعلق الأمر بما هو موهوب من الله عز وجل، كالموقع
الجغرافي و المناخ و التضاريس، أو ما هو متعلق بما صنعه الإنسان من تاريخ و أثار و حضارات
التي تزيد من جمال البلد أو تدهوره، و الجزائر بفضل موقعها المميز و مساحتها الشاسعة، تتفرد
بمقومات طبيعية، و حضرية، جد مميزة، إذ سعت السلطات الجزائرية منط الاستقلال لاستغلال هذه
الإمكانيات و تطويرها.
1 - أسس و بواعث القطاع السياحي الجزائري.
الجزائر تعد من بين البلدان التي تتميز بطبيعة خاصة جعلتها محل اهتمام الباحثين و الرحالة
العرب و الغرب، و هذا ما يؤكده الدكتور عبد الله ركيبي في مؤلفه "الجزائر في عيون الرحالة
HILTON : الإنجليز" الذي ذكر العديد من الرحالة الذين زارو الجزائر و كتبوا عنها،أمثال
في R.V.C.Bodlley 1920 ) ، وكذلك - في "كتابه رحلة في ربوع الأوراس ( 1912 Simson
في "كتاب الجزائر على حقيقتها" 63 ، و غيرهم من M.D.Stot "كتابه ريح الصحراء" ( 1944 )، و
الكتاب الغرب الذين وصفو الجزائر بأنها فسيفساء حضاري و ثقافي و تحفة نادرة.
أ - مقومات الجذب السياحي في الجزائر
1 الخصائص الطبيعية و الجغرافية:تقع الجزائر في الشمال الإفريقي، يحدها من الشمال
البحر الأبيض المتوسط على شريط ساحلي يبلغ 1300 كلم 2، و شرقا تونس و ليبيا، و غربا كل من
المغرب و موريتانيا و الصحراء الغربية، وجنوبا النيجر و مالي ،و تعد الجزائر ثاني أكبر البلدان في
القارة الإفريقية من حيث المساحة بعد السودان، إذ تتربع على مساحة 2.381.471 كلم 2 و عدد سكانها
.( يفوق 35 مليون نسمة
و يمكن أن نميز في الجزائر منطقتين متميزتين عن بعضها البعض و هما:- منطقة الشمال: تظم المناطق التلية و المناطق السهلية، و هي مناطق عرضية أكثر منها
طولية، و هي تضم بذلك أخصب الاراضي، و تحتوي السهول على جبال شاهقة
- منطقة الجنوب الصحراوي: إن للطبيعة الصحراوية ثلاث صفات رئيسية و هي تتمثل في
الهضاب الأرضية و تسمى بالحمادة و الدروع، و الثانية تتركز في العروق و هي العرق الغربي
الكبير و العرق الشرقي الكبير و عرق شاش، و الثالثة طبيعة الهقار.
2 الخصائص التاريخية و الثقافية :إن المعالم التاريخية و الحضارية المتنوعة التي تنفرد
بها الجزائر جعلتها مهدا للحضارة الإنسانية و شاهدا حيا على انتمائها للفضاء الإسلامي، المتوسطي و
الإفريقي، فمعالم الأثرية و المتاحف و الوثائق التاريخية الموجودة في الجزائر تشهد على عراقة وعظمة الحضارات المتعاقبة، من الأمازيغية إلى الفينفية إلى البيزنطية و الرومانية و أخيرا الإسلامية،
التي فرضت نفسها على التاريخ، و الشاهد عليها قلعة بني حمادة ببجاية، و قد صنفت منظمة اليونسكو
مناطق أثرية بالجزائر ضمن قائمة التراث العالمي التاريخي، كمنطقة الطاسلي و تيبازة و جميلة و
تيمقاد و وادي ميزاب و حي القصبة.
كما يتبين أن السياحة الثقافية و الترفيهية، تستقطبان الكثير من الاهتمام في اختيار التوجهات
السياحية، حيث يزداد الطلب عليها، و بهذا الصدد تتميز الجزائر بمزايا كفيلة بتلبية الطلبات الأكثر
تشددا، بفضل امتداد المناطق الساحلية من الساحل إلى الصحراء و التراث الثقافي الذي يعكس تاريخ
البلد بكل أبعاده الثقافية.
إن الصناعة التقليدية و الحرفية التي تتوفر عليها الجزائر تجعل السياحة الثقافية أكثر انتعاشا
خاصة في موسم الاصطياف، بحيث يكتسي دور الصناعات التقليدية في ترقية السياحة نفس الأهمية
التي يحظى بها قطاع السياحة في تنمية الاقتصاد ككل، فاهتمام الشباب بهذه الصناعات حسب
المناسبات يعطي فرصة أكبر للسياح لاكتشاف هذه القدرات و المواهب، ومن ثم التعريف بثقافة و
حضارة الأمة.
يتبع
أهمية كبرى لقطاع السياحة، بالرغم ما للجزائر من مؤهلات سياحية مميزة، ثم جاء ميثاق السياحة
لسنة 1966 ، و الذي رسم الخطوط الأولى للسياحة الجزائرية، ثم جاءت بعده المخططات الوطنية
7إلى غاية 1989 ، و التي حققت نتائج إيجابية في زيادة عدد الهياكل السياحية، التي لا تزال
ليومنا هذا ، ولكنها لم تكن كافية لتحسين صورة المنتج السياحي الجزائري و ترقيته محليا أو دوليا.
كما كان للأحداث التي عرفتها الجزائر خلال التسعينات، من عدم إستقرار أمني و ذلك
لتعرضها لعدة هجمات إرهابية، و تخريب لمنشئات الدولة، و كذا عدم الاستقرار الاقتصادي الذي
صاحب هذه الأحداث، كل هذه الأحداث و غيرها جعلت القطاع السياحي الجزائري يتخلف و يتراجع
بصورة واضحة.
بعد عودة الاستقرار و الأمن إلى البلاد، عملت الدولة الجزائرية على إعادة بعث القطاع
السياحي من خلال فتح المجال للاستثمارات المحلية و الأجنبية، بتبني خيار الخوصصة و الشركة
الأجنبية في المجال السياحي ، فأعطت تحفيزات و ضمانات متعددة للمستثمرين، من خلال قانون
الاستثمار لسنة 1993 ، وبعده قانون الاستثمار لسنة 2001 ، هذا ما جعل السوق السياحية الجزائرية
تنتعش، ولكنها لا تزال بعيدة عن متطلبات السوق السياحية العالمية وذلك مرده الى :
ولا تزال الدولة الجزائرية تبذل المزيد من الجهود للنهوض بقطاع السياحة وتطويره، وذلك ما
سنتطرق إليه لاحقا