- هلسنكي: ار دبليو ابل*
هلسنكي: ار دبليو ابل*
النصيحة الاساسية لمن ينوي زيارة العاصمة الفنلندية هلسنكي عدم محاولة زيارتها خارج الموسم السياحي بغض النظر عما تشير اليه الكتيبات السياحية. الموسم السياحي في فنلندا هو فصل الصيف، عندما تظل الشمس مشرقة لمدة 20 ساعة يوميا، عندما تزدحم مقاهي الارصفة وتمتلئ الاسواق الشعبية بالمتسوقين.
ومشاهدة هلسنكي في افضل اوقات السنة وهو فصل الصيف يمكن ان يكون امرا في غاية الجاذبية. ولقد جذبتني، لعدة عقود، بعبقريتها في التصميم الحديث، وعروض تصميمات الاقمشة في ماريميكو والسيراميك في ارابيا والزجاج في ليتالا، التي يصممها العديد من المصممين من امثال كاج فرانك وتيمو ساربانيفا وتابيو ويركالا وغيرهم.
بعض الاسماء اقل شهرة مما يجب ان تصبح عليه. وفي فترة من الفترات كان تقليد التصاميم الحديثة، يحتضر في هلسنكي. ولكنها كانت نائمة وليست ميتة.
فقد وجد ماريميكو، الذي كانت جاكلين كنيدي من اكثر المعجبين به، مجالا جديدا للابداع عبر المصممين الشباب من حول العالم، الذين يمكن رؤية تصميماتهم في مجالات مثل ادوات المائدة والاثاث.
وظهرت منطقة جديدة لعرض مثل هذه التصميمات.
فنلندا دولة يزيد عدد سكانها قليلا عن خمسة ملايين شخص (أي اكثر من عدد سكان لبنان بحوالي مليون شخص)، حيث يتحدث معظم الناس لغة تربطها صلة بعيدة باللغة الهنغارية وغير مفهومة بالنسبة لباقي الاوروبيين.
وقد بذلت فنلندا وعاصمتها الثقافية والتجارية والسياسية، هلسنكي، جهدا كبيرا لترك علامة في العالم. وقد نجحت بطريقة تتعدى اية توقعات منطقية، ليس في مجال واحد بل في عدة مجالات.
فالسونا الفنلندية غزت العالم، والرياضيون الفنلنديون من عدائي المسافات الطويلة من امثال بافونورمي الى نجم الهوكي تيمو سيلاني الى سائق سيارات الفئة الاولى ميكا هكينان ينتشرون في الحلبات الرياضية الدولية، وهواتف نوكيا تستخدم في جميع انحاء العالم.
وبالرغم من كل ذلك فإن الفنلنديين لديهم سمعة، لا يستحقونها، وهي انهم شعب صامت لا يتمتع بروح الدعابة وسوداوي.
ويمكن تلخيص نظرتهم للحياة بكلمة فنلندية واحدة وهي «سيسو»، وهي تعني التصميم على القيام بما يجب القيام به.
والشمس مشرقة دائما في هلسنكي. فبالرغم من انها ثاني ابعد عاصمة شمالا في العالم بعد ريكيافيك عاصمة ايسلندا، فإن مناخها يشبه مناخ البحر الابيض المتوسط في شهر اغسطس (آب).
ويقول الدبلوماسي الفنلندي الشهير، ماكس جاكوبسون ان التاريخ يغير الشخصية الوطنية الفنلندية. فلسنوات طويلة ظل العالم ينظر الى الفنلنديين، منطلق علاقتهم بالاتحاد السوفياتي .
اما الان وكما قال جاكوبسون «لقد خرجنا من ظل الدب السوفياتي واتجهنا لدور اكثر عالمية».
غير ان اوروبا لم تغير نظرتها تماما تجاه الفنلنديين. فلأسباب غير معروفة يميل زعماء الدول الكبرى الى التقليل من شأن الطعام الفنلندي، فقد ذكر الرئيس الفرنسي جاك شيراك ان المطبخ الفنلندي أسوأ طعام في اوروبا بعد المطبخ الانجليزي.
ويعتبر فندق السافوي، الذي تأسس عام 1937 وصممه الفار آلتو، نظيرا ادنى لفندق فور سيزونز في مانهاتن، الذي تأسس عام 1959 والذي صممه ميس وفيليب جونسون.
وفيه المطعم الذي كان يفضله بطل فنلندا القومي المارشال مانرهايم، حيث كان يتناول طبق فورشماك المفضل لديه، وهو طبق موجود، على الدوام، على لائحة الطعام.
واذا ما توجهنا الى عالم العمارة والتصميم يمكننا ان نذكر محطة قطار هلسنكي، التي صممها ايليل سارينين عام 1919.
وهو ما أدى الى مشاركة هذا المصمم الأميركي الفنلندي في مسابقة شيكاغو تريبيون تاور عام 1922، التي احتل فيها المرتبة الثانية. وهناك قام بتدريب جيل من المصممين الأميركيين.
كما يمكننا أن نفكر بمتحف الفن المعاصر الذي يحمل اسم »كياسما»، وهو أفضل متحف في هلسنكي، ويتسم بطابعه الفنلندي الجلي، ويتألق في الليل مثل قطعة جليد أو زجاج من تصميم الفنلندي تيمو ساربانيفا، ولكنه من ابداع المصمم الأميركي ستيفن هول، الذي عرف في السابق بتصميمه الشبيه بالجوهرة في كنيسة سانت اغناتيوس بسياتل.
وهناك قاعة فنلانديا التي صممها آلتو والتي اكتملت عام 1971، ويعتبرها البعض عن حق قمة أعماله الفنية في التصميم. وهي مميزة بين قاعات الحفلات الموسيقية.
وعلى اية حال يمكن القول ان هلسنكي تعتبر مأثرة من مآثر الفن المعماري، بطابعه الكلاسيكي والمعاصر. ومثلما يجد السائح تجليات الماضي شاخصة في هلسنكي يجد أيضا انجازات الحاضر.
وفي مركز منطقة اسبلانيد، حيث تصميمات الايطالي رينزو بيانو، هناك ديزاين فورم فنلاند، وهو معرض لمنتجات الشركات الجديدة والموهوبين الشباب.
اما في ما يتعلق بأماكن الاقامة فيمكن الاشارة الى فندق كامب، وهو مثيل لفندق كريلون، وقد شيد عام 1887 وجرى تجديده عام 1999ويحتل هذا الفندق موقعا مثاليا في قلب المدينة، وهو غني بتفاصيله ابتداء من حمامات الساونا الى غاليريات التسوق حتى المطاعم الموجودة فيه.
وهناك فندق كلاوس كي. وهو يتميز بكونه الافضل تصميما من بين الفنادق، ويقع في منطقة التصميم الجديدة، وفيه 137غرفة عصرية تتوفر فيها آخر الالعاب الإلكترونية.
كما أنه توجد مجموعة من المطاعم الجيدة وبينها توسكانيني الايطالي وايماتار حيث الطباخ السويدي الاثيوبي المولد ماركوس سامويلسون صاحب سلسلة مطاعم أكوافيت في نيويورك.
خدمة «نيويورك تايمز»
مقال ممتع وكفيد حقاً