نيويورك المسافرون العرب
أكتشف العالم بين يديك
المسافرون العرب أكبر موقع سياحي في الخليج و الوطن العربي ، يحتوى على أكبر محتوى سياحي 350 ألف استفسار و نصائح عن السفر و السياحة, 50 ألف تقرير سياحي للمسافرون العرب حول العالم و أكثر من 50 ألف من الاماكن السياحية و انشطة وفعاليات سياحية ومراكز تسوق وفنادق، المسافرون العرب هو دليل المسافر العربي قبل السفر و اثناء الرحلة.
artravelers.com ..
-
- امريكا US
- نيويورك
- نبذة عن تاريخ الهجرة من بلاد الشام إلى الأمريكتين
سنقر
14-02-2022 - 01:09 am
السفير- المهجر اسم يطلق على المواطن التي هاجر إليها السوريون واللبنانيون والفلسطينيون وبعض العرب الآخرين، من القارة الأمريكية شمالها وجنوبها ووسطها. وقد يجمعونها فيسمونها (المهاجر). أكثر ما يتردد ذكره، من هذه المواطن، في تاريخ الثقافة العربية المعاصرة، نيويورك شمالاً، وساو باولو وريو دي جانيرو وبيونس آيرس جنوباً.
وهي الحواضر التي ازدهرت فيها، في النصف الأول من هذا القرن، حركة أدبية وفكرية ممتازة بخصائصها.
ما تزال بقاياها تتلاشى مع الزمن. يضاف إلى هذه الحواضر حواضر أخرى في دول القارة الأمريكية استوطنها المهاجرون العرب أيضاً، وأصدروا فيها نشرات وصحفاً ودوريات وكتباً بالعربية أو بلغات أهلها (الإنجليزية أو الإسبانية أو البرتغالية) تعرّف بالعرب وتراثهم، وتدافع عن بعض قضاياهم الراهنة.
كانت الهجرة إلى أمريكة (العالم الجديد) شاعت في سورية ولبنان وفلسطين (سورية التاريخية) في أواخر القرن الماضي وأوائل هذا القرن. حيث بلغت ذروتها في الشمال سنة 1913م، وخفت بعد الحرب العالمية الأولى بسبب قيود الهجرة الأمريكية، وتحديد أعداد المهاجرين، وقانون الجنسية الذي صدر سنة 1924م فكاد ينهيها تقريباً، في حين استمر تدفق الهجرة إلى الجنوب.
أسباب الهجرة اقتصادية في الدرجة الأولى، فقد ضاقت رقعة الأرض الزراعية على السوريين واللبنانيين والفلسطينيين، من سكان القرى خصوصا، ومن هذة القري كان معظم المهاجرين، بعد قيام نظام المتصرفية فيها 1861م وتعديلاته 1864م إثر حوادث سنة 1860م الطائفية في جبل لبنان، وتدخل بعض الدول الأوروبية فيها، وعلى رأسها فرنسا،وقد إنعكس هذا الوضع على سورية التاريخية كلها وليس لبنان فقط.
ثم عندما فتحت أبواب الهجرة إلى أمريكا رحل منهم إليها جماعات قليلة. ثم اتسعت، ابتداء من سنة 1881م، حركة الهجرة، بفضل الطموح إلى الغنى الذي كانت أخباره المضخمة تصل إليهم على لسان من سبقوهم إلى الهجرة، وبتشجيع السياح وشركات الملاحة وسماسرتها، حتى شبّهت حركة الهجرة، في مطلع هذا القرن، بالوباء المنتشر.
وكان بعض الفلسطينيين سبق اللبنانيين إلى الهجرة، ورافقهم أيضاً. فبلغ عدد المهاجرين إلى القارة الأمريكية، من سورية كلها، في آخر مراحل الهجرة، ما يزيد عن نصف المليون في الشمال، الولايات المتحدة وكندا، وما يقرب من ضعف هذا العدد في مدن أمريكة الجنوبية والوسطى.
ساعد على اشتداد حركة الهجرة آنذاك، في صفوف المسيحيين من السوريين واللبنانيين والفلسطينيين بعد العامل الاقتصادي الذي يضاف إليه أيضاً تسلط الإقطاع على الفلاحين، واحتجان رجال الأديرة الأراضي والأموال، وفداحة الضرائب، وتفشي الآفات في المحاصيل الزراعية، وكساد سوق الحرير الطبيعي بسبب الإقبال على الحرير الصناعي الياباني الرخيص، وتحول طرق التجارة الدولية بعد شق قناة السويس سنة 1860م عوامل نفسية تتمثل في الإحساس بسوء الأوضاع الاجتماعية والسياسية: كره السلطة الحاكمة التي تنظر إليهم دائماً بعين الريبة، والفتن الطائفية التي انتهت إلى أحداث سنة 1860م، وفشو التعصب الدائم، وفساد الإدارة، وانتشار الرشى، وسيطرة رجال الدين على أتباعهم، وتحالفهم، مع الإقطاع، على إذلالهم وحرمانهم، وكبت الحريات العامة، وأخذ الناس بالشبهات في العهد الحميدي، وسوق الشباب العرب إلى ساحات الحروب البعيدة، وسيطرة الجهل على العقول، وتحكم الفوضى في جوانب الحياة كلها.
يقابل هذه العوامل، في الجانب الآخر، عوامل جذب: الغنى الموعود، وتوفير فرص العمل، وما سمعوا عن شيوع الحريات العامة، وترحيب المجتمع هناك بالطموح الفردي، وقياس الناس بأعمالهم وقدراتهم لا بوراثاتهم وأسرهم، والغيرة على كرامة المواطنين وحقوقهم العامة دون تفريق بينهم، وسيادة النظام والقانون.
وقد كان اللبنانيون بصورة خاصة، والسوريون بصورة عامة، على اتصال بالغرب وثقافته، منذ أيام الحملة الفرنسية على مصر (1798 - 1801م) وقيام المؤسسات العلمية فيها أيام محمد علي. قوّى هذا الاتصال البعثات الدينية التي بدأت تصل إلى لبنان منذ أيام حكم إبراهيم باشا لسورية (1832 - 1841م)، واتسعت أعمالها بعد قيام نظام المتصرفية 1861م، فافتتحت الكليات، وأسست الجمعيات العلمية والخيرية، وجلبت المطابع، وترجمت الكتب ونشرتها. وقوى هذا الاتصال أيضاً الاحتكاك بالسياح ورجال الحملة الفرنسية التي أقامت في لبنان سنة كاملة، إثر حوادث 1860م. فكان هذا الاتصال المستمر بالغرب وتعلم لغاته، إضافة إلى وحدة الدين التي تجمعهم به لدى أكثر المهاجرين، يقوّي إعجابهم به وبمبادئه، وبمبادئ الثورة الفرنسية وشعاراتها الشائعة بصورة خاصة، ويزيد من تطلعهم إليه.
فإذا أضفنا إلى هذا كله موقع بلاد الشام الجغرافي في مواجهة الغرب، على الساحل الآخر، وميل أحفاد الفينيقيين، الموروث إلى التجارة والأسفار، والطموح إلى اغتنام الفرص البعيدة، فهمنا واقع هذه الهجرة شبه الجماعية إلى (العالم الجديد) وانتشار شعب بلاد الشام في كثير من بقاع الأرض.
كانت الولايات المتحدة الأمريكية تجذب إليها أنظار المهاجرين في أول الأمر. ثم اتجهت الأنظار إلى الجنوب الأمريكي البكر الذي تتوافر فيه فرص للعمل لا يتوافر مثلها في الشمال، لفراغ الجنوب واتساع أراضيه الزراعية التي تتطلب الأيدي العاملة، ونشأة الصناعة فيه، وانفتاح آفاق التجارة. واتسعت فرص الهجرة إليه بعد أن زار إمبراطور البرازيل بطرس الثاني سنة 1877م و1887م فلسطين ولبنان، وعقدت سنة 1892م معاهدة بين الحكومة العثمانية وحكومة البرازيل نُظمت بموجبها الهجرة إليها.
كان هذا الإمبراطور يعرف العربية، فدعا الناس إلى الهجرة إلى وطنه ليشاركوا في تعميره واستثمار أراضيه الزراعية. ومنّاهم العون والرعاية. وكانت الأرجنتين أيضاً تملك هذا الإغراء، فأراضيها الزراعية شاسعة، وثرواتها مهملة، فاتجهت سيول الهجرة إلى الجنوب، اختار بعض المهاجرين، من الفلسطينيين خاصة، بعض دول أمريكا الوسطى أوالبرازيل أو التشيلي أو المكسيك، حتى بلغ عدد المهاجرين إلى الأرجنتين وحدها ثلاث مئة ألف. وزاد في البرازيل على نصف المليون.
كانوا، بعد أن تلقيهم البواخر في الموانئ الأمريكية، ينزلون الأحياء الفقيرة من المدن التي يختارونها لوجود أقاربهم فيها على الأغلب، ويعرضون على أرصفتها بضائعهم الرخيصة، أو يجوبون أحياء المدن والأرياف وهم يحملون على أكتافهم صندوقاً يملؤونه بالعروض والأقمشة الرخيصة (الكشة Caisha) ليبيعوها لربات البيوت. ثم ينتقل المحظوظ منهم، ونسبته ضئيلة جداً، فيؤسس متجراً صغيراً قد يفلح مع الأيام في توسيعه، وينتهي أحياناً إلى أن يكون من أصحاب المصانع أو المتاجر الكبيرة.
كان الناس من حولهم لا يقدرونهم، ويطلقون عليهم اسم (تركو Turco) باعتبار أنهم قدموا من بلاد كانت جزءاً من دولة الأتراك العثمانيين. وقد حسبوهم حيناً من جنس المغول، السلالة الصفراء، فكانوا يحسون بالحاجة إلى أن يصححوا صورتهم في أذهان الأمريكيين.
كانوا يعتقدون، في أول الأمر، أن هجرتهم مؤقتة، ريثما يجمعون من المال ما يسد حاجتهم وحاجة أسرهم في الوطن، وريثما تتغير أحوال الحياة فيه. ثم لما استقروا وألفوا الحياة في مهاجرهم، ونمت مصالحهم فيها، ونشأ أولادهم في محيطها الجديد، وتعلموا لغاتها وارتبطوا بها، وجدوا أنفسهم يفكرون في الإقامة فيها، برغم ما كانوا يعانون من قسوة الاغتراب وحرقة الحنين إلى الوطن والأهل.
ولا بد أن يكون الإحساس بالحاجة إلى تواصل المهاجرين في مهاجرهم بعضهم ببعض، من ناحية، وإلى تتبع ما يجري في الوطن من ناحية أخرى، استدعى إنشاء بعض الصحف العربية الصغيرة منذ استقرار موجات الهجرة الأولى، في السنوات الأخيرة من القرن الماضي، في الشمال والجنوب معاً.
ففي نيويورك صدرت الصحيفة الأولى (كوكب أمريكا) سنة 1892م. وتبعتها صحف أخرى: (العصر) سنة 1894م و (الأيام) سنة 1897م و(الهدى) سنة 1898م و(مرآة الغرب) سنة 1899م.
وفي البرازيل صدرت الصحيفة الأولى (الفيحاء) سنة 1894م، وتبعتها أربع صحف أخرى: (الرقيب) 1897م و(البرازيل) سنة 1898م و (المناظر) سنة 1899م و(الصواب) سنة 1900م.
ثم استدعت الحاجة إنشاء النوادي والجمعيات الأدبية التي تعمل لخدمة قضايا المهاجرين، وتجميع طاقاتهم ورعاية مؤسساتهم الاجتماعية. ففي نيويورك تأسست (الجمعية السورية المتحدة) سنة 1907م والتي كانت تمثل السوريين واللبنانيين والفلسطينيين، و (الحلقات الذهبية) التي تعرف أنها كانت قائمة بعد الحرب العالمية الأولى. وتبعتهما جمعات أخرى. وفي البرازيل تأسست نواد كثيرة كان أكبرها (النادي الحمصي). ثم قامت التجمعات الأدبية من بعد.