مصر المسافرون العرب

أكتشف العالم بين يديك المسافرون العرب أكبر موقع سياحي في الخليج و الوطن العربي ، يحتوى على أكبر محتوى سياحي 350 ألف استفسار و نصائح عن السفر و السياحة, 50 ألف تقرير سياحي للمسافرون العرب حول العالم و أكثر من 50 ألف من الاماكن السياحية و انشطة وفعاليات سياحية ومراكز تسوق وفنادق، المسافرون العرب هو دليل المسافر العربي قبل السفر و اثناء الرحلة. artravelers.com ..
سفير الغيوم
18-01-2022 - 12:19 am
  1. القاهرة:


القاهرة:

ذات مساء ممطر، توقف القطار القادم من صعيد مصر في محطة باب الحديد، حاملا على متنه، شابا ريفيا أسمر، حاول جاهدا أن يحمل حقيبته البلاستيكية الصغيرة، ليحمي رأسه من المطر رافعا معطفه فوق رأسه، متطلعا في دهشة إلى ميدان رمسيس أول شيء يراه الخارج من المحطة إلى الزحام الشديد الذي لم يستطع المطر أن يقلل منه.
سيظل الشاب يذكر كلما مر من ميدان رمسيس ذلك المساء الذي صافحت فيه عيناه هذا الميدان لأول مرة، زحامه وناسه وضجيجه وسياراته.
أحمد اسم الشاب ورغم مرور عشر سنوات على زيارته الأولى إلى القاهرة ما زال يتذكر ذلك الأمر. يعمل أحمد الآن بائعاً للبضائع الصينية المستوردة ورخيصة الثمن أمام مسجد الفتح في قلب ميدان رمسيس، يتذكر ذلك اليوم، وربما تبدو على شفتيه شبح ابتسامة هاربة.. وهو يواصل صيحاته منادياً على بضائعه، وشاقاً بصوته زحام الميدان.
الميدان.. هو ميدان رمسيس، أشهر ميادين القاهرة، بل أهمها، يعرفه كل من زار القاهرة، ويسمع به من يسكنون في القرى والمدن الطيبة البعيدة كأشهر معلم في العاصمة وبوابتها الكبرى فهو أول شيء يستقبلهم عند زيارتهم لها.
ميدان رمسيس هو قلب القاهرة النابض الذي لا يتوقف عن الخفقان، ولو توقف، ستتوقف الحياة في جسد المدينة كلها، ربما لأنه يربطها كلها.. في هذا الميدان جميع أنواع المواصلات، مواقف السيارات العادية، ومواقف الحافلات الحكومية، والميني باصات، والميكروباصات والقطارات ومترو الأنفاق، والتروماي القديم. من ميدان رمسيس يمكنك التوجه إلى أي مكان في القاهرة، وخارجها أيضاً، ستجد سيارات في الميدان تنادي: الاسكندرية، المنوفية، طنطا، الفيوم، سوهاج، أسيوط، وهي مدن ومحافظات بعيدة.
حجازي، الرجل الريفي، في الأربعين من العمر، الذي كان يسألني عن عنوان في منطقة عبود، قال لي انه كان يعمل في المعمار في منطقة مدينة نصر، وقالوا له إذا أردت أن تذهب إلى أي مكان في القاهرة اذهب إلى ميدان رمسيس واركب من هناك سيارات عبود كانت قريبة، وغيرها أيضاً.
«بنها، مصر، إمبابة، عتبة، كوبري عبود»، النداء الساخر الذي أطلقه الفنان محمد هنيدي في فيلم «همام في امستردام»، ستسمعه من أفواه مختلفة، فأي مكان وأي اتجاه في القاهرة وخارجها تستطيع أن تذهب إليه من هذا الميدان ففي محطة مصر تستطيع أن تتجه بالقطار إلى أي مدينة في مصر، وفي محافظاتها محطة المترو التي يتعارف الناس عليها باسم محطة رمسيس أما اسمها الرسمي فهو «محطة محمد حسني مبارك» تربط اتجاهات القاهرة الأربعة: المرج وحلوان وشبرا والمنيب، أما الأتوبيسات الكبيرة التابعة لهيئة النقل العام فإنها تجول أرجاء القاهرة، بخلاف الميكروباصات أيضاً. ميدان رمسيس، أو باب الحديد، كما يحلو للبعض مناداته، هو أيضاً بطل فيلم «باب الحديد» الذي أخرجه وقام ببطولته الفنان يوسف شاهين، وتناول فيه حياة المهمّشين الذين يملأون الميدان، ومحطة مصر بالجوار.
بداية هذا الميدان كان في العصر الفاطمي حين أمر الحاكم بأمر الله، ابن الخليفة العزيز، ببناء مسجد في هذا المكان، وهو جامع المقس، والذي يقوم مقامه الآن جامع الفتح ومن قبله مسجد أولاد عنان، وكان لباب الحديد دور في مقاومة الحملة الفرنسية على مصر، ففي الثورة الأولى في أكتوبر (تشرين الأول) 1798، هدم الفرنسيون الكثير من المباني، من بينها جامع المقس الذي أقامه الحاكم بأمر الله وأقاموا مكانها طابية أطلقوا عليها اسم كامان وهو اسم ضابط فرنسي كبير، وقد أقيمت بالقرب من قنطرة الليمون. وفي عهد محمد علي عام 1844 أصدر أمراً إلى مدير ديوان المدارس بتحويل هذه المنطقة إلى منتزه عمومي، وفي عهد ابنه عباس باشا الأول تم توقيع اتفاق مع الحكومة الإنجليزية لإنشاء خط للسكك الحديدية بين القاهرة والاسكندرية، وخط آخر بين القاهرة والسويس، وتم إنجاز الجزء الأول من الخط الأول عام 1854، قبل وفاة عباس الأول، وإنجاز الخط الثاني عام 1858 وهو ما استدعى إنشاء محطة مصر، باب الحديد، عام 1856، لتبدأ الأهمية الحقيقية للميدان كبوابة حقيقية للقاهرة، وفي عهد الاحتلال الانجليزي لمصر كان هناك وجود حيوي لهم في هذه المنطقة بحكم موقعها الاستراتيجي حيث كانت هناك قشلاقات بوليس الجيش البريطاني في ميدان المحطة بين شارعي عباس وسيدي المدبولي وسجن الأجانب ومكانه الآن مستشفى الهلال الأحمر.
أسماء الشوارع المتفرعة من ميدان رمسيس تغيرت، فبعد ثورة يوليو (تموز) 1952 تحول شارع عباس الأول إلى شارع الملكة نازلي، ثم شارع الملكة فقط، ثم تحول اسمه إلى شارع النهضة، نسبة إلى تمثال نهضة مصر، الذي كان يقبع مكان تمثال رمسيس الآن، وعرابي، الذي أصبح بديلاً لتوفيق، والجمهورية بدلاً من محل نوبار، ونجيب الريحاني بدلاً من قنطرة الدكة وشارع الجلاء محل شارع الترعة البولاقية، كما اختفى جامع أولاد عنان ليحل مكانه جامع الفتح صاحب أعلى مأذنة في القاهرة، واختفت محطة كوبري الليمون وحلت محلها محطة مبارك لمترو الأنفاق، أما شارع الفجالة فقد سموه شارع كامل صدقي وما زال الناس يحافظون على اسمه القديم.
أحمد الذي أنهى تعليمه، ولعدم حصوله على فرصة عمل قرر أن يعمل بائعاً للبضائع الصينية بجوار مسجد الفتح بعد، يعتبر ميدان رمسيس بيته الحقيقي، يرمق الاتساع أمامه، والزحام والصراخ وضجيج السيارات، ويعتبر أن كل من يعمل في هذا الميدان واحدا من أهله.
منذ سنتين قررت محافظة القاهرة أن تقوم بتجميل الميدان، فقامت بإحاطة الميدان بأسوار خضراء، يرى البعض أنها تشوه الميدان، وتحد من حركة المشاة فيه، لكن المثقفين كان لهم رأي آخر، فهم يرون أن تسوير الميدان، هو سجن له، وسجن لأي مظاهرة تريد أن تنطلق من قلب الميدان الحيوي.
وهكذا أصبح المارة.. يسيرون يمسكون حديد السور بأيديهم، وربما يضطرون للدوران مساحة كبيرة لمجرد عبور الشارع، ومع ذلك لم يزل الميدان يحتفظ بزحامه وان فقد جزءاً أساسياً من روحه.
من يهتمون بالأرقام يعرفون حتماً أن مساحة ميدان رمسيس تقدر بأربعين ألف متر مربع، ويمر فيه 2 مليون مواطن يومياً ذهاباً إلى أعمالهم صباحاً وعودة مساء، بالإضافة إلى أن محطة مصر لوحدها تضم مليون مواطن يوميا من الأقاليم، وهناك 350 خط مواصلات على الأقل تبدأ وتنتهي في ميدان رمسيس وقد قدرت الخسائر الناتجة عن إهدار الوقت والجهد والبنزين في الميدان بنحو ملياري جنيه سنويا.
ميدان رمسيس هو خير مثال للتعبير عن مصر، عن زحامها، وضجيجها، وطيبتها، وناسها فلاحيها وأهل مدنها، فقرائها وأغنيائها، تحتك فيه عشرات الملامح والوجوه لتكون مزيجاً واحداً يخص هذا الميدان بالتحديد.
ترجع تسمية ميدان رمسيس إلى تمثال رمسيس الذي يتوسطه، والذي ثار جدل طوال العامين الماضيين حول نقله، ويعتبر مقر التمثال مكاناً لتجمع الأصدقاء، وتجمع المتسولين وأبناء السبيل، والغرباء عادة عندما يريدون أن يلتقوا في الميدان الواسع يقولون «أسفل تمثال رمسيس». أسفل تمثال رمسيس، يوجد الكثيرون الذين ينتظرون، لكن ملامحهم تؤكد أنهم منذ فترة طويلة هنا، في ظل هذا التمثال، ينظرون في ساعاتهم بين الفينة والأخرى، يديرون أعينهم في الوجوه الغريبة والطيبة حولهم أيضاً، ثم يحدقون بنظراتهم إلى الأرض.
أسطورة الميدان هم سائقو الميكروباص والتباعون.. أصواتهم تجلجل وتعلو في الميدان كله، تذهب إلى كل شبر في القاهرة، من الممكن اعتبار الميدان هو مملكتهم الخاصة، ربما لا يشاركهم هذه المملكة سوى الباعة الجوالون والذين ينتشرون بطول وعرض الميدان، يبيعون كل شيء وأي شيء، بدءاً من الملابس وحتى الحلويات والكتب القديمة والولاعات والأحذية سيئة الصنع والفطير المشلتت.
يتفرع من الميدان العديد من الشوارع المهمة مثل شارع كامل صدقي (الفجالة) الشهير ببيع الكتب، وشارع الجمهورية وشارع رمسيس وشارع عماد الدين، لكن تتوسط الميدان أشهر معالمه وهي محطة مصر وعمارة رمسيس ومسجد الفتح ومبنى البريد وموقف أحمد حلمي ومحطة التروماي (كوبري الليمون). بعض وجوه الباعة الجوالين أصبحت محفوظة لمن يمر في الميدان، فلن يمكن لأحد أن ينسى عم سيد محمود بائع الجرائد أسفل عمارة رمسيس الشهير أو السيدة بائعة المناديل عند محطة الترام.


التعليقات (8)
bader_75
bader_75
والله يافيه شحاد مسنتر هناك كل ماجي أسمعه من صوته الحاد أكيد تعرفونه
مشكور أخي الكريم على المعلومات تحياتي .

العمدة Rimas
العمدة Rimas
ماشاء الله عليك أبدعت .... بس لو كان فيه صورة للميدان كان أكتمل الجمال
سأحاول أن أنزل صورة هدية مني لك
أخوك العمدة

عاشق الكنانه
عاشق الكنانه
تسلم ياغالي ..وجميل ما جلبت
تقبل ارق تحيه

ملاذ
ملاذ
تقاريرك جميله جدا يا سفير يا حبذا لو تضفي عليها اشراقه ببعض الصور اخي اكيد ستكون خياليه مع حبي وتقديري لكل مجهوداتك .

رمح الشمال
رمح الشمال
تقرير رائع يعطيك العافية,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

همررر و بس
همررر و بس
الاخ سفير الغيوم
تقريرك رائع بالفعل
ابدعت
دمت

الحســـــين
الحســـــين
الحقيقة ميدان رمسيس هو القاهرة بعينها، أنا مش بحس اني رحت القاهرة إلا لو عديت على ميدان رمسيس ولو من فوق كوبري أكتوبر واشوف العالم اللي رايحة واللي جاية، الموضوع جه فكرني بأغنية رائعة لفريق مصري اسمه "الحب والسلام" اسمها "ابن الجنوب" بتقول:
قطر الصعيد بيرمي ناس..
في كل يوم فوق الرصيف..
بيشدهم صوت الرغيف..
العود نحيف..
والخطوة ف زحام المدن لازم تضيع..
مكتوب عليك من قبل حتى ما تشتري.. لازم تبيع..
تبيع ماضيك..
تبيع ملامح عايشة فيك..
وتشتري كدب الحياة..
لكن السؤال.. يابن الجنوب..
يابن القلوب الطيبين..
هي المدن تنفع وطن؟ إيه الوطن؟!
أنا دورت على صور لميدان رمسيس لكن تقريباً ملقيتش حاجة،الظاهر من كتر الزحمة محدش عرف يصوره، لكن دورت تاني ولقيت بعض الصور:

الميدان في الستينات عندما تم نقل تمثال رمسيس الثاني من الجيزة إليه وكان قبل ذلك يسمى ميدان باب الحديد وهو الاسم الدارج القديم لمحطة القطارات الرئيسية بالقاهرة

محطة القطارات بميدان رمسيس

جانب من ميدان رمسيس

جانب من ميدان رمسيس

تمثال رمسيس الثاني أثناء نقله إلى المتحف الكبير بالجيزة والصورة هنا للموكب أثناء مروره بميدان التحرير

تمثال رمسيس الثاني في أيام عزه غالباً في السبعينات قبل أن تخترق الكباري هذا الميدان الضخم ويتوه رمسيس الثاني في وسطها

abukareem
abukareem
سفيرنا مرة اخري معلومات مفيدة و جميله لنا عشاق مصر بس ينقصها بعض الصور ولك الف شكر اخوك
ابو كريم


خصم يصل إلى 25%