- من الرياض إلى كوالالامبور
- د. عبدالله بن عبدالمحسن الفرج
من الرياض إلى كوالالامبور
د. عبدالله بن عبدالمحسن الفرج
مدينة الرياض، بالواحات المحيطة بها، منطقة جميلة تستحق أن تتحول إلى مشتى سياحي يعتنى إليه. ولكن هذا يتطلب تطوير العديد من المرافق ذات الصلة. فالقادمون من البلدان الأخر يلاحظون، ابتداء من دخولهم المطار وحتى وصولهم إلى الفنادق وأثناء تنقلهم، أن الخدمات لدينا لا تسير بالشكل المطلوب. ورغم أن مقارنة أي مدينة في العالم مع أي مدينة أخرى هو أمر غير منصف ولا عادل فعلي أن أعترف بأني أكتب هذه السطور على وقع تداعيات زيارتي لماليزيا التي رأيت نفسي بعد صلاة الجمعة في مسجدها الوطني وجهاً لوجه مع مهاتير محمد.
وأنا هنا لن أعير لبهو الميناء الجوي وتصميمه بالا كثيراً مع أن ذلك أيضاَ أمر مهم للزائرين والسياح. فالمطارات في أي بلد هي البوابات التي تستقبل القادمين إليها جواً. ولذلك فإن الانطباع الأول لهؤلاء الأخيرين انما يتكون في الغالب أثناء سيرهم وهم يجرجرون وراءهم حقائبهم متعبين في صالات وردهات كل مطار.
ولكن لنترك ذلك جنباً وننتقل إلى سرعة الإجراءات مثل الحصول على تأشيرات الدخول وتوفر مراكز الخدمات والمعلومات الأولية التي يحتاجها القادمون. ففي مطار كوالالامبور صرفت ما أحتاجه من نقود خلال دقيقة واحدة وحصلت على تأشيرة الدخول في بضع دقائق. أما المواصلات فهناك خيارات متعددة ابتداء من مترو الأنفاق، السريع والمريح في آن واحد، وانتهاء بسيارة الأجرة.
وإذا استثنينا نظام الفنادق، التي تقع مكاتب الاستقبال والتسجيل في العديد منها ليس على الطابق الأول وإنما في أحد الطوابق التي تعلوه، فإن الخدمات في العاصمة الماليزية تتدفق في يسر وسهولة. ورغم أن كوالالامبور ليست رائدة في هذا المجال بالتأكيد فإن الواحد يتمنى لو يرى الخدمات في عاصمة بلدنا تجري بتلك السهولة على الأقل. فنحن لا نزال نفتقد حتى الآن إلى شبكة متطورة من المواصلات القادرة على تلبية حاجة السكان بكفاءة فما بالك بالقادمين إلينا. فالعاصمة تخلو ليس فقط من مترو الأنفاق وإنما أيضاً من وسائل متطورة للنقل العام. اللهم إذا استثنيا باصات النقل العام التي وصل وضعها المزري إلى درجة غسلت معها شرطة المرور يدها منها. فهي جراء تقادمها قد غدت أشبه ما تكون بصهاريج الصفيح المهرولة منها لوسائل النقل العام. أما سيارات الأجرة فإنها حتى الآن تفتقد إلى النظام.
ولذا فلا غرابة أن نشهد كل هذا الازدحام في شوارع العاصمة. فالبنية التحتية رغم تطورها أصبحت غير قادرة على استيعاب كل هذا العدد الهائل من السيارات. إذ أن الأمور وصلت إلى درجة أصبح معها التنقل من مكان إلى آخر، خصوصاً في أوقات الذروة، ليس فقط أمر في غاية الصعوبة وإنما عملية محفوفة بالمخاطر. وهذا إذا ما أضيف إلى غيره من منغصات السياحة من شأنه أن يضعف من مردود الجهود المتعددة المبذولة، وعلى رأسها جهود الهيئة العامة للسياحة والآثار، التي تسعى إلى تحويل العاصمة لمنطقة جذب سياحي.
ولذا فإنه قد يكون من الأفضل لحل عقدة المواصلات المزمنة في الرياض، وغيرها من المدن الكبيرة المهمة في المملكة، تقديم التسهيلات المناسبة لتدفق الاستثمارات الخاصة إلى قطاع النقل الجماعي داخل تلك المدن. فإجراء من هذا القبيل ربما يساهم في احداث نقلة نوعية في وسائط النقل العام ويغير من المنظر البائس لوسائل النقل الجماعي داخل مدننا المزدحمة. فشبكة المواصلات المتطورة داخل المدن الكبرى من شأنها ليس فقط تغيير المشهد العام أو بعض منه نحو الأحسن وإنما المساهمة أيضاً في تدفق مختلف النشاطات الاجتماعية منها والاقتصادية في يسر وسهولة. وهذا أمران كلاهما على درجة كبيرة من الأهمية.
ان تحويل العاصمة إلى مشتى وواحد من المراكز التي يستهويها السياح لا يتطلب فقط تطوير شبكة المواصلات والخدمات المقدمة لمن جاؤوا إلينا. فهؤلاء الطامعون في الحصول على قسط من الراحة لهم ولأسرهم التي قد تكون أتت معهم إلى ديارنا يحتاجون إلى بنية تحتية وسياحية متطورة. إذ كيف يتأتى لهم ذلك وصناعة السياحة، كما لو أنها مهنة العفاريت وحدهم، لا تزال حتى الآن غريبة علينا. ويكفي هنا أن أشير فقط إلى الخدمات المتواضعة التي يقدمها مطار العاصمة للمغادرين. فمطاراتنا قد تكون المطارات الوحيدة، في هذا العالم المترامي الأطراف، التي تخلو من الأسواق ومنشآت الترفيه المتطورة.
جريدة الرياض : من الرياض إلى كوالالامبور http://www.alriyadh.com/2009/03/25/article418125.html
:x1::x1::x1::x1::x1::x1::x1::x1::x1::x1:
نقل رائع وماقصرت