باتت الندوات ناشطة وشغالة على المستوى العربي والدولي. وقد تلقيت دعوة لحضور لقاء فكري في الجزائر. كانت الرحلة التي استغرقت أكثر من أربع ساعات شاقة، خاصةً وأن الطائرة تقلع من بيروت منتصف الليل. ولما وصلت إلى الفندق لم يتح لي أن أتفحص المكان كما هي عادة الزائر، لأن همي كان أن أسرع إلى غرفتي لكي أستلقي على سريري من فرط التعب.
ولكنني عندما نهضت متأخراً، بعد نوم متقطع، نظرت من النافذة، لكي أفاجأ بأنني وسط غابة جميلة بشجرها واخضرارها وشدوِ طيورها. ولم تصدّق عيناي ذلك، أنا الذي أُقيم في بيروت وسط غابة من الإسمنت، حيث العمارات يحجب بعضها البعض كما تحجب المدى والرؤية.
والفندق الذي نزلنا فيه هو مقصد الذين يعشقون الهدوء بعيداً عن الضوضاء، وهو فندق قديم، متواضع، مؤلف من طابقين لا غير. وأنا أفضّل مثل هذا النوع من الفنادق، لأنني عندما استضاف في واحد من الفنادق الفائقة في حداثتها، أقول ما حاجتي إليه، وأنا لا أحسن استخدام أدواته بالغة التعقيد!
ليست المرة الأولى التي أزور فيها الجزائر التي هي عاصمة جميلة بتنوع تضاريسها، بهضابها المتقابلة وبيوتها المعلقة، بمعالمها العمرانية وطرازها الفرنسي ولا أنسى مساحاتها الخضراء . فأنت إذ تتجول في بعض الشوارع، في وسط المدينة، تشعر كأنك في باريس.
https://artravelers.com/p/re/416684 والذي يزور مدينة من المدن يجذبه إليها ما يفتقده في مدينته، والأهم أنه كل مرة يكتشف فيها أشياء جديدة لم يكن يراها، وكل واحد يقرأ فيها ما لا يقرأه سواه. بهذا المعنى تشبه المدن النصوص، إذ هي تختلف عن ذاتها بتعدد طبقاتها وطياتها ودلالاتها.
ولكن زيارتي لم تقتصر، هذه المرة، على الجزائر العاصمة، بل كانت لي زيارة بالطائرة إلى وهران التي هي بعكس الجزائر، مدينة منبسطة، مستوية، ذات أفق مفتوح، وهي أيضاً مدينة جميلة وفريدة بمعالمها ومواقعها وحركتها وناسها..
ومن أجمل المواقع فيها، كنيسة سانتا كروز التي بنيت في العهد الإسباني، على قمة جبل عالٍ يشرف على وهران، التي تبدو لمن يشاهدها من فوق تحت مرمى البصر، بجزأيها الجديد والقديم، الشرقي والغربي.
https://artravelers.com/p/re/413822 كذلك كانت لي زيارة بالسيارة إلى تلمسان التي كنت متردداً، عندما طرحت علينا أنا وزملائي فكرة زيارتها. ولكنني عندما وصلت إليها، أدركت أنني لو لم أزرها لكان فاتني الكثير، فهي من أكثر المدن جمالاً وفتنةً، بأصالتها وعراقتها، بمساجدها وقصورها، بروائع آثارها وطرازها الأندلسي.
ومن بين الآثار التي قمنا بزيارتها ضريح الشيخ شعيب استاذ الشيخ الأكبر ابن عربي. ولما دخلت إلى مقامه، وجدتني أردّد: هذا أستاذ أستاذي، وأعني بذلك أن ابن عربي هو من أبرز الذين تأثرت بهم، ولا يضارعه في أثره عليّ سوى ميشال فوكو في الغرب.
https://artravelers.com/p/re/425383 / تحياتي . انا touriste-dz
أراء الزائرين الذين قادتهم الحتميات الى الجزائر لا يفي بالغرض لوحده
فالجميع يطالب بالمعلومات السياحية البحتة
على العموم شكرا على مجهوداتك