hikayet zaman
14-12-2022 - 09:09 pm
من يزور فاريا لا يمكنه إلا زيارة فقرا التي تبعد عنها حوالي عشر دقائق، وهي تعلو عن البحر حوالي 1975 مترا، وتبعد عن بيروت حوالي 45 كلم. تشتهر بآثارها الرومانية، إذ إن الرومان حطوا فيها منذ حوالي ألفي سنة وتركوا معبدا واحدا يعتبر من أكثر معابد الرومان ارتفاعا عن سطح البحر. وقد شكلت فقرا في العصور السالفة مجمعا دينيا بارزا يعتبر من أرحب المجمعات الدينية في جبل لبنان. وإلى جانبه معبد صغير تحول في العصر البيزنطي إلى كنيسة. ومن معالم فقرا أيضا جسر حجري طبيعي حفرته، عبر الأزمان، المياه الجارية. ويجري ما بين فقرا وبين فاريا نهران يتدفقان من نبع العسل ونبع اللبن. صحيح أن فقرا وفاريا هما من أبرز المنتجعات الشتوية اللبنانية إلا أنهما تستحقان الزيارة صيفا أيضا
ويبقى أرقى المنتجعات الشتوية اللبنانية «كلوب فقرا» الذي يضم حوالي 350 شاليها بمساحات كبيرة. ويتمتع النادي بإطلالة على بيروت والشاطئ، كما يضم حلبات تزلج خاصة به، ويتراوح علو المنحدرات ما بين 1765 و1980 مترا، وهي مقسمة لتناسب مختلف مستويات المتزلجين. هذه المناطق تحمل المواصفات الكفيلة بتصنيفها وجهة محبي فصل الشتاء من لبنانيين وسيّاح. ويقصدها نحو 4000 زائر يوميا في نهاية الأسبوع، تستقبلهم المطاعم والشاليهات الفاخرة في المنطقة، حيث تؤمن آلاف الغرف والإقامة المريحة في جو دافئ يطيب فيه السهر حول المواقد، وتقدم أشهى المأكولات العالمية من السوشي إلى الفوندو، مرورا بالوجبات القروية اللبنانية
يذكر اسم بيروت أمام أي أجنبي ويكون الرد «بيروت باريس الشرق الأوسط أو ولبنان سويسرا الشرق الأوسط»، مع تأوه وحسرة على تلك المدينة التي اشتهرت بجمالها وأناقة شعبها قبل اندلاع الحرب فيها، وعرفها حينها الأجانب كما لم يعرفها أبناؤها اليوم الذين لم يروا في بيروت أيام زمان إلا الدمار والخراب الذي خلفته الحروب المتتالية، واليوم وبعدما استقرت الأحوال السياسية بغض النظر عن الخضات الصغيرة، رجعت بيروت تتصدر صفحات الصحف الأجنبية والعالمية الأولى، فصنفتها صحيفة «نيويورك تايمز» عام 2009 واحدة من أفضل 44 وجهة في العالم، وبرأي صحيفة ال«سانداي تايمز» البريطانية حصلت بيروت على لقب أفضل مدينة تزورها في عام 2010، وفي صحيفة ال«سانداي تليغراف» البريطانية أيضا وفي عددها الصادر في الثامن من يناير (كانون الثاني) 2012 تم وصف بيروت بأنها المدينة الأكثر إثارة على الأرض.
بيروت مدينة لا تشبه ما سواها، فهناك الكثير من المدن الواقعة على المتوسط وقد تتشابه مع بيروت من حيث المناخ والجغرافيا، ولكن هنا لا نتكلم عن الجيولوجيا، ولكن نقصد التركيبة السحرية التي لا تجدها إلا في بيروت وهذا يعود إلى اللبنانيين ذاتهم، فقلما تجد شعبا مليئا بالديناميكية مثل اللبنانيين، فهم يعملون في النهار ويسهرون في الليل، يعيشون كل يوم بيومه، وقد يكون السبب معاناتهم من الحرب التي فرضت نفسها عليهم وجعلت منهم شعبا يعيش كل يوم بيومه، فلا مجال للتخطيط ولا لتعقيد الأمور، إضافة إلى هذا فتلك المدينة لا يمكن وصفها إلا بالمدينة التي تعرف كيف تدلل زوارها وأهلها، ولو أنهم اعتادوا التذمر، وكيف لا والكهرباء لا تصلهم من شركات الكهرباء والطاقة؟ والطرقات ليست معبدة بالشكل المطلوب؟ وإشارات السير لا يلاحظها كثيرون، ليس لأنهم غير منتظمين، إلا أن السبب يكمن في أن تلك الإشارات تعمل بواسطة الكهرباء التي تصل إلى الشعب في أوقات مقننة. ولكن، إذا تركنا تلك الأعباء الحياتية اليومية إلى جنب وركزنا على ما تزخر به بيروت من مقومات جميلة وسياحية ومثيرة، فلن نستطيع سرد تلك المواصفات في موضوع واحد.
زيارتي هذه المرة تزامنت مع واقعة انهيار المبنى في الأشرفية المأساوية، ومع شهود لبنان عاصفة ثلوج وبرد ليس لها مثيل، فكان حديث البلد كله عن العاصفة وسلامة البنيان في لبنان، وشر البلية ما يضحك، ولكن في الحقيقة من الأفضل أن ينصرف اللبنانيون عن الحديث السياسي ويلهوا أنفسهم بموضوع العاصفة أو حتى موضوع سلامة الجسور في لبنان، وهكذا كان، ففي كل أمسية وفي عناوين كل نشرة أخبار كان موضوع العاصفة وجسر جل الديب هما الخبران الرئيسيان، واللافت والمضحك هو أن الناس راحوا في كل جلسة يسألون بعضهم عما إذا كانوا سيسلكون جسر جل الديب الذي يعتبر من الجسور الحيوية في بيروت أم أنهم سيعبرون تحته، وكان الجواب في الكثير من الأحيان مضحكا: «أفضل المرور فوق الجسر، فهذا الوضع آمن أكثر، فإذا سقط الجسر أكون أنا فوق ويكون الضرر أقل »، كيف لا تضحك وكيف لا ترى أن بيروت هي فعلا مدينة مثيرة، وما تجده فيها وفي شعبها لا تجده في أماكن العالم، ففي أي مدينة تجد من يركن لك سيارتك في وسط الطريق في وسطها التجاري؟ وخارج أي فندق ومطعم؟
بيروت اليوم لا تزال تستقبل أسماء لامعة في عالم الفنادق والضيافة، وأصبحت تضم فنادق عالمية رائعة مثل فندق «الفورسيزونز» الذي يزيد المدينة رونقا، ويشعر الزائر الأجنبي خاصة، بالأمان أيضا، ففي محيط الفندق الواقع على واجهة بيروت البحرية وعلى مسافة قريبة من فندق فينيسيا الشهير وعلى بعد خطوات معدودة من وسط بيروت التجاري «سوليدير»، ومقابل الفندق مباشرة تجد «زيتونة باي» وهي عبارة عن مجمع لمطاعم معروفة في لبنان متراصة بالقرب من الشاطئ وتضم جلسات خارجية على أرضية من الخشب.
فإذا كان الطقس جميلا، فمن الجميل جدا الجلوس في أحد المقاهي والتمتع بمنظر أمواج البحر تداعب القوارب الثمينة المتوقفة بانتظار أصحابها بالقرب من مرفأ السان جورج.
من اللافت في زيارتي هذه عدد الزوار الأجانب المرتفع الذين تشجعوا لزيارة تلك المدينة التي صورتها بعض وسائل الإعلام الأجنبية على أنها مدينة أشباح إبان فترات الحروب الكثيرة، إلا أنه اليوم - والحق يقال - عادت بيروت إلى ساحة المنافسة السياحية مع أهم مدن العالم.
فإذا كنت من زوار بيروت المخلصين، فسوف تفاجأ بالكم الهائل للمطاعم الجديدة، فكان شارع الجميزة في الأشرفية من أهم عناوين السهر والأكل في بيروت ولا يزال كذلك، ولكن في كل مرة تزور فيها بيروت يتوجب عليك طرح السؤال التالي: «هل لا يزال المطعم الفلاني ناجحا»، وانتظر الجواب «لا هيدا سكّر (اقفل)»، أو «بطل حلو (لم يعد جيدا)»، فكل ما هو جديد له رونقه في بيروت، ولكن تبقى هناك بعض العناوين التي لا يختلف عليها اثنان مثل مطعم عبد الوهاب في الأشرفية، ومطعم بابل في الضبية.
ومن المطاعم التي لا بد أن تزورها في بيروت حاليا:
مطعم «ذا غريل» في «الفورسيزونز»، و«روزيه» في الأشرفية، و«لو كاسيس» في وسط بيروت، و«ليلى» في مركز «أ بي سي» الأشرفية وضبية، و«أفنيو»، و«كوكتو»، و«شامبانيا»، و«لوتيسيا» في سوليدير، و«باريا»، و«ياسمينا»، و«بسمة»، و«ميزون دو كافيار» في الأشرفية، و«سوهو»، و«السنترال»، ومطعم «طاولة» لصاحبه كمال مذوق الذي يركز على استعمال كل ما هو عضوي ويشجع منتجعات المزارعين المحليين.ومن المطاعم الجديدة التي افتتحت مؤخرا في لبنان وتشهد نجاحا كبيرا مطعم «أم شريف» المتخصص بتقديم المأكولات اللبنانية في أجواء جميلة وعلى أنغام الموسيقى الفيروزية ووسط ديكورات أكثر من رائعة، والعنوان الثاني الذي يستحق الزيارة مطعم قمر الدين الواقع في الأشرفية، وهو واقع في مبنى قديم تم ترميمه ليصبح مطعما لبنانيا رائعا يقدم أطباق المازة التقليدية في قالب عصري بنكهة مميزة جدا، ومن المقاهي الجديدة والمميزة أيضا مقهى ليلى «ليلى كافيه» في الجميزة الذي حل محل «قهوة الزجاج» القديمة، ولكنه حافظ على طراز «القهوة» القديمة، فلا يزال لعب الورق (الشدة) ولعب الطاولة والشطرنج قائما من دون أن ننسى الشيشة (النارغيلة)، التي يبدو أن الشعب اللبناني سيكون آخر شعب يطبق قانون حظر التدخين في الأماكن المقفلة في العالم.
وبما أن بيروت هي مدينة السهر، فستقف عاجزا عن اختيار المكان الذي يناسبك لتقضي ليلة ملؤها الموسيقى، ونذكر من أهم أماكن السهر في بيروت: المندلون عند منطقة الجسر الواطي في بيروت، واللوج في الأشرفية، وهاربر على الطريق السريع المؤدي إلى مرفأ بيروت، وبيربل مون في الأشرفية، وبودا بار العالمي، الذي يعتبر فرعه في بيروت هو الأكبر حجما بين فروع المؤسسة حول العالم، وفيه سوف تتلمس أمرا مهما هو أن اللبنانيين يجلبون الأفكار الأجنبية و«يلبننونها» بمعنى أنهم يحولونها لتكون على هواهم إن كان بطريقة الأكل أو اللباس وغيره.
وبالنسبة للتسوق، فمن المعروف عن بيروت أنها من أهم عواصم الأناقة، ففي وسطها أصبح لكل دار أزياء وماركة عالمية عنوان، لا سيما في محيط فندق «الفورسيزونز» عند بولفار الواجهة البحرية، وامتدادا إلى الأسواق البيروتية القديمة التي تم ترميمها وأصبحت اليوم تضم أهم المحلات العالمية مثل «لوبوتان» و«غوتشي» و«كارولينا هيريرا».. وغيرها من أهم الماركات العالمية من دون أن ننسى ألمع الأسماء اللبنانية التي نجحت في الخارج وحملت اسم لبنان إلى النجومية على خشبات عروض الأزياء في باريس ونيويورك وميلانو وروما أمثال إيلي صعب وجورج شقرا وريم عكرا.. وإذا كنت من محبي التسوق في الأماكن المقفلة ف«أ بي سي» الأشرفية والضبية لا يزال من أهم عناوين التسوق الراقي في المدينة إضافة إلى أسواق مختلفة في الحمرا والأشرفية والكسليك والزلقا والجديدة.
هل كنت تعرف أن في بيروت..
8ديانة 40 صحيفة يومية 42 جامعة أكثر من 100 مصرف 70% من التلاميذ في مدارس خاصة هناك طبيب لكل 10 أشخاص، في حين أن هناك طبيبا واحدا لكل 110 أشخاص في أوروبا وأميركا أول مدرسة قانون في العالم بنيت في منطقة وسط بيروت (سوليدير حاليا)منقول