- المرحلة الأولى
- عبور الحدود وإجراءات الدخول
- صورتين لمدينة الغردقة المصرية قبيل توقف الباخرة
- خريطة توضح خطة السير في المرحلة الثانية من الرحلة
- صورة لمكان المبيت الذي قضينا فيه ليلتنا في هدوء ونوم عميقين
- الأقصر
- مقدمة
- ( معبد الكَرْنَك - ومعبد الأقصر - ووادي المملوك )
- معبد الكَرْنَك ( الحصن )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ... أما بعد
مصر ... وادي النيل العظيم .. وشرقي الصحراء الكبرى ..
رحلة أحادية الاتجاه
الجزء الأول من رحلة وادي النيل
أهلا وسهلاً بكم مع الباحث الجغرافي والرحالة أخوكم حمد العسكر في هذه الرحلة الخارجية
أتمنى أن تسعدوا معي وأن تخرجوا بالمعرفة والمتعة والفائدة
أخي القارئ هذه الرحلة ليست دعوة مني إلى السياحة أو الزيارة بقدر ما هي نقل لإطلاعي ومشاهداتي هناك
أخي القارئ لكي لا يتشتت ذهنك في سرد تفاصل الرحلة فإنه يتوجب عليك قراءتها بتأني وربطها بالخرائط التوضيحية المرفقة ، ولكي تكسب المزيد من المعرفة خلال الرحلة يلزم تتبع مراحلها مرتبة على النحو التالي :
ينقسم الجزء الأول من رحلة وادي النيل إلى سبع مراحل
المرحلة الأولى http://travel-end.com/wm20.htm : عبور الحدود وإجراءات الدخول
المرحلة الثانية http://travel-end.com/wm21.htm : سفاجة - قنا - الأقصر
المرحلة الثالثة http://travel-end.com/wm23.htm: اسنا - ادفو - أسوان - السد العالي - أبو سنبل
المرحلة الرابعة http://travel-end.com/wm24.htm : درب الأربعين - شرق العوينات - الصحراء الكبرى - الواحات موط .. سهل الزيات .. خارجة
المرحلة الخامسة http://travel-end.com/wm25.htm: أسيوط والنيل إلى القاهرة
المرحلة السادسة http://travel-end.com/wm26.htm: مرور سريع ببعض مدن الدلتا والعلمين - الإسكندرية - رشيد - دمياط
المرحلة الأخيرة http://travel-end.com/wm27.htm : بور سعيد - قناة السويس - حرف V شبه جزيرة سيناء - شرم الشيخ - دهب - كاترين - النويبع
هذه الصفحة تحتوي على جميع مراحل الرحلة http://travel-end.com/wm020.htm.. ومن يعاني بطئ الاتصال عليه فتح كل مرحلة على حدة
وإذا لم تظهر بعض الصور عليك أيضاً تصفح كل مرحلة على حدة ************* ************ *************
أعتذرعن تأخيري لطرح رحلات اليمن والقرن الأفريقي وعمان وبلاد الشام .. التي مضى عليها أكثر من خمس سنوات .. وأقدم هذه الرحلة الحديثة لهذا الجزء من الوطن العربي.
وادي النيل العظيم
وجهة الرحلة
وادي النيل والدلتا وأجزاء من الصحراء الغربية وشبه جزيرة سيناء ( بعضاً من الجزء الشمالي الشرقي من قارة أفريقيا - الصحراء الكبرى ) .. وهذا الجزء الأول من رحلة وادي النيل العظيم
خريطة توضح خطة سير الرحلة في جمهورية مصر العربية
المرحلة الأولى
عبور الحدود وإجراءات الدخول
كانت الرحلة ضيقة الوقت عندما حانت ساعة الصفر التي يصعب التراجع فيها عن القرار ... لذلك كانت سريعة ومرت كالحلم أمام ناظري ... إلا أنها غزيرة المعاني وبالغة التغطية وطويلة المسار وذات اتجاه أحادي للأمام فقد بلغ طولها في الأراضي المصرية قرابة 6400 كم ، دون الالتفاف للخلف والعودة للوراء.
وقد بدأت رحلتي في يوم الثلاثاء الموافق 4-12-1429ه من مدينة الدلم جنوب الرياض سائراً بعون الله مسافة تزيد عن 1600كم إلى مدينة ضباء في الجزء الشمالي الغربي من بلادنا على ساحل البحر الأحمر .. وكان في صحبتي رفيق الدرب خالد بن راشد الحقباني الرجل الصابر المثابر..
وكنت قد حجزت بالهاتف باخرة تقلنا إلى مدينة الغردقة المصرية اسمها "الوفاء" ... ولأسباب غير معلومة تأخرت الباخرة عدة ساعات حتى تم استبدالها بباخرة أخرى لتتحول من الوفاء إلى الإخلاف .. الأمر الذي أجبرنا على المكوث بمدينة ضباء لبعض الوقت.
خريطة لخطة سيرنا في المرحلة الأولى موضحة بالمسافات
محدثكم أثناء الانتظار في مدينة ضباء قبيل الغروب
الاستعداد للرحلة بكافة مستلزماتنا ومستلزمات السيارة أمر مطلوب
وصلت عبارتنا البديلة "المتحدة" في ساعة متأخرة من الليل وصعدناها مع بزوغ الفجر.. لننتظر فيها بعض الوقت حتى تقلع نحو الغرب ...
المنفذ السعودي بميناء ضباء أثناء إجراءات الخروج التي استغرقت 10 دقائق فقط
في الأعلى إحدى البواخر الثقيلة بطيئة الحركة ... وهذه عبارة المتحدة السريعة التي أقلتنا على متنها
داخل الباخرة قبل شحن المركبات
سيارة نهاية الرحلة وقد شحنت داخل الباخرة
الجدير بالذكر أن المسئول عن قيادة السيارة وشحنها وإخراجها من الباخرة هو صاحبها فقط وهذا من الأمور البالغة الأهمية في نظري.
مقصورة الركاب من الداخل وهي رحبة جداً
صورة لأرض الوطن وهي تتراجع إلى الوراء بعد السير قرابة 10 دقائق
محدثكم وهو يراقب حركة الباخرة ويتضح من الجهاز سرعة الباخرة وهي 42كم/س
صورتين لمدينة الغردقة المصرية قبيل توقف الباخرة
وصلنا بحمد الله إلى بر الأمان الأراضي المصرية قبيل الغروب ... لنقضي أربع ساعات من المعاناة في جمرك ميناء الغردقة حيث إجراءات دخول السيارة التي تعتبر معاملة طويلة يشيب لها الرأس .. ويضحك منها العاقل .. وأمامك أمرين لإجرائها بغض النظر عن الوقت الذي لا بد من قضائه ما بين 3-4 ساعات. الأمر الأول أن تجد وما أكثرهم شخصاً من موظفي الميناء .. وهو يقوم بكامل الإجراءات مقابل 100 - 300 جنيه مصري حسب كرمك وجشعه والاتفاق ... والأمر الآخر أن تقوم أنت بتلك الإجراءات لتتعرف عليها ... وما تلبث أن تنسى نصفها بعد القضاء منها لكثرتها ... وستجد أن وزنك قد خف بعض الشيء ... رغم أن المكان صغير والمكاتب متقابلة ... وقد اخترت أنا وصديقي خالد أن نقوم بأنفسنا ونكمل المعاملة الشاقة لكي ندرك أبعادها ... وأذكر بعضاً من تلك الإجراءات ... جمرك خاص بالمركبة 512 جنيه ، تأمين على المركبة 500 جنيه ، ضريبة سياحة أو ماشابه 75 جنيه ، ورقة مفرقعات 80 جنيه ، ملف للمعاملة وصور للجواز والتريبتك وأخرى 20 جنيه ، يجب توفر طفاية حريق بالسيارة وزنها 2كجم ، ورغم توفرها لن تقبل حتى تدهن سير أخوك في الله ... 20 جنيه ، أو تشتري جديدة ب 90 جنيه.
والحقيقة ما ذكرته جزء قليل والذي نسيته أعظم ... ولكن من العجائب التي صادفتني ... أن ضابطاً شاهد معي جهاز الملاحة GPS الجارمن ... وسأل عنه فأخبرته به وبعمله ... وسأل عن قيمته وذكرت له أنها تزيد عن 4000 جنيه .. فقال ممنوع دخوله الأراضي المصرية ... فأخبرته أنه سبق لي أن دخلت به ... وكنت أعرف مقصده ... ولكني أحببت أن أصل معه إلى النهاية لكي يتعلم درساً في فن التعامل مع الآخرين ... وأن يستخدم الطرق المثلى إذا أراد أن يكسب الود والعيدية ... قلت له أنت تقول ممنوع إذا قم بعمل الإجراءات النظامية وفق الأنظمة لديك وأحرص على أن توثقها في قسم الحجز وتسلمني إيصالا باستلامك الجهاز حتى عودتي ... وأنا سأبحث موضع مصادرته بالتفصيل في الوقت المناسب ...
فما كان منه إلا أن غضب وأخذ يرفع صوته (( أنا بكذب )) ... قلت له نعم أنت تكذب وفقاً للنظام ... فأمر أحد الجنود لديه بأخذ الجهاز وعرضه على الرئيس لديهم ... وأخذت أراقب ذلك الجندي فما كان منه إلا أن التف حول السيارات وعاد وقال للضابط الرئيس بيقول مشيه دي المره بمناسبة الحج والعيد ... فأعاد لي الجهاز وقال خذ يا باشا حضك كويس ... فقلت له أشكرك فحضك مش كويس معي .. فما كان بيننا سوى تبادل الابتسامات والضحك ...
والحقيقة الشعب المصري شعب رائع في تعامله بكل صوره فما زرت في حياتي دولة وأنا مسرور وعدت وأنا مزداد سروراً كزيارتي لمصر.. ويكفي أنه شعب مرح بكل ما تعنيه معاني الكلمة في كل أنحاء مصر ... رغم وجود خلاف ذلك وهم قلة.
قمنا بعد ذلك باستلام لوحات مصرية ... وأخذناها معنا داخل السيارة ... وبعد أن دخلنا مدينة الغردقة توقفنا عند إحدى الساحات وقمنا بفك لوحاتنا واستبدلناها بلوحات جمرك البحر الأحمر.
صورة لمعاملة إجراءات دخول المركبة ... المعاملة لم تكتمل بعد
ولا أنسى أن أذكر لمن يرغب السفر بالسيارة إلى مصر بعض الأمور المطلوبة قبل السفر
يجب عليك شراء دفتر تريبتك يباع عند مكاتب السياحة وفي المدن الرئيسة ومكاتب الشحن - وحجز الباخرة في وقت مبكر
كلفة الشحن للسيارات والأفراد على الباخرة السريعة : السيارة ( جيب - سوبر - وما شابه من فئة 6 - 8 سلندر ) 995 ريالا ذهاب فقط ... والسيارة الأصغر أقل بنسبة 25% تقريباً . والأفراد ( الأطفال مجاني - والكبار 410 ريال ... ) وتلك الأسعار تختلف من وقت لآخر حسب المواسم ... إلا أني أعتقد أنها الحد الأعلى. ومن أراد التوفير فإني أنصح المسافر الذي ليس لديه مشكلة في التوجه نحو مدينة حقل أن يسافر عبر ميناء العقبة الأردني .. حيث ستقل عليه الكلفة إجمالاً قرابة 29 %
ملاحظة : كلمة وادي النيل أشمل وأعم حيث يقصد بها حوض نهر النيل بما يحويه من مزارع وعمران وهي ما أشتهر على الألسن
وأما نهر النيل فتعني مجرى النهر ... لذلك أحببت التنويه حتى تفهم مواضع أذكر فيها وادي وأخرى نهر
المرحلة الثانية
سفاجة - قنا - الأقصر
خريطة توضح خطة السير في المرحلة الثانية من الرحلة
بعد أن بدلنا اللوحات توجهنا جنوباً نحو مدينة سفاجة 60كم .. قاصدين الطريق نحو وادي النيل ... مررنا بسفاجة ليلاً ... وابتعنا منع بعض الخبز والمشروبات وتوجهنا نحو الغرب باتجاه مدينة قنا ... وفي منتصف الطريق ... عند الساعة 9.30 م انحرفنا عن الطريق نحو الشمال .. قرابة 7كم حيث بتنا ليلتنا في الصحراء الشرقية الهادئة بعد أن تناولنا وجبة عشائنا ونفضنا عن أجسادنا ما لحق بنا من التعب.
والجدير بالذكر أن تضاريس الجزء الشرقي من مصر عبارة عن جبال البحر الأحمر قرب الساحل وهي جبال أقل ارتفاعا من جبال مدين ... وهي أرض جرداء وخالية من السكان تقريباً ... ويلي الجبال نحو الغرب الصحراء الشرقية التي تمتد من جبال البحر الأحمر إلى وادي النيل العظيم ... وهي صحراء جرداء خالية من النبات وفقيرة في التربة ... وتتخللها بعض الرواسب القديمة على شكل تلال صغيرة متفرقة ... ولا يزينها إلا الهدوء الذي يسودها وخاصة في الليل ... ومن خلال مشاهدتنا لها في الصباح ... لا يبدو أن أحدا يجوبها فلم نشاهد آثار سيارات أو حتى حيوانات ... وأعتقد والله أعلم أنها تحوي أثاراً قديمة مطمورة أسفلها.
صورة لمكان المبيت الذي قضينا فيه ليلتنا في هدوء ونوم عميقين
قد يتساءل البعض عن الأمن في مصر .. الأمن هناك على درجة عالية جداً ... بالنسبة للعرب والمسلمين ... والآخرين أعتقد أنهم أمنون في نطاق الحضارة .. وحول تساءل بعض القراء هل أنا وزميلي خالد نحمل سلاحاً معنا كما نحمله في كل رحلة ... أقول نعم نحمله بطريقة نظامية ولله الحمد ... ونحن نعرف أننا لن نحتاجه بأمر الله .. وإن احتجناه فقد يكون للصيد أو دفع صائل أو مفترس، ولله الحمد لم أرى له حاجة، لذلك لم يخرج من مخبئه ولم يره أحد حتى زميلي خالد إلى أن عدنا إلى أرض الوطن سالمين ..
قنا
في الصباح الباكر عدنا للطريق وواصلنا المسير نحو مدينة قنا التي دخلناها عند الساعة التاسعة صباحاً ... فأخذنا فيها جولة قصيرة ... ورأينا نهر النيل الذي يمكنني أن أصفه لكم كما يلي (( مجرىً مائياً يتراوح متوسط عرضه من 150-300م ... تحاذيه شرقاً وغرباً أراضٍ زراعية خصبه يتراوح متوسط عرضها من 3-6كم لكل جانب ... ثم يحاصر تلك الأراضي من الشرق والغرب هضبتان يطلق عليها مرتفعات تجاوزاً يبلغ متوسط ارتفاعهما 100م وهي تحاذي النيل من الجنوب "أسوان " إلى الفيوم جنوب القاهر ... بطول يصل إلى 800كم تقريباً ... وفي الجنوب قرب أسوان تضيق الأراضي الزراعية حتى تتلاشى لتصطك المرتفعات بالنهر وتضيق عليه ... )) وحول هذا المجرى وفي الدلتا شمال القاهرة ... يتركز أكثر من 90% من سكان مصر ... وما عدا ذلك هو صحاري فقيرة جداً جرداء قليلة الأمطار ... ذكر لي في بعض المناطق منها في الواحات أن الأمطار قد تتأخر عن السقوط من 4 - 7 سنوات والله المستعان.
صورة لمجرى نهر النيل من مدينة قنا .. لاحظ وجود المرتفعات الرسوبية غرب النهر خلف الزراع
صورة لإحدى القنوات "ترعة" تحاذي النهر لتسقي الأرضي الزراعية
الأقصر
مقدمة
(( مدينة الأقصر جزء من مدينة طيبة القديمة التى أطلق عليها شاعر الإغريق الشهير " هوميروس " اسم المدينة ذات المائة باب لكثرة ما بها من صروح عالية وبوابات شاهقة وتطورت المدينة عبر التاريخ حتى أطلق عليها العرب اسم الأقصر – أى مدينة القصور وذلك بعد أن بهرتهم بقصورها وضخامة مبانيها
إن مدينة الأقصر ظلت مقرا للسلطة فيما بين 2100 إلى 750 قبل الميلاد ومن هنا نعرف سر الرغبة التى يحسها الزائر لهذه المدينة الخالدة بآثارها الشامخة ذات الأعمدة الشاهقة على ضفتي النيل فى مدينة الأحياء على البر الشرقي حيث مشرق الشمس مصدر الحياة والنماء وفى مدينة الأموات على البر الغربى من النيل حيث مغرب الشمس مودعة الحياة فى مدار أبدى. وعلى الضفة الشرقية للنيل معبد الأقصر – معابد الكرنك – متحف الأقصر بينما على الضفة الغربية للنيل تمثالا ممنون – مقابر وادى الملوك والملكات – المعابد الجنائزية – مقابر الأشراف – مقابر دير المدينة .. ودير البحري ..))
توجهنا من مدينة قنا نحو الجنوب عبر الطريق المحاذي للنهر من جهة الشرق قاصدين مدينة الأقصر التاريخية ... التي تحوي كما يقال ثلث آثار العالم، آثار يرجع تاريخها إلى 4000 سنة ، والجدير بالذكر أني لم أبيت زيارة تلك الآثار في رحلتي بقصد الزيارة كما يفعل البعض ... وإنما كان مروراً بها على طريق الرحلة ... لماذا ؟ تلك الآثار يطلق عليها اسم معابد وهي كما يقال كانت معابد للفراعنة وبعضها قبوراً تعبد من دون الله لا تغني ولا تسمن من جوع ولا تملك لنفسها أو لأحد ضراً ولا نفعاً ، لذلك لا يجوز أن تقصد للعبادة أو الاعتقاد أو التبرك بها ... ومع الأسف الشديد رأينا حتى من الأجانب وأقصد بهم الأوربيين والروس وغيرهم ... من يعظم تلك المعتقدات.
لا شك أنها ثروة تاريخية ومورد سياحي عظيم لمصر العظيمة ... ولكن كان ينبغي على الحكومة المصرية بحكم هذا البلد مسلماً أن توضح شيء من الإرشاد والتوجيه للناس.. حتى لو كان من خلال المرشدين السياحيين ... مفاده أن ما تحكيه الروايات حول تلك المعابد ما هو إلا إرث تاريخي ... لا يسير على نهجه العقدي شعب مصر المسلم.
ذكرت هذا الكلام لأني التمست من خلال معظم الأخوان هناك وخاصة الذين يوجهون السياح "المرشد السياحي" ... أنهم ينقلون صورة عن آلهة الفراعنة المزعومة وكيف أنها تضر وتنفع وأن ذلك حقيقي في وقته ... كإله الشر وإله الخير وإله الشمس ... وغير ذلك ... وكأنهم يوحون بتعظيم هذه الآلة والمعابد عقدياً ..
نعود لسياق الحديث ....
مررنا في مدينة الأقصر بآثار كثيرة لم نتوقع أن نراها بتلك الصورة ... وركزت في تقريري هذا أن أعرض لكم ثلاثة آثار هي الأكبر والأعظم هناك .. وهي
( معبد الكَرْنَك - ومعبد الأقصر - ووادي المملوك )
معبد الكَرْنَك ( الحصن )
يرجع تاريخ هذا البناء الأثري إلى 2000ق.م حوالي أربعة آلف سنة ... وقد هالني ما رأيته من بناء القصر وتشييده ... قد أعجز عن وصفه الوصف المناسب ... إلا أنه يمكنني أن أقول بأني رأيت أعمدةً ومسلات صخرية ضخمة تعجز رافعاتنا اليوم عن حملها ... قد نحتت من صخور صلبة وهي قطع كبيرة تصل أقطار بعضها إلى 4م وارتفاعها إلى أكثر من 20م .. وقد صنعت نحتاً بشكل هندسي دقيق زين بحفر ورسومات تحكي لغاتٍ غايةٍ في القدم ... والإعجاز الذي حير العالم هو مصدرها وكيفية نقلها.. فلا يمكن أن تكون من أرض مصر الرسوبية.. حيث لا أثر للجبال التي نحتت منها ... والراجح كما ذكر وقيل أنها جلبت من الجنوب عبر النهر ... ربما من السودان ... لكن يبقى كيف نحتت تلك الكتل وكيف نقلت وهي تزن مئات الأطنان ... ثم كيف وصلت سالمة وركبت مع بعضها البعض لتبين هذا الشكل الهندسي العظيم.
صورة جوية لمعبد الكرنك 2000ق.م ... لاحظ دقة التخطيط وضخامة البناء
قارن بين حجم الناس وضخامة صخور البناء
انظر الأعمدة الداخلية .. كل عمود قطعة واحدة .. نقش عليه ما يوحي بأنه مبني من صخور مرصوصة
لاحظ ضخامة العمود الواحد وكيف أنه قطعة واحدة وما يحيط به نقوش تعرت مع مر الزمن
حائط صخري ضخم زين بالنقوش والرسوم الفرعونية .. دقق النظر في كتلة الحائط التي تظهر خلف الرسم
تكسر هذا البناء مع مر الزمن إثر الزلازل التي تعاقبت على الأرض
مسلة عبارة عن قطعة صخر واحدة من الجرانيت ارتفاعها 37م عامود دائري من قطعة واحدة صخرية صلبة .. نقش عليه ما نراه كالبناء
وبغض النظر عن ما كانت ترمز له هذه القطع كالمسلة وغيرها ... هناك مسلات أخرى ... إحداها كسرت إثر حدث وبقية مرمية على الأرض ... والعجيب أنك إذا اقتربت من كتل الجرانيت تلك ... تجدها مصقولة بدقة خارقة ... قد تعجز الآلات الحديثة أن تصل إليها ... وفي ذلك احتار علماء الآثار في العالم.
صورة لجزء من المسلة التي كسرت ونلاحظ دقة قطعها ونقشها
وفي إحدى ممرات القصر يوجد هذا التمثال الذي لم يبقى منه إلا نصفه السفلي ...لاحظ كيف تستطع الشمس في دقة صقله ونحته ... ومن ضخامته أن الواقف لا يصل طوله إلى نصف ساقه.
عند مدخله الغربي الذي يفتح على النيل قديماً ... نشاهد هذا التمثال العظيم الذي نحت من صخرة واحدة ... وحوله العديد من التماثيل المشابه التي قيل أنها كانت ترمز إلى القوة وبسط النفوذ
تماثيل أخرى عديدة في الفناء الداخلي
لاحظ كيف ربط المبنى من الأعلى بصخور عملاقة ... وكيف أن بعض الألوان مازالت موجودة منذ 4000 سنة
لاحظ في الخلف هندسة البناء في أعمدة السقف المصطفة على مستوى أفقي ثابت
جانب آخر من الداخل .. تتجلى فيه روعة الإبداع في البناء والنقش على هذه الكتل العملاقة
صورة توضح كيف أن هذا الحائط صخرة واحدة ... وهذه النقوش أشكال الحجارة ما هي إلا جزء من ذلك الصخر
أحد التماثيل في الفناء الداخلي
لافته وضعت عند مدخل القصر "المعبد" توضح ماهيته وعمره وعصره القديم
معبد الأقصر
أمضينا جولة ممتعة في معبد الكرنك خرجنا بعدها إلى معبد الأقصر الذي يقع جنوباً منه وهو بناء لا يقل في روعته وجماله عن سابقه .. وأترككم مع هذه الصور التي تأخذنا إلى هناك.
صورة جوية لمعبد الأقصر ... ولاحظ اقترابه من مجرى النهر
لافتة تشير إلى مدخل بناء الأقصر الذي يعاكس مواقف السيارات
محدثكم ورفيقه في عربة يجرها حصان "حنطور" وهما يلتفان من مواقف السيارات إلى المدخل
الصورة الأولى للواجهة الشمالية الشرقية من المبنى .. لاحظ ضخامة البناء وأحجام التماثيل
من أمام المدخل وتظهر الأعمدة عظيمة الحجم في الداخل
بعد الدخول نلاحظ كيف أن هذا المبنى اختفت بعض أجزائه العلوية مع مر العصور إثر الزلازل والسرقات التي تعرض لها
المرحلة الثالثة
اسنا - ادفو - أسوان - السد العالي - أبو سنبل
خريطة توضح خطة السير من الأقصر إلى أسوان ومكان المبيت في الصحراء
توجهنا بعد أن خرجنا من مدينة الأقصر نحو الجنوب بمحاذاة نهر النيل ... وممرنا في طريقنا بمدينة اسنا وأدفو وفيها يوجد بعض الآثار المتفرقة ... واصلنا سيرنا حتى وصلنا مدينة أسوان عاصمة الصعيد ... التي تبعد عن الأقصر قرابة 190كم ... وقد وصلناها قرابة الساعة 8.30م ... وكنا متعبين بعض الشيء بعد جولتنا الطويلة خلال يوم كامل في مدينة الأقصر ... كان أول ما لفت أنظارنا في أسوان هو تنظيمها وجمالها في الليل ... وفوق ذلك تلك الفنادق العائمة التي تبحر كل يوم من أسوان إلى الأقصر عبر نهر النيل ... في منظر خلاب جميل ... وتعود في رحلة طولها ثلاثة أيام تقريباً ... وعندما رأيناها أردنا أن نأخذ بعض المعلومات عنها وعن كيفية الحجز فيها ... وفعلاً أوقفنا سيارتنا على ضفاف النيل ونزلنا إلى إحداها ... وقد أبهرتنا بما رأينه فيها من وسائل الرفاهية التي لا تعجبني كثيراً ... وقد كان سعرها في الليلة الواحدة يتراوح من 200 جنيه إلى 800 جنيه حسب فخامة المركب العملاق ... ولكن ما عابها كثيراً أنه لا يرتادها سوى الأجانب الغرب الذين يجعلون منها مكان غير محتشم وغير مناسب لنا ولعاداتنا وتقاليدنا ... وإليكم بعض الصور المختارة.صورة ليلية لنهر النيل أثناء سيرنا من الأقصر إلى أسوان
لفت انتباهي على الطريق هذه اللافتة العجيبة التي لم أفهم معناه لولا سياق الكلام . الفتيس : القير
صورة للفنادق العائمة التي ذكرتها ... وهي سفن ضخمة تجوب النهر بين أسوان والأقصر
بعد أن أخذنا جولة سريعة في تلك السفن العملاقة ... اشتقنا إلى هدوء الغانية .. ذات الجمال الأخَّاذ ... تلك التي زُينت بلآلئ يهتدي بها الحائر الولهان ... إنها الصحراء التي تحوي كل الأفراح تذهب التعب عن الأبدان وتجلو من النفوس الأحزان ... وتقر بها أعين كل نعسان ... نعم إنها الصحراء التي تتجلى فيها عظمة الخالق المبدع ... توجهنا إليها من مدينة أسوان ... لنقضي ليلتنا فيها ومن ثم نعود في الصباح الباكر إليها ... وفي طريقنا نحو الصحراء ... بعد أن خرجنا بحوالي 5كم مررنا بنقطة تفتيش .. ونقاط التفتيش تسمى لديهم "بالكمين" ... وكانت الساعة بين التاسعة والعاشرة ... فوجدنا النقطة مغلقة بحاجز ... استخدمنا المنبه عدة مرات حتى خرج لنا أحدهم مستيقظا من نومه يحمل فانوساً قديما يعمل بفتيل يشتعل بوقود القاز ... فأتا إلينا ... وسأل ماذا تريدون ... فعجبنا له وقلنا نريد المرور ... قال من أين قلنا من مكان بعيد من المملكة ... فعاد ينادى زملائه الآخرون ... فاتا إلينا رجل آخر أعتقد أنه أكثرهم ذكاءً وحنكة ... أعاد السؤال ، فأعدنا الجواب، فقال من أي مكان بالسعودية فقلنا من الدلم ... فقال أنتم أحسن ناس ... فقلت : لن نكون أحسن منكم إن مررنا ... فطلب جوازاتنا ورخصة السير المصرية التي أعطيت لنا عند الدخول ... فأخذ يقلب الجوازات ويعجب ثم يعود ويسأل : " أنتو قاين منين ؟ " فقلت من السعودية ... قال : " أنا عارف بس من أنه حته دخلتوا " فقلت : من الغردقه . قال : " إزاي " فلم أجد له جواباً بعد ذلك .... غير أني قلت له : نحن جئناك بدون إزاي !!!...
الرجل أخذ يذهب يستشير زملائه ويقفون مجتمعين يقلبون جوازات السفر وكأنهم في حيرة من أمرهم ... عاد إلينا وقال : كيف أنت موجود هنا وأنت الآن في الغردقة ؟ !!!! فعجبت له وقلت لم أفهم ... قال : " إزاي الختم إلى على الباسبورت بيقول إنك لسا ما طلعتش من الغردءه ... هو مختوم بتاريخ 3 /12 واليوم 4 / 12 ... مش عارف كيف وصلت هنا ... أنت مش موقود دي الوقت هنا ... ) ضحكت وأيقنت أنه لم يستوعب سرعة وصولنا إلى هنا فكيف به لو علم أننا قضينا طوال نهارنا نتجول في أرجاء مدينة الأقصر ... فحاولت أن أشرح له فلم يفهم ... لأنه كان يعتقد أن المسافر سيحتاج على الأقل 3 أيام ليصل من الغردقة إلى أسوان ... وبعد جهد جهيد لم يقتنع إلا أنه احتار فجميع أوراقنا رسمية وصحيحة .... فقلت له : هل الأوراق صحيحة قال نعم ... قلت إذا لا يحق لك أن تأخرنا فافتح لنا الطريق ... قال : " وماله " وفتح الطريق ... وسألنا إلى أين ذاهبون ... فقلنا إلى مدينة حلايب ... قال بعيدة ... قلنا نعلم ، فهي تبعد مسافة تزيد عن 200كم ... ونحن لم نكن نقصدها وإنما من باب التمويه فلو قلنا أننا ذاهبون للنوم في الصحراء فقد يغمى عليه من شدة التفكير ليستوعب ذلك .... والعجيب أن الناس ليلاً لا يسافرون في تلك المناطق عبر طرق الصحراء إلا القليل ... سرنا بعد النقطة قرابة 10كم ثم انحرفنا عن الطريق حوالي 6كم ، أعددنا عشائنا وتناولنه وأبحرنا في نوم عميق تحت لألئ السماء ... ونسيت أن أذكر لكم كيف هو المناخ في الصحراء هناك في فصل الشتاء ... النهار دافئ ... والليل معتدل إلى بارد ... والجو صاف جداً بشكل لم نعتده.
صلينا الفجر وفي الصباح الباكر عدنا أدراجنا نحو مدينة أسوان ... وعندما مررنا بنقطة التفتيش ... وجدناها مفتوحة ... وصاحبنا اكتفى بالنظر في تعجب واستغراب .. وحال لسانه " يانهار اسود " ... لعله يحتاج إلى وقت ليفهم كيف عدنا بهذه السرعة ...
محدثكم في الصباح الباكر ... لم أرى أنظف من هذه الصحراء التي لا يطير منها الغبار ... ولا توجد بها الأشجار
صورة عابرة أثناء عودتنا لنقطة التفتيش التي مررنا بها ليلاً
دخلنا مدينة أسوان ... فدهشنا لما رأينا فيها من غرابة المنظر وجمال التقاء الصحراء بالنهر ... وقبل أن أسهب في ذلك المشهد .. مررنا بالكثير من الآثار فيها كالمقابر الفاطمية ومعبد الفيلة وغيرها... ولم نشأ أن ندخلها لأنها لا تعدوا أن تكون مزارات للعبادة الخاطئة ... ولا يوجد ما يميزها سوى قدمها ... والله المستعان ... وجدنا الكثير من المقابر في مصر حتى الحديثة منها يبنى عليها القباب ... ويتبرك بها... ويدعى أهلها من دون الله ... وهذا خلاف لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم الذي نهى أن تتخذ القبور مساجدا وأن تعبد من دون الله ... وخلاف لما كان عليه أصحابه من بعده ... بل فيه شرك بالله سبحانه وتعالى ... وذلك ناتج عن جهل بتلك المسائل الفقهية في العامة منهم ... ولا أعمم فلله الحمد هناك من هم على الحق والصراط المستقيم .... ولكن أين الدعاة الذين تحتاجهم تلك الجموع الغفيرة المتعطشة لفهم ما خفي عنها من أمور دينها ....صورة التقطناها أثناء سيرنا على الطريق ... للمقبرة الفاطمية الأثرية ... ونلاحظ البناء والقبب التي تعلوها
مررنا مصادفة بهؤلاء التلاميذ المؤدبين مع أستاذهم الكريم وقد خرجوا في رحلة مدرسية .. في يومهم الأخير قبل إجازة عيد الأضحى ...
وقد عمدت أن أقف وأشاركهم ولو لدقائق معدودة هذه الرحلة ... وقد رحبوا بنا أيما ترحيب .. وسألونا من أين وقلنا لهم من بلاد الحرمين .. فبدت عليهم ملامح البهجة والسرور ... فشكرناهم لذلك لتبقى تلك صورة خالدة في أذهاننا وأذهانهم ... ويا أعزائي القراء لا أذكر مثل هذا الموقف إلا لأذكركم بأنه من الواجب على كل مسافر ومغترب أن يكون سفيراً لبلاده في نقل الصورة الحسنة صورة التواضع والرحمة والود والإخاء ... فو الله لذلك أثر بالغ في نفسك ونفوس من تقابلهم ...
وفي موقف آخر أحزننا كثيراً ما سمعته من أحدهم عندما مررت بحي خالد بن الوليد في أسوان ... وتوقفنا لشراء الخبز ... حيث سألنا أحد المارة من أين ؟ فقلت من السعودية . فما كان منه إلا أن رد بقوله : ( إحنا بننداس تحت القزمة عندكم في السعودية ) ... فدخلت معه في حديث لطيف ... وأخبرته أن ما وصلك قد يكون حالة شاذة ... وإلا لما وجدتني بينكم الآن آكل خبزكم وأسمع منكم وأبادلك الحديث ... لو كان الجميع كما تصف أتظن أنني سأستمتع بالحديث معك والنقاش معك والجلوس بجانبك كما هو الآن ... ، فما كان منه إلا أن قال : أستغفر الله ... معليش يا شيخ ... وأخذ ينادي صاحب المقهى جوار المخبز ... كباية شاي على حسابي ... ، وما كان منه إلا أن ودعنا ونحن نغادر المكان بعد إلحاح منه أن نتفضل بزيارته .... أسأل الله أن يحسن نوايانا وأن يجعلنا دوماً سفراء ننقل صورة حسنة لبلادنا قبلة المسلمين ... وأن يهدي شبابنا الذي أساء إلينا دون قصد منه إتباعا لشهوات وملذات لا تقوده إلى خير أبداً.
صورة من حي خالد بن الوليد والمخبز حيث حصل الموقف السابق ذكره
بعد ذلك توجهنا إلى نهر النيل في أسوان ... لنشاهد جمال المنظر وكيف أن المرتفعات زاحمت النهر على المكان ، وضيقت عليه الخناق حتى اختفت المزارع وتحول الناس إلى صيادين وبحارة وسماسرة سياحة ... وقد استأجرنا مركباً وأخذنا جولة نهرية استغرقت بنا قرابة ساعتين ... زرنا خلالها حديقة النباتات ... وجزيرة النوبة النهرية ... وقد كانت أجرة ذلك المركب زهيدة جداً فلم تبلغ في قيمتها 15% من قيمة مركب مدته ربع ساعة في شواطئ الهاف مون.سأترككم مع الصور والتعليق أسفل كل صورة
صورة لنهر النيل .. ونلاحظ صفاء مياهه بسبب قربه من مصب السد العالي
صورة للمرفأ النهري الذي استأجرنا منه القارب الذي أقلنا في جولة جميلة داخل النهر
محدثكم في القارب الذي استأجرنا والذي يتسع ل 25 راكباً
صورة لإحدى السفن الفندقية العائمة التي تجوب النهر أثناء جولتنا
لاحظ التقاء المرتفعات بالنهر وتضيقها له .. ولاحظ في الأعلى آثارا فرعونية مدت منها طرق إلى النهر ... تسمى مقابر النبلاء
جزيرة يطلق عليها حديقة النباتات تحوي العديد من النباتات العالمية
عند مدخل الحديقة النباتية بأسوان
يوجد في الحديقة متحف للنباتات يحوي مئات الأنواع العالمية المجففة ... يتهافت إليها علماء وعشاق النبات
ستعجب مما ستراه من النباتات الغريبة والعملاقة
عظمة الله تتجلى في خلقه ... جذع شجرة غريب جداً
معظم النباتات من بيئات مختلفة من العالم يغلب عليها الاستوائي والمداري وشبه المداري
محدثكم يتفقد آلة التصوير ويعجب من بعض الصور للزميل خالد
الجهة الغربية من جزيرة النباتات ونشاهد ضفة النهر الضيقة
في نهاية الحديقة يوجد هذا المقهى الذي يقدم الشاي والقهوة والعصير حيث مكثنا فيه بعض الوقت
مسجد وقصة ( مسجد الأغا خان )
أثناء جلوسنا في مقهى الحديقة لتناول الشاي ... لفت انتباهنا مسجد قد بني من الحجر على تل مرتفع من الجهة الغربية للنهر ... وهذا المسجد لم يعمر كالمساجد الأخرى ... فهو لا يعدو أن يكون ضريحاً لرجل يدعى الأغا خان ... وقصته كالتالي :الأغا خان : كان رئيس الطائفة الإسماعيلية الشيعية ... وكان من أثرياء رجال العالم في فترة الخمسينات ... وقد عانى من مرض في عظام قدميه ... وفي إحدى زياراته لمصر زار أسوان ... واشتد به المرض وذهب إلى أعلى قمة حول النهر يريد الانتحار ... فسقط مغمى عليه .. وحمل إلى الطبيب الذي أكد له بعد الكشف أنه شفي من مرضه ... فاعتقد الرجل أن الرمال هناك أثرت عليه وشفته من مرضه ... فقرر شراء ذالك الجبل أو التل من الحكومة المصرية وبالفعل تم الشراء ... فبنا مسجد هناك وأوصى أن يدفن بعد موته فيه ... وقد توفي عام 1957م ودفن فيه ... ولحقت به زوجته التي أوصت كذلك أن دفن معه في المسجد .. وزوجته فرنسية أسلمت على مذهبه وسمت نفسها البيجوم أم حبيبة ... وقد تولى رئاسة الطائفة الإسماعيلية ابنه ثم حفيده الآن كريم خان الملقب بالأمير كريم خان.
صورة جميلة لأهالي النوبة الذين يستخدمون الإبل في حياتهم على ضفاف النهر من الجهة الغربية
صورتين أثناء التفافنا حول جزيرة النوبة
بعد أن عدنا إلى المرفأ النهري ... توجهنا نحو السد العالي جنوب مدينة أسوان ... الذي طالما سمعنا عنه وعن بحيرة ناصر التي تنسب لجمال عبد الناصر ... أكبر بحيرة صناعية في العالم تقبع خلفه ... وكنت أعتقد أن هناك حراسة مشددة للمرور فوقه ... ولكن مع الأسف الشديد توجد بوابة مررنا بها دون أن يحدثنا أحد ... والحمد لله الأمن متوفر ... ولكننا عندما صعدنا ذلك السد العظيم ... وانتصفنا فوقه ... وصرنا نرى تلك البحيرة العظيمة خلفه والتي تمتد لأكثر من 300كم وترتفع بكثير عن الجهة المقابلة حيث مصب النهر ... أدركت الخطورة الكبيرة التي يشكلها هذا النهر ... حمى الله تلك البلاد وبلاد المسلمين من كيد الأعداء والمفسدين ... وأما الحافلات السياحية ... فيتم إخراج السياح منها وتمريرهم عبر غرفة كشف ... خلاف المركبات الصغيرة ...و أغضبني عندما وصلنا إلى أعلى أن التصوير بكاميرا الفيديو ممنوع ... وبالفوتوغرافي مسموح ... ومع ذلك تمكنت من أخذ الصور على عجالة بكلتيهما .
صورة للجهة الشمالية حيث يواصل النهر سيره بعد أن يخرج من جوف السد محركاً تربينات الكهرباء
صورة لجزء من محطة توليد الكهرباء من مياه النهر التي تتدفق من جوف السد .
صورة لأكبر بحيرة صناعية في العالم ... بحيرة ناصر ... خلف السد العالي ... تمتد لأكثر من 300كم
صورة لجزء من سطح السد ... ونشاهد إلى اليسار الحافلات وغرفة مرور السياح الأجانب
بعد ذلك خرجنا من منطقة السد العالي متجهين إلى مدينة أبو سنبل الواقعة قرب الحدود المصرية السودانية ... وقد تزودنا بوقود إضافي تحسباً لعدم توفر الوقود المطلوب ... حيث أن كثير من المناطق النائية يتوفر بها البنزين 80 أكتاين وهو لا يناسب سيارتنا ... بينما يتوفر الوقود 90 و 92 أكتاين في معظم المدن الأخرى ... و 95أكتاين فقط في المدينة الكبيرة كالقاهرة والإسكندرية ... ولله الحمد لم نحتج للاحتياطي الذي أخذناه ... فقد وجدنا وقود 90 متوفراً في جميع المدن ... ولكن مررنا بمسافات تزيد عن 400كم دون محطات وقود ... وقد لاحظت على وقودهم شيء من الاقتصادية ... وسعره معقول جداً ... فسعر اللتر لل 80 = 75 قرش ولل 90 = 175 قرشاً ولل 92 = 185 قرشاً ، ولل 95=280 قرشاً تقريباً ... وقصت بأنه معقول جداً إذا ما قورن بالدول الأخرى عدا المملكة وفنزويلا ونيجيريا ...
سرنا من السد العالي إلى مدينة أبو سنبل مسافة 260كم في الصحراء القاحلة ... والعجيب أنها صحراء خالية تماماً حتى من محطات الوقود ... حيث لم نجد إلا واحدة متهالكة ... ويسمون المناطق بأسماء الكيلومترات التي يقطعها الطريق ... فليس عندهم كما عندنا أسماء للبراري والتلال والشعبان ... فهم شعب لا يجوب الصحراء أبداً .. إلا ما ندر عدا سيناء ومنطقة جبال البحر الأحمر ... لذلك لا تجد أثاراً في الصحراء وطرقاً للسيارات كما نشاهده في صحارينا ... والسبب أن الصحاري الغربية من مصر قاحلة جداً فالأمطار لا تسقط إلا نادراً وخلال سنوات عدة ...
صور من الصحراء في الطريق إلى أبو سنبل ... صحراء قاحلة لا يوجد فيها بصيص للحياة النباتية أو الحيوانية
المحطة التي مررنا بها على الطريق خلال 270كم يطلق عليها محطة كيلو ... .
في الطريق لم تخلوا أراضي مصر من أثار الفراعنة ومعابدهم ... لافتة لمعابد نحو البحيرة ... صورت من الاتجاه المعاكس
في الطريق ممرنا بمشروع تشكى المشهور حيث بعض المستثمرين ك الوليد بن طلال والراجحي والخريف ... يملكون ألاف الأفدنة الزراعية التي يصدر إنتاجها من الفول السوداني وغيره إلى أسواق أمريكا وأوروبا ... وقد سحبت قنوات ري من بحيرة ناصر ... وحفرت أبار ارتوازية تسقي تلك المزارع العملاقة
إحدى اللافتات للمستثمر السعودي الراجحي الدولية
وصلنا إلى مدينة أبو سمبل قرابة الساعة الرابعة عصراً ... وهي مدينة جميلة وهادئة على ضفاف البحيرة قرب الحدود مع السودان ... وهذه المدينة تشتهر بوجود معبد فرعون موسى ... رمسيس الثاني ... والعجيب في ذلك ليس المعبد أو التماثيل فقط ... وإنما قصتها ونقلها من قاع البحيرة إلى الضفة أثناء بناء السد ...عندما شرعت مصر في بناء السد مع شركات روسية ... تبين لهم أن البحيرة ستغمر كنزاً عظيماً وأثراً فريداً من نوعه ... وهو أكبر تمثال في مصر بعد أبو الهول ... وهو تمثال يعود إلى فرعون مصر الذي ذكر في القرآن الكريم كما يقولون ... رمسيس الثاني ... فقد بنا معبداً ضخماً ... وبجواره آخر لزوجته ... منحوتاً في جبل عظيم ... فاضطرت الحكومة إلى نقل ذلك المعبدين كاملين بجبليهما إلى بر الأمان ... وذلك عن طريق تقطيعهما إلى مكعبات يسهل حملها ونقلها ... وقد رقمت بدقة وعناية فائقة ... ثم نقلت خلال فترة بناء السد وأعيد تركيبها وعادة كما كانت ... والمكان الذي ركبت فيه ... يبعد عن موقعها الحقيقة 300م ويرتفع عنه 100م كما ذكر لنا ذلك ... وقد دهشنا لما رأينه من آثارٍ ومن عظيمِ إنجازٍ في إنقاذها ....
وكالعادة دفعنا رسوما مقدارها 4 جنيهات للدخول ... وأترككم مع الصور ... علماً أن التصوير من الداخل ممنوع ... وبعد عناء وحرص شديدين تمكنا من جلب الصور الثابتة والمتحركة من داخل المعبدين ...
أوقفنا سيارتنا قرب المدخل ... وتبدو بحيرة ناصر في الخلف وسط الصحراء القاحلة
قبل الدخول يوجد سوق صغير للتبضع ... اشترينا منه قبعتين لتقينا من وهج الشمس حيث الجو يميل للحرارة قليلاً
الجبل الأول الذي نحت فيه تمثال فرعون ومن معه ... لاحظ الجبل وهو مقسم إلى مكعبات بعد نقله .. وهو يطل على البحيرة
أثناء التفافنا حول الجبل ...
الزميل خالد ما بين ضاحك ومندهش لم يراه من حوله
أصنام وتماثيل لم تغني عن أصحابها شيءً تقف شاهدة على هلاك صاحبها ... وآية لمن بعده
من يصدق أن هذه تنقل بكاملها بهذه البراعة ... فراعنة اليوم نقلوها
بعد ذلك دخلنا المعبد وقد تم تحذير السياح عند المدخل من التصوير بجميع وسائله ... ولأنه لا يوجد عربي غيري أنا وزميلي خالد افترضت أن التحذير للعامة ... ونحن لسنا منهم ... وسرت على قاعدة من له حيلة فل يحتل ... وليس ضرر ولا ضرر من ذلك ... وإن احتدم الأمر فالعلاج يسير ... وقد التقطت بعضا من الصور باستخدام نظام التصوير الليلي الذي لا يحتاج إلى إضاءة أو فلاش بقدر ما يحتاج إلى هدوء وعدسة ذات حاجب واسع ... .. ويجري على هذه الصور ما يجري على الصور السابقة في وادي الملوك من تنويه ضد النسخ والنقل ... بسبب فقداني لشرعية تصويرها .بصعوبة التقطها من الداخل ... لاحظ النقوش واتساع المكان وتماثيل صخرية عملاقة
العجيب أن ما تشاهدونه أعيد تركيبه بعد تقطيعه إلى ألاف الأجزاء ليعود كما كان من قبل
صور من الداخل حيث تتشعب الممرات التي تحيط بجوانبها النقوش والرسوم الكثيرة
محدثكم بعد خروجه من الداخل ... يحمل مفتاحا ثقيل الوزن وضع بجانب الحارس
مشهد البحيرة مباشرة بعد الخروج عند بوابة المعبد
إلى جواره يوجد جبل آخر متصل به فيه معبد لزوجة فرعون ... ونلاحظ أثار التركيب عليه
صورة للمعبد من الأمام ... وتبدو التماثيل واقفة خلافاً للسابق