- مشاهد من المحروسة
مشاهد من المحروسة
الوراق هو احد الأحياء الشعبية في مدينة القاهرة والتابع ادارياً لمحافظة الجيزه. وهو حي شعبي بمعنى الكلمه..تجد فيه كل المتناقضات وكل العجائب تجد فيه العمارات القديمة والجديدة ، تجد الناس فيه مترابطين ومنفكين في نفس الوقت..تجد الحي مثل خلية النحل لا يهدأ أبدا..وكأن الناس متفقون على المناوبة في الليل والنهار..والغريبة أيضا الحيونات السائبه..تجرى في كل مكان وتتحرك كيفما شاءت..فالقطط عند الجزار ولا يشتكي منها، والكلاب عند مكب النفايات لا احد يقول لها شي ولا تجد الأطفال يلاحقونها بالعصي..وتجد في هذا الحي الغنى والفقير والضعيف والقوى ككل الدنيا..والشي الملفت ايضاً كثرة المقاهي فتجد في ال100 متر فقط 3 مقاهي وكلها مليانه بالناس.. والغريب انك ايضاً ترى كل انواع المحلات التجاريه من التموينية والخدمية وحتى ورش السيارات ليس كما هو معمول به لدينا من توزيع مناطق وتخصصات، وعندما تجلس في مكان وتتأمل تجد صور حيه للحياة..زدت شرفاً في المبيت لدي صديقي ابو إسماعيل والساكن في هذا الحي وقد وفر لي غرفة تطل على الشارع اتاحت لي بعض المتعه.. فكنت اخلد للنوم فيها وأصحو على أصوات النساء في البلكونات ومن ثم صوت البائعة المتجولين خاصة بائع أنابيب الغاز الذي كان يضرب بالمفتاح على الأنابيب ،ولا مرة سمعت إن أحدا نزل وضربه أو كلمه بعنف وقال له دعنا ننام وكأن الناس قد الفت هذه الحياة فأنا إذا سمعته يضرب تختل موازيني وأتذكر أغنية الفنان "سيد مكاوي " ليلة امبارح ما جنيش نوم" ولكن مع الوقت الفت هذه الأصوات فأتذكر مرة أيضا أني كنت اسمع احد البائعه يصرخ ويتغنى بكلام لا افهمه فعزمت في اليوم التالي ان اصحو والقي نظرة فجاء في اليوم التالي فأذا هو بائع البطاطا..!ومن ما رأيت في احد الشوارع الغير مسفلته، يوجد كراج في هذا الشارع وهو عبارة عن ارض مسورة تتجمع فيها السيارات في الليل، كمكان لحفظها ولتنظيفها، ويوجد ايضاً غير السيارات عربات بائعي العصير والفول ،والحكاية ليست بخصوص الكراج إنما بالعائلة التي تديره؟! فهي عائلة مكونة من أب وأم وأولاد لم أرهم مرة واحده مجتمعين فلا اعرف لهم عدداً؟! أو أستطيع إن اعرف أجناسهم؟! لكن التي دائماً ما أراها هي ألام والتي كانت مثالاً للمراه المقاتلة فهي تقريباً لا تنام تدير المكان بكل جد وجهد..أنموذج للسيدة المكافحه دائماً وفي كل الأوقات جالسه على الدكة المصنوعة من الخشب تلبس جلابية زهرية اللون وأحيانا سوداء فقط، تشعل النار في الشتاء، وترضع ابنتها أو ابنها وهي في مكانها، وهي ما زالت صغيره، عمرها تقريباً في بداية الثلاثينات ليست طبعاً من النوع المتبرج بل بالعكس شعرها مربوط وغير منظم ولكن من وجهها الذي تظهر عليه آثار التعب والمعاناة وما فعلته السنين إن هناك آثار لجمال مدفون الذي أعجبني في هذه المرأه الشريفة هي أنها فضلت هذا الطريق الصعب رغم المغريات التي من حولها تقاتل من اجل لقمة العيش واعتقد أنها راضية عن نفسها، هذه السيده هي درس تعلمته أنا درس حي يمشي على الأرض نادراً ما أراه، إن النظر والتأمل لا ينتهي في هذا البلد فتجد من يفنى نفسه وصحته من اجل أولاده فمن ما رأيت بعض الأصدقاء الذين يعملون لفترتين وعملين في اليوم لإيجاد الحياة الكريمة لأبنائهم ومن ما سمعت إن من لديه بنت يحمل همها من ساعة ولادتها يبدأ يفكر في زواجها ففي هذا البلد يتحمل الأب جزء من تكاليف الزواج فتبدأ رحلة المتاعب ومسلسل طويل الأجزاء من بطولة الأب والأم بشراء مستلزمات البيت المستقبلي لأبنتهم ويفكرون في المفارش للسرير و البطانيات وأدوات المطبخ والقائمة طويلة تكتب على الزوج ساعة الزواج !!أنها الدنيا فلا عجب..وبمناسبة القائمة ؟!اذكر مرة إثناء وقوفنا إمام مخفر الشرطة، تواجد بالصدفة سيارة نقل كبيرة ممتلأه بالعفش سرير وفراش مهترئ وبطانيات وأشياء كثيرة وفوق هذه الأشياء وقف شرطي معه ورقه و من حول السيارة يقف حشد كبير من الناس نساء ورجال يتكلمون ويتنازعون، فسألت صديقي فقال هذه قائمة عروس تسلم عن طريق قسم الشرطة بعد الطلاق..فهنا العجب !!يهتمون لهذه الأشياء البالية ولا يهتمون للحياة التي انتهت لكن طبعاً نحن لا نعرف ما حصل؟ ولكلٍ ظروفه وايضاً في مجتمعنا نحن أشياء قد يراها الآخرون من العجائب أو من الأشياء ألمستنكره والمرفوضة من بنى الإنسان, فالحياة في مصر مكشوفة وليست مستترة كمجتمعنا، وهي دوله حرة نوعاً ما..وأنا هنا لا انتقد فلكل عيوبه ومميزاته، فقط أسجل ما رأيت وما سمعت.. لكن ما يميز المجتمع المصري وهذه حقيقة انه ورغم صعوبة الحياة تجد أنهم كرماء..وهذه الصفة تنطبق على اغلب من رأيت واذكر حادثة حصلت منذ سنين عندما كنت في الفيوم كنت قد تعرفت على شاب من بلده ريفيه تدعى نقاليفه تابعه للفيوم..المهم إن لهذا الشاب الذي كان يرافقني إثناء تجوالي أم كبيرة في السن ،فكنت في كل يوم نعود فيه أنا وابنها من جولتنا السياحية تقول لي تفضل وتلح على وتبدي رغبتها باستضافتي وان علي إن اختار التوقيت الذي يناسبني فكنت أقول في نفسي مالذي لدى هذه السيدة العجوز لكي تقدمه لي فحالهم كما اعرف ليست جيده ويعتمدون على قطعة ارض صغيره لأكلهم وشربهم ،وبيتهم عبارة عن غرفه واحده..اعتذرت لها إشفاق عليها، لكن العجوز لم تدعني فكانت اقامتى شهر كامل 17 يوم منها.. تدعوني! وبنفس الأسلوب فقلت في نفسي سألبي طلبها وأوافق حتى أتخلص من هذا الموقف، وفعلاً حضرت مع ابنها في اليوم التالي إلى البيت أو الغرفة التي يسكنونها فوجدتها جالسه وإمامها قدر يطبخ فوق ما يسميه المصريين وبور وهو عبارة عن موقد صغير يعمل على الكيروسين فجلسنا، وأحضرت بطه قد عملتها مسبقاً مقطعه إلى قطع ومن ثم سكبت لنا من القدر ملوخية مع بعض السلطة، بدأت في الأكل وأعجبني الطعم وأنهيت صحني فسكبت لي مرة أخرى، وأكلت.. فكانت هذه الوجبة أحلى وجبه ذقتها وهي التي جعلتني مدمن ملوخية وانتهينا من الأكل فأحضرت الشاي فشربنا ومن ثم شكرتها على العشاء وغادرت وان أتعجب منها وبعد فترة عرفت إن البطة التي قدمتها لنا كانت هي الوحيدة عندهم وكانت تربيها منذ فترة وتطعمها وتعبت عليها وكانت تعدها ليوم كانت تردده أي زيارة أخيها من الاسكندريه ولكنها فضلتني عليه..فتعجبت من كرمها ولكن أيضا لا عجب ألان بعد ما عرفت هذا الشعب الكريم فكانت تلك الحكاية بداية التعرف على هذا الشعب الأصيل..والحكايات لا تنتهي.
والسموحة