- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- خريطة ماليزيا
- في سوق البرجين التوأمين – توين تاور –
- في مطعم راق
- الدعوة خيارنا وقدرنا وشرفنا العظيم
- في الطريق الى الشلالات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
خريطة ماليزيا
في مطار العاصمة الماليزية تشاهد العجب العجاب ، آية في الفن والإبداع ، يحار ناظرك في سعته وتقدمه وبهاء رونقه ، ركبنا قطارا هو ذاته مثار اعجاب ومدعاة تأمل ، كنا نعيش في فقاعة كبيرة من الكذب وهي ان مطار الملك خالد اكبر وافضل واجمل ما في الكون !! بعد ذلك درجت بنا السيارة الى النزل تخال وانت في الطريق اليه انك على بساط من المخمل الأخضر ، الخضرة تكسو كل شيء حتى اني اظن ان لو توقف امرؤ في مكانه ساعات بلاحركة فانه حتما سيينبت عليه العشب ! ، نزلنا الى النزل وبعد ان نلنا من النوم الذي نال منا بعد إحدى عشرة ساعة طيران ، قمنا وقد أسدل الليل سجفه ، ثم عدنا نتململ في سريرينا ، صديقي أحمد مولع بالرز يود بجدع الانف لو يسبح فيه ! يلتذ به التذاذ السمك بالماء ، تقول له امه يابني أخشى ان تموت لو لم تتناول وجبة رز في اليوم ! صلينا الفجر ثم نزلنا وقد تزودنا بخريطة لأهم الأماكن التي يطرقها السياح ! تناولنا الافطار وكان في ركن مطعم الفندق ( النزل ) اوربية ضخمة تلتهم الطعام ولا تمضغه كخنزيرة بلهاء ! اصابها احمد بفكاهاته وسلاطة لسانه قال لي : قم قم : ظننت انه يروم امرا فارعيته سمعي فقال قم أبعد عنها الصحون فهي حتما ستشرع في قضمها !! ضحكت حتى دمعت عيني وسألته ان يكف عن تتبع الناس فان له لسانا يشبه فرقعة السياط ! مضينا من فورنا الى معلم من معالم المدينة الشهيرة الى البرجين التوأمين حين وقفت تحت البرجين الهائلين ضحكت على بلدي بلد النفط وعلى الفيصلية وبناء المملكة ! اللذين يتقازمان عند هذا البناء الراقي الجميل !
البرجان التوأمان يزاحمان السماء
في سوق البرجين التوأمين – توين تاور –
دخلنا السوق وتجولنا فيه بغرض شراء بعض الحاجات واكتشاف ذلك العالم الغريب ! فلفت انتباهنا كثرة الصينيين ! ومما لفت انتباهي - والاسواق كما تعلم يطرقها الكبير والصغير والجاهل والعالم والفاسق والتقي والصالح والطالح - ان اكثر ما لفت انتباهي ان الماليزيات لا يتسكعن في الاسواق ويلتفتن يغوين ويغرين ويفسدن ! كل منهن ماضية في طريقها لا تتلفت وتتحامق وتتصابى وتنظر النظرات التي ملؤها الصبابة والهوى ! حتى من كانت منهن في سن المراهقة وذلك ما لاحظته في اكثر من سوق ! من السهل ان تميز بين الماليزيين والصينيين وان كان الصينيون يمثلون ما يقارب من 40% من نسبة السكان لكن التفريق بينهم وبين الماليزيين سهل فالماليزي او ما يعرف – بالملاويين وهم الماليزيون والاندونيسيون – قوم تضرب ألوانهم الى السمرة الداكنة غير ان عيبهم الوحيد دماثة طباعهم ولطف ووداعة وحياء يشبه خفر العذارى ! بينما يتحلى الصينيون بالشراسة وسوء الطباع – وذلك ما لمسته بنفسي– وهو ما اخبرني به اكثر من زائر لهذا البلد لمس ما لمست !قضينا من السوق حاجتنا وكنا في منصرفنا ننزل من درج متحرك يقابله مثله ! وانا اتامل المكان لكزني احمد وقد قهقه بصورة تدعو الى العجب وهو يشير الي الى شخص في الجهة المقابلة ضخم كالجاموس اوربي السحنة رايته وقد زم شفتيه وعقد حاجبيه من الغيظ وقد انقلب وجهه من البياض الى الحمرة وانتفخت اوداجه وتحفزت عروق جبينه كانها حبال ! فالتفت الى احمد فقلت له ويلك ماذا صنعت بالرجل ! قال رايته يقبل فتاة معه – بنت هوى – فاشرت اليه وضحكت فاصابه ما ترى ! قلت له ويلك !! وهل تظننا في بلادنا !! يالك من مشاكس ! تخيل لو ان هذا الثور استفزه تصرفك فبدا يخور واتجه نحونا ينطحنا !! دعك من مثل هذا يا صاحبي ! لا الوم احمد كثيرا فعيناه البريئتان الملتمعتان الملساوان اللتان لا يسبر غورهما ووجهه الطفولي وروح الدعابة التي يعتقد من يعرفه انه ما خلق الا ليحيا بها كما خلق البط ليعيش على الماء كل ذلك يجعلك تحنو عليه وتشفق ! اضافة الى انه لم يخرج من بلادنا الى غيرها الا هذه المرة ! رجعنا الى النزل واسترحنا قليلا ، أطل أحمد من غرفتنا الواقعة في الدور العشرين وكانت تشرف على مسبح ضخم على هيئة قلب ، هاله الامر ورايت في عينيه فيضا من الكآبة قال انظر فنظرت ثم رددت نظري اليه فقلت أعجول البحر تقصد !؟ قال نعم لعنة الله عليهم ما اقذرهم ، قلت هل رايت قطيع الفقمات كيف يستلقي على ضفاف البحر قال نعم ! قلت اذن لا فرق ! بيد ان جماعات الفقمات غير مكلفة ! قال هل نحرم من السباحة بسبب هؤلاء – وهو مولع بالسباحة – قلت لا سنسأل عن الوقت الذي يكون المسبح فيه خاليا ثم ننزل اليه قال حسن ! سالنا عن انسب الاوقات فقيل لنا بعد الفجر لا يتواجد – غالبا – احد في المسبح فقلنا حسن حسن ! اجمعنا امرنا منذ وصولنا الى كوالالمبور ان ننهد الى صلاة الفجر ونصليها في جامع قريب ، ثم نبترد في المسبح ، وبعد ذلك ننتاول الافطار ونتجه الى متنزهات القوم نكشف اسرارها ونذوق حلو صنع الله العظيم في الطبيعة الآسرة
في مطعم راق
اصر احمد على طبق ضخم يفيض بالرز فبحثنا عنه في مطعم راق في قلب كوالالمبور ، ولجنا المطعم وطلبنا الى العامل قائمة المأكولات وقبلها سألناه هل في أكلكم ما يحرمه الله فاجابنا شاب ماليزي ان طعامنا للمسلمين فقلت له انا مررنا بمطعم جميل كبير قبل مطعمكم فاكتشفنا انه للصينيين ومن شرب مشربهم فاومأ برأسه موافقا ، فطلبنا وانتظرنا طعامنا ، فاقترب منا يدفعه الفضول ويصده الحياء فابتسمت له مشجعا فقال : هل انتم ايرانيون !؟ فقلت له لا ولماذا ؟ قال يطرقنا كثيرا الايرانيون ولهم في الاونة الاخيرة حركة غريبة مثيرة كثيرة في ماليزيا ! وقد بنوا مسجدا ضخما في العاصمة تستطيع مشاهدة منارته من هنا تشق السماء ، قلت له وماذا تعرف عنهم ! كان الشاب على علم يسير بالقوم فاخبرته بما قسم الله لي ان اخبره به عن ضلالات القوم !! وفجورهم وزيف ديانتهم !! فابدى حماسا واستدعى احد اصدقائه العاملين ليستمع الى حوارنا ! جاء الطعام فدعوته فاعتذر وانصرف فندمت ندامة الكسعي ولكن علام ؟؟؟؟
الدعوة خيارنا وقدرنا وشرفنا العظيم
ندمت لاني طلبت من احد اصدقائي الاخيار – كرتونين – من الكتب الدعوية التي تتكلم عن العقيدة الصحيحة وعن البدع والخرافات وعن شمولية الاسلام وعالميته ويسره وسماحته طلبت من اخي وصديقي هذه الكتب باللغة الصينية وبلغة الماليزيين ! ولكن شاء الله غير ما شئت تاخر صاحبي وازف الرحيل ! ماذا يضير لو اخرت رحلتي!! – وان كنت اعلم عسر ذلك - ماذا لو طلبت من صديقي ان يرسلها الي على النزل الذي اقيم فيه !! خطأ سأتلافاه في قادم الايام باذن الله ! لو كان معي كتب لكنت كمن يقدم للماليزيين – لتعطشهم الى الخير – الذهب والفضة !
ليل ماليزيا الساحر الجميل
في الطريق الى الشلالات
كانت رحلتنا الى الشلالات خارج المدينة اوقفنا السائق في مقدمة مرج ياخذ في الارتفاع وتاخذ اغصانه في الالتفاف والتشابك ! استقبلنا بساط اخضر بسعة ملعب القدم يتراقص القلب لرؤيته طربا ! ثم اخذنا نغذ السير الى الشلال ! سلكنا طريقا رصف بالحجارة المبعثرة ثم استقام درجا كبيرا متباعدا ثم اخذنا في الصعود ! هناك تتراكض قطع السحاب البيضاء ترحب بنا وهناك اغصان متدلية انتفخت براعمها واشرفت على التفجر ، في هذه الآجام الابكار يلتف الغصن يحي الغصن ! في هذه الغابة المهيبة يتهادى اليك خرير الماء يسيل رقراقا في جداول صغيرة متعرجة يجري فوق الصخور برشاقة ضاحكا يحيي الزهور والورود ! في هذه الغابة الساكنة تنبعث القبرات التي لا ترى، الواحدة تلو الاخرى وكان الارض انشقت عنها ترسل صراخها فوق الاجام وفوق المروج المخملية ترد التحايا على الماء الراكض ينهب الارض يبتغي ري المرج الفسيح ! وقفت اصور منظرا بديعا تتشابك فيه اغصان شجرة فارعة الطول هرمة تنظر الى الاشجار من حولها نظرة حنو ! وقفت اصورها بكاميرة فيديو استخفني الجمال الناعس الماء يتهاوى من فوق تلك الشجرة الضخمة العجورز ويجري على الصخور مزبدا مرعدا كانه يتهدد ثم يستقر في حوض فسيح يخرج منه عبر شقوق وفتحات متعددة ليرحل من جديد الى الاسفل استخفني المنظر فعبرت جسرا خشبيا ووقفت على صخرة ارقب المنظر ! ثوان معدودات واذا بي اسمع قهقهة احمد المدوية تشق صمت الغابة وتعلو فوق صوت الماء ! التفت اليه فاذا انا مبلل بالماء واذا بي في الحوض وكاميرتي تعوم معي ! الحمدلله سلمت وسلمت الكاميرا وسلم الشريط ! خرجت باسما شاكرا الله على السلامة ضاحكا لهذا الموقف السريع المفاجئ ! رقينا الى انتهى الدرج المرصوف خلفنا وراءنا فئاما من الناس منهم من وقفت همته عند الحوض ومنهم من وقفت به همته في اول الطريق ! سلكنا على غير هدى طرقا متعددة ومتعنا ابصارنا بايات نسجها الله على هذه البسيطة !ايات تحدث في قلبك من عظيم تقديس الله واجلاله ما لا يحدثه الاف من المواعظ والخطب ! بين الفينة والاخرى تمر اسراب الكركي والبط البري – ان كان ثمة هذان النوعان في تلك البلاد ولكنه ظن – مرسلة صراخ الربيع الدائم – في تلك البلاد – البديع ، الجو في الغابة خانق ندي نتنازع الهواء فيه مع الشجر تلتفت فترى الماء الندي يقطر بفرح على الورق ويسيل من السطوح ! وتلتفت اخرى فترى الضباب البديع اختلط بالسحاب ببخار الماء فاصبح كالقطن المندوف ! هبطت الشمس مسرعة على غير عادتها خلف القمم الخضراء ، رجعنا ادراجنا وقد سحرنا هذا المنظر البديع بدأت تظلم وتتصاعد ابخرتها فتصبح خانقة – او انه شعور نفسي صاحب الظلمة – التمسنا الطريق فاذا بالطرق متشابهة فاصبحنا في حيرة وقلق ونحن في علو شاهق كعصفور علق في شرك يتخبط يمنة ويسرة !اصبحنا كسكارى نركض منحدرين لا نعرف منقلبا ! شخص امامنا اثنان فركضنا مسرعين اليهما فاذاهما كهلان اوربيان – زوج وزوجته قد غربت شمس شبابهما فجلسا يسالان الغابة رجوع الشباب او يناجيان فيها شرخ الشباب ! – سالناهما عن الطريق فعجبا منا كيف لم ناخذ لهذه النزهة عدتها فلا اللباس لباس صعود لمرتفعات ومرور بمسارب مياه ولا الحذاء من ذلك في شيء ! ثم دلانا على الطريق فشكرناهما ثم انحدرنا الى المرج الجميل الذي اخذ يسود شيئا فشيئا ، عدنا بشهية مفتوحة للاكل بعد هذه الرحلة الاسرة البديعة ! نمنا بعد العشاء كما لم ننم من قبل مرحا وسرورا ! يحز في الفؤاد ان ترى الرياض الغناء تهفو اشجارها وترن اطيارها وترى جداول الماء تنساب بين انوارها وازهارها انسياب الافاعي الرقطاء ثم تفارق تلك القطعة الفنية الفريدة !!
يتبع ..... مع ذكر المصدر
بحيرة القصدير ( تيتي وانغسا )
بحيرة القصدير – تيتي وانغسا -
بعد ذلك اليوم الجميل كان خط رحلتنا الى بحيرة القصدير وصلناها فاذا هي بحيرة تقارب الكيلوين واذا بجوانبها مجالس من خشب ومجالس عذراء في احضان جذوع لاشجار باسقة كبيرة ! جلسنا نتجاذب اطراف الحديث انفلتت في اثناء حوارنا كرة لصبي صغير بدا لي – ماليزيا – فامسكت بالكرة وقمت الاعب الصبي ! وسلمت عليه ثم جاء ابوه وسلم وجلس معنا ! الوالد اندونيسي متزوج من ماليزية ومستقر في ماليزيا يعمل في مهنة التدريس لمرحلة ما قبل الجامعة ! اخذنا نتحدث عن جغرافية البلاد وتاريخها الضارب في القدم ! قال لنا ان هذه الارض - واشار الى البحيرة - كان يستخرج منها القصدير وقت الغزو البريطاني لماليزيا ولما رحل المجرمون الغزاة وتقلبت ماليزيا في مراتب الدول المتقدمة ملأت هذه البحيرة ماء وجعلتها متنفسا للاهالي ومعلما سياحيا بديعا ! تحدثنا واياه عن الاهالي فقال : ان المسلمين الماليزيين – اهل الارض – يقاربون 60% ثم يتلوهم الصينيون ونسبتهم تقارب الثلاثين او تزيد ثم ياتي الهنود بما يقارب 10% وقد استقدم البريطانيون الهنود والصينيين ليسخروهم في استخراج القصدير وفي غيرها من الاعمال الاخرى ! ولا ادري ان كان من نية اخرى للبريطانيين فهم قوم مكر وخديعة ! ثم سالته عن الاقتصاد ومن المسيطر عليه فقال : ان اكثره بيد الصينيين فضحك ثم قال هم هنا من يمسك بعصب الاقتصاد وهم يشكلون نسبة لا يستهان بها !! ولكنهم في بلدي – اندونيسيا – يتحكمون في الاقتصاد وهم لا يتجاوزن 5 % فعجبت للامر وسالته لم ؟؟ فقال انهم متعاونون اضافة الى سبب غريب يتضح في تكوين الصيني فهو من ناحية المأكل يبيح لنفسه ان ياكل ما طار وما مشى وما زحف أي شيء يتحرك وله قوائم عدا الطاولة والكرسي – كما تقول النكتة عنهم – وهم في الاقتصاد والتعاملات التجارية لا يخرجون عن نمطهم هذا فهم لا يقف في وجوههم مانع من حل او حرمة او خلق ! كل الطرق التي تؤدي الى الربح مفتوحة ايا كانت !! اضافة الى اشتغالهم في التجارات الممنوعة التي تدر الذهب كتهريب وترويج المخدرات والجنس وغيرها من الاعمال الخسيسة الحقيرة ! الصيني جشع كاليهودي لو يعلم ان الدم السائل يستحيل الى ذهب جامد لذبح الناس جميعا !! عينا هذا الاندونيسي طافحتان بالبشر ان راى رجلين من ارض الحرم يسألان عن حال امته التي ياسى لها ويأوي لها ! استمر الحوار مدة من الزمن ثم استاذنا اخانا ودعونا له بالتوفيق !www.viproyal.com/malaysia_files/K001-05-22.jpg
مرتفعات - جنتنغ –
انصرفنا بعد ذلك الى مرتفعات جنتنغ وهي مرتفعات شاهقة لو وضعت إزاءها مرتفعات الهدى فكانما تضع الحسيل بجانب الفيل !! قطعنا الطريق بالتحاور مع سائق الاجرة ولعل مما حد من تبادل الحوار كون العمال في تلك البلاد – السائقين والباعة وكثير ممن قابلنا – لا يعرفون الانجليزية ! اخذنا نصعد في الجبل ومررنا بمعبد – للهندوس – ثم معبد مهيب للصينيين على نمط ابنيتهم التي على شكل اكواخ يعلوها مثلث احمر يمد جناحيه بكل تيه وغرور ! اخيرا وصلنا الى المرتفع !! ومعلمه السياحي وكان نزلا ضخما يجثم فوق المرتفع اخبرنا انه من اكبر تجمعات الميسر في الشرق الاوسط ! دخلنا النزل وجلسنا قليلا ثم اخذنا تذكرتي صعود الى العربة الهوائية – التلفريك – في قبو الفندق تجثم مجموعة من العربات التي ادخل في صلبها حبل من المعدن السميك يستقر فيها الناس ثم يعبرون الى الجهة الاخر البعيدة والتي يحجبها الغيم والضباب والمنظر الخلاب ! ركبنا فيه ثم خرج من الفندق خروج السهم من القوس فاذا بنا نتعلق بين السماء والارض ! احسست لسرعته انه سيخرج عن جلده وسيتقشّر !! واحسست لثواني معدودة ان قلبي سقط في بطني !! التفت الى احمد فاذا وجهه لوحة لالوان الطيف ! ومازاد في تلك اللحظة على ان قال : واوه !!!!!! اخذت العربة الهوائية - بعد ان خلعت البابنا بسرعتها - تتهادى بلطف فوق السحاب وتحت السحاب وعبر السحاب ! كانت السماء الزرقاء من فوقنا تحفل بالغيوم البيضاء التي تشبه قطعانا من الغنم المتلاصقة ! ومن تحتنا يجري سباق محموم بين مظاهر الطبيعة الضباب والسحاب !! تبدت لنا بعد هنيهة غابة ملتفة الاغصان تنتصب هناك شجرة عجوز تضرب في الارض جذورها وتعانق اغصانها السحاب وهناك شجرة قصيرة لكنها اوتيت ضعفي ضخامة صاحبتها ! لفيف من الاشجار في تناسق بديع ! هذا المنظر تحتنا بالكاد نبصره لبعده فلما استوينا في المنتصف اقتربنا من تلك الغابة العظيمة – تحتنا – وقد وضع القوم تماثيل كبيرة في هذه الغابة لفيلة ونمور وقرود ! الغابة من تحتنا والسحاب من فوقنا والهواء الرطب العليل يمر بنا وحبات من المكر التي تغسل القلوب يشعرك للحظات بشوق عارم الى صورة اللذة الكاملة في جنات النعيم ! قطعنا ما يقارب اكيالاستة ذهابا وايابا ثم حل وقت الغداء فدخلنا الى المقصف المفتوح – بوفيه مفتوح – فقصفنا ثم قصفنا لان احشاءنا تتواثب جوعا ومرحا احدثته تلك النزهة البديعة !! بعد ذلك رحلنا الى النزل – الفندق –الى جزيرة بينانغ
الطريق الى جزيرة بينانغ
جزيرة بديعة مرصعة بعدد كبير من الفنادق سافرنا اليها عن طريق البر هل قلت البر ؟ قطعنا الطريق الطويل الذي يقارب الاربعمائة كيلو مترا في قرابة الاربع الى الخمس ساعات بحافلة جيدة ! منذ ان فارقنا العمران وحتى وضعت الرحلة اوزارها ونحن لم تقع اعيننا الا على الخضرة الا ماكان من عمل بشري يتعلق بكشط بعض الجبال وتقطيع الصخور ، مرت ايام الانس اشبه بطيف خيال ! خضرة وصخب امواج وليال حالمة ! اخذنا سيارة اجرة من محطة الحافلات حتى النزل كان السائق هنديا اكد لنا ما اخبرنا عنه الاندونيسي من نسب السكان وكان هذا الهندي مسلما بخلاف كثير من الهنود الهنوس ! جفل منا في البداية لظنه اننا ممن يضيع ماله بين الثغرين ثغر الصهباء وثغر الحسنا فلما راى انا ممن علت ارواحهم عن الدنيات اخذ يتلطف وينطلق في الحوار معنا ! سالته عن وضع الخليجيين والسعوديين فقال انهم بين بين !! اوصلنا الى الفندق ثم ودعناه وقضينا اياما في حضن الطبيعة الجميل ! في مرة من المرات اخذنا سيارة اجرة لغرض من الاغراض وكان السائق صينيا وكنت اكره ان انفع غير المسلمين بمال الاجرة ولكنا اضطررنا اليه اضطرارا ! اخذ يتحدث معي واحمد يسالني عما يقول ثم استسلم احمد لرحلة طويلة من الخيال واخذت احاور الرجل وكان يجيد الانجليزية كان مما قال عني : اني ابلغ من العمر كذا ولي من الولد كذا وفصل البنين والبنات ثم عن صاحبي مثل ذلك ! وكان ينتظر ان يقرأ في عيني اعجابا او هلعا فلم يقرأ الا ابتسامة هزء تتكسر امواجه العاتية على صخورها ! اخبرت احمد بما قال ثم شهق احمد وقال يابن الكلب !! فقلت للسائق انك تعرف ما مضى وذلك امر ميسور لكثيرين ممن يتعاملون مع الارواح !! - اقصد الجن - اما المستقبل فلا يعلمه الا من استاثر بعلمه !! مني الصيني بخيبة امل لم يتوقعها !يتبع ..