- 8ساعة في بيروت
- ومن هذه المقاهي
متعة السياحة السريعة بين طرفي العاصمة اللبنانية وصولاً إلى قلبها
8ساعة في بيروت
فور ذكر اسم لبنان يتبادر الى ذهن السامع عدد من عناوين المعالم السياحية فيه، شاعت شهرتها بفعل ارتباطها بالمهرجانات الفنية التي تقام فيها سنوياً مثل قلعة بعلبك وقلعة جبيل وبيت الدين من دون اغفال سمعة المطاعم ومازاتها وحسن الضيافة فيها.
لكن يبقى ان ثمة اماكن في لبنان لا يعرفها السياح مع ان المتعة التي تقدمها توازي ما تقدمه المعالم السياحية والاثرية الشهيرة ان لم تكن تفوقها. وهذه الاماكن لا يعرف عنها ولا يرتادها سوى الجمهور المحلي او المقيم الاجنبي الذي يملك خبرة في البحث عنها واكتشافها وتقديرها.
وتكمن اهميتها في سهولة التعرف اليها خلال زيارة سريعة قد لا تتجاوز اليومين، وغالباً ما يقع الزائر العابر اسير جاذبيتها، فيبصح من روادها الدائمين بحيث يكتسب صفة المحلية وان لوقت قصير.
وتمتد هذه الاماكن من وسط بيروت التجاري الى شارع مونو ومنطقة الجميزة وشارع الحمراء الذي كان الاكثر شهرة في ذاكرة الوافدين العرب خلال ستينات وسبعينات القرن الماضي. وخصوصية الشارع ترتبط بالمقاهي الذائعة الصيت والقريبة من تجمع للفنادق الفخمة والعادية والشقق المفروشة وهي معلم من معالمه الكثيرة الثابتة نسبة لروادها المشهورين من سياسيين ومثقفين وصحافيين وفنانين،
ومن هذه المقاهي
«السيتي كافيه» لصاحبه سام دبغي احد اعرق اصحاب المقاهي الثقافية التي تجذب النخبة منذ ستينات القرن الماضي. ويتميز المقهى عن غيره بمعرضه الدائم للصور واللوحات لفنانين عرب ولبنانيين، وكان من اشهر رواده ربما بفعل الجيرة الرئيس رفيق الحريري.
«ستارباكس» مقهى تسبقه سمعته العالمية، ورواده في شارع الحمراء هم غيرهم في مكان آخر. والمعروف انه يتميز بتقديم القهوة الاميركية المتعددة المذاقات، ويؤمن اثاثه واجواؤه الراحة لزائره فيشعر بأنه في ركنه الخاص. ويعزز راحة المكان فصل اماكن جلوس المدخنين عن غير المدخنين، اضافة الى تأمين خدمة الانترنت مجاناً.
مقهى «الوينبي» الذائع الصيت منذ مدة بعيدة لا يزال يحافظ على خدماته وعاداته باستقبال زبائنه ويقاوم مشاريع اقفاله وتحويل المكان الى متجر للثياب.
اما مقهى «ليناس» فيتراءا في آخر شارع الحمراء بواجهاته الزجاجية التي تتيح لقاصدها الانصراف عن ضوضاء الشارع دون ان تفقده متعة التواصل مع الخارج.
«مسرح المدينة» الذي غير موقعه ليحتل وسط شارع الحمراء استعاد نشاطه ليضفي بحيويته جاذبية من خلال نشاطاته المتواصلة على مدار السنة، والمتميزة بجرأتها ومواكبتها للحركة الثقافية والفنية الراهنة والمتقدمة ربما على زماننا. ومنها المسرحيات التي تجاوزت بشهرتها الاطار المحلي وتحدثت عنها بعض الوسائل الاعلامية العالمية، واحداها مسرحية «تصطفل ميريل ستريب» للروائي اللبناني رشيد الضعيف التي عرضت اخيراً، و«حكي نسوان» المقتبسة عن الفرنسية للمخرجة لينا خوري، الى الافلام التجريبية والوثائقية لمخرجين لبنانيين واجانب والندوات الفكرية السياسية والثقافية بالاضافة الى السهرات الرمضانية التي تتحول محط اهتمام واسع من الجمهور المحلي في المدينة.
للأمسيات الراقية عنوان هو «البلوتوث»، ناد ليلي في شارع المحكول في الحمراء يتميز بتقديم موسيقى الجاز والبلوز منذ العام 1987. وفرقته الخاصة تحيي حفلاتها امسيات كل خميس وجمعة وسبت. ولا يضن «البلوتوث» على جمهوره بكبار فناني هذا النوع، فاستضاف في السنوات الماضية العديد منهم مثل ميليسيا ووكر وسوني فيوتشير وادي كينغ وروي هاتياور وغيرهم. وتمتد حفلات الضيف عادة لأكثر من خمس عشرة ليلة. منطقة كراكاس القريبة من شارع الحمراء معروفة في بيروت، لكل حالة جدل بيزنطي، سلطت عليها الضوء اكثر بتخصيصها منذ عامين ليلة الجمعة من كل اسبوع للشعر، يلقيه شعراء لبنانيون وعرب. وتتيح هذه الامسيات التعرف على الجيل الجديد من الشعراء الذين يشاركون في قصائدهم الى جانب الكبار منهم.
اما الشباب فهم على موعد دائم مع الرقص والسهر في شارع مونو القريب من وسط المدينة. هذا الشارع الذي أصابته الاحداث اللبنانية الماضية بدمار كبير، اعادت إحياءه العديد من النوادي الليلية والمراقص في اجواء مفعمة بالحماسة. ونذكر على سبيل المثال وليس الحصر «هول ان ذي وول» و«ليلا براون» و«كريستال».
ويشهد الشارع منذ اعادة افتتاحه حركة كثيفة خصوصاً في نهايات الاسبوع ويستمر السهر فيه حتى ساعات الفجر.
على مقربة من مونو يقع شارع الجميزة الذي هُجّر ايضاً وطاله ما طال شارع مونو خلال الحرب والمشهور بأبنيته على الطراز الاوروبي القديم ويضم الشارع مطاعم تقدم الأطباق العالمية وباتت مقصداً للكثير من اللبنانيين، وفيه تقع «قهوة القزاز» الشهيرة التي تأسست مطلع القرن المنصرم، وقد جرى ترميمها لتستقبل روادها وتقدم في امسيات نهاية الاسبوع سهرات طربية اصيلة مع عزف على العود. ويبقى السهر في وسط بيروت الذي اعيد اعماره واصبح تحفة سياحية تجذب القاصي والداني، ليس الى مطاعمه فقط وانما الى اماكن لها صبغتها العالمية. لذا لا عجب اذا استقطب مشاهير اللبنانيين والعرب من مغنين وراقصين وممثلين وعارضات ازياء، يستقبلهم قلب العاصمة بحفاوة ويزينون الليل بسهرهم في النوادي الليلية مثل البودا بار في وسط البلد، والكازينو في منطقة السوديكو. والرواد المشهورون يشكلون عامل جذب للساهرين الذين يرغبون في تمضية اوقاتهم المسلية الى جانب فنانيهم المفضلين...
السينما في لبنان مرفق ترفيهي آخر يهواه الكثيرون. وجمهورها الواسع شجع على انشاء العديد منها فافتتحت الصالات في المجمعات الكبيرة خصوصا في الاشرفية حيث هناك مجمع صوفيل وABC، وايضا في الحمراء الكونكورد، والسوديكو سكوير في منطقة السوديكو... وهي دور تحرص على ارضاء جميع الاذواق، من الجاد الى الترفيهي، وتواكب في عروضها الانتاجات الغربية العالمية. الامر الذي لا يتوافر بهذا المستوى في كثير من العواصم العربية.
«الفيرجين» مركز شهير للموسيقى في العالم أضافته بيروت الى عناصر جذبها، فافسحت له مكانا في وسط المدينة قرب ساحة الشهداء، ويستضيف باستمرار الفنانين اللبنانيين والعرب ليوقعوا البوماتهم الجديدة مستفيدين من اجوائه وسمعته وكثرة زائريه يوميا ورحابة المكان. ويرضي المركز جميع الاذواق في معروضاته القديمة والجديدة، لبنانية وعربية واجنبية. وتتيح اجهزته الحديثة الاستماع الى شريط او قرص مدمج قبل شرائه او نزع الغلاف عنه ما يسهل فرصة الاطلاع على كل ما يثير الفضول. يضم المركز ايضا مكتبة افلام سينمائية غنية بمحتوياتها وشموليتها، اضافة الى المكتبة التي تحوي الجديد في عالم الكتب وبلغات متعددة وتضم ايضا الصحف والمجلات اللبنانية والعربية والاجنبية باهتماماتها المتعددة والمتنوعة والتي ترضي الجميع. وبامكان المهتم في جديد عالم الصوت زيارة الطبقة الخاصة بالابتكارات الجديدة. وللعازفين وهواة آلات الموسيقى مكان مخصص لهم. بيروت جميلة بليلها ونهارها وتغريك لتعديل التزاماتك مهما كانت كثيرة. لا تستطيع الافلات او الشبع من سحرها فلن تكفيك ايام قليلة تمضيها فيها، لكن عبورها ليومين لا يمر مرور الكرام وانما يزودك حتما بالذكريات الجميلة التي ترغب في قصها على الاصدقاء والمقربين.
.
.