- المصدر:
- («الشرق الأوسط»)
قمم لبنان البيضاء تتحول إلى ساحات للمغامرة والمتعة
أهلا بالبرد والثلج
منتجعات التزلج الرياضية في لبنان متعة حقيقية للمتزلجين والباحثين عن الهدوء والراحة
المصدر:
(«الشرق الأوسط»)
انقضاء الاعياد في لبنان لم يأخذ معه زحمة الناس ويعيد الجميع الى منازلهم، ذلك أن عطلات نهاية الاسبوع تظهر انهماك اللبنانيين باستقبال موسم جديد. إنه موسم التزلّج! نشاطات بيضاء في أيام كستها الثلوج، وإن اتت متأخرة هذه السنة على غير عادة. فقد افتتح اللبنانيون عامهم الجديد بموسم حافل من الرياضات الشتوية التي تستقطب المقيمين منهم والمغتربين ممَّن مدّدوا إجازاتهم في بلدهم الام. هنا، بين بياض القمم والمساحات المنبسطة وتحت شمس يناير (كانون الثاني) الرقيقة، يستمتع اللبنانيون في نهاية كل اسبوع بتمضية ساعات من اللهو والتراشق بالثلج حتى فقدان حاسة اللمس لفرط الصقيع.
المنحدرات الثلجية، أينما وجدت، تستقطب محبّي الابيض الذي يحمل في ثناياه تناقضات الحرارة، من أكثرها صقيعا الى اكثرها دفئا. فهنا يمكن للراغبين في الاستمتاع بأجواء هادئة ومسلية في الوقت نفسه، ان يقوموا بنشاطات متعددة تناسب كل الميزانيات. فصحيح ان الثلج طالما اعتبر هواية من باب الترف، لكن من يصرّ على الاستمتاع بهذه الاجواء يجد وسيلة من دون شك. إذ هناك من يقومون بنزهات ويتناولون الغداء على البساط الابيض أو يصنعون رجل الثلج. كذلك يمكن الاهل استئجار «لوج» (luge) لساعتين او ثلاث مقابل 5 آلاف ليرة اي نحو 3 دولارات إذا كانت صغيرة الحجم او نحو 8 دولارات اذا كانت كبيرة.
النشاطات متنوعة، ما يتيح لأصحاب الميزانيات المتواضعة لا سيما من الشباب الذين لم يدخلوا بعد مجال العمل او الذين دخلوه حديثا، ان يتمتعوا برياضة ال«سكي دو فون» (ski de fond) مقابل 10 آلاف ليرة، اي ما يقل عن 7 دولارات ثمن إيجار معدات. فهي تعتبر من الرياضات الاقل كلفة. وفي هذا الاطار، يقدم مركز «ايكو كلوب» أو النادي البيئي في الارز في الشمال اللبناني، فرصة تعلّم هذه الرياضة مع مدرّب محترف ليوم كامل مقابل 60 دولارا، ولكن يمكن تقسيم هذا المبلغ على المجموعة ما يقلل الثمن المتوجب على الفرد الواحد.
وهناك «الراكيت» التي تمكن الهواة من المشي على الثلج. اما محبو السرعة فيمكنهم تجربة ال«سكي دو» ويبلغ متوسط ايجار هذه الآلة ساعة واحدة، نحو 60 دولارا، طبعا مع اسعار خاصة بالمجموعات الكبيرة. وتتميز هذه الرياضة بسهولة ممارستها، ذلك انها لا تتطلب الكثير من الخبرة او اللياقة البدنية بعكس التزلج العادي. فعند ركوبها يزوّد الدليل أو المدرّب، الهواة ارشادات عامة عليهم التقيّد بها حفاظا على سلامتهم (والويل الويل لمن يشاغب!) وسلامة الآخرين، ذلك ان المنحدرات الثلجية يمكن ان تشكل خطرا. كما ان المسالك متشعّبة ما يفرض على الجميع اللحاق بالدليل وإلا ضلّوا طريقهم. رغم القيود الصارمة، تشكّل هذه الرياضة مغامرة تخطف الانفاس. أما من فضّلوا رياضة التزلّج (alpine skiing) فيمكنهم استئجار المعدات كاملة مقابل 10 دولارات أو 12 دولارا كحد اقصى، يضاف اليها ثمن البطاقة لدخول حلبة التزلّج الخاصة وبدل اتعاب المدرّب اذا دعت الحاجة (نحو 15 دولارا للساعة). وإمكان استئجار المعدات ذات الجودة العالية قرّب هذه الهواية وجعلها في متناول الجميع. وهذه الرياضات يمكن مزاولتها في المراكز الستة الاساسية، اي في فاريا عيون السيمان، فقرا، الارز، اللقلوق، الزعرور، قناة باكيش، شرط التقيّد بإرشادات السلامة العامة التي عممتها وزارة السياحة اللبنانية. إذ دعت المتزلجين الى ضرورة وضع الخوذة الواقية اثناء التزلج، كما دعت اصحاب المحطات الى التقيّد بهذا القرار والزامية وضع الخوذة.
ودعت الى «احترام الغير من خلال التصرف بطريقة لا تشكل خطرا على الذات وعلى الاخرين، والتحكم في السرعة والتصرف وفقا للشروط العامة ولحالة الثلج وكثافة عدد المتزلجين ومراعاة المسافة الكافية عند التجاوز، وضمان السلامة الشخصية عند كل تقاطع او انزلاق او انطلاق وتحاشي الوقوف في الممرات الضيقة او المنحجبة عن الرؤية، واستخدام حافة الممر لدى الصعود والنزول على الاقدام». كما اشارت الى «التقيد التام بالمعلومات المتعلقة بحالة الطقس ووضع المدارج والثلوج وعدم مخالفتها وتقديم المساعدة عند الضرورة في حال الحوادث». ويتمتع مثلّث فاريا عيون السيمان كفرذبيان الذي يعلو بين 1850 مترا و2465 متراً عن سطح البحر، بموقع جغرافي مميز لانه لا يبعد عن بيروت أكثر من 46 كيلومترا، أي لا يستلزم الوصول اليه اكثر من ساعة أو ساعة ونصف الساعة كحد اقصى. كذلك، تضم المنطقة 18 حلبة تزلّج وهي لذلك تستقطب الهواة والمحترفين في عطلات الاسبوع، حتى ان مشهد السيارات المركونة أيام الآحاد يشبه مشهد السيارات المركونة امام الشواطئ في الصيف.
وفي هذه المنطقة، يمكن للراغبين في تمضية عطلة مميزة ان ينزلوا في أحد الفنادق الفخمة او الشاليهات المتوافرة بكثرة. ومن الفنادق نذكر منتجع وفندق «انتركونتيننتال مزار» وهو يعتبر الافخم نظرًا الى تمتعه بحلبة تزلّج خاصة (روفوج refuge) ومركز صحي فخم وسينما للاطفال وحوض للسباحة وسونا وجاكوزي ومجموعة راقية من 7 مطاعم ذات مطابخ متعددة ايطالية، لاتينية، لبنانية وغيرها. وفي يناير (كانون الثاني)، يقدّم الفندق عروضا متنوعة لتشجيع التزلج خلال ايام الاسبوع نذكر منها ski & relaxe يتيح لمحبي التزلج ان يحصلوا على غرفة للاستراحة نهارا بالاضافة الى يوم كامل من التزلّج، او ساعة «سكي دو»، وحق استخدام حوض السباحة والسونا... وهناك عرض ski & fondue ويتضمن اقامة لشخصين مع فطور وعشاء Fondue سويسري، ويوم تزلج أو ساعة «سكي دو» مع المزايا الاخرى.
كذلك هناك مجموعة كبيرة من الفنادق نذكر منها «Terre Brune»، «Merab Deluxe Suites»، «Stone Chalets»، «Hotel Eleven»، «San Antonio Hotel».
وفي أعالي فاريا، يتيح مركز فاريا مزار للمراهقين التدرّب على التزلّج. كما يضم «حديقة الثلج» (Snow Garden) التي تفتح من التاسعة صباحا حتى الثانية من بعد الظهر وهي مخصصة لمساعدة الاطفال على التآلف مع الثلوج والرياضات الشتوية وتضم معدات لهو للاطفال الذين تتراوح اعمارهم بين 3 و7 سنوات.
ونظرا إلى الاهمية السياحية التي تتمتع بها المنطقة، ستقام بطولتان دوليتان، أولاهما هي بطولة آسيا للناشئين في 23 فبراير (شباط) و24 منه، وثانيتهما مسابقة، تشارك فيها 16 دولة آسيوية في 1 مارس (اذار) و2 منه. ويخوض المسابقتين نحو مائة لاعب. ومن الوسط اللبناني الى شماله، وتحديدا الى منطقة الارز التي تعد الاهم والاروع نظرا الى ارتفاعها الذي يبلغ 2000 متر عن سطح البحر، والى طول موسم التزحلق اذ يمتد الى ابريل (نيسان). كذلك ان موجة الصقيع التي تترافق مع جفاف نسبي جعلت نوعية الثلج المتراكم على تلك المرتفعات والجبال الخلابة، ممتازة حتى بات الثلج يشبه الى حد كبير نوعية الثلج الاوروبي المعروف ب«Powder snow». وهذا لا يحتاج الى رصّ ويجذب محبي التزلّج لانه لا يسبب الانزلاق.
موسم التزلج في الارز، بدأ باكرا. إذ تساقطت الثلوج في منتصف ديسمبر (كانون الاول) فكللّ البياض المرتفعات واستقطب الزوار الاجانب كما اللبنانيين. عن هذه المنطقة المميزة التي عرفت تجددا في السنوات الثلاث الاخيرة، تحدثت «الشرق الاوسط» الى ماري سكر، المسؤولة عن منحدرات التزلج. فأوضحت ان هناك مفاجآت سارة في انتظار محبي التزلّج لان 3 مركبات «تيليسياج» (مصاعد مقعدية) أضيفت، اثنتان منها تتسعان لاربعة اشخاص وواحدة تتسع لشخصين. كما هناك ثلاثة مصاعد (تيليسكي)، وتقلّ المصاعد المتزلجين الى ارتفاع 3000 متر اي الى الطريق المؤدية الى القرنة السوداء وهي اعلى قمة في لبنان. وهذا ما يجذب كثيرا الاجانب لا سيما الاوروبيين الذين يهوون التزلّج ويحترفونه. فهم لا يلازمون الشاليهات او الفنادق حتى وإن كان الطقس ممطرا. وما يطمئن رواد هذا المكان هو حرص المسؤولين عنه على ضمان سلامة المتزلجين ذلك ان كل المركبات تخضع لصيانة متواصلة يشرف عليها خبراء نمسويون. كما انه يمنع على السكي دو الدخول الى حلبات التزلج حفاظا على السلامة العامة.
ولفتت سكر الى ان إقامة جبل التزلج في امارة دبي عرّفت العرب على هذه الهواية وجعلتهم يتآلفون معها. ومن استهوته الفكرة بات يقصد لبنان وتحديدا الارز للتزلج.
ولعلّ اجمل ما يميّز الارز هو نوعية المنحدرات والجبال، فهنا يمكن المتزلج ان يتمتع بعشرين دقيقة متواصلة من التزحلق. كما تتميّز الحلبة بانها مفتوحة ما يتيح للاهل مراقبة ابنائهم.
وثمن البطاقات هو على الشكل الآتي: مجانا للاطفال ما دون الخمس سنوات. و10 دولارات لمن تتراوح اعمارهم بين 5 سنوات و10. و25 الف ليرة (اي نحو 16 دولارا) حتى السادسة عشرة أي لتلامذة المدارس. أما طلاب الجامعات فعشرون دولارا. وبالنسبة الى الآخرين فثمن البطاقة 35 الف ليرة (نحو 23 دولارا) و45 الف ليرة (30 دولارا) ايام السبت والاحد والاعياد على ان ينخفض الثمن الى 23 دولارا من الأولى من بعد الظهر حتى الرابعة.
التزلّج ليس النشاط الوحيد المتاح، ذلك ان قاصدي الارز يمكنهم ان يزوروا الغابة التي تعود بعض ارزاتها الى اكثر من الف عام والتمتع بجمال الطبيعة ونضارتها البيضاء، طبعا برفقة دليل خاص.
وللراغبين في الحصول على مزيد من التفاصيل يمكنهم زيارة هذا الموقع الذي يشكل بوابة لدخول مواقع اخرى: http://www.skileb.com. واللافت ان المواقع السياحية اللبنانية على شبكة الانترنت تتيح لزائرها رؤية حلبات التزلج مباشرة عبر صور «ويب كام» التي تخضع للتحديث باستمرار.
تحياتي