- الأمير سيف الدين باشتاك الناصرى
- سبب بناء بشتاك لهذا القصر
وهذا القصر يمثل قيمة معمارية وجمالية نادرة فى مصر المحروسة
ولكى نتعرف على هذا القصر وتفاصيله المعمارية
دعونا نأخذ فكرة مبسطة قليلا عن مالك القصر
فمما ذكر ابن تغرى بردى فى كتابه النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة (بتصرف)
الأمير سيف الدين باشتاك الناصرى
هو الأمير سيف الدين بشتاك الناصري قرّبه الملك الناصر محمد بن قلاون وزوجه ابنته وعينه محل الأمير بكتمر الساقي بعد وفاته وكان فخورا بنفسه ولا يتحدث مع العامة إلا بترجمان وكان اللغة العربية ولكن لا يتحدث بها .
وقد شغل بشتاك الناصرى عدة مناصب فى عهد السلاطان الناصر محمد قلاوون ومنها أمير الشكار المسئول عن الصيد الملكى وكاتب السر وكان إقطاعه ست عشرة طبلخانة أكبر من إقطاع قرصون ولما مات بكتمر الساقي ورثه في جميع أمواله واصطبله الذي على بركة الفيل وفي امرأته أمّ أحمد واشترى جاريته خوبي بستة آلاف دينار ودخل معها ما قيمته عشرة آلاف دينار وأخذ ابن بكتمر عنده وزاد أمره وعظم محله فثقل على السلطان وأراد الفتك به فما تمكن وتوجه إلى الحجاز وأنفق في الأمراء وأهل الركب والفقراء والمجاورين بمكة والمدينة وكان شديد البذخ وأعطى من الألف دينار إلى المائة دينار إلى الدينار بحسب مراتب الناس وطبقاتهم فلما عاد من الحجاز لم يشعر به السلطان إلاّ وقد حضر في نفر قليل من مماليكه
وقال: إن أردت إمساكي فها أنا قد جئت إليك برقبتي فغالطه السلطان وطيب خاطره وكان يرمى بأوابد ودواهي من أمر الزنا وجرّده السلطان لإمياك تنكر نائب الشام فحضر إلى دمشق بعد إمساكه هو وعشرة من الأمراء فنزلوا القصر الأبلق وحلف الأمراء كلهم للسلطان ولذريته واستخرج ودائع تنكر وعرض حواصله ومماليكه وجواريه وخيله وسائر ما يتعلق به ووسط طغاي وحفاي مملوكي تنكر في سوق الخيل ووسط دران أيضًا بحضوره يوم الموكب وأقام بدمشق خمسة عشر يومًا وعاد إلى القلعة وبقي في نفسه من دمشق وما تجاسر يفاتح السلطان في ذلك فلما مرض السلطان وأشرف على الموت ألبس الأمير قوصون مماليكه فدخل بشتاك فعرف السلطان ذلك فجمع بينهما وتصالحها قدّامه ونصر السلطان على أن الملك بعده لولده أبن بكر فلم يوافق بشتاك وقال: لا أريد إلاَّ سيدي أحمد فلما مات السلطان قام قوصون إلى الشباك وطلب بشتاك وقال له: يا أمير المؤمنين أناما يجيء مني سلطان لأني كنت أبيع الطسما والبرغالي والكشاتوين وأنت اشتريت مني وأهل البلاد يعرفون ذلك وأنت ما يجيء منك سلطان لأنك كنت تبيع البوز وأنا اشتريت منك وأهل البلاد يعرفون ذلك وهذا أستاذنا هو الذي وصى لمن هو أخبر به من أولاده وما يسعنا إلا امتثال أمره حيًا وميتًا وأنا ما أخالفك إن أردت أحمد أو غيره ولو أردت أن تعمل كل يوم سلطانًا ما خالفتك.
فقال بشتاك: هذا كله صحيح والأمر أمرك وأحضر المصحف وحلفا عليه وتعانقا ثم قاما إلى رجلي السلطان فقبلاهما ووضعا أبا بكر ابن السلطان على الكرسيّ وقبَّلا له الأرض وحلفا له وتلقب بالملك المنصور ثم إن بشتاكًا طلب من السلطان الملك المنصور نيابة دمشق فأمر له بذلك.
وكتب تقليده وبرز إلى ظاهر القاهرة وأقام يومين ثم طلع في اليوم الثالث إلى السلطان ليودّعه فوثب عليه الأمير فطلوبغا الفخريّ وأمسك سيفه وتكاثروا عليه فأمسكوه وجهزوه إلى الإسكندرية فاعتقل بها ثم قتل في الخامس من ربيع الأول سنة اثنين وأربعين وسبعمائة لأوّل سلطنة الملك الأشرف كجك
وكان شابًا أبيض اللون طريفًا مديد القامة نحيفًا خفيف اللحية كأنها عذار على حركاته رشاقة حسن العمة يتعمم الناس على مثالها وكان يشبّه بأبي سعيد ملك العراق إلاّ أنه لم يكن يسلك مسلكا عفيفا وكان زائد الهرج والمرج لم يعف عن مليحة ولا قبية ولم يدع أحدًا يفوته حتى يمسك نساء الفلاحين وزوجات الملاحين.
وأشتهر بذلك ورمي فيه بأوابد وكان زائد البذخ منهمكًا على ما يقتضيه عنفوان الشبيبة كثيرا الصلف والتيه ولا يظهر الرأفة ولا الرحلة في تأنيه ولما توجه بأولاد السلطان ليفرّهم في دمياط كان يذبح لسماطه في كل يوم خمسين رأسًا من الغنم وفرسًا لا بد منه خارجًا عن الأز والدجاج وكان راتبه دائمًا كل يوم من الفحم برسم المشوي مبلغ عشرين درهمًا عنها مثقال ذهب وذلك سوى الطوارىء وأطلق له السلطان كل يوم بقجة قماش من اللفافة إلى الخف إلى القميص واللباس والملوطة والغلطاق والقباء الفوقاني بوجه اسكندراني على سنجاب طريق مطرّز مزركش رقيق وكلوته وشاش ولم يزل يأخذ ذلك كل يوم إلى أن مات السلطان وأطلق له في يوم واحد عن ثمن قرية تبنى بساحل الرملة مبلغ ألف درهم فضة عنها يومئذ خمسون ألف مثقال من الذهب وهو أوّل من أمسك بعد موت الملك الناصر.
وقال الأديب المؤرخ صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي والذى من من كتابه نقل ابن تغرى بردى ترجمة بشتاك: قالَ الزمانُ وما سمعنا قولهُ والناسُ فيه رهائنُ الأشراكِ من ينصرِ المنصورَ من كيدي وقد صاد الردى بشتاك لي بشراك خط باب الزهومة هذا الخط عرف بباب الزهومة أحد أبواب القصر الكبير الشرقي فإنه كان هناك وقد صار الآن في هذا الخط سوق وفندق وعدّة آدر .
سبب بناء بشتاك لهذا القصر
وكان سبب عمارة بشتاك لهذا القصر أن الأمير قوصون لما أخذ قصر بيسري وجدده أحب الأمير بشتاك أن يعمل له قصرًا تجاه قصر بيسري ببين القصرين فدل على دار الأمير بكتاش الفخري أمير سلاح وكانت أحد قصور الخلفاء الفاطميين التي اشتراها من ذريتهم وأنشأ بها الفخري دورًا وإسطبلات وأبقى ما كان بها من المساجد فشاور بشتك السلطان على أخذها فرسم له بذلك فأخذها من أولاد بكتاش وأرضاهم وأنعم عليهم.
وأنعم السلطان عليه بأرض كانت داخلها برسم الفراشخاناه السلطانية.
ثم أخذ بشتاك دار أقطوان الساقي بجوارها وهدم الجميع وأنشأه قصرًا مطلًا على الطريق وارتفاعه أربعون ذراعًا وأساسه أربعون ذراعًا وأجرى إليه الماء ينزل إلى شاذروان إلى بركة به.
وأخرب في عمله أحد عشر مسجدًا وأربعة معابد أدخلها فيه فلم يحدد منها سوى مسجد رفعه وعمله معلقًا على الشارع .
وعن أهم خصائص هذا القصر المعمارية والمميزة له بشكل يتفرد به عن باقى طرز البيوت الإسلامية
أنه نموذج فريد للعمارة المدنية في العصر المملوكي فقد أنشأه الأمير سيف الدين بشتاك الناصري أحد أمراء الناصر محمد بن قلاوون الذي قتل بمكيدة من الأمير قوصون أثناء حكم السلطان الأشرف علاء الدين كجك.
هذا القصر في البداية كان يقطنه الأمير بدر الدين بكتاش ثم اشتراه الأمير بشتاك من الورثة,وأضاف إليه المساحات التي كانت حوله وكان منشأ حوله أحد عشر مسجدا وأربعة معابد من آثار الفاطميين ودار قطوان الساقي."
وقد أوشك علي الإنهيار بعد زلزال .1992م - وقد تم إصلاح القصر بالأشتراك مع معهد الآثار الألماني عامين بتكلفة حوالي 50 مليون جنيه.
و قصر بشتاك الأثري يعود تاريخ إنشائه إلي عام 1339م-740ه من ت
وعن تكوينه القصر المعماري فهو :يتكون من طابقين الأرضي به قاعة واسطبلات ومخازن غلال وغرف الخدم,الطابق العلوي يضم قاعة الاحتفالات وغرف النوم,وكان يحتوي طابقا ثالثا للحريم لكنه تهدم .
وللقصر ثلاث واجهات:الأولي وهي الرئيسية تقع بالجهة الشمالية الغربية مطلة علي شارع المعز,وتتكون من ثلاثة طوابق بها مشربيات ليست علي استقامة واحدة بل علي جزءين أحدهما غائر والآخر بارز,وبها رسومات هندسية آية في الجمال.
أما الواجهة الثانية فتقع بالناحية الشمالية الشرقية وتطل علي درب ترمز,بها عدد من النوافذ المغطاة بأجنحة معدنية,بها أيضا بوابة تؤدي للقصر.
والواجهة الثالثة بالجهة الجنوبية الغربية تطل علي حارة بيت القاضي,وبالنسبة للمدخل الحالي فيتم الوصول إليه بسلم خشبي مزخرف يؤدي إلي باب خشبي عليه كتابات عن منشئ القصر وتاريخ إنشائه.
ويضيف:إن المدخل يفضي إلي دركاة مربعة (مساحة) علي يمينها سلم يؤدي إلي الطابق الثاني وعلي يسارها اسطبلات يصل إليها من خلال دهليز به بئر أثرية للاستعمال اليومي للخيول يعلو الاسطبلات حجرات خاصة بالقائمين علي خدمة الخيل.
وعن القاعة الرئيسية ييتصل بها سلم صاعد يتقدمها سطح مكشوف وتتكون من أربع إيوانات (مساحة مربعة مفتوحة للجلوس) ودور قاعة وسطحي مغطاة بالرخام في أشكال هندسية جميلة والأسقف الخشبية يتدلي منها وحدات إضاءة فريدة الشكل هذا بالإضافة إلي الإيوان الشرقي الذي يمتاز بمشربياته الخشبية الكثيرة والإيوان الغربي يحوي نوافذ جصية معشقة بالزجاج الملون أما الإيوانان الشمالي والجنوبي فيحوي كل منهما بائكات ثلاثية العقود ترتكز علي أعمدة رخامية ذات قواعد وتيجان علي الطراز الإسلامي وملحق بهذه القاعة عدد من الحجرات ودورات المياه.
ولا يفوتنا أن بجوار الإيوان الشرقي توجد فتحة باب مؤدية إلي ممرات مطلة علي الدور قاعة وكانت هذه الممرات تستخدم قديما لرؤية ما يجري بالقاعة حيث كانت النساء تجتمعن بغرف الحرملك بالدور الثالث المندثر,ولا يسمح لهن بالجلوس مع الضيوف بالدور الثاني .