- كل جناح يتكلم لغة.. وكل ركن يروي حكاية
فندق «البرغو» في بيروت.. جامع مختلف الحقبات
كل جناح يتكلم لغة.. وكل ركن يروي حكاية
زيارة فندق "ألبرغو" في منطقة الاشرفية في بيروت، تختلف عن كل الزيارات التي يمكن ان يقوم بها شخص ما للاطلاع على خدمات فندق عريق. فذاك المبنى القديم والمرمم يعبق بشذا الذاكرة اللبنانية المطمورة تحت قسوة الاسفلت. وكأنه يستمد مكانته ليس من فخامته وجودة خدماته فحسب، بل من تلك الخصوصية التي يتحلى بها والتي تميّزه عن كل محيطه. فهو يحمل بصمات الهندسة العمرانية الغابرة ويتشح بذاك الاصفر الذي يضفي على "إطلالته" هيبة الماضي ورونقه. يشبه في موقعه المنزوي خفرا من يحاول ان يلفت الانتباه بغموضه واتضاعه. فهو بمكانه المحايد في احد أقدم شوارع الاشرفية الضيقة والراقية، و"المختبئ" خلف الاشجار وبعض النباتات، يستقطب هواة الامكنة التي تتمتع بهوية دامغة ومكانة معينة.
ورغم ضيق الشارع والرصيف المؤديين الى الفندق، يستمتع الزائر بخطاه المتأنية طوعا، لانها تخطفه من نمط الحياة السريع ارغاما. وعند الوصول، استقبال من نوع آخر. استقبال، لا يقتصر على ترحيب الموظف وابتسامته الودودة بل انشراح المكان نفسه بأجوائه وألوانه، بأثاثه ومحتوياته، بحميميته التي يشعر بها الزائر قبل اجتياز عتبة المدخل. ربما لذلك استقطب نجوم العالم امثال شارل ازنافور وديدي بريدجواتر والشاعر صلاح ستيتيه وقائد الاوركسترا ريكاردو موتي ومصممة الازياء العالمية لوليتا لامبيكا والعارضة أدريانا كارامبو، واستقطب نجوما عربا منهم فاتن حمامة ووردة الجزائرية والهام مدفعي، ووجوها سياسية اجنبية ولبنانية جميعهم تركوا تواقيعهم وتمنياتهم في سجل الفندق.
يتخطى ال"البرغو" مجرّد كونه فندقا بخمسة نجوم، ذلك انه يزخر بالقطع الفنية والتحف التي يرقى بعضها الى عشرات لا بل مئات السنين، فضلا عن انه يفوح بعطر الماضي الغابر الذي يُخشى أن يختلط بالهواء الخارجي فتتناثر جزيئاته وتضيع في صخب المدينة.
التجوّل في ارجائه يثير في النفس شيئا من الحنين والشوق الى تلك الشوارع القديمة والفاخرة من دون تباه، حيث كانت المباني على تلاصقها تتمتع بجمال فريد وأسلوب خاص يختلفان عن ناطحات السحاب والابنية الحديثة التي تشبه علب الكبريت.
من الخارج تبدو الأجواء لبنانية بامتياز، فلم الاسم اجنبي؟ وما معناه؟ تجيب المديرة العامة للفندق جيهان خيرالله صقر: "هكذا اراد اصحاب الفندق، اما الاسم فإيطالي ومعناه فندق". وتقول ل"الشرق الأوسط": "إن الفندق افتتح في مايو (ايار) 1998 وكان مبنى قديما يتألف من 4 طبقات رممت واضيفت اليها 5 طبقات بنيت بالطريقة نفسها اي السقف العالي والتقطيع الداخلي تقريبا نفسه، لاننا اردنا فندقا يختلف عن سائر الفنادق الموجودة. فوسعناه لكننا حرصنا على المحافظة على طابعه الخاص الذي يطغى عليه مفهوم "هوتيل- بوتيك" أو المنزل الثاني (Home Away From Home) وذلك ليشعر النزلاء بانهم في أمان في منزلهم حيث ثمة من يهتم بهم ويرعاهم. لقد ادركنا ان زبائننا لا يحبون الخدمة العادية وكأنهم مجرد رقم، هكذا تختلف علاقتنا بالزبون فتصل الى الرابط الانساني. فيقصدنا كثيرون بحثا عن الخدمة والرفاه والراحة التي نقدمها".
وتوضح ان "لا غرف عادية في الفندق بل 33 جناحا تختلف مساحتها واشكالها واثاثها. لكننا حاولنا اعتماد محور معين لكل طابق. مثلا في الطابقين الاول والثاني يطغى الطابع الشرقي فيما يبدو واضحا الاسلوب المتوسطي في الطابقين الثالث والرابع. اما في الخامس فالطابع استعماري واوروبي في الطابق السادس. وفيما يقسم كل طابق الى خمسة اجنحة تختلف مساحاتها، ينفرد الطابق السابع بالجناحين الرئاسي والملكي. في كل طابق خمسة انواع من الأجنحة:Standard, Junior, Business, Deluxe, Executive. يبدأ بدل الاقامة في الليلة الواحدة من 255 دولارا ويصل الى 435 دولارا، فيما يبلغ البدل نفسه في الجناحين الرئاسي والملكي 895 و1400 دولار على التوالي".
والمميز في موقع الفندق انه لا يبعد اكثر من دقيقتين عن شارع مونو، حيث المطاعم الفخمة والعادية وليس بعيدا عن مجمع "ABC" التجاري. كذلك لا يلزم نزلاءه اكثر من خمس دقائق للوصول الى وسط بيروت.
لنعد الى داخله الفخم من دون تكلف. البهو الذي أراده مهندس الديكور الفرنسي جاك غارسيا امتدادا لاسلوب لويس الرابع عشر، نسّق محتوياته بأناقة تعجز الكلمات عن وصفها. ولئن كان الجو العام فرنسي، لم تغب صور بيروت القديمة عن جدرانه. فهنا شارع بليس والجامعة الاميركية في عام 1911، وهناك شارع غورو في الجميزة، وفي المقابل صورة ساحة البرج وغيرها الكثير. بالتأكيد الجلوس في هذا البهو يجعل الانتظار، وإن طال ساعات، متعة. فالمكان على دفئه، حافل بالاسرار. كيف لا والسقف العاجي اللون منخفض قليلا والجدران بعضها مكسو برفوف رصفت فيها كتب من القرون الغابرة وضعت بينها تحف قيمة. وتنتصب بين كنباته المخملية والحمراء القانية، تماثيل وكأنها تفرض احترام المكان.
صعودا، الى الغرف التي لا تتشابه وإن جمعت بينها الفخامة والذوق الرفيع، بفضل اعتناء مهندسة الديكور طرفة سلام بانتقاء الاثاث وقطع الانتيك وتنسيقها. فقد جالت برفقة أصحاب الفندق، الأسواق الشعبية في باريس ولندن وبيروت لشراء ما يلزم. لا شيء من العصر الحديث في الغرف باستثناء اجهزة التلفزيون والهاتف والستيريو.
في أحد اجنحة ال"دولوكس"، اضافة الى السرير البني الفخم هناك مكتب صغير وكنبة ذات اسلوب دمشقي كتب في اعلاها "بالشكر تدوم النعم"، وفي اسفلها "من تاب نال وتمنى". وغني عن القول ان الشمعدانات كما اللوحات لا تغيب عن الغرف. الحمامات فيها جاكوزي وأرضها كما جدرانها، رخامية ولكن ألوانها ومساحاتها تختلف. في إحدى غرف ال"كولونيال"، ورق جدران فاتح اللون، يكسو كل الغرفة، والارض خشبية. وفي الوسط صندوق خشبي صغير وكأنه مستقدم من سوق البسطة.
المصدر
بيروت: مايا مشلب
جريدة الشرق الأوسط http://www.aawsat.com/details.asp?section=41&issue=10557&article=442592
ليتني عرفت عنه من قبل
عالاقل بمر اشوف هالفندق
الف شكر ياقطر ماقصرت عالمعلومات المميزه