- cache/79fd0c9f3d.jpegعربة 'الكوتشي' بمراكش تصارع من أجل البقاء
cache/79fd0c9f3d.jpegعربة 'الكوتشي' بمراكش تصارع من أجل البقاء
دخل ' الكوتشي '، وهو الاسم الذي يطلقه المراكشيون باللهجة العامية على عربة النقل المجرورة بفرس واحد أو اثنين، مكرها غمار المنافسة مع وسائل النقل الحضرية الأخرى الحديثة بالمدينة العتيقة ومحيطها الواقع خارج الأسوار إلا أنه استطاع، عن جدارة، إثبات وجوده وأحقيته في مواصلة تقديم خدماته 'الجليلة' ذات النكهة الفريدة لزوار المدينة وكذا لقاطنيها.
ويعكس استمرار تواجد هذه العربات المجرورة والسماح لها بشق كل الشوارع والطرقات، حتى الضيقة منها، تشبث سكان مراكش ومجالسها بتراثهم الثقافي والحضاري الذي تزخر به هذه المدينة، وحرصهم على عدم التفريط فيه أو تركه عرضة للضياع رغم الإكراهات التي فرضت عليها خلال العقود الماضية والتحولات المهمة التي عرفتها وجعلت منها قطبا سياحيا عالميا متميزا.
وأصبح 'الكوتشي'، الذي كان يعتبر منذ بدايات ظهوره الوسيلة الوحيدة للتنقل بين الأحياء الشعبية، خلال الفترة الأخيرة، عربة مهيأة بإتقان وذات رونق جميل لاستقطاب السياح المغاربة منهم أو الأجانب.
ومن بين أسباب هذا التحول، تأتي المنافسة الشديدة التي صادفها أرباب هذه العربات أولا من قبل سيارات الأجرة، ثم حافلات النقل العمومي، مما أرغم هؤلاء على الاعتماد والاقتصار على استعمال هذه العربات في النقل السياحي باعتباره المخرج الوحيد للبقاء، نظرا لما توفره السياحة من مدخول محفز ومشجع على الاستمرار.
وقد اطمأنت هذه الفئة لهذا التحول وأعدت له العدة بما فيه الكفاية، كما سخرت كل إمكانياتها البسيطة من أجل تحسين واجهات العربات والحرص على نظافتها وسلامتها، فضلا عن توفير كل مستلزمات حسن استقبال الزبناء الراغبين في التجول عبر شوارع المدينة وزيارة حدائقها ومآثرها التاريخية على متن 'الكوتشي' كوسيلة نقل تميز المدينة دون إغفال إرساء نظام في ما بين أرباب العربات وتطبيق تسعيرة متفق عليها مقابل الخدمات المقدمة.
وقد فوجئ أصحاب هذه العربات بإحداث 'حافلات للنقل السياحي' تابعة لشركة أجنبية بتفويت من قطاع النقل الحضري بمراكش. وتقوم هذه الحافلات بنقل السياح عبر مدارين داخل المدينة لزيارة مختلف المناطق والمآثر التاريخية بتسعيرة تصعب معها المنافسة، إذ توفر عليهم مصاريف عدة من بينها أجرة المرشد السياحي إلى جانب تفادي الوقوع في عمليات ابتزاز مالي من طرف بعض الجشعين.
ومع ظهور هذه الحافلات التي تنقل السياح نحو 25 نقطة قريبة من المآثر التاريخية والمناطق الطبيعية التي تزخر بها المدينة الحمراء قصد زيارتها، بالإضافة إلى اطلاعهم خلال فترة التنقل على معلومات عن المعالم التاريخية بثمان لغات، اشتد الخناق على أرباب عربات 'الكوتشي'، الذين أصبحوا في حيرة من أمرهم، الشيء الذي دفعهم للبحث عن منفذ للخروج من هذا النفق، الذي يهدد مهنتهم بالزوال من فضاء مدينة مراكش مستقبلا، وبالتالي حرمانهم من مصدر قوت يومهم.
وأكد أحد أرباب هذه العربات أنه بدخول الحافلات السياحية أصبحت آفاق 'الكوتشي' غير واضحة، بل ليست مشجعة، بسبب هذه المنافسة غير المتكافئة،مشيرا إلى أن مالكي وسائل النقل بالمدينة من 'كوتشي' وسيارات أجرة أصبحوا متضررين من هذه الحافلات، التي ضايقتهم كثيرا و'أصبحت وسيلة تهدد مدخول الأسر التي تعد هذه العربات مصدر عيشها الوحيد'.
وأوضح أنه لمواجهة هذه التحديات أصبح أرباب 'الكوتشي' يتنافسون في ما بينهم في تزيين عرباتهم من أجل أن تكون محط إعجاب السياح وجلب انتباههم، واختيارها دون غيرها لنقلهم لزيارة أهم المواقع بمدينة مراكش، مبرزا أن ثمن استعمال هذه العربة ليس في حد ذاته استخلاصا لمصاريف الخيول أو غيرها، بل يكمن في المتعة التي يشعر بها الراكب، فضلا عن المعاملة التي يتلقاها إرضاء للزبون، وخاصة المغربي، وخلق جو من الراحة والألفة لديه.
أما رئيس المجلس الجماعي لمدينة مراكش، السيد عمر الجزولي، فقد كان له رأي مخالف، حيث أبرز أن عربات 'الكوتشي' في الوقت الراهن 'بألف خير'، مستدلا على ذلك برغبة أصحاب هذه العربات وتفضيلهم التعامل مع السياح الأجانب دون غيرهم، لما يوفره لهم ذلك من مداخيل هامة.
وبين هذا الرأي وذاك، تبقى عربات 'الكوتشي' في شد وجذب بين أربابها والمسؤولين بمدينة مراكش، مما قد يؤدي إلى تعريض هذه الوسيلة الفريدة من نوعها إلى التهميش، الشيء الذي سيشكل سببا من أسباب القضاء على موروث أضحى مقرونا بحياة المراكشيين وبمدينتهم، التي تعتبر قطبا سياحيا رائدا على المستوى الوطني والدولي.
كحووله