معجب
05-11-2022 - 02:51 am
بغض النظر عما إذا كانت هذه زيارتك الأولى الى طوكيو أم الأولى بعد المائة، سيظل لديك الاحساس بالفراغ. انها مدينة تشعر الزائر كما لو انه داخل في تجربة تنويم مغناطيسي، مما جعلها دوماً مصدراً للإلهام بالنسبة لكتاب قصص الخيال العلمي ومخرجي الأفلام السينمائية.
وتتألف طوكيو من خطوط ملتوية لا متناهية من سكك القطارات السريعة والتي كان آخرها القطار المغناطيسي فائق السرعة والشوارع الضيقة الشبيهة بشوارع القرى وشبكة واسعة من الأسلاك الكهربائية. وهي مدينة محيرة، إذ تغيب عن مبانيها وشوارعها الأسماء والأرقام، فضلاً عن ان النظر الى خريطة شبكة الخطوط الحديدية يجعل الرأس يدور. ومن يعتقد ان المدينة أكثر تعقيدا من ان يستوعبها المرء، ما عليه سوى التأمل في وضعها المالي الذي ينذر بأزمة مالية في أي لحظة في ظل الأداء المربك لقطاعها المصرفي.
ولكن الحيرة لا تقف عند هذا الحد، إذ ان المدينة تزداد نمواً دون توقف وتخاطب المزيد من رجال الأعمال في العالم من خلال مشاريعها العملاقة التي كان آخرها مشروع “روبونجي هيلز” الذي تبلغ مساحته 9،6 هكتار وتكلفته 2،5 مليار دولار والذي تم افتتاحه في ابريل/ نيسان الماضي. ويضم المشروع برجاً للمكاتب مؤلفاً من 54 طابقاً يحيط به عدد من المنشآت الترفيهية والخدمية بالإضافة الى متحف ومركز للفنون واستوديوهات محطة التلفزيون المحلية أساهي ووحدات سكنية فاخرة يصل الايجار الشهري فيها الى 33950 دولاراً.
أما المفارقة الحقيقية بالنسبة لمدينة طوكيو فتتمثل في ان المستهلكين يتدافعون داخل المحلات التجارية ويقفون في الطوابير أمام المطاعم في الوقت الذي تصارع فيه المصارف من أجل البقاء. ويأتي مشروع “روبونجي هيلز” رداً على السياسات التقليدية المتبعة في قطاع العقارات حيث تستهلك مساحات واسعة من الأرض من خلال الأبنية المنخفضة. ولكن كثيرين في طوكيو ليسوا سعداء برؤية ناطحات السحاب تلقي بظلالها على المباني منخفضة الارتفاع التي باتت تنتظر دورها لإعادة الهيكلة، على الأقل في طموحات المستثمرين الذين يسعون وراء هذا النوع من المشاريع. وفي جميع الأحوال، فإن تغيير وجه طوكيو لا يزال أمراً بعيداً رغم التغير الملحوظ في المفاهيم بين الناس ومواقفهم من المشاريع التي تجعل الطابع الغربي يسرق من المدينة هويتها الشرقية ويوجد ضرورة ملحة لتغيير ثقافة الأعمال.
ويضاف الى ذلك، ان طوكيو ستظل آسيوية وكونفوشية بعيداً عن المنطق الغربي الذي يجد صعوبة بالغة في التسلل الى قاعات مجالس الإدارات. فلا تزال هناك بعض المحظورات والمرغوبات التي تحظى بأهمية شخصية كبيرة في أوساط رجال الأعمال اليابانيين الذين يمدون أيديهم للمستثمرين الأجانب القادمين الى طوكيو. وعلى سبيل المثال، لا بد لأي مستثمر أجنبي من طباعة بطاقته التعريفية باللغة اليابانية وان يغلف الهدايا بطريقة جذابة وأن يظهر قدراً كبيراً من الاحترام للمسؤولين ولليابان نفسها، والأهم ان يحرص على ألا ينظف أنفه على الملأ ويضع في ذهنه ان هاتفه المتحرك قد لا يكون متوافقاً مع المعيار المستخدم في اليابان.
تحياتي
منقول مع تعديلات من قبلي
موضوع اكثر من رائع
تسلم والله
لك التحيه والتقدير