- جديون راتشمان - 29/02/1428ه
السلام عليكم ورحمة الله
يقولون الموت مع الجماعة رحمة , كنت احسب ان العرب هم اللي يعانون من اجراءات المطارات,, بس طلعو الاوربيين مثلنا يطردونهم بعد
جديون راتشمان - 29/02/1428ه
آمل في زيارة الولايات المتحدة الأسبوع المقبل، ولن أقول ما هو أكثر. فقد تعلمت منذ تم ترحيلي بشكل مذل عام 2003، ألا آخذ حقي في زيارة أمريكا أمرا مسلّما به.
عندما اتصلت هاتفياً بزوجتي من مطار دالاس لأخبرها بأنهم سيضعونني في أول طائرة متجهة إلى الوطن، أصابها الخوف لفترة قصيرة من أنني على وشك أن أكشف عن حياة مزدوجة كمهرب مخدرات عالمي، أو شخص إباحي. ولم يكن هناك أي شيء مثير للاهتمام بهذا القدر، فأنا ببساطة نسيت أن أحصل لنفسي على تأشيرة صحافي.
أفضل القصص من هذا النوع تشمل في العادة أجنبياً بريئاً يجري تكبيله بالأصفاد أو يشحن إلى سجن الولاية، لكن ذلك لا ينطبق علي. فقد كان المسؤولون الذين تعاملوا معي مؤدبين ومتعاطفين لكن عنيدين. واحتججت بشكل غير فعال، بأنني باحث سابق لدى "فولبرايت"، عشت عدة سنوات في الولايات المتحدة، وكنت أكتب للمجلات الأمريكية، وعرفت أشخاصاً مهمين، وكانت بريطانيا تحارب إلى جانب الولايات المتحدة في العراق، لكن أياً من ذلك لم يلق أذناً صاغية. وكما أوضح أحد مسؤولي الهجرة: "كان يمكن لنا أن نجعل من وضعك حالة استثنائية قبل 11 أيلول (سبتمبر)، لكن ليس الآن".
وفي النهاية استقر الأمر أن أقوم بتعبئة الاستبانة الطويلة المتعلقة بالمبعدين. وكان السؤال الأخير: "هل لديك أي شيء آخر تضيفه؟" فقلت: لا. وابتسم مسؤول الهجرة ابتسامة باهتة وقال: "هذا جيد". وبعد بضع ساعات كنت في الطائرة عائداً إلى لندن.
ونتيجة لخطئي غير المقصود، أصبح دخولي إلى الولايات المتحدة يمثل دائما نوعا من التجربة. وأنا الآن معتاد بشكل مثير للحزن، على نظرة التركيز التي تظهر على وجه ضابط الهجرة حين يظهر اسمي على الكمبيوتر. وبعدها يتم جري إلى "تفتيش ثانوي"، وفي العادة أذهب في حال سبيلي بعد نحو 15 دقيقة.
لكنني أبعد من أن أكون وحيداً في الشعور بالقلق حين أجد نفسي في طابور هجرة أمريكي. ففي تشرين الثاني (نوفمبر)، أظهر استطلاع شمل أكثر من 2000 مسافر أجنبي عادي، أن 66 في المائة منهم وافقوا على العبارة التي تقول: "إذا ارتكبت غلطة بسيطة، أو قلت الشيء الخطأ لمسؤولي الهجرة، أو الأمن الأمريكيين، فقد تتعرض للاحتجاز لساعات، أو لما هو أسوأ من ذلك".
وبالنسبة لي، يبدو ذلك هستيرياً. ففي النهاية هناك نحو 1.1 مليون أجنبي يدخلون الولايات المتحدة يومياً. وكما لاحظت بعين حاسدة، معظمهم يمرّون عبر إجراءات الهجرة دون أية مشكلة على الإطلاق.
لكن الاستطلاع الذي أجري لمصلحة "اكتشفوا شراكة أمريكا" – وهي مجموعة من الشركات الكبيرة التي تسعى إلى ترويج السياحة - أوحى بأن 39 في المائة من المسافرين المنتظمين يقيّمون الولايات المتحدة بأنها "الأسوأ" بالنسبة لإجراءات الهجرة والدخول. ويحتل الشرق الأوسط المرتبة الثانية بنسبة 16 في المائة. وتشكو "اكتشفوا شراكة أمريكا" من "مناخ الخوف" و"أزمة السفر". وهي تستشهد ب "انخفاض نسبته نحو 20 في المائة في حصة الولايات المتحدة من المسافرين من وراء البحار منذ عام 2000". وتقول إن هذا يتسبب في خسارة 200 ألف وظيفة و93 مليار دولار من العائدات.
وهناك دائماً دقة زائفة بعض الشيء إزاء أرقام كهذه، لكن صناعة السياحة ليست وحدها التي تشكو. فقد حذّر تقرير صادر عن "ماكينزي" بشأن صناعة الخدمات المالية في الولايات المتحدة، نشر أيضا في كانون الثاني (يناير)، من أن نيويورك تخاطر بفقدان وضع "عاصمة العالم المالية" خلال عشر سنوات. وكانت المشكلتان الأوليان اللتان استشهد بهما التقرير هما المغالاة في التنظيم والخوف من المقاضاة، لكن المشكلة الثالثة كانت "قيود الهجرة الأمريكية التي تحول دون قدوم العمال ذوي المهارات العالية".
ويمكن أن يكون مجيء رجال الأعمال الأجانب إلى الولايات المتحدة لحضور اجتماعات تعقد لمرة واحدة مشكلة، كما أن تأشيرات العمل طويلة الأجل قضية أكبر. فقد نسب إلى مسؤول تنفيذي في مجال الخدمات المالية قوله شاكياً: "استخدام الموهوبين في بريطانيا أسهل بكثير – لم أستطع أن استخدم الفريق الذي أحتاج إليه في الولايات المتحدة ولن أكلف نفسي عناء المحاولة".
ويقول تقرير "ماكينزي" إن "وول ستريت" ما تزال أفضل مكان للعثور فيه على المواهب، لكن المركز المالي في لندن يلحق بالركب حين يستفيد من مزايا حرية انتقال العمال داخل الاتحاد الأوروبي وحقيقة أن بريطانيا ليس لديها حدّ حصص بالنسبة لتأشيرات العمل، حتى بالنسبة لغير الأوروبيين.
وفي شهادة أمام الكونجرس هذا الشهر، قال بيل جيتس من "مايكروسوفت"، إن شركات الكمبيوتر الأمريكية تعاني أيضاً من نقص شديد في المهارات وإن "سياسات الهجرة في الولايات المتحدة تبعد أفضل الناس وألمعهم، وبالتحديد حين نكون في أمس الحاجة لهم".
ويرى جيتس سلسلة متشابكة من المشكلات. ويوجد الآن نسبة أصغر من الطلاب الأجانب الذين يدرسون في الجامعات الأمريكية. ويعود ذلك إلى حد ما، إلى وجود صعوبة كبيرة أمام الخريجين الأجانب في الحصول على عمل في الولايات المتحدة بعد تخرجهم.
في 2001 أصدرت الولايات المتحدة 200 ألف تأشيره فئة IB- H للعمال ذوي المهارات العالية. وتقلص هذا الرقم حالياً إلى نحو 60 ألفاً في السنة. وتم الوعد بزيادة كبيرة إذا تمت إجازة قانون جديد للهجرة. لكن في الوقت الحالي يشكو جيتس من أن الشركات الأمريكية تنقل أعمال البحث والتطوير إلى الخارج.
إن تقديم وجه غير مرحب بالآخرين للعالم يحمل في طياته تبعات سياسية واقتصادية أيضا. فالاستطلاعات تظهر بشكل منتظم أن الأجانب الذين زاروا الولايات المتحدة بالفعل يحملون انطباعاً أكثر إطراء لها. وذكر التقرير نفسه الذي كشف الخوف من إجراءات الهجرة الأمريكية أن 72 في المائة من الزوار عاشوا تجربة "عظيمة" داخل الولايات المتحدة.
والخبر الجيد بالنسبة للولايات المتحدة هو أن الضرر هامشي حتى الآن. فالجامعات والبنوك الاستثمارية وشركات الكمبيوتر ما تزال قائدة العالم بشكل واضح. وأظهرت الحكومة الأمريكية أنها حريصة على تحسين إجراءات الهجرة. ففي 2006 ارتفع العدد السنوي لتأشيرات الطلاب للولايات المتحدة، بعد انخفاض امتد لبعض السنوات. وارتفع أيضاً عدد تأشيرات العمل. وتقلصت فترة الانتظار للحصول على مقابلة من أجل التأشيرة في الهند إلى بضعة أيام. ويزداد عدد السياح أيضا مرة أخرى، ولا بد من القيام بالمزيد. لكن هناك، على الأقل، إدراكا للمشكلة.
وبالنسبة لي، عندما أكون في واشنطن في الأسبوع المقبل، (بإذن الله)، سأحرص على تثقيف الناس الذين قد يحصلون ذات يوم على وظائف حكومية عالية. وعلى أية حال، سأفعل هذا لأسباب مهنية. لكن لدي أيضا دافعاً خفياً، فقد يقوم أحد أصدقائي ذات يوم بشطب اسمي من قائمة الخاضعين لمراقبة مسؤولي الهجرة.
http://www.aleqtisadiah.com/news.php?do=show&id=69471