أشادت صحيفة "واشنطن تايمز" في أيلول (سبتمبر) الماضي ببرنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للابتعاث إلى الولايات المتحدة، قائلة إن البرنامج الذي يستفيد منه 15 ألف طالب سعودي يعد الأكبر من نوعه ويسهم في دعم العلاقات بين البلدين وهو وسيلة لبناء علاقات قوية مع المجتمع السعودي. وأكدت الصحيفة أن السعودية بهذه الخطوة تهدف إلى دعم الفرص التعليمية الجامعية للخريجين، وأن هذا العدد الكبير من الطلاب المبتعثين سيقفز بالتعليم السعودي إلى الأمام قفزة عالية. نرى على الجانب الآخر شكوى من الطلاب المقبولين مبدئيا في برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، وذلك برسائل وصلت لي عن طريق البريد الإلكتروني، يشرحون فيه تعرضهم لبعض الإشكالات مع وزارة التعليم العالي!
مما اعتبرته مبالغة في الطرح أو شكوى غير دقيقة، وعند محاولتي للدخول إلى موقع وزارة التعليم العالي عجزت تماما في الوصول إلى معلومة كاملة للبرنامج، بل الغريب أن كل "الوصلات" التي تتعلق بها محجوبة من مدينة الملك عبد العزيز. والشكوى تتعلق بتأخير إعلان القوائم النهائية لأسماء المقبولين 41 ألف طالب لبرنامج خادم الحرمين للابتعاث الخارجي، حيث حددت الوزارة أيلول (سبتمبر) الماضي موعدا لإعلان الأسماء النهائية، ونحن اليوم في نهاية كانون الأول (ديسمبر) 2006 م، ولم يتم الإعلان أو التصريح بشيء رسمي من قبل الوزارة، بل التصريحات الصحافية إلى الآن متضاربة ما بين وكيل الوزارة للشؤون الثقافية وبين مدير قسم الحاسب الآلي في الوزارة، وأخيرا يقول وزير التعليم العالي إن التأخير عادي! ولو افترضنا أن هناك أسبابا منطقية للتأخير، فيجب على وزارة التعليم الأخذ في الحسبان الضرر الكبير على الطلاب وذلك للأسباب التالية:
أولا: إن المقبولين من طلاب الدراسات العليا الماجستير والدكتوراه أغلبهم مرتبطون بوظائف سواء في قطاع خاص أو عام, ويتطلب الأمر تبليغ العمل باستقالتهم قبل فترة من ترك العمل، وكذلك لديهم عوائل ويريدون ترتيب أوضاعهم العائلية والوظيفية.
ثانيا: لديهم إيجارات والتزامات مالية، ومنذ ربيع الآخر 1427ه لا يستطيعون تحديد وضعهم والإقدام على أي خطوة قد تكلفهم الكثير.
ثالثا: إن نظام الوزارة لا يقبل الطلاب الخريجين من البكالوريوس والموظفين في القطاع الخاص أو العام بالبعثة، لذلك رفض الكثيرون الوظائف على أمل ألا تذهب عليه البعثة، وهناك كذلك خريجو الثانوية العامة لم يتقدم أكثرهم للجامعات حتى يتم ابتعاثه, لأن من ضمن الشروط ألا يكون الطالب في جامعة! وقد أوشك الفصل الدراسي الأول على الانتهاء!
رابعا: الكثير منهم حصل على قبول من جامعات خارجية لأن الوزارة اشترطت أن يكون الطالب لديه قبول، ثم غيرت قرارها وأنشأت مركزا للقبول, وصرحوا بأن القبول لدى الجامعات الخارجية عن طريقهم فقط، رغم أن أغلب الطلاب أرسلت لهم قبول وقام الكثيرون بتغيير موعد الدراسة أكثر من مرة، ويمكن تقدير أن تتغير الإجراءات طبقاً لآليات العمل وطبقاً للاتفاقيات التعليمية الخارجية، ولكن الوزارة تسببت في عراقيل مع الطلاب المبتعثين مبدئياً, لأنها أعلنت ضمن الشروط الأولى حصول الطالب على البعثة، وأن يكون لديه قبول من جامعة وفيزا من السفارة، حتى يحصل الطالب علي ضمان مالي لمساعدته في الحصول على قبول وفيزا! وهذا تناقض إجرائي (يمكن العودة إلى موقع الوزارة للتأكد من تناقضهم).
خامساً: الطلاب المقبولون للبعثة في أمريكا يواجهون الأمرين مع السفارة الأمريكية لأن مواعيدها بالشهور وتعقيدات كبيرة ويحتاج هؤلاء الطلاب والطالبات إلى خطابات وضمانات مسبقاً تقدم للسفارة, كما أن الكثير ألغي موعده الذي حصل عليه لأن الوزارة تأخرت في مواعيدها, ولو أعلنت الأسماء سيكون أمام 15 ألف طالب وطالبة مع مرافقيهم أي ما يزيد على 20 ألفا أخذ مواعيد من السفارة الأمريكية ربما لا تنتهي إلا بعد سنة أو أكثر نظرا للزحام والتعقيدات وطول الإجراءات.
معالي وزير التعليم العالي، أبناؤكم الطلاب مستاءؤن من تعامل الوزارة مع هذا الموضوع وكذلك أولياء الأمور، فالإجراءات الوزارية متناقضة تماما في دهاليز الوزارة، حتى وصل الأمر إلى إنشاء منتدى خاص بخدمات المبتعثين اسمه منتدى "مكتمل" يتم تسريب الأسماء النهائية عن طريق هذا المنتدى بحيث يطلبون من الطلاب المقبولين مبدئيا للتسجيل في منتداهم كأعضاء ومن ثم إرسال رقم الطلب لهم بصفتهم مشرفين هناك ليتأكدوا ثم يخبروهم بآخر المعلومات، وقد وصل عدد المسجلين فيه من المبتعثين 3500 طالب وطالبة! هل هذا يعني أن أصحاب المنتدى يخترقون برنامج البعثة في الوزارة ويسربون المعلومات ويبقى الطلاب الآخرون ممن لم يسجلوا في المنتدى آخر من يعلم؟
من المتعارف عليه أن طلب التسجيل في هذا المنتدى هو لجمع أكبر عدد من الأعضاء من أجل أن يغروا المعلنين بعرض إعلاناتهم في منتداهم وخاصة من مكاتب القبول الخاصة التي تقوم بعضها بالإعلان لديهم! وهذه المكاتب توفر قبول الطلاب عن طريق مراسلة الجامعات, والوزارة قد حذرت من هذه المكاتب كما هو في الصفحة الأولى للوزارة، إذن السؤال من يقوم بتسريب أرقام الهواتف يسعى إلى إرسال رسائل خاصة عن خدمات المكاتب للطلاب المتقدمين للبعثات! وقد حدث هذا مع كثير من الطلاب, وكتبت عنه الصحف.
ختاماً يحز في القلوب أن هذا البرنامج الذي أعطى الأمل للكثيرين في مواصلة دراساتهم الجامعية وخاصة أنه باسم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، وبدعم كامل منه لأبنائنا الطلاب الذين سيكونون بمثابة أمل المستقبل للوطن بتخصصاتهم العلمية.
د.عبدالله مرعي بن محفوظ
جريدة الاقتصادية 20/12/2006
منقول