1. «سيدي بشر».. شيخ ومزار وشاطئ لتحقيق الأمنيات


2. اسكندرانيات يفتشن في «البئر» عن ابن الحلال

«سيدي بشر».. شيخ ومزار وشاطئ لتحقيق الأمنيات

اسكندرانيات يفتشن في «البئر» عن ابن الحلال

كثيرا ما تروي الحكايات عن شواطئ الاسكندرية المتعددة وشوارعها وقصص بنائها. حيث يرتبط كل شاطئ من شواطئ عروس البحر المتوسط بحادثة او بشخص. وعلى الرغم من تعدد شواطئ الاسكندرية وتنوع مستوى روادها، إلا ان لشاطئ «سيدي بشر»، الذي يقع في شمال المدينة، خصوصيته التي صنعت شهرته. وبخاصة مع وجود «بير مسعود»، الذي اعتاد الناس إلقاء العملات المعدنية فيه لتحقيق أمانيهم. ينسب شاطئ سيدي بشر الى الشيخ بشر بن الحسين بن محمد بن عبيد الله بن الحسين بن بشر الجوهري. وهو من سلالة آل بشر الذين وفدوا إلى الاسكندرية في أواخر القرن الخامس الهجري مع من جاء من علماء المغرب والأندلس في تلك الفترة التي ظهرت فيها بالإسكندرية مدرستان اسلاميتان اجتذبتا اليهما طلاب العلوم الفقهية؛ وهما المدرسة الصوفية والمدرسة السلفية.
وكان الشيخ بشر الجوهري متصوفا زاهدا اعتزل العالم وأقام في منطقة منعزلة على شاطئ البحر في مدينة الاسكندرية، وهي التي عرفت باسمه فيما بعد. واشتهر بين الناس باسم الشيخ المبروك. ولما توفي عام 528 هجرية، دفن في نفس المكان الذي كان يقيم فيه، وأقام الناس له ضريحا حول قبره. وعندما امتد العمران الى هذه المنطقة أنشأ الاهالي مسجدا حول الضريح في أواخر القرن التاسع عشر. كان قبلة الباحثين عن الهدوء والبركة. جدد المسجد بعدها في عهد الخديوي عباس الثاني، الذي كان من بين المعجبين بسيرة الشيخ بشر، فمد خط سكة حديد إلى المنطقه ليصلي في المسجد صلاة الجمعة من كل اسبوع أثناء قضائه فترة الصيف بالإسكندرية. وفي عام 1945 تم توسعة المسجد وأضيف إليه ما جعل مساحته أربعة أمثال ما كانت عليها. وفي عام 1947 أنشئ أمام المسجد ميدان فسيح وحديقة تجاور شاطئ البحر ليصبح حي سيدي بشر أحد أشهر أحياء الاسكندرية. وشيئا فشيئا أصبح شاطئ سيدي بشر أحد أهم المصايف التي يرتادها المصطافون في مصر منذ فترة الاربعينيات من القرن الماضي، وكان قاصرا في البدء علي طبقة الاغنياء. وبعد قيام ثورة يوليو بدأ المصريون من كافة الطبقات في الاصطياف على هذا الشاطئ حتى هجره الاغنياء الي شواطئ أخرى ليشتهر شاطئ سيدي بشر باسم شاطئ الموظفين.
إلا ان هذا العام شهد شاطئ سيدي بشر تغييرا جذريا، حيث تم تقسيمه الى جزء بالمجان، وآخر خمسة نجوم بعدما اشتري فندق رينيسانس وفندق هيلتون شاطئين وقاما بوضع سور يعوق رؤية الشاطئ. وبذلك تحول شاطئ سيدي بشر الي شاطئ الصفوة الذين يعوم الي جانبهم عامة الشعب في الشواطئ المجانية التي لا يفصلها عنهم سوي سور خشبي رفيع. ومن المعالم الرئيسية في المنطقة بجوار الشاطئ فهناك شارع خالد بن الوليد الذي يعد أشهر شارع تجاري في مدينة الاسكندرية وبه مئات المحلات التي تعمل طوال اليوم في موسم الصيف. وأغلب هذه المحال تبيع ملابس الصيف وأدوات المصيف، كما ان به مجموعة كبيرة من المطاعم التي تقدم أنواعا متعددة ومتفاوتة التكاليف من الاطعمة لتناسب كافة الاذواق والإمكانيات. ومن الآثار التي لا يمكن ان تفوتك عند التنزه على كورنيش سيدي بشر «بير مسعود»، وهو عبارة عن بئر واسعة تكون من ترسبات لصخور جيرية، ويشبه الجرف.
يذكر أن أغلب المترددين على البئر طمعا في تحقيق الأمنيات، هن من النساء والفتيات الصغيرات اللاتي يطمعن في تحقيق أحلامهن التي تتنوع بين الارتباط بمن يحببن والإنجاب والحصول على رضا الزوج ومحبته. الطريف أن هناك بعض الشباب الذين يحرصون على النزول في البئر في مساء كل ليلة لجمع ما ألقي فيه من عملات، حيث لا يتجاوز عمق البئر ثلاثة أمتار. ولا يعرف أحد في الإسكندرية سبب ارتباط البئر بتحقيق الأمنيات. أما حقيقة مسعود الذي تنسب اليه البئر فترويها ثلاث حكايات مختلفة. الاولي تقول إنه كان يعيش في هذه المنطقة منذ بدايات القرن الماضي رجل يُسمى الحاج مسعود وكان رجلا طيبا كثير التصدق على الناس وعندما تُوفى دُفن بالقرب من البئر التي حملت اسمه وأصبح الناس يتباركون بها. الرواية الثانية تقول إن مسعود هذا طفل صغير عاش في منطقة سيدي بشر في القرن الماضي وكان يعاني من المعاملة القاسية لزوجة ابيه. وذات يوم تعرض فيه للكثير من الأذى منها، فترك لها المنزل. وعندما بحثوا عنه عثروا عليه ميتا بالقرب من البئر، فقاموا بدفنه في المكان الذي عثر عليه فيه لتسمى البئر باسمه. أما الرواية الاخيرة فتختلف عن الروايتين السابقتين في الشكل والمضمون، حيث يقال إن مسعود هذا كان تاجر مخدرات عانت الشرطة الكثير منه قبل العثور عليه والإمساك به. وفي احدى المطاردات بينه وبين الشرطة نجحت في قتله بالقرب من بئر مسعود، حيث سقط بداخله بعد إطلاق النار عليه، وعندما نزلت الشرطة لاستخراج جثته لم يجدوها بعد ان جرفته مياه البحر عبر النفق الموجود أسفل البئر.