- الثلاثاء حديثاً
- السوق وموارده
- داخل السوق
- باعة السمن
- (الأجنحة الشاملة)
- (النباتات العطرية)
- (جناح الخبز)
- (السلاسل والخناجر والحديد)
- (القطران)
- (قيمة سياحية)
يقدم سوق "الثلاثاء" التاريخي الشهير نفسه كفعالية ثابتة على مدى ربع قرن من فعاليات عسير، ومعلماً اجتماعياً تدور فيه لقاءات الود والمصالحة والتعارف والتقارب ومركزاً إعلامياً مهماً تُعرف فيه قديماً أخبار الأمطار والحصاد والحلال وله قيمة تاريخية تعود إلى أربعة قرون.
سوق الثلاثاء وسط (أبها) مقصد السائح والمصطاف الباحث عن المصنوعات القديمة كالفخار والحديد والملابس والحلي والسمن والعسل والنباتات والزهور العطرية.
يعتبر سوق الثلاثاء رقماً هاماً في سياحة منطقة عسير، فسوق الثلاثاء الذي يتوسط ابها هو واسطة عقدها التاريخي والاجتماعي قديماً عندما كان يعرف باسم سوق (غيثاء) ثم سوق ابن مدحان واخيراً سوق الثلاثاء وكان للسوق دور اجتماعي يلتقي فيه ابناء القبائل في سلسلة جبال السراة وتهائمها من زهران الى ظهران على رأي (الهمداني) لتبادل اخبار الزراعة والرعي والتجارة واخبار الغزوات والخوف والامن واحداث الزمان.. الخ، وكان لسوق الثلاثاء دور إعلامي فيه يجري تبادل الاخبار وتعلن خلاله التوجيهات القبلية والاقليمية بل واقامة المواعظ والندوات والنصح والارشاد وطلب الاغاثة والمعونة والنجدة ونشر الجديد عن طريق منبر يتوسط السوق يقوم عليه متخصص يسمونه (المنوه) من التنويه والاشارة والتعميم وقد عرف هذا السوق بقواعد امنية شرعية بعضها وغيرها عرفية على مر عصوره بل ان احدى وثائقه تشير الى ان له (قاعدة) هكذا يسمونها عسير وهي حجة او صك تحمل توقيعات 120كفيلاً او قبيلاً يمثلون 120قبيلة تؤكد على ان الاعتداء فيه او احداث الخصومات او الاخلال بأمنه وسيره يعتبر اعتداء على آل ( 120قبيلة) وجميعها تطالب المخطئ وقبيلته للاذعان للجزاءات والروادع ويتقدم هؤلاء الكفلاء او القبلاء (بضم القاف) وتعني من يقابل المشاكل ويسهم في نزع فتيلها شيخ شمل (قبيلة بني مغيد وبني نمار) وهي القبيلة التي تعتبر ابها وسوقها جزءاً منها بل ومن العرف تواجد هيئة امنية تقف في السوق من صباحه وحتى انقضاء يومه تمثل ابناء هذه القبيلة واعيانها وزيادة على ذلك فإن هذه الحماية تمتد لتشمل حماية طرق المتسوقين وقاصديه منه واليه.
الثلاثاء حديثاً
بثاقب بصيرة المسؤول الذي كان يسعى الى تأصيل السياحة لتكون صناعة لا خيار غيرها لأبناء منطقة غير صناعية وغير تصديرية اللهم إلا هذه السلعة الهامة في عرف صناع السياحة التُفت إلى هذا السوق باعتباره قيمة تراثية سياحية له ما يمكنه من اسباب الجذب للسائح والمصطاف فكان ان قرر نقله من موقعه القديم المجاور لقصر شدا التاريخي الى مكان جيد يجاور معلم آخر لا يقل عنه اهمية وهي قرية المفتاحة التشكيلية التي تجاوزت بعد ذلك دورها في الفرشة واللون الى مركز الملك فهد الثقافي الشامل لاغلب الفنون فكان السوق بموقعه الجديد الذي دشنه صاحب السمو الملكي أمير منطقة عسير الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز يوم الثلاثاء7/6/1416ه ، جملة فنية تراثية اقتصادية بأجنحته المتخصصة مكملاً لدور قرية المفتاحة او مركز الملك فهد الثقافي.
السوق وموارده
كان ولا يزال هذا السوق هو الاكبر والاشهر في جبال السروات وتهائمها وتحديداً من الطائف شمالاً وحتى نجران وحدود اليمن مع المملكة حيث كانت تأتيه البضائع من افريقيا عن طريق ميناء عدن ومن آسيا ومن الهند وغيرها عن طريق عمان واليمن وجازان في حين تصله واردات الحجاز عن طريق الطائف وتربه عبر الجبال او عن طريق سهول الساحل اما بضائع نجد والاحساء فكانت طريقه اليه السليل ووادي الدواسر وبيشة وكل هذه الشرايين الواردة هي التي كانت تحمل صادراته لتلك البلدان وفي مقدمتها السمن بنوعيه (البقر والغنم) والعسل بأنواعه الشهيرة المسجلة تاريخياً لهذه الجبال وسهولها التهامية الغنية بآلاف الانواع من الزهور وفي مقدمتها (عسل الشوكة وعسل السدرة وعسل المجرى وعسل القرض) اضافة الى تصدير الحبوب بأنواعها وسلالات من الاغنام تعرف بالماعز الجبلي (شبيه الغزلان) والابقار والجمال والاخشاب وبعض النباتات العطرية والاعشاب الطبية بل ان بلدة (رجال) الشهيرة في تهامة عسير كان بها مصبغة لزخرفة الاقمشة الخام الذي يعاد تصديره منها او من سوق الثلاثاء في ابها.
داخل السوق
دخلت "الرياض" هذا السوق وزارت اجنحته واروقته التي يغلب عليها طابع التخصص والندرة وللوهلة الاولى ادركنا انه من الصعب ان نختزل الثلاثاء كسوق سياحي تراثي في هذه المساحة الضيقة. حيث التقينا بداية بالسيد زايد بن عيسى الالمعي قائلاً: انه من رواد هذا السوق حيث يسوق العسل بأنواعه من انتاجه في منحله الخاص الذي قدر عدد خلاياه ب ( 500 خلية) تعطي انتاجية نسبية تبعاً لهطول الامطار ومواسم الزهور ويذكر ان اسعاره تخضع للعرض والطلب الذي قد يصعد الى 3000ريال للصفيحة او الربعية زنة ( 8كيلو غرامات) وقد ينزل السعر الى 800ريال عند زيادة العرض إلا انه يؤكد انها مصدر لعيشه ونفقة اسرته لكنه طالب مع عدد من زملائه بدعم محترفي تربية النحل اسوة بمربي الماشية ومنتجي الحبوب والتمور وغيرهم مع توفير الحماية لهم من العمالة الدخيلة على الحرفة وحمايتهم من اغراق الاسواق المجاورة لبضاعتهم عن طريق التصدير غير الشرعي.
باعة السمن
وهو جناح متداخل مع السوق عن طريق مجموعة من مشاهير شرائه وبيعه ومنهم احمد علي صالح الشهراني الذي يعرض بضاعة السمن البلدي ولا غيرها في محله مثله مثل بقية جيرانه حيث يقول ان الاقبال على بضاعته تنحصر في السعوديين وخاصة سكان منطقة نجد اللذين يسمونه (دهن) والشمال وسكان منطقة عسير وبعض اهل الحجاز والخليجيين حيث يحرصون على النوعيات الجيدة من سمن البقر او سمن الغنم مؤكداً ان الجيد يصل الكيلو غرام منه الى 100ريال وانه يأتي من ارياف منطقته عسير ورجال المع وتنومة والنماص وسراة عبيدة وظهران الجنوب وغيرها.
(الأجنحة الشاملة)
وهي مجموعة من الدكاكين متنوعة البضائع يقوم عليها بيعاً وشراء النساء والتي تحوي بضائع الملابس النسائية كالثياب المشغولة والمعروفة ب (العسيري) والشيال والمناديل والبخور والعطريات وحلي الفضة وتنانير الخبز ومفردها (تنور) حتى البيض البلدي الذي يباع لجودته بالحبة والتي تقول عنه أم محمد إن قيمة الحبة ريال واحد وتؤكد أنها وزميلاتها في السوق يعملن منذ عقود وأن فيه الخير الوفير الذي مكنهن من تربية أبنائهن وبناتهن وأمن لهن بعد الله المستقبل الطيب وقد أوضحن أن في معروضاتهن ماهو بلدي وماهو مستورد لكنني لمست أن لهؤلاء المستثمرات عمالة وافدة قد يسحبن البساط عليهن وتحديداً من بنات إندونيسيا بل وعمالة رجالية بنغالية حيث لمسنا أن هذين العنصرين تحولا إلى الواجهة في الأخذ والرد مع مرتادي السوق.
(النباتات العطرية)
والطريف في هذا الجناح أن تجد فيه أحواضاً أو شتلات داخل علب الصفيح المتنوع تباع جاهزة للزراعة لنساء عسير حيث تحرص المرأة في هذه المنطقة وفق أم أحمد (بائعة نباتات عطرية) على تزيين شرفات منزلها وردهاته بأكبر قدر ممكن من هذه النباتات التي تبث الروائح الزكية حيث ووفق هؤلاء البائعات تتزين المرأة العسيرية بها وتوزعها داخل الديوانيات وغرف النوم كتقليد متبع يتوارثنه منذ القدم من أمهاتهم بل إن للرجال نصيباً من هذه النباتات وهو ما يسمونه بالعصايب حيث يطوقن ويزين البادية شعور رؤوسهم بها ومن هذه الأنواع الريحان والنعناع والوزاب والبعيثران والشيح والكادي والبرك بل حتى نبات الشار والصبار.... إلخ.
(جناح الخبز)
يفدن إلى سوق الثلاثاء بائعات استيقظن من قبل الفجر بعد تهيئة بضاعتهن عجيناً منذ بدايات المساء وذلك ليقمن بإعداد الخبز المتنوع فإحداهن تعرض خبز البر والقمح بنوعيه (خمير أو حالي) وأخرى تعرض خبز الشعير وثالثة تعرض خبز الذرة وحتى خبز الدخن والسمسم حيث تتراوح أسعار هذه الأقراص بين 5- 10ريالات للرغيف أو القرص الواحد بل إن هؤلاء النسوة برعن ثقافة في فوائد وقيمة كل نوع غذائياً أو صحياً.
(السلاسل والخناجر والحديد)
يجمع جلابة من العارضين المحترفين الذين يجلبون أنواع السلاح الأبيض من عمان واليمن ونجران وعسير وغيرها وبحرفية عالية يعطون المتسوق أنواع وجودة كل بضاعة وقد شاهدنا أن بين أولئك من يعرضون مصنوعات الحديد التي تخدم الطبخ أو الفلاحة أو قص الغابات والثمار حيث تشتهر أعداد من عوائل المنطقة بهذه الحرفة.
(القطران)
يقول محمد يحي إن هذه المادة تستخلص من أشجار معينة ولها منتجون نعرفهم جيداً يسمون أماكن إنتاجهم (مواقد) ويذكر أنهم يبيعون نوعين هما:
القطران وسمن القطران أو الصفوة ويضيف أن زبائنهم من مربي الماشية وبالذات الإبل حيث تستخدم هذه المواد لتطهير الإبل والأغنام وغيرها وأهل المناحل بل إنه يدخل في وصفه بعض أهل الطب العربي والبعض يستخدمه لتطهير الحظائر ودورات المياه.
ولو استعرضنا بقية أجنحة هذا السوق لاحتجنا لعدة حلقات بل هناك من مررنا عليهم مروراً كأجنحة الحبوب والتمور والزبيب والطيور ومنتجات اليمن وتركيا وسوريا وأجنحة الفلاحة وأدواتها وأجنحة عباءات الشتاء..الخ.
(قيمة سياحية)
في ختام الجولة التقت "الرياض" بصاحب السمو الملكي نائب أمير منطقة عسير ( في حينه ) ورئيس مجلس التنمية السياحية الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز الذي كان له بصمات واضحة على برامج صيف العام الماضي وشتاء هذا العام حيث قال إن هذا السوق بما يحتويه من موروث اجتماعي واقتصادي يعتبر قيمة سياحية هامة ولذلك فنحن حريصون على تطويره قريباً وفق مخطط إنموذجي شامل لمنطقة وسط أبها ليكون سوقاً شعبياً متكاملاً ومتخصصاً في كل ما يجذب السائح والمصطاف وتحويله إلى أجنحة وأقسام تسعد زائره بأنه أصبح أكثر خصوصية بعد تنقيته من بعض المناشط التي قد تكون نشازاً في وسطه وتقديم الخدمات الإرشادية والتعريفية والتثقيفية على غيرها من الأغراض الأخرى والمواءمة بين كل ذلك وبين المصالح الربحية التي تدر دخلاً لأصحاب هذه المحلات التراثية.
منقول بتصرف من موقع جريدة الرياض ..