- نسبه :
- تعليمه :
- أعماله :
- مكانته الاجتماعية .
- مآثره الوطنية :
- وفاته :
حارة العمارية والشيخ علي بن ناصر العماري
قبل أن نبدأ بتاريخ حارة العمارية يجب أن نتناول سيرة الرجل الذي تسمت الحارة على إسمه وقصة ذلك بالتفصيل .
نسبه :
هو الشيخ علي بن ناصر بن محمد بن سليمان بن راشد بن عبدالله بن عمار، جده الأعلى عمار من الاساعدة من قبيلة هوازن العدنانية الذين هاجروا من وادي ارهاط في الحجاز في نهاية القرن الحادي عشر الهجري الى بلدة بقعاء التابعة لمدينة حائل، ثم انتقل جده عمار وابنه عبدالله الى الرس في حدود عام 1120ه تقريباً، ثم انتقل جده راشد الى عنيزة لطلب الرزق في النصف الاول من القرن الثالث عشر تقريباً «1210ه».
مولده :ولد الشيخ علي بن ناصر العماري في عنيزة عام 1280ه.
تعليمه :
في سن السابعة دخل الكتاتيب في عنيزة فتعلم القراءة والكتابة والحساب، وكان العلماء المتوافرون في زمنه كل من الشيخ علي المحمد الراشد وعلي السالم الجليدان وعلي المحمد السناني وغيرهم.
في عام 1300ه انتقل هو واخوه صالح العماري الى عسفان قرية تقع شمال جدة وتبعد عنها بمسافة 40 كيلو متر تقريبا ، ثم انتقلا الى مدينة جدة، اما صالح ففي عام 1330ه انتقل الى الاردن وسكن منطقة عجلون، وتوفي بها، اما المترجم له علي فقد انتقل الى جدة واستقر بها، وسكن في حي من احيائها سمي على اسم حمولته «العمارية» ولم يزل هذا الاسم لأكبر حي من احياء مدينة جدة حتى يومنا هذا، وقد قام ببناء قصر من الخرسانة والحديد والاسمنت من قديم ويعتبر من اول من بنى بناءً مسلحاً في جدة «حي العمارية» وقد سماه رحمه الله بالقصر الاخضر، وسكنه المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود فترة من الزمن
أعماله :
بدأ عمله بالتجارة وذاع صيته ايام الاتراك والاشراف وصار من تجار مدينة جدة الكبار يقصده الناس من كل حدب وصوب، وقد وصلت تجارته الى كل من العراق والشام والبحرين والكويت وايران والهند، وكان يساعد الناس بالقروض لتنمية مواردهم، وكان من رجال الملك عبدالعزيز البارزين حيث ولاه الملك مناصب متعددة بالدولة مثل قائم مقام مدينة جدة، ومدير للجمارك ومدير للمالية فيها، وكان ذلك في بداية تأسيس الدولة السعودية. له مواقف وطنية بارزة اثنى عليها واشاد بها الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله كما كان يكلفه الملك بعدد من المهام التي تحتاج لها الدولة، وكان له مكانة مرموقة بين الناس، وكان كريماً حيث ان الكرم من سجايا العرب المحمودة قديماً وحديثاً واشتهر بالجود في عهد ضيق ذات اليد عند الناس في ذلك الوقت، والكرم صفة تلازمه منذ بداية حياته.
مكانته الاجتماعية .
كان رحمة الله عليه وجهاً من وجوه المجتمع في الجزيرة العربية كلها، وكان صاحب رأي ومعرفة وتجربة وله جاه لرأيه وخبرته، وكانت تأتيه عدد كبير من المراسلات من الاتراك والاشراف ومن حكام بلدة سوق الشيوخ الذين هم ابناء عمه «علي» الذين حكموا هذه البلدة من تاريخ 1300ه وانتهى حكمهم بوفاة آخرهم «ابراهيم العبدالله العماري» في عام 1350ه «وقد ذكرهم السياسي والمؤرخ سليمان الدخيل في بحوثه عن نجد في مجلة لغة العرب البغدادية 1329ه» لأنه محل ثقة كبيرة عندهم وعند كثير من الحكام قبل توحيد المملكة، مما جعله مستهدفاً من الاشراف والاتراك تحديداً لتمكين حكمهم بالحجاز! لأنه أبى ورفض الا ان يحالف الحق واهله من آل سعود لقيام دولة الاسلام السلفية، وكان بينه وبين الملك عبدالعزيز صلات ومراسلات كثيرة منها رسالة يبشره فيها بفتح المدينة المنورة على يد ابنه الأمير محمد عام 1344ه.
مآثره الوطنية :
ومن مآثره في مجال النخوة والمروءة ما حررته جريدة المدينة بتاريخ 28/8/1422ه مقالاً عنوانه «الشيخ ابراهيم محمد الحسون يتذكر» «مواطن بطل حريق البنزين في جدة، وحريق باخرة الحجاج اليمنيين آسيا»، يقول الشيخ الحسون: «قاد عملية الانقاذ فيها بحصافة وحكمة وإخلاص مواطن سعودي وهو نائب قائم مقام جدة علي العماري، والقصة هي: احتراق الباخرة آسيا على بعد عدة كيلومترات من جدة في العشرينيات من شهر ذي الحجة 1347ه كانت الباخرة تهم بالسير متجهة الى عدن وعليها العديد من حجاج ذلك العام هنود ويمنيون وهم الاكثرية، وفجأة شب فيها الحريق فاشتعلت بصورة مفاجئة ويبدو ان وسائل الاطفاء فيها لم تكن على المستوى المطلوب بدليل ان عجزت عن مكافحة النار واطفائها واذا كان ميناء جدة في تلك الليلة تحيط به العشرات من السفن المنتظرة لعودة الحجاج فقد اسرعت تلك السفن بالابتعاد عن السفينة ولشدة الوهج ولهب النيران لم تستطع اية سفينة بأن تقوم بأية مساعدة!! للسفينة المنكوبة، كنا في الكرنتينا في جدة نشاهد النيران وكأننا في وضح النهار وأسرعت الزوارق «اللنشات» التي كانت متوفرة آنذاك في الميناء كما اسرع العديد من السفن الشراعية «السنابيك» الذين هب اصحابها بدافع النخوة الى الاسراع الى حيث توجد تلك السفينة لانقاذ مايمكن انقاذه وفعلاً تمكنوا من انقاذ العشرات من جوف هذه الباخرة بطريقة لا أعرف كيف توصلوا اليها، ولكني اعرف انه لم تمض قرابة العشر ساعات على توجه هذه السفن والزوارق حتى اصبح بعضها يصل الينا تباعاً في الكرنتينا الواحدة تلو الأخرى وعلى كل منها مجموعة من الحجاج واكثرهم يمنيون واغلبهم عراة.
كان نائب قائم مقام جدة هو المرحوم علي العماري وهو رجل شهم ابرز في هذه الحادثة من بعد النظر والحزم والاحتراز ما كان سبباً بعد مشيئة الله في انقاذ المئات من هؤلاء الذين كادوا يفقدون جميعاً، ذلك انه بمجرد ان بدأ الحريق احضر بصفة مستعجلة اكثر من عشرين خياطاً بمكائنهم الى الكرنتينا على ساحل البحر كما احضر العديد من «طيق» القماش من عمر عبدالبديع اليافي ومن انيس السادات وغيرهما من تجار الاقمشة كلفهم بفتح الدكاكين وتسليم القماش على حساب الحكومة فكان الحاج يقف امام الخياط وبعد نصف ساعة يكون قد ستر عورته ونتيجة لذلك كانت الخسائر ضئيلة بحيث لاتكاد تذكر اذ لم يتجاوز عدد الضحايا بين عشرة الى عشرين.
بعدها بأربع سنوات على ما اذكر حدث حريق مريع في مدينة جدة لايقل خطراً وعنفاً عن حريق الباخرة ولكن في هذه المرة كان على اليابسة لا البحر وقصة ذلك ان الدولة كان تموينها من البنزين يأتي من الخارج في صناديق من الخشب كل صندوق فيه اربع صفائح تنك مغلقة وكان موضع حفظ هذه الكميات الهائلة يقع على بعد مئة متر جنوب مقبرة الاسد التي تقع على بعد نحو ثلاثمائة متر من باب مكة متجهة الى الشرق ولازالت قائمة وعلى بعد نحو ثلاثين متراً جنوب هذا المكان تبدأ عشش مساكن اليمنيين والتكارنة الموجودين خارج جدة الى الجنوب، ويعرف بحي الهنداوية، وهذه العشش تنتشر على مساحة من الارض لاتقل عن 4 كم مربعة على اقل تقدير كان الوقت ظهرا وكان الصيف حارا، وقد شب حريق في اقصى عشة جنوباً وبما ان هذه العشش متداخلة وهي من سرعة التهابها فضلاً عن حرارة الجو لاتقل عن احتراق مادة البنزين وكانت الرياح في تلك اللحظات تتجه من الجنوب الى الشمال وماهي الا ساعات قليلة حتى اصبح جنوب جدة اشبه بجدار من ذهب ومرة اخرى تبرز شهامة وجرأة وحكمة هذا الرجل علي العماري فبمجرد ان شاهد الحريق بأقصى الجنوب اسرع بنفسه راكضاً يصرخ بأعلى صوته طالباً من كل من يقابله من جنود ومواطنين ان يهرع الى حيث صناديق البنزين لينقل منها ما يستطيع الى الثكنة العسكرية الموجودة الآن في ميدان البيعة القشلة، وماهي الا لحظات حتى انطلقت حشود من الناس تحمل الصناديق بشكل يكاد يكون هستيرياً لأن الخطر على قاب قوسين او ادنى وقد بلغني في ذلك الوقت ان الكثير من سكان جدة خاصة مما يلي باب شريف من الجنوب قد اخذوا يتركون منازلهم خوفاً من امتداد الحريق اليها اذ ان دخان الحريق كان يصل اليهم بفعل الرياح التي كانت تدفعه كان موقفاً مخيفاً ورهيباً الى ابعد الحدود، وكان اولئك الابطال الذين ضحوا بأنفسهم وتكبدوا العناء في نقل الصناديق قد نقلوا ما لايقل عن ثلاثة ارباع الموجود منها وفجأة تصرف إرادة الله الريح من الشمال الى الجنوب اي ان الريح ارتدت الى الجنوب بعد ان كانت تأتي منها وبذلك هدأت النفوس وسلمت المدينة من خطر محقق كاد يكون كارثة لولا لطف الله عز وجل. وكان يحب مسقط رأسه عنيزة ساهم في تجميلها فقد ذكر صالح محمد القاضي بعنوان «اخبار من عنيزة بجريدة الجزيرة بتاريخ 2/9/1389ه العدد 269 بقوله «يجري العمل في تسوير مقابر مدينة عنيزة على نفقة المحسن الكبير المواطن علي ناصر العماري، وقام بتسوير ارض له تقع في وسط عنيزة وقام بتسليمها لنادي العربي بعنيزة وله مواقف كثيرة يستحيل جمعها.
وفاته :
توفي الشيخ علي بن ناصر العماري رحمه الله في 22/9/1394ه عن عمر يقارب مئة وخمس عشرة سنة، رحمه الله رحمة واسعة، هذه نبذة يسيرة للشيخ علي بن ناصر العماري احد الاعلام المميزين في تاريخ هذه البلاد الطاهرة، والا فالشيخ علي يستحق ان يفرد له كتاب تخليداً لذكراه، رحمه الله.