- سوقماركاتو
- مشاكلالإسكان
- ومشاكلالصحة
- الإسلامفي إثيوبيا
- جامعأنور
- صحيفةالعلم العربية
بقيتالهضبة الإثيوبية في عزلة عن العالم قرونا عديدة بسبب موقعها الجغرافي الذي لميجرؤ على اختراقه إلا القليلون، وهي ذات مساحة شاسعة تقع عند ما يسمى بالقرنالإفريقي، لا تبعد عن خط الاستواء إلا قليلا، مما يجعلها تجمع بين اعتدال الجووالشمس الساطعة معظم أيام السنة، وهي بلاد ذات تاريخ مشهود موغل في القدم، تحتضنشعوبا وقبائل مختلفة الأعراق واللغات والديانات، فالإسلام والمسيحية يعيشان معاإلى جانب عدد آخر من الديانات الإفريقية المختلفة.
مدينةأديس أبابا والتي تعني باللغة الأمهرية "الزهرة الجديدة" هي عاصمةإثيوبيا مدينة حديثة لا يتجاوز عمرها مائة وعشر سنوات، وهي تقع على ارتفاع 2400متر عن سطح البحر، وتتمتع بجو يعد من أجمل الأجواء في العالم إذ لا ترتفع درجةالحرارة في الصيف عن 27 درجة مئوية ولا تنخفض في الشتاء عن 7 درجات مئوية،والمدينة تحيط بها التلال من جميع جهاتها، وقد بنيت وفقا للاعتقاد الإثيوبي القديمالذي كان سائدا آنذاك في بناء المدن على مثل هذه المواقع الجغرافية، من أجلالأغراض الدفاعية، وقد جاء بناء مدينة أديس أبابا في ظل ظروف تاريخية فريدة، فقدارتبط بناؤها ارتباطا وثيقا بعقلية وحياة ملوك وأباطرة إثيوبيا السابقين الذينكانت علاقتهم تتسم بالمنافسة والعداء الشديدين، فلم تكن لإثيوبيا قبل عام 1887عاصمة أو مقر دائم للحكومة، إذ كانت عواصمها تتغير تبعا لتغير الملوك والرؤساء،وكان اختيار المدينة التي تكون عاصمة يعتمد على الملك أو الرئيس الذي يعد قاهرا أوغالبا في حربه ضد الملوك الآخرين.
لقد وقعاختيار الإمبراطور منليك الثاني الذي حكم إثيوبيا سنة 1887 على أديس أبابا لتكونعاصمة لبلاده ومنطلقا لإعادة توحيد إثيوبيا المقسمة والمجزأة، وكما هي العادة فيالتقاليد الإثيوبية في بناء المدن فقد بدأ منليك الثاني ببناء قصره على ربوة عاليةمحاطا بسور منيع وأبراج للحراسة ثم بيوت أفراد أسرته وحاشيته، ومعسكرات جيشه، وقدلعبت الكنائس والكاتدرائيات دورا مميزا في بناء المدينة، فقد قامت الإمبراطورةطايتو زوجة منليك الثاني ببناء كنيسة في شمال أديس أبابا تكريما للعذراء المقدسة،ثم بنى الإمبراطور نفسه كنيسة أخرى تكريما للقديس راجونيل، ثم توالى بناء القصوروالمنازل والعمارات السكنية في الأراضي المجاورة لينابيع المياه المعدنيةالحارة التي تكثر في هذه المنطقة، وقد تهيأت ظروف مناسبة للطبقات الحاكمةوالأرستقراطية والأغنياء أن يمتلكوا أراضي شاسعة فبدأوا في بناء البيوت والعماراتالسكنية لغرض التأجير، فارتفع سعر المتر المربع من الأرض إلى أثمان عالية وتبعالذلك ارتفعت إيجارات البيوت.
ومنالمعروف أن المدن الكبيرة والعواصم مناطق جذب للسكان طمعا للكسب والثراء، ففي غضونسنوات قليلة أصبحت أديس أبابا من أكبر المدن الإثيوبية قاطبة، ومدينة عصرية تعدأكبر حجما وأكثر سكانا من كثير من عواصم إفريقيا التي سبقتها، فقد وصل عدد سكانأديس أبابا طبقا لآخر الإحصاءات 2,5 مليون نسمة وبكثافة 104 أشخاص في الهكتارالواحد، ومعدل نمو يصل إلى أكثر من 6%.
حدثناالمهندس سلمون دسفاي مدير التخطيط في بلدية مدينة أديس أبابا عن الخطط الخمسيةالتي اعتمدتها الحكومة الإثيوبية للارتقاء بمدينة أديس أبابا قائلا:
لقد وضعالمجلس البلدي لمدينة أديس أبابا خطة خمسية طموحا للارتقاء بالعاصمة والوصول بهاإلى مصاف الدول المتقدمة، فقد اعتمدنا في تخطيطنا للمباني السكنية على البناءالرأسي لأنه يختصر المساحة، كما يقلل من تكلفة الخدمات من شوارع وإضاءة ومجار صحيةوشبكة مياه وغيرها من خدمات، كما أننا لم ننس في خططنا ترك مساحات من الأرض الفضاءبين العمارات السكنية كي تستخدم كحدائق ومنتزهات أو مساحات شعبية، ولا يخفى أن هذهالساحات تعد متنفسا للمدينة، وكذلك خصصنا مساحات من الأرض لبناء المدارسوالمستوصفات والخدمات الأخرى. وأضاف المهندس سلمون دسفاي قائلا: لقد قدمت بعضالبنوك الإثيوبية قروضا مالية وبفائدة زهيدة للموظفين أو الأهالي الذين يرغبونالاشتراك في إقامة مبنى سكني متعدد الأدوار لاستغلاله كسكن خاص.
كما أننالا نمانع في أن يستثمر التجار من البلاد المجاورة وحتى الدول العربية الغنية فيخطة الإسكان، وأن يقوموا ببناء المشاريع الإسكانية وتأجيرها، وكانت أولى هذهالخطوات هي السماح لمستثمرين من الإخوة في السعودية ببناء الفنادق والمتنزهاتالسياحية في ضواحي مدينة أديس أبابا.
ومنالخطط الطموح التي وضعتها إدارة التخطيط في بلدية أديس أبابا والتي هي بصددتنفيذها إقامة طريق دائري حول مدينة أديس أبابا تتفرع منه عدة طرق داخلية توصل إلىالأحياء السكنية، بالإضافة إلى مجموعة من الكباري والأنفاق لتلافي اختناقات المرورالتي تعاني منها معظم عواصم دول العالم الثالث. وتتضمن الخطة كذلك إزالة المناطقالصناعية والتي تحتل حاليا جزءا من المناطق السكنية في وسط العاصمة، ونقلها إلىخارج المدينة، وقد باشرت بلدية أديس أبابا تنفيذ جزء من هذا المشروع، فعوضت أصحابهذه المناطق الصناعية بقسائم صناعية كبيرة، على أن تبنى بطريقة حديثة ومستوفيةلجميع الشروط المطلوبة لإقامة أية مؤسسة صناعية.
سوقماركاتو
ومنالمعالم البارزة في مدينة أديس أبابا "سوق مركاتو" وهو سوق شعبي كبيريحتل مساحة واسعة، تبلغ نحو أربعة كيلو مترات مربعة، يحوي هذا السوق الكثير من البضائعالمتنوعة، فبالإضافة إلى الفواكه والخضراوات تجد الملبوسات القطنية والمصنوعاتالمعدنية والأواني المنزلية والسجاجيد والملابس الجاهزة، ثم المجوهرات، فكل قسم منهذا السوق مخصص لنوع من البضاعة، والسوق يعج بالمئات من الباعة الجائلين والزحاملا ينتهى.
وأثناءتجولنا في هذا السوق اقتربنا من أحد أصحاب الدكاكين الذي يبيع التحف والتماثيلالخشبية المحفورة، فرحب بنا بلغة عربية فصيحة قائلا: إخوتي خذوا حذركم من الصبيةاللصوص في هذا السوق، إنهم كثيرون، وقد ازدادوا بشكل كبير خلال الفترة الماضية،وهذه إحدى إفرازات الحرب التي خاضتها إثيوبيا في السنوات الأخيرة.
وقداطلعنا على دراسة لهذه الظاهرة قامت بها اليونسيف- أو صندوق رعاية الطفولة التابعللأمم المتحدة- فذكرت أن زيادة عدد أطفال الشوارع تعد واحدة من أخطر المشكلاتالاجتماعية التي تواجه إثيوبيا في الوقت الحاضر، وذكرت أن لدى إثيوبيا البالغتعدادها 55 مليون نسمة نحو 23,5 مليون طفل تحت سن السادسة عشرة، وأن نسبة كبيرة منهؤلاء يعيشون في ظروف ستؤدي بهم حسب العرف السائد إلى الانخراط فيما يسمى بحياةالشوارع، وأرجعت اليونسيف هذه الظاهرة إلى عدد من الأسباب أهمها الفقر ثم الافتقارإلى التعليم، ثم الحروب والتشرد والانفصال الاجتماعي للعائلات. كما أوضحت الدراسةأن 65% من سكان إثيوبيا الذين يعيشون في المناطق الحضرية والذين يبلغ تعدادهم 6,2%مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر ما يعني أن 1,1 مليون طفل بالمناطق الحضريةهم نتاج لظاهرة الفقر. وأشارت الدراسة كذلك أن في أديس أبابا وحدها 13,5% منالأطفال ينامون معظم الوقت في الشوارع وأن 7,5% يستأجرون ملاجىء مؤقتة وأن 4,5% منالأطفال في أديس أبابا ينامون ما بين المنزل والشارع، وأن هناك ارتباطا بينالمرحلة العمرية للطفل وبين مكان إقامته، وبالتالي فكلما كبر سنه زادت معدلاتإقامته في الشوارع.
مشاكلالإسكان
وتعكسأديس أبابا صورة حية من صور ومشاكل العالم الثالث أو ما يعرف بالدول النامية،فهناك مشكلة تكدس العاصمة بالآلاف المؤلفة من المهاجرين من القرى والمدن الصغيرة،ثم أزمة السكن الخانقة والتضخم، والاختناقات المرورية، ثم المناطق السكنية التيتبنى عشوائيا، فهناك آلاف المنازل المبنية من الصفيح وألواح الخشب من غير تناسق أوترتيب، ومشاكل انقطاع التيار الكهربائي وشبكات المياه. ثم ارتفاع أسعار الموادالغذائية.
حدثناعبدالعزيز شيخ محمد وهو أحد تجار الأقمشة في سوق مركاتو عن مشكلة السكن قائلا: إنمشكلة السكن من المشاكل المستعصية في أديس أبابا، وقد زاد النظام الشيوعي السابقبقيادة منجستو هيلا ماريام هذه المشكلة سوءا عندما قام بتأميم المباني والعماراتالسكنية التابعة للتجار بأسعار زهيدة، ووعدهم أن يعوضهم عنها، إلا أن الحكومة لمتدفع لأصحاب الأملاك أي تعويض، وكان من نتيجة هذا العمل أن أحجم التجار عن بناءالعمارات السكنية الاستثمارية وبذلك توقفت حركة البناء في المدينة، وازدادت الأزمةصعوبة.
وقدحملنا مشكلة الإسكان وأزمة السكن التي تعاني منها أديس أبابا إلى المهندس جليمو أفانيمدير الإسكان في وزارة الإسكان والتعمير فأجابنا قائلا: لقد خلقت الحكومة السابقةبتأميمها للعمارات السكنية التابعة للأهالي مشكلة يصعب حلها في القريب العاجل،وأضاف: إننا بصدد وضع العديد من التصورات لحل المشكلة، منها أن يقوم تعاون بينمجلس المدينة ووزارة الإسكان والتعمير بأن تقدم وزارة الإسكان قسائم سكنية بمساحة300 متر مربع لكبار الموظفين، وأن تقوم البنوك المحلية بتقديم قروض عقارية للموظفبفائدة ميسرة حتى يتمكن من بناء السكن المناسب. ومن الحلول المعروضة كذلك إنشاءشركة كبيرة تتولى بناء مجمعات سكنية وتقوم بتأجيرها للمواطنين، وأضاف المهندسجليمو أفاني قائلا: إننا نرحب بدخول الاستثمارات الخارجية إلى بلادنا لاستخدامهافي بناء المشاريع الإسكانية أو بناء الفنادق أو أي مرفق سياحي.
وقد قامتوزارة الإسكان والتعمير الإثيوبية في خلال السنوات العشر الماضية ببناء نحو ثلاثةآلاف وحدة سكنية، إلا أن الزيادة السكانية التي تواجهها المدينة تستدعي مضاعفة هذهالوحدات، بالإضافة إلى اتباع سياسة البناء الرأسي المتعدد الطوابق للتقليل مناستهلاك الأراضي والاقتصاد في الخدمات. ففيضاحية "كولف" والتي تقع غرب أديس أبابا قام الأهالي ببناء الشقق السكنيةالمكونة من ثلاث أو أربع غرف في مجمعات سكنية محاطة بالأشجار وتحتوي على كلالمرافق الضرورية للسكن الحديث.
ومشاكلالصحة
أماالخدمات الصحية فهي الأخرى تواجه مصاعب كبيرة فبالإضافة إلى النقص الكبير والحادالذي تواجهه الصيدليات والمستشفيات في الدواء وارتفاع أسعاره، فإن المستشفياتالموجودة في أديس أبابا لا تستوعب تلك الأعداد الكبيرة من المرضى التي تقف في صفوفطويلة أمام العيادات تطلب العلاج. وقد حاولنا الحصول على معلومات عن الخدماتالصحية من وزارة الصحة في أديس أبابا أو حتى مقابلة أحد المسئولين عن الجوانبالصحية في البلاد، إلا أننا لم ننجح مع أننا حصلنا على إذن لزيارة إحدى المستشفياتللتصوير وأخذ المعلومات، إلا أن مدير المستشفى رفض السماح لنا بالتصوير كما رفضإعطاءنا أية معلومة، و هذا يدل على أنه لا يريد أن يبرز الصورة السيئة لما يعانيهالمستشفى من فقر في المعدات الطبية والأدوية والزحام وتكدس المرضى في الممراتوالأجنحة، وهذا ما شاهدناه أثناء دخولنا للمستشفى ومحاولتنا إقناع المديربالتصوير.
وقدسألنا أحد الصحفيين الذين يعملون في صحيفة "العلم" التي تصدر باللغةالعربية في إثيوبيا، عن الخدمات الصحية وحجمها فقال: إن في أديس أبابا 13 مستشفىعاما وتخصصيا تتسع لنحو ثلاثة آلاف سرير بالإضافة إلى 7 مراكز صحية إلا أن خدماتهالا ترقى إلى المستوى المطلوب، كما أن عيادات خاصة يديرها أطباء إثيوبيون يقومونبعلاج المرضى، ويقوم المريض بشراء الأدوية من السوق المحلي وبأسعار مرتفعة.والواقع أننا نعاني من أزمة في الدواء حيث لا تتوافر جميع الأدوية المطلوبة، ومنالجدير بالذكر أن العيادات الطبية التابعة للمستشفيات الحكومية تقدم خدماتهاللجمهور بالمجان، ويعد مستشفى ليون من أكبر مستشفيات أديس أبابا حيث تتوافر فيهبعض الأجهزة الحديثة وهو مخصص لكبار رجال الدولة ورجال القوات المسلحة.
وسألناهعن وجود أمراض مستوطنة في إثيوبيا فقال: إن بلادنا والحمد لله ليس فيها أمراضمستوطنة كتلك الأمراض التي تشتهر بها إفريقيا مثل الملاريا والحمى الصفراء والسلالرئوي، وربما يرجع سبب خلو بلادنا من هذه الأمراض إلى علو المنطقة واعتدال جوها،لكن هناك بعض الأمراض العادية مثل شلل الأطفال وبعض الأمراض التناسلية التي انتشرتبصورة كبيرة في الكثير من الدول الإفريقية مثل أوغندا وتنزانيا وزائير.
الإسلامفي إثيوبيا
تقدرالإحصاءات نسبة المسلمين في إثيوبيا بنحو 60% ومع أنها نسبة عالية إلا أن الحكوماتالتي تعاقبت على حكم إثيوبيا لم تول المسلمين أية أهمية تذكر، فكانت عليهم ضغوطكبيرة، فلم تتح لهم الفرصة للعمل في الوزارات والمؤسسات الحكومية، وحتى لو وجدتهذه الفرصة فقد كانت بنسبة ضئيلة، وقد حرم المسلمون من دخول المدارس كسياسة اتبعهاحكام إثيوبيا.
يقولالحاج عبدالرحمن أبوبكر مدير جامع أنور في أديس أبابا: إن الحكومات التي توالت علىإثيوبيا كانت تحارب الإسلام والمسلمين بطرق شتى، فالمسلم يمنع من العمل في وزاراتومؤسسات الدولة، والمدارس النظامية مغلقة في وجه المسلم الذي يريد أن يتعلم، إننانأمل الخير من الحكومة الحالية والتي سوف تحكم البلاد حكما ديمقراطيا ونرجو أنيحصل المسلمون في ظلها على حقوقهم التي سلبها منهم حكم الإمبراطور هيلاسلاسيالأتوقراطي والكهنوتي أو حكم منجستو هيلا ماريام الشيوعي الذي جاء بعده وخلفالكثير من المشاكل للبلاد.
جامعأنور
ويديرالحاج عبدالرحمن أبوبكر جامع أنور وهو أحد أقدم المساجد في أديس أبابا إذ يعودبناؤه إلى عام 1360 هجري أيام الاحتلال الإيطالي للحبشة، وقد سمح الإمبراطورهيلاسلاسي بإتمام بناء المسجد على مضض، فقام المسلمون بجمع التبرعات، وتم بناءالمسجد في فترة زمنية قصيرة، وكانت مساحته آنذاك نحو 15 ألف متر مربع، يستوعب نحو10 آلاف مصل، أما الآن وبعد أن ازداد عدد المسلمين في العاصمة فإن الحضور يكونكثيفا وخصوصا أيام الجمع والأعياد، إذ يبلغ عددهم نحو أربعين ألف مصلى يملأونالشوارع والطرق المحيطة بالجامع، ويضم الجامع مكتبة المجلس الأعلى للشئونالإسلامية.
وقدسألنا الحاج عبدالرحمن أبوبكر عن الطريقة المتبعة في تمويل المسجد وتلبيةاحتياجاته من صيانة وأثاث فقال: لقد قام أهل الخير والمحسنون منذ تأسيس المسجدبوقف بعض المباني والأراضي الزراعية للصرف عليه، إلا أن حكومة منجستو هيلا مريامقامت بتأميم هذه الأوقاف وأخذت تقدم للمسجد مبلغا بسيطا لا يفي باحتياجات المسجدوهو بالتحديد 7680 برا إثيوبيا أي ما يعادل 1250 دولارا أمريكيا، إلا أننا نعتمدعلى المحسنين وتبرعاتهم في تلبية طلبات واحتياجات المسجد. فقد تبرع أحد المحسنين العربمشكورا بمبلغ مليون بر إثيوبي لتوسعة المسجد، إننا نأمل من إخواننا المسلمين مد يدالعون إلينا، إن جامع أنور يقوم بالصرف على نحو 12 مسجدا صغيرا في أديس أبابا. كمايقوم بعض العلماء بتقديم حلقات دراسية على الطريقة القديمة في أيام معلومة من كلأسبوع لمن يرغب في الاستزادة من العلوم الدينية كعلم الحديث والتفسير باللغةالعربية واللغة الأمهرية، وألحق بالمسجد مكاتب المجلس الأعلى للشئون الإسلاميةوالذي يرأسه الشيخ محمد أحمد سعيخ. وقد سألناه عن مهام هذا المجلس فقال: إن مهمةهذا المجلس تنحصر في خدمة الإسلام والمسلمين في إثيوبيا، وقد جاء هذا المجلس عنطريق الانتخاب، ويتكون من سبعة من العلماء يمثلون الأصول العرقية القبلية لمسلميإثيوبيا، يقوم المجلس بإدارة شئون المساجد والأوقاف وتوزيع الزكوات ويبت فيالأحكام الشرعية ومسائل ثبوت الهلال والأعياد، وكذلك مسائل الإرث والوصايا، وقدتركت الحكومة الإثيوبية مسئولية هذه الأمور لهذا المجلس كي يقوم بتنفيذها وإصدارالأحكام الشرعية لها.
وفيإثيوبيا مجموعة من المدارس الإسلامية يطلق عليها مدارس "أبي ذرالإسلامية"، وهي منتشرة في العاصمة أديس أبابا وفي مدينتي هرر ودردوا، وينحصرهدف هذه المدارس في تدريب وتعليم الطلبة المسلمين مادة التربية الإسلامية واللغةالعربية كمادة أساسية بالإضافة إلى المواد العلمية الأخرى، ففي مدينة أديس أباباأربع مدارس إسلامية تتسع لنحو 2800 طالب والدراسة في هذه المدارس حتى المرحلة الإعدادية، وبعدها يستطيع الطالب أن يواصل دراسته في المدارس الحكومية.
حدثناالحاج كامل أبوبكر شريف رئيس مجلس إدارة مدارس "أبي ذر الإسلامية"قائلا: إننا نضع الآن برنامجا لرفع مستوى الدراسة وذلك ببناء مدرسة ثانوية، وقدحصلنا على تمويل من بنك التنمية الإسلامية لبناء هذه المدرسة والتي ستكلفنا نحو750 ألف دولار، ومن المقرر أن ينتهي بناء هذه المدرسة خلال 15 شهرا، وبذلك يتمكنطلبتنا من إكمال دراستهم الثانوية في هذه المدرسة، وأن يستوعبوا اللغة العربيةاستيعابا كاملا وكذلك العلوم الدينية.
والحاجكامل أبوبكر من الرجال الذين مارسوا التعليم في إثيوبيا واطلعوا عن كثب على مجرياتالثقافة والتعليم والتخلف الذي يعاني منه المسلمون الإثيوبيون يقول:
إننانعاني من التخلف في كل النواحي وبصفتي متخصصا في الجوانب التعليمية والثقافية أقولإن نصف مسلمي إثيوبيا كانوا محرومين من المدارس وممنوعين من الدخول في المدارسالحكومية، ففي أيام هيلاسلاسي كان قبول المسلمين شبه محرم، فالمدارس تبنى فيالمناطق التي يوجد فيها المواطنون المسيحيون، أما المناطق الإسلامية فكانت مهملة،وهي لاتزال تعاني من هذا الإهمال حتى يومنا هذا، ولهذا السبب تخلف المسلمون عن ركبالعلم، وقد أدى هذا إلى هضم حقوقهم المشروعة كمواطنين، ففي إثيوبيا أربعة ملايينطالب في المراحل الدراسية الثلاث، ونسبة الطلاب المسلمين لا تتعدى 13%، أما فيجامعة أديس أبابا فهناك نحو أربعين ألف طالب جامعي، نسبة المسلمين فيها لا تتجاوز4% فقط، لذلك يجب المطالبة بالإسراع في تنفيذ المشاريع الثقافية الإسلامية فيإثيوبيا حتى يستطيع المواطن الإثيوبي المسلم مواصلة الركب وممارسة حقوقه التي حرممنها طويلا.
صحيفةالعلم العربية
وقد يعجبالمرء عندما يجد في إثيوبيا صحيفة عربية عمرها يزيد على نصف قرن من الزمان تصدر فيأديس أبابا دون أن تتوقف عن الصدور وطيلة هذه المدة، إنها صحيفة يطلق عليها اسم"العلم " فقد صدر العدد الأول منها في مايو عام 1942 وذلك عقب عودةالإمبراطور هيلاسلاسي من منفاه في أوربا، والعلم صحيفة حكومية تصدر عن وزارةالإعلام الأثيوبية، والهدف من إنشاء هذه الصحيفة هو إعلام الشعب الأثيوبي والمجتمعالدولي بالنشاطات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بالإضافة إلى تعزيزالعلاقات الثنائية والدبلوماسية القائمة بين إثيوبيا وبلدان العالم العربيالمجاورة لها مثل السودان والصومال واليمن وجيبوتي، والتي ترتبط شعوبها مع الشعبالأثيوبي بروابط ثقافية ودينية وعرقية وجغرافية.
يقولالأستاذ سعيد عبدالرحمن رئيس تحرير "العلم ": لقد لعبت جريدة"العلم " دورا مميزا في تغطية النشاطات السياسية والدبلوماسية التي قامتبها إثيوبيا خلال النظامين البائدين في المحافل الدولية والإقليمية والمحلية وذلكوفقا للسياسة الخارجية لهذين النظامين.
ويضيفالأستاذ سعيد عبدالرحمن قائلا: إلا أن صحيفة "العلم " كانت في الماضيتهتم بقضايا الشعب ومشاكله الاقتصادية والاجتماعية، كما ينبغي وذلك بسبب هيمنةالنظامين السابقين: نظام هيلاسلاسي الأتوقراطي الإقطاعي ونظام منجستو هيلا ماريامالدكتاتوري الشيوعي، فقد ظلا يستخدمان الصحيفة للدفاع عن مصالحهما الخاصة وتعزيزسلطانيهما ليتمكنا من البقاء في الحكم. إلاأن صحيفة "العلم " وبعد رحيل النظامين السابقين عن إثيوبيا لعبت دوراطليعيا في الجهود الحثيثة لتحقيق السلام والاستقرار والديمقراطية والعدالةوالمساواة في البلاد منذ المصادقة على الميثاق الوطني للمرحلة الانتقالية التييقودها الرئيس الأثيوبي ملس زيناوي، فقد أبرزت صحيفة العلم مساعي الحكومةالانتقالية الرامية إلى إرساء دعائم المسيرة الديمقراطية الجارية في البلاد،بالإضافة إلى تعزيز وتوطيد علاقات الصداقة والتعاون مع جميع بلدان العالم وبالأخصالبلدان المجاورة لأثيوبيا، وتعزيز التكامل السياسي والاقتصادي في المنطقة.
أماالأستاذ مصطفى محمد جميل وهو أحد محرري صحيفة "العلم " فيقول: يعود لهذهالصحيفة فضل الريادة في مجال التعبير باللغة العربية عن طموحات وآمال شريحة كبيرةمن الأثيوبيين المسلمين الذين يتقنون العربية، كما أن للعلم دورا مميزا في مجالنقل الصورة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية عبر أعمدتها المختلفة إلىالناطقين باللغة العربية داخل أثيوبيا وخارجها سواء كان ذلك عن طريق الخبر أوالمقالة، فقد أقامت "العلم " جسورا بينها وبين قرائها المتشوقين إلىمعرفة المزيد من المعلومات عن أثيوبيا وشعوبها والأنظمة السياسية المتعاقبة عليها.
وبعد أنأطاحت أثيوبيا بحكم منجستو هيلا ماريام، بدأت بعض الصحف والمجلات العربيةالإسلامية تظهر في إثيوبيا حيث توافرت الحرية، فاستطاع المواطن الأثيوبي أن يعبرعن رأيه بحرية، فقد صدرت ثلاث مجلات عربية إسلامية مثل مجلة "بلال "الشهرية وهي مجلة إسلامية دينية تعكس وجهة النظر الإسلامية والمجتمع المسلم فيإثيوبيا، وكذلك مجلة "الرسالة" وهي مجلة إسلامية تصدرها جمعية إسلاميةباللغة العربية واللغة الأمهرية، وكان المجلس الأعلى للشئون الإسلامية قد أصدرصحيفة نصف شهرية باللغة العربية والأمهرية في ثماني صفحات إلا أنها توقفت عدتالصدور لأسباب مالية، إن صدور مثل هذه الصحف دلالة واضحة على الحرية التي يتمتعبها الأثيوبي خلال الفترة الانتقالية التي مضى عليها نحو ثلاث سنوات، بالإضافة إلىأن اللغة العربية في إثيوبيا لها أرضية وخلفية بحكم وجود ذلك الكم الهائل من المسلمين