- ذكرياتي عن رحلتي العلاجية لألمانيا مع جيش عرمرم من أفراد أسرتي!!
ذكرياتي عن رحلتي العلاجية لألمانيا مع جيش عرمرم من أفراد أسرتي!!
إخواني في المنتدى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومرحبا بكم معنا من جديد( الظاهر إني غثيتكم بكثرة تحدثي عن ذكرياتي!!) .. والإنسان عندما يفتح باب الذكريات لا يستطيع غلقه بسهولة!! .. سيان إن كانت الذكريات جميلة عطرة أم غير ذلك .. فالذكريات تعيش مع الانسان وتستقر في عقله إلى إن تأتي حادثة فتحركها وتخرجها من خدرها الذي كانت فيه .. هل تتخيلون أنفسكم بدون ذكريات ؟! .. هل تحسون بطعم الحياة إن لم تختلط بالذكرى ؟! ..
بداية أود أن أقول أن موضوع صاحبنا وأخانا وحبيبنا نسيم نجد عن رحلته لألمانيا قد ساهم في جعلي أتشجع لكتابة تفاصيل رحلتي لألمانيا أو على وجه الدقة رحلة والدتي العلاجية لألمانيا .. لقد كتب أخونا في هذا المنتدى نسيم نجد حفظه الله موضوعا جميلا ومتميزا عن رحلته لألمانيا وما جاورها بعنوان: ماذا تفعل الفتاة السعودية في شوارع بون الألمانية ؟! .. ولكنه اختار أن يضع الموضوع في البوابة العامة بدلا عن البوابة التي تشمل ألمانيا وله العذر في ذلك لأن متصفحي البوابة العامة أكثر عددا وتجاوبا وتفاعلا من بعض البوابات الأخرى النائمة في العسل (اصحوا يا مشرفين تحركوا شوي)!! ..
وكنت في البداية مترددا في المشاركة بموضوع يتكلم عن نفس الدولة التي تحدث عنها أخي نسيم نجد وتحدث عنها أخي ya-mass وتحدث عنها أخي راعي سويسرا وتحدث عنها أخي أمير الظلام والمسافرة وبومحمد والراية وcafe والوفي و مس دبي وأم فرح ..إلخ .. وكل هؤلاء الإخوة والأخوات أتحفونا بمواضيعهم عن ألمانيا وتحدثوا عن بعض المدن التي زاروها .. لذلك وجدت أنني لن آتي بجديد أمام تلك القمم الشوامخ من الأعضاء والعضوات الذين ورد ذكرهم أعلاه والذين تتضائل مشاركتي المتواضعة أمام مشاركاتهم .. ولكن لأن أخونا الآخر في هذا المنتدى الرجل الصالح العضو الذي لا نراه إلا لماما القلب الكبير قد طلب مني كتابة موضوع عن رحلتي هذه لألمانيا في أحد ردوده على موضوع قد كتبته قبل فترة من الزمن لا أذكر متى ( ما أصدق على الله إن الواحد يطلب مني كتابة موضوع!!) .. إضافة لبعض الإخوان الآخرين مثل بحار الشبكة وغيره من إخواني وأخواتي الأعضاء في منتدى العرب المسافرون الذين أسبغوا علي من شمائل عطفهم وكرمهم ما لن أوفيهم حقهم مهما فعلت ( يعني بتقنعنا إن فيه أحد مهتم بذكرياتك يا أبا سلطان!!) .. ولأن الرحلة كانت في الأساس رحلة علاجية فلقد عقدت العزم والنية على الاستعانة بالله والبدأ في كتابة هذه المذكرات لعل فيها بعض ما يفيد أو بعض ما يمتع!!.. أو الاثنان معا ..
أسأل الله أن يلهمكم الصبر والسلوان على متابعة تفاصيل هذه الذكريات كما ألهمكم الصبر والسلوان على متابعة ذكرياتي الأخرى التي كنتم فيها معي بقلوبكم وعقولكم وأصابعكم التي خطت أجمل الكلمات وأغدقتم علي فيها عطفكم وتشجيعكم وتواصلكم الذي لم ينقطع!!
والآن إلى بداية الحلقة الأولى التي سوف تنزل لكم بعد قليل مع ملاحظة أود أن أذكرها وهي : لا أحد يجيني بعدين ويقول يا أبا سلطان الله يرحم والديك لا تستطرد وخليك في الموضوع ولا تطول كلام!! .. أبغى أطول على كيفي!! .. وأستطرد على كيفي .. وأنزل صور لألمانيا على كيفي .. مع العلم أن بعض الصور التي سوف أنزلها ستتنوع حسب الحال فهناك صور لطشتها من أخونا ya-mas ( بعد أخذ الإذن) وهناك صور سوف ألطشها من نسيم نجد ( لسه ما بعد أخذت الإذن!!) وهناك صور صورتها بكاميرتي العتيقة (لا أحد يسألني عن نوعها لأنها سر من أسرار عائلتنا!!) .. وهناك صور ملطوشة من الانترنت ( بالهبل!!) وهذا ما راح آخذ أذن فيها لأني مو فاضي!! .. بالإضافة إلى بعض الصور التي سوف ألطشها مستقبلا من الاخوة والأخوات الأعضاء الذين زاروا ألمانيا ( ترانا نمون على بعض وما أظن إن فيه أحد منهم يمانع!!) ..
فإلى الحلقة الأولى على بركة الله ( ممكن ترخوا الأحزمة ما له داعي ربط الحزام وحنا بعد ما طرنا!!) ..
الحلقة الأولى : مرض نبحث له عن علاج ..
كانت البداية محاولة للتوصل لحل مشكلة الوالدة المرضية المزمنة شفى الله مرضانا ومرضاكم ومرضى المسلمين .. تتلخص المشكلة في معاناتها من مرض نفسي عضوي طوال ثلاثين عاما لم نجد له علاجا ناجعا غير الأدوية المهدئة!! .. ومنذ أن وعيت أنا على الدنيا والوالدة تشكو من المرض إلى يومنا هذا وإن خفت الأعراض قليلا .. المرض عبارة عن اكتئاب مزمن تصاحبه آلام في جميع أنحاء الجسم قد يتحول إلى صداع شديد دون وجود مشاكل في الدماغ أو آلام شديدة في الكبد أو الكلى .. رغم أن جميع الفحوصات السريرية تثبت أن وظائف الجسم تعمل بصورة طبيعية .. كما كانت الوالدة تعاني من تبلد أحاسيس الفرح أو الحزن وكأنها آلة جامدة تؤدي عمل معين بكل ميكانيكية ..عندما تنظر إلى نفسها في المرآة لا تستطيع الإحساس بأن الصورة صورتها وإنما صورة شخص آخر!! .. وعلشان لا يروح بالكم بعيد فإن صورتها التي تظهر في المرآة إنعكاس لصورتها الشكلية الظاهرية الحقيقية ولكنها تشعر بأن صورتها التي في المرآة لا تنتمي إليها ( فهم هذه النقطة صعب ومعقد!!) .. تصاب بقلق شديد وتوتر يصل إلى مرحلة الهستيريا لو تأخر أحد أبنائها خارج البيت ( أذكر أنها أغمي عليها عندما اتصلت بأختي على الجوال وكان مغلقا واتضح أن أختي في الغرفة المجاورة!!) .. عانيت أنا شخصيا معاناة كبيرة عندما لم تكن وسائل الاتصالات متوفرة كالجوال وجهاز النداء الآلي وكان لزاما علي أن أتصل بالبيت كل نصف ساعة لكي تطمئن الوالدة أنني بخير!! ..
والمواقف والأحداث المرتبطة بهذا القلق المرضي يمكن أن أسود فيها صفحات وصفحات لكن خلينا في رحلة ألمانيا لكي لا نخرج عن الموضوع!! .. ولو أصيب أخي أو أختي بعارض صحي بسيط لا تنام الليل وتكتسحها المخاوف الوساوس من كل مكان .. كان خوفها وقلقلها مرضيا مزمنا .. رغم انها متدينة وتخاف الله لكن هذا المرض النفسي أرهقها وأتعبها وأقض مضجعها .. حتى نحن صرنا نعاني معها .. من الأعراض المرضية التي كانت تحس بها أيضا شعورها بأن يدها ليست يدها في الحقيقة وإنما يد امرأة أخرى!! .. وأن كل عضو في جسمها لا يمت لها بصلة .. زرنا كثيرا من المشايخ والمقرئين .. سواء في حياة الوالد أو بعد وفاته وعندما استلمت أنا مقاليد الأمور .. وقيادة هذه العائلة الصغيرة إلى بر الآمان .. تعبت كثيرا عندما كنت طالبا أدرس في الجامعة ومسؤل عن والدتي المريضة وأخي وأختي .. كنت بمثابة الأب لهم .. صراخ والدتي في الليل وآلامها التي لا نعرف ما سببها .. لا نجد العلاج في المستشفيات .. ولا الدواء الذي يزيل هذا المرض غير الدعاء وبعض المهدئات .. عندما أفكر في مرض الوالدة الآن أستغرب كيف استطعت أن أنهي الجامعة وأعمل رغم كل هذا الجو الكئيب الذي كنت أعيش فيه ؟! .. ولكنها رحمة الله الذي يبتلي المؤمن بالمصائب لكي ترتفع درجته .. نسأل الله لكم ولنا النجاة من النار ..
كانت الوالدة تحس بآلام كالدبابيس أو المسامير في جميع أنحاء جسدها فلا تستطيع الشعور بالراحة في أي وقت مما يجعلها متوترة على الدوام!! .. نومها قليل وآلامها تجعلها تعتزل الناس رغم أنها كانت في ما مضي من أوائل المدرسات والمتخرجات من معهد إعداد المعلمات عندما كانت مدارس البنات تعد على أصابع اليد الواحدة في كل مدينة .. كانت من الكاتبات في بعض المجلات في وقت كانت فيه الكاتبات السعوديات مجرد خيال .. ولكن بعد المرض أصبحت مجرد جسد بلا روح ..
القصة طويلة وتفاصيلها تحتاج إلى موضوع آخر ولكن الخلاصة أنني في يوم من الأيام راسلت ملحقنا الصحي في أمريكا وملحقنا الصحي في ألمانيا بعد أن أرسلت التقارير الصحية المتعلقة بحالتها في محاولة للبحث عن علاج لهذه المشكلة التي امتدت سنين طويلة ونحن نعيش في معاناة ونتألم لألم الوالدة ولا نستطيع أن نمارس حياتنا الطبيعية بسبب خوفها الزائد علينا ورغبتها في أن نبقى بجوارها طوال الوقت ..
وبعد عدة أيام جاءني فاكس من الملحق الصحي بألمانيا يبين أن أحد المتخصصين الألمانيين في العلاج النفسي وهو بدرجة بريفسور قد أبدى استعداده لعلاجها رغم صعوبته وتجربة دواء جديد توصل إليه قد يخفف من الأعراض والآلام التي تشعر بها بإذن الله واهب الشفاء من كل داء..
استلمت الخطاب المرسل بالفاكس وأنا أسأل الله أن يكون العلاج على يد هذا البريفيسور الألماني ولكني بدأت التفكير في مشكلة أخرى ألا وهي ..
نكمل في الحلقة القادمة بعون الله وإلى لقاء قريب ..