كامبريدج المسافرون العرب

أكتشف العالم بين يديك المسافرون العرب أكبر موقع سياحي في الخليج و الوطن العربي ، يحتوى على أكبر محتوى سياحي 350 ألف استفسار و نصائح عن السفر و السياحة, 50 ألف تقرير سياحي للمسافرون العرب حول العالم و أكثر من 50 ألف من الاماكن السياحية و انشطة وفعاليات سياحية ومراكز تسوق وفنادق، المسافرون العرب هو دليل المسافر العربي قبل السفر و اثناء الرحلة. artravelers.com ..
Abu sultan
12-12-2022 - 03:44 am
  1. هدوء لذيذ يجعل النفس تسترخي والصدر يعلو ويهبط بتنفس هادئ ومنتظم.

  2. إعجاب ..؟؟ استغراب..؟؟ فضول..؟؟

  3. الحقيقة كان مزيج مركب من كل هذا.


ذكرياتي عن دراسة اللغة الانجليزية في بريطانيا
في البداية أحب أن أوضح معلومة بسيطة وهي أنه ليس الهدف من سرد هذه الذكريات مساعدة دارسي اللغة وتعريفهم بالأماكن السياحية أو المعاهد المختلفة هناك لعدة أسباب:-
أولا : لأن هذه الذكريات قديمة تعود إلى ما يقرب من عشرين عاما تقريبا.
وثانيا: لان الأمور هذه الأيام قد تغيرت عما كانت عليه من قبل.
ولكنني أحببت أن أشارك أخواني وأخواتي في هذا المنتدى الرائع بموضوع قد يرفه عن الذين لم تسعفهم الظروف من السفر في هذا الصيف.
وأعتقد جازما بأنه يوجد الكثير من ضيوف هذا المنتدى يمثل له منتدى العرب المسافرون نافذة للإطلالة على العالم والتعرف على تجارب الآخرين.
تعود هذه الأحداث إلى صيف عام 1405 للهجرة الموافق 1985م عندما التحقنا بالوالد يرحمه الله في بريطانيا و كان قد حصل على فرصة من عمله لدراسة اللغة الإنجليزية وخاصة فيما يتعلق بالمصطلحات المرتبطة بالإدارة والشؤون المالية.
كانت بالنسبة له فرصة العمر وتحدث عنها في مذكراته التي تركها بعد وفاته فيما بعد لأنه وباختصار بحكم حرصه على العمل وضعه كمسئول وخبرته التي تمتد لأكثر من خمسة وعشرين عاما في المؤسسة الحكومية التي يعمل بها منذ أن كانت عبارة عن قسم صغير يتبع لوزارة الزراعة والمياه إلى أن أصبحت مؤسسة مستقلة تبحث في توفير أحدى الضروريات التي يحتاجها كل كائن حي ( أعتقد أن الأمر لا يحتاج إلى ذكاء خارق لمعرفة اسم المؤسسة).
أقول كان يعتبرها فرصة العمر لأن الفرص كانت تتجاوزه إلى غيره بسبب أن العمل يحتاج إليه ولا يمكن الاستغناء عنه لفترة طويلة.
لذلك عندما جاءته الفرصة استغلها أفضل استغلال ليس لعمله ولنفسه فقط بل وحتى لأسرته مع ما يكلف ذلك من أعباء مالية إضافية.
لم يكن جمع المعلومات سهلا كما هو اليوم مع عصر الانترنت وسهولة الحصول على المعلومة بأسرع ما يمكن ولقد استغرق الأمر منه عدة أشهر من الترتيب والاستفسار والمراسلة وطلب النصح من الآخرين الذين سافروا أو درسوا في تلك البلاد رغم أن فترة ستة أشهر لا تعتبر فترة طويلة بالمقياس المعروف فهي مجرد فرصة للالتحاق بدورة لإتقان اللغة الانجليزية ومعرفة بعض المصطلحات (رغم أن لغته كانت أكثر من جيدة بمقاييس ذلك الزمن).
لحقنا به بعد ظهور نتائج الامتحانات مباشرة وكان هو قد سبقنا لترتيب بعض الأمور وتسجيلي في معهد يناسب سني لدراسة اللغة أيضا.
كانت الإجازة الصيفية في ذلك الوقت أطول إجازة مرت علينا إذ بلغت أربعة أشهر بالتمام والكمال.
تحركت طائرة الخطوط الجوية العربية السعودية في تلك الساعة المتأخرة من الليل متوجهة إلى عاصمة الضباب لندن ومطارها المزدحم والشهير ( مطار هيثرو الدولي).
أذكر في تلك الأيام أن الهدوء كان مخيما على الطائرة وأختي ذات العشر سنوات مستغرقة في نوم عميق فيما كان أخي الذي أتم السنة يداعب قنينة الحليب( الرضاعة) في هدوء عجيب على غير العادة.
تخيلوا معي الإضاءة الخافتة والبرودة التي تنساب من مكيفات الطائرة والعدد القليل الذي يتوزع بين المقاعد الكثيرة لطائرة( الجامبو 747 ) وهي تطير محلقة بسلاسة في ذلك الظلام الدامس على ارتفاع 40 ألف قدم فوق سطح البحر.

هدوء لذيذ يجعل النفس تسترخي والصدر يعلو ويهبط بتنفس هادئ ومنتظم.

لم يكن أحد من الموجودين على متن الطائرة يتابع الفيلم المعروض على الشاشة والذي أتذكر في هذه اللحظة أنه كان يدور حول فتى مشرد يحاول أن يجد له عملا يسد به رمقه في خضم مجتمع صناعي لا يرحم ويحكي الفيلم صور عديدة من تجبر وظلم أصحاب المصانع التي عمل بها وتكليفه بالأعمال القاسية التي لا يتحملها جسده الغض الذي أوهنه التعب ورسم الزمن فيه خطوطه على الجلد الذي يفتقر إلى التغذية الكافية والمغامرات التي تدور في بحثه المتواصل عن عائلته.
وصلت الطائرة إلى لندن في ظل جو ملبد بالغيوم تحمل داخلها أم وفتى قد دخل مرحلة المراهقة حديثا وطفلين كلهم يتحرقون شوقا لرؤية والدهم.
نظرت من نافذة الطائرة وهي تستعد للهبوط وعين الفتى المراهق تحاول أن تطبع كل منظر تقع عليه في ذهنه الغض الطري.
مساحات خضراء شاسعة وبيوت متراصة ذات طراز معماري متقارب مصبوغة باللون القرميدي الأحمر تتساقط عليها حبات المطر في صباح باكر وكأن المدينة بكاملها تغتسل من تعب الليلة الماضية شعور غريب انتابني .. خوف من المجهول ..؟؟ كلا
لهفة ..؟؟ أيضا كلا

إعجاب ..؟؟ استغراب..؟؟ فضول..؟؟

الحقيقة كان مزيج مركب من كل هذا.

استغرقت إجراءات الدخول لهذه العائلة الصغيرة بعض الوقت تلك العائلة التي لا تعرف حرفا من اللغة الانجليزية عدا ما تعلمته أنا أثناء الدراسة ولعل الجميع يعرف مقدار ما يحصله الطالب من اللغة الانجليزية في مدارسنا.
والحقيقة أن المشكلة انتهت عندما ساعدنا أحد الأخوة العرب جزاه الله خيرا في تعبئة بعض الأوراق وإنهاء إجراءات الدخول.
ذهبنا لإحضار الحقائب فيما أخي الصغير لا يكف عن الصياح والعويل
ولولا احترامي للوالدة لكنت عرفت كيف أجعله يخرس ويبلع لسانه وهل هذا وقت الصياح ؟؟ ( بدأ الفتي يحس هنا بأنه الرجل الذي يحل محل والده في هذه اللحظة وإظهار شنئ من الحزم الذي يقتضيه الموقف).
خرجنا من صالة القدوم لنجد الوالد يدور في الصالة كالأسد الحبيس ومعه كل الحق فعائلته تأخر خروجها من داخل المطار (أعتقد أنه جلس ينتظرنا في مطار هيثروا منذ اللحظة التي أقلعنا فيها من مطار الرياض).
له كل العذرفالذين يستقبلون أقاربهم وعائلاتهم لا يسمح لهم بدخول صالة القدوم مثل ما كان يحدث عندنا في مطار الرياض حيث تستطيع أن تدخل لاستقبال عائلتك واستلام الحقائب بعد استئذان رجل الأمن والتلويح ببطاقة الأحوال.
وكانت تكفي كلمة ( بأدخل أجيب أهلي ما معهم أحد) لكي تنفتح لك الأبواب ويتم الأذن بالدخول ( تغير الحال كثيرا بسبب الإرهاب والأحداث الأخيرة نسأل الله أن يكفي بلادنا شرها).
ضمنا الوالد إليه في شوق ولهفة وهو يكاد يطير من فرحة وصولنا بالسلامة وإنهاء فترة طويلة من القلق والانتظار.
في الحلقة القادمة سوف نتعرف على العائلة البنجلادشية ومدينة كامبريدج وما صاحبها من أحداث وذكريات


رحلتي الى بريطانيا
التعليقات (9)
ميسون محمد
ميسون محمد
شكرا لك
ولقد أستفدت كثيرا بكم عدم سفري إلى بريطانيا
صح أن المعلومات قديمة إلا أنها مفيدة ..
وننتظر منك الحلقة القادمة...

وحيد السفر
وحيد السفر
شكرا لكم 00 وتقرير رائع جدا 00 وانا فى تلك السنة فى لندن لاول زيارة وكان احد الاصدقاء يدرس لغه هناك فى
احد القرى التى تبعد 100 كيلو عن لندن وتجيب ضيقة الصدر ! وكان اسم مدرستة كنج سكول ( مدرسة الملك )
وذهبت اخر مرة 95 00 ومازالت لندن غالية وموت 00 وحسن شى صرحة الهايد بارك 00 متعة 00 لاتنسى 00

Abu sultan
Abu sultan
الأخت ميسون محمد
أشكر لك مرورك وتشجيعك (أنا لي كم يوم منزل الموضوع وفي بالي إني
أكتب عدة حلقات متسلسلة ولكن ما أحد عطاني وجه )
مرورك رفع من معنوياتي قليلا
عندي حلقتين جاهزة بس أحاول إني أرتب الصور
وأبحث عن طريقة مضمونة لإنزالها في المنتدى
وما أدري هل موقع جيران مناسب ولا عليه ضغط جامد؟؟
الأحداث كثيرة ومتشعبة لكن يظهر أنه البداية ما كانت تشجع على مواصلة
القرائة . ان شاء الله الحلقات القادمة تكون مفيدة ومسلية وممتعة أكثر.
وإذا لم أجد التشجيع الكافي منكم بعد حلقتين أو ثلاثة..
با أبطل وأقفل على الموضوع وكأن ما كان لم يكن.
أشكر تشجيعك مرة أخرى.
أخوك أبو سلطان

Abu sultan
Abu sultan
الأخ الغالي وحيد السفر
إنت ثاني واحد يشجعني على المواصلة
ما شاء الله عليك سفراتك لبريطانيا متكررة
أنا بصراحة ودي أرجعلها مرة ثانية حتى ولو كانت غالية
من وطئت قدماه الهايد بارك ومتحف مدام توسو وشاهد القبة السماوية وتمتع
بمشاكسة الحرس الخاص وتجول في شارع إدجار رود
وتنزه في نهر التاميز ودخل المتحف البريطاني
وتجول في حديقة الحيوان
وزار المدن الساحلية
وضبط ساعته على ساعة بيغ بين
لا بد أن يشعر بالحنين إلى العودة ولو طالت السنين.
شكرا لمرورك وتشجيعك.
أخوك أبو سلطان

Abu sultan
Abu sultan
رسالة اعتذار:-
أحب أن ألفت انتباه السادة المشاهدين ( عفوا.. المتابعين) للموضوع
أنني سوف أتوقف عن إنزال باقي الحلقات حتى ينتهى أخونا Esperanza من إكمال
موضوعه عن ماليزيا إذ أنني من المتابعين لموضوعاته التي يكتبها في هذا المنتدى.
كما أنني أنصحكم بتغيير القناة ( عفو.. الموضوع ) والانتقال إلى بوابة السفر
إلى ماليزيا للتمتع بقراءة موضوع أخونا اسبرانزا.
أعتذر منكم مرة أخرى ونلتقي مؤقتا عند بوابة ماليزيا
ادفعوا الباب وادخلو أنتم ضيوف ما انتو اغراب
ترى اسبرانزا لم يبرح جزيرة لانكوي . اسرعوا للحاق به قبل أن ينتقل إلى بينانغ هو
ومضيفته ماليزيا والتي تحاول أن تقنعه وتقنعنا معه بأنها أحلى من اسبرانزا.
الموضوع يحتوي على صور غاية في الروعة لاتفوتكم.

Esperanza
Esperanza
السلام عليكم ورحمة الله
لا لا لا لا لا لا لا
يا ابو سلطان الحين يوم شديتني بموضوعك وطريقة سرد التفاصيل التي لم اقراء مثلها الا في الرويات العالمية تجي و تقول انك بتوقف ، لا تكفي انا الي بوقف الين تكمل القصة لانها بيصراحة روعة من الروايع.
مساحات خضراء شاسعة وبيوت متراصة ذات طراز معماري متقارب مصبوغة باللون القرميدي الأحمر تتساقط عليها حبات المطر في صباح باكر وكأن المدينة بكاملها تغتسل من تعب الليلة الماضية شعور غريب انتابني .. خوف من المجهول ..؟؟ كلا
لهفة ..؟؟ أيضا كلا
إعجاب ..؟؟ استغراب..؟؟ فضول..؟؟
الجزء هذا بحد ذاته عدا الكثير من الجمل الاخري ما بعد شفت زيها ، ونت لك الحين مده ونت تمدح فيني الين انتفخ راسي و طلع ما فية اكبر منه ، بعدها اجي وقراء الجملة هذا و يصغر راسي و اعرف اني امام كاتب لو اراد لاصبح من اكبر الكتاب المعاصرين.
كمل تكفي.

ميسون محمد
ميسون محمد
أكمل الموضوع يا أبو سلطان في أقرب فرصة
إن شااء الله
و أعطينا بلاغ حتى نسوف الموضوع الجميل ..

وحيد السفر
وحيد السفر
شكرا 000 الاخ ابو سلطان 000 وفعلا 00 لو انهم بخلاء 00 وعنصريين 00 لاكن سحر والله لازم ترجع لها 000
ونا مستغرب الكويتيين والقطريين 00 بالالاف هناك 00 واقل سعر فندق فى الكونز وى ب300 ريال 00 والشاورما
والله حرام 000 ب12 ريال 00 حول باويندين 000 ورجعنا للمطار باباص00 ب5 باوند !! يابلاش 0000

Abu sultan
Abu sultan
  1. كنا نتسلى بحركاته المضحكة.

  2. كان اسم المعهد الذي التحقت به هو ستوديو سكول (Studio School)

  3. وكان معهدا يضم أجناسا مختلفة من الطلاب.

  4. (الصورة قريبة من هذه)


الحلقة الثانية من ذكرياتي عن تعلم اللغة الإنجليزية في بريطانيا:
الحقيقة يا Esperanza إن طلبك غالي عليا وواجب التنفيذ كلماتك التشجيعية فوق ما أتحمل وأنا لا زلت متأثرا حتى الآن من إهدائك الرائع ووضع اسمي المتواضع على بعض صورك الرائعة في المنتدى.
انت تأمر أمر.. حاضر وميمون وهذه الحلقة الثانية أرجو أن تحوز على إعجاب الجميع.
بالمناسبة أخبرني خلصت من لانكاوي ولا لسه وإلا أقول لك أنا رايح أشوف بنفسي.
خرجنا من أرض المطار ندفع العربة التي تحوي حقائبنا متوجهين إلى مواقف السيارات إذ كان والدي قد ابتاع سيارة مستعملة لتسهل علينا التنقل وكان لشراء السيارة ميزة ساعدتنا على استكشاف أرجاء بريطانيا والتعرف عليها عن كثب أثناء العطل الأسبوعية إلا أنها في نفس الوقت حرمتنا من ميزة استخدام طرق المواصلات العامة كباصات لندن الشهيرة و ( الأندرجراوند).
لم تكن لندن غريبة على الوالد إذ كان قد زارها قبل هذا التاريخ بخمس وعشرين سنة لتركيب صمام صناعي في القلب.
كانت طريقة القيادة أمر مستغرب لفتى لم ير في حياته مقعد السائق في الجهة اليمنى وخط السير المعكوس رغم أن البريطانيين يرون أن قيادة معظم دول العالم هي المعكوسة.
حدثت بعد ذلك حادثة كان الوالد كثيرا ما يذكرها وأثرت فيه عندما قطع الإشارة وهو غير منتبه منشغلا بالبحث عن مكان ما على الخريطة أوقفه شرطي المرور وقال له ( سوف أكمل القصة عندما يأتي دورها في تسلسل الأحداث وحتى لا يتشتت انتباه قارئ هذه الذكريات).
أخبرنا الوالد فيما بعد كم عانى حتى يتأقلم على القيادة في هكذا وضع.
الطريف أنه عندما عاد إلى الرياض بعد ذلك تطلب الأمر منه فترة ليست بالقصيرة حتى يتعود على القيادة في الوضع الطبيعي المألوف.
قضينا ليلتنا الأولى في أحد الفنادق الصغيرة بالعاصمة البريطانية ثم توجهنا صباح اليوم التالي إلى المدينة التي يدرس فيها أبي والتي سوف تكون أيضا مقر دراستي في معهد اللغة .
آه يا( كامبردج) يا مدينة الطلبة والعلم والطبيعة الساحرة يا مدينة جامعة كامبردج الشهيرة فيك عشت أجمل لحظات العمر.
وصلنا إلى (كامبردج) وكانت السحب تنتشر متفرقة في سماء زرقاء لامعة بعد ليلة ماطرة لترسم لوحة جميلة تمتزج مع روائح الأرض التي ارتوت لتوها من ماء السماء مختلطة بعبير الزهور متوافقة مع أصوات احتكاك إطارات السيارات المسرعة على البرك القليلة المتجمعة أما منزل العائلة البنجلاديشية التي سنستمتع بضيافتهم لعدة أيام.
هل مرت معنا كلمة روائح؟؟ إذا تخيلوا معي رائحة الكاري النفاذة التي استقبلتنا بمجرد أن فتح رب الأسرة البنغالي الباب مرحبا بقدومنا إلى منزله المتواضع.
ومعظم المنازل البريطانية متواضعة حتى بالنسبة لرئيس الوزراء ولعل بعضكم قد شاهد المنزل رقم عشرة الشهير في( داوننغ ستريت) والذي يتم فيه استقبال رؤساء دول في مساحة لا تتجاوز مساحة ملحق في أحد الفيلات الكبيرة بمدينة الرياض.
كانت عائلة البنغالي تتألف من زوجة وابن في الثالثة من العمر اسمه (مقصود)

كنا نتسلى بحركاته المضحكة.

المنزل يتكون من دورين الدور الأرضي صالة استقبال والتي هي في نفس الوقت صالة جلوس يوجد بها تلفزيون وغرفة داخلية من المفترض أن تكون غرفة طعام ولكنه حولها إلى غرفة نوم له ولعائلته فيما كان الدور العلوي يحوي غرفتين أجر لنا إحداها فيما أجر الأخرى على رجل نسيت جنسيته ولم نكن نراه كثيرا على كل حال.
كان بالمنزل باب يطل على حديقة صغيرة مزروعة بالعشب تتبع للبيت ولكن آثار عدم الاهتمام كانت واضحة لمن يشاهدها إذ لم تكن ربة المنزل البنجلاديشية تعتني بها.
لا أدري لماذا فضل الوالد السكن مع هذه الأسرة رغم حرص الكثيرين ممن يذهبون لتعلم اللغة في بريطانيا على السكن مع عائلة إنجليزية .
قد يكون السبب في اعتقادي رغبته في السكن مع عائلة مسلمة لا سيما أن شهر رمضان المبارك كان قد أطل علينا ونحن في بلاد الإنجليز.
آه يا كامبردج يا مدينة الطبيعة والجمال والحدائق الخضراء الواسعة المنتشرة في أرجائك وتلك الأنهار الصغيرة التي تحمل قوارب النزهة الخشبية تنساب بهدوء على سطح المياه الساكن. وتلك الأجساد المتناثرة من الطلبة والطالبات يدرسون ويستذكرون على ضفاف النهر في مشهد بانورامي جميل يبعث على الجد والاجتهاد.
طبعا لم يكن الأكل الذي تطبخه العائلة مما تعودنا عليه فاستلمت الوالدة ( حفظها الله) دفة القيادة وأخذت في تعليم المرأة البنجلاديشية الطبخ السعودي الأصيل بما استطاعت أن تجلبه معها من بهارات ومعلبات من أرض الوطن وطبعا لا ننسى القهوة العربية التي لاغنا للسعودي عنها وخاصة في رمضان بالإضافة إلى التمر السكري وبعض الخلاص وقليلا من نبوت سيف ( أسماء بعض أنواع التمر لمن لا يعرف) .
تخيلوا معي المنظر ونحن نتربع ثلاثتنا الوالد والبنجلاديشي وأنا لنتناول إفطارنا المكون من القهوة الممزوجة بالهيل والزعفران وبعض حبات من الرطب ورشفات من الماء البارد قبل أن يصلي بنا الوالد صلاة المغرب.
ولم يكن ينقصنا لإكمال هذا الجو الروحاني الجميل سوى سماع صوت المؤذن عبد الرحمن بن ماجد من إذاعة القرآن الكريم يصدح بأذان المغرب من جامع الإمام تركي بن عبد الله بمدينة الرياض.
افتقدنا منظر المصلين في مكة والمدينة ونحن نشاهدهم على شاشة التلفزيون يتحلقون حول الموائد الممدودة داخل الحرم وفي ساحاته الخارجية بانتظار سماع الآذان لتناول الإفطار.
لقد أبدى أخونا البنجلادشي والذي لا أذكر اسمه ولا ماذا كان يعمل إعجابه بالقهوة العربية والتي أهديناه بعضا منها عندما غادرنا منزله فيما بعد.
أنا أحترم وأقدر الشوربة (الحساء) كثيرا واعتبرها ضرورة من ضروريات الحياة فما بالك في رمضان؟؟!
ولكن كيف تطبخ أمي شوربة الكويكر أو القمح الذي أحضرته معها من الرياض ولا يوجد في المدينة لحم أو دجاج مذبوح حسب الطريقة الإسلامية؟؟
على حد علمنا في ذلك الوقت.
أما بالنسبة للسمبوسة فانسوا أمرها فليس بالسمبوسة وحدها يحي الإنسان.
حل لنا هذه المشكلة أخونا رب العائلة البنجلاديشية ودلنا على صاحب ملحمة تركي يبيع اللحم الحلال... فتم حل المشكلة في الحال.
وجاء موعد بدأ الدراسة في المعهد فاصطحبني الوالد إلى مدخل المعهد وسلمني إلى أحد المدرسين وذهب ليلحق بمعهده هو الآخر على أمل أن يأتي ليأخذني بعد انتهاء الدوام حوالي الساعة الخامسة.

كان اسم المعهد الذي التحقت به هو ستوديو سكول (Studio School)

وكان معهدا يضم أجناسا مختلفة من الطلاب.

دخلت إلى قاعة كبيرة أرضيتها من الخشب وطلب مني المشرف أن أنتظر حتى يتم توزيعنا حسب أعمارنا ومستوياتنا كانت القاعة تحتوي على خليط من مختلف الجنسيات فجلست على الأرض الخشبية إذ لم تكن توجد كراسي في انتظار المناداة على الأسماء.
كانت مجموعتنا تتكون من عشرة أشخاص خمسة من إيطاليا (ثلاثة طلاب وطالبتين) واثنان من فرنسا (طالب وطالبة) وطالبة من سويسرا وطالبة من أسبانيا وطالب من المملكة العربية السعودية ( أعتقد أنكم عرفتم من هو).
كان الفصل الذي اصطحبتنا فيه المعلمة يقع في مبنى قريب من القاعة يحوي عدة فصول من أغرب الفصول التي شاهدتها في حياتي.
يحتوى الفصل الذي ضمنا على طاولة كبيرة كالطاولة المستخدمة لتناول الطعام تحيط بها عشرة كراسي .. سبورة وطباشير.. بيانو أسود ضخم..
دولاب شبيه بدولاب الملابس.. وسرير ( لعل المبنى كان فندقا واستأجره المعهد).

(الصورة قريبة من هذه)

بدأت المعلمة في التعريف بنفسها وشرحت لنا طبيعة الدراسة والتي تنقسم إلى قسمين دراسة نظرية في الصباح من الساعة التاسعة وحتى الحادية عشر أو الثانية عشر ظهرا يعقبها فترة راحة تتراوح ما بين ساعتين إلى ثلاث ساعات
حتى الثانية ظهرا يقضيها الطالب كما يحلو له وبعد ذلك قسم عملي عن طريق المشاركة في رحلات وأنشطة في الهواء الطلق تساعد في التدريب على المخاطبة وتنمية مهارات استخدام اللغة حتى الساعة الخامسة.
بعد ذلك دخل علينا المعلم الذي سوف يكون مسئولا عن تعليم مجموعتنا
طوال فترة الدراسة والذي سوف يشاركنا في مختلف الأنشطة و أظن أن اسمه كان (بيتر). لا أدري ما السبب في أن معظم أسماء البريطانيين( بيتر) و(جون) حتى في الكتب المدرسية تجد دائما اسم (جون براون) يتكرر دائما.
مضى الوقت في توزيع الكتب الدراسية و(الدردشة) ومحاولة التعرف وتشجيعنا على التحدث مع الآخرين.
أتى الوالد حسب الموعد في نهاية اليوم ليصطحبني إلى المنزل بعد اليوم الأول الذي قضيته في المعهد عائدين إلى منزل العائلة البنجلاديشية والعجيب أنني لم أكن أشعر بالجوع أو العطش على الرغم من ساعات الصيام الطويلة والتي كانت تقرب من ثمانية عشر أو تسعة عشر ساعة متواصلة.
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة لأقص عليكم قصة انتقالنا من منزل البنجلاديشي واستئجاري لدراجة هوائية (لا يزعل أخونا راعي السيكل) وبداية احتكاك كاد أن يتطور إلى تشابك بالأيدي مع بعض طلاب مجموعتي المشاغبين في المعهد والسبب هو (انتظروا الحلقة القادمة).


خصم يصل إلى 25%