- لكل زمن مظاهره الخاصة
- تطورت الإمارات وبقي العيد فيها جميلاً
- يا حلاوة العيد
- أمس الأجمل
- أولادنا لا يشعرون بالفرحة
لكل زمن مظاهره الخاصة
تطورت الإمارات وبقي العيد فيها جميلاً
بين الأمس واليوم تغيرت مظاهر الاحتفال بالعيد حسب التطورات التي لحقت بالعصر، رغم ثبات المظاهر الرسمية التي ظلت كما هي. يقول الباحث في تراث الإمارات الدكتور فالح حنظل إن مظاهر الاحتفال بعيد الفطر المبارك في أبوظبي تحديداً كانت تبدأ بعد صلاة العيد في تمام الساعة العاشرة صباحاً بالسلام على الشيوخ،
وكان المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان يفتح قصره لاستقبال جموع المواطنين الذين يأتون لتهنئة سموه بالعيد، وكان المهنئون يجتمعون على مائدة الطعام التي كانت تمتلئ بما لذ وطاب من أشهى المأكولات، وكان من ينتهي من تناول الطعام يخرج من الباب المخصص لذلك، ليفسح المجال لباقي أفراد الشعب الذين كانوا يأتون في تتابع مستمر،
وصاحب ذلك وجود كم من الشعراء الذين يأتون بقصائدهم ليلقونها في حضور الشيخ زايد »رحمه الله«، ومعظم المراسم تنتهي في تمام الساعة 12 ظهراً، وما زالت تلك العادة الجميلة حتى يومنا هذا، وهي تدل على عدم وجود حاجز بين الحاكم وشعبه،
أما على المستوى العادي فقد حرص وجهاء القوم على فتح أبواب بيوتهم لاستقبال المهنئين بالعيد ودعوتهم إلى مائدة الطعام، أما على المستوى الشعبي فلم تعرف مدينة أبوظبي تجمعاً للأطفال كما كان يحدث في (الرولة) في مدينة الشارقة، وإن حرص المواطنون على التزاور وارتداء الملابس الجديدة، كما أنهم يعقدون قران العرائس في العيد (الملكة) حتى يكون الزواج مباركاً.
يا حلاوة العيد
(العيد زمان يا حلاته)، هكذا بدأت حديثها معنا الدكتورة أحلام جاسم الحوسني مديرة التنمية الإدارية في وزارة الصحة ورئيسة جمعية مرشدات أبوظبي، وأضافت: »كنا ننطلق في (الفريج) لاستقبال العيد ولا نعيش في حالة عزلة كما تفرضا علينا تلك الأيام، وكانت فرحتنا كبيرة بشراء ملابس العيد البسيطة، لأننا لم نكن نشتري الجديد يومياً كما يفعل أولادنا الآن،
وكانت النساء يستعدن للعيد بمساعدة بعضهن البعض على إعداد الحلويات الشعبية مثل العصيد والساجو والبلاليط واللقيمات، وكن يعددن حب الهريس الذي كان يتطلب وقتاً ومجهوداً لصنعه، وكان لا بد من ذبح الذبائح وكانت البيوت مفتوحة لكل العابرين والمهنئين،
ويبدأ الاحتفال بالعيد بعد عودة الرجال والأطفال من أداء الصلاة في المسجد، وكان الأطفال ينطلقون إلى بيوت الفريج ليأخذوا العيدية وليأكلوا الحلويات التي توزعها نساء الفريج، كما أننا كأطفال نمارس ألعابنا الشعبية مثل »الخيلة والحجلة والاستغماية« وكنا نلعب ونلهو بفرح لا ينتهي.
ورغم اختلاف مظاهر استقبال العيد في يومنا هذا بسبب الطفرة الاقتصادية التي باعدت بين الناس، سواء كان ذلك من خلال العمارات العملاقة التي يعيشون فيها أو حتى الفيلات المنفصلة المتباعدة، أو بسبب انشغال الناس بأعمالهم وأنفسهم،
إلا أننا في الإمارات مازلنا نحافظ على عاداتنا العربية الأصيلة من خلال ارتداء الملابس الشعبية والتخضب بالحناء التي تطورت لتصبح بتلك النقوش الجميلة، والتطيب بالبخور والعود، والحرص على وجود أكلاتنا الشعبية على مائدة الطعام بجانب الأطعمة المختلفة التي عرفناها من خلال تواجد العديد من الجنسيات العربية والأجنبية بيننا.
وتضيف أحلام الحوسني قائلة: أما عن أولادي فإنني أحاول دائماً أن أجعلهم يتمسكون بعاداتنا وتقاليدنا الجميلة والتي تحثنا على التراحم والتواصل بين الأهل والأقرباء وحتى الجيران، وأحرص على إعطائهم العيدية لينفقوا منها أو ليشتروا بها أشياء ربما تنقصهم ويحتاجونها، وفي اليوم الأول أتركهم يتزاورون مع أصدقائهم وأرفض أن يخرجوا إلى مراكز التسوق نظراً للازدحام الشديد، أما الخروج إلى السينما فيتم في نطاق ضيق ومحدود وبمراقبة مني.
أمس الأجمل
سيدة الأعمال فاطمة التميمي ترى أن مظاهر الاحتفال بالعيد كانت أجمل قبلاً فالفضائيات والتطور الإعلامي اللذان سيطرا على حياتنا جعلانا لا نشعر بحلاوة العيد،
وكيف نفرح باستقبال العيد والأخبار تطالعنا بالحروب وويلاتها في كل مكان في العالم كيف نفرح ونحن نرى الفزع في عيون الأطفال والنساء والعجائز، وكيف نفرح والعالم مليء بالأوبئة والأمراض التي تحاصرنا وتنتقل إلينا من كل مكان حتى من الطيور المصابة بالإنفلونزا أو من البقر المصاب بالجنون.
وتتذكر فاطمة التميمي أيام طفولتها قائلة: كنا ننتظر بفارغ الصبر التجهيزات التي تقوم بها الأمهات للاستعداد للعيد، وذلك من خلال زيارة الأسواق لشراء الملابس الجديدة أو شراء الأقمشة لتفصيل الكنادير عند الخياطين، وكانت الأمهات تفضلن الخياطة على شراء الملابس الجاهزة،
وكانت ما تختاره الأم من ثياب نفرح به ولا رأي لنا فيه، وكنا نجتمع في أول أيام العيد في بيت الجد والجدة أي بيت العائلة الكبير، وتكون الفرصة جيدة للالتقاء بجميع أفراد العائلة، وكنا نفرح كثيراً بالعيدية والتي كانت تعادل الدرهمين وكنا نستطيع بها شراء ساندويتش وغرشة بيبسي وأشياء أخرى،
وكنا نجمع العيدية من الأهل والأقارب وكنا نتباهى بالمبلغ الذي استطعنا جمعه، الآن تغيرت الدنيا، أولاد هذا العصر يطلبون عيديتهم باليورو، و500 درهم لا تكفي، وهم معذورون فالدنيا تغيرت وأصبحت الحياة أكثر تطوراً من قبل فلم يكن في أيامنا مراكز تجارية للذهاب إليها ولم تكن هناك مطاعم لاصطحاب أصدقائنا إليها كما يفعلون هم اليوم، وكانت نزهتنا محصورة فقط بين الحدائق والبحر.
أولادنا لا يشعرون بالفرحة
»أولاد هذا الزمن لا يشعرون بفرحة العيد الذي تغيرت مظاهره كثيراً عن أمس«، هذا ما يقوله الإعلامي المتميز عيسى الميل، ويضيف: »كنا نستقبل العيد بالكنادير التي كانت تفصلها لنا أمهاتنا، وكنا نلهو سوياً في الفريج وكانت أبواب الفريج كلها مفتوحة لنا ندخل البيوت ونأخذ العيدية والحلويات، ونلعب سوياً ألعابنا الشعبية البسيطة،
أما الآن فأولادنا نخاف أن نتركهم في الشارع وذلك بسبب تغير الحياة الاجتماعية ووجود عمالة أجنبية نخاف من ترك أولادنا بينهم، كما أن أبواب البيوت أصبحت مغلقة لا تسمح للعابرين بالدخول إليها، فلم يعد أولاد هذا الزمن يحتمون ببيوت الفريج كما كنا نفعل من قبل،
ورغم زحف المدينة والعمران والتطور إلا أننا في الإمارات نحرص على التواصل فيما بيننا، ونحن مجبورون أيضاً لمسايرة أولادنا فيما يحبونه من استقبال العيد على طريقتهم سواء بتناول الغداء في مطاعم »التيك أوي« وغيرها«.
ويؤكد مذيع فضائية أبوظبي عبد الرحيم البطيح أن فرحة العيد »لا يشعر بها سوى الأطفال ونحن نقول إن مظاهر الاحتفال بالعيد بالأمس كانت أجمل من اليوم وهذا لأننا كنا بالأمس أطفالاً نلعب ونلهو ببراءة ولا نعرف عن الدنيا شيئاً،
وغداً سيقول أولادنا الكلام نفسه الذي نردده نحن عن العيد سيقولون إن العيد في زمانهم أفضل كثيراً من زمان أولادهم وهكذا، وعن نفسي كنت أطير فرحاً عندما يعلنون عن العيد في التلفزيون وأظل أنتظر الصباح بفارغ الصبر حتى أرتدي كندورتي الجديدة وأذهب للصلاة في المسجد ثم أعود لأقراني في الفريج لنلعب سوياً أو لنذهب للحدائق، وفي اعتقادي أن لكل زمن مظاهر خاصة للاحتفال بالعيد، وقد تغيرت الإمارات وتطورت بشكل يجعل فيها أيام العيد من أجمل الأيام«.
وتؤكد شمس السعدي مذيعة قناة الإمارات أن »العيد هو عيد الأطفال، ونحن دائماً نرى العيد قديماً أفضل لأننا نكون صغاراً بصحبة أبوينا واخواننا، ونفرح بالعيد لأننا نكون في انتظار زيارة أهلينا وأحبائنا، أما في الكبر يتفرق الاخوان بسبب العمل أو الدراسة في الخارج وقد يتفرق الأهل والأحبة بسبب بعد الأماكن أو بسبب ظروف الحياة وغيرها، وفي النهاية ما زلنا في الإمارات نستقبل أعيادنا بالحناء والبخور والكعك والخبيص والهريس.
منقول