- :x1: :x1:
- تصريح السفر إلى تايلند: لغز بيروقراطي في الجوازات
مقال رائع للأروع محمد حسن علوان في جريدة الوطن السعودية ينتقد فية قرار منع السفر الى تايلند
:x1: :x1:
تصريح السفر إلى تايلند: لغز بيروقراطي في الجوازات
جريدة الوطن السعودية.. وهذه دعوة مفتوحة لجميع القراء للمشاركة في حل هذا اللغز البيروقراطي. وحتى لا تبدو المقالة واحدة من سلسلة المقالات المعتادة التي تنتقد جهازاً للخدمات الحكومية فحسب، فستكتفي بعرض النظام ونقده كما هو دون محاولة مطولة لطرح الحلول ما دامت أغلب المعلومات الضرورية مغيبة تماماً، وما دام القائمون على تطبيق القرار أنفسهم لم يملكوا حل هذه العقدة أيضاً عندما جوبهوا بالأسئلة العادية، وكذلك، وهو الأهم، لأن لغزاً بيروقراطياً من هذا النوع لا يبدو لي من (سهوات) النظام وقصور موارده، بل يبدو أنه مصاغ بنية واضحة للتعقيد، لأسباب لا يرى المسؤولون حتى الآن ضرورة تبيانها للمواطن.
أعتقد أن قرار المنع من السفر إلى أي دولة هو قرار سيادي، تختص باتخاذه القيادة العليا لمعطيات لابد أنها تستحق حجم المنع، ولاعتبارات سياسية قد يصعب طرحها على المستوى الشعبي، ولذلك فهذا ما لا تناقشه هذه المقالة، بل تناقش استثناءً صغيراً من النظام يجيز السفر إلى تايلند للتعاملات التجارية فقط، وبتصريح مسبق من المديرية العامة للجوازات، وفي هذا الاستثناء تحديداً يكمن اللغز البيروقراطي الذي تطرحه المديرية العامة للجوازات يومياً على مراجعيها، وهو شروط الحصول على هذا التصريح.
أول هذه الشروط هو أن تكون مهنة المواطن في الأحوال المدنية (تاجر) أو (رجل أعمال). وهو شرط غريب فعلاً، إذ درجت العادة في الشركات التي ترغب في التبادل التجاري مع دول أخرى أنها تبعث مندوبي المشتريات أو بعض التنفيذيين للتفاوض باسم الشركة، وهؤلاء في النهاية (موظفون) وليسوا تجاراً أو رجال أعمال. وبالتالي فإن التفسير المطروح لهذا الشرط الغريب هو أنه في حال رغبت أي شركة سعودية في التبادل التجاري مع تايلند، فعليها أن تبعث (مالك) الشركة شخصياً لإتمام الصفقة، أما الشركات المساهمة مثلاً، والتي يملكها آلاف الأشخاص، فقد تكون عاجزة تماماً عن الاستفادة من هذا الاستثناء كونه ليس بالضرورة أن يكون أعضاء مجالس الإدارات (تجاراً) أو (رجال أعمال)، وفي حال كانوا ذلك، فعلى مصرف الراجحي مثلاً أن ينتدب الشيخ سليمان الراجحي شخصياً إلى تايلند، بصفته الشخص الوحيد المخول للاستفادة من هذا الاستثناء في النظام، أما شركة سابك، فللأسف أنها مهما حاولت، فلن يمكنها أن تنتدب أي شخص يمثلها في تايلند، وذلك لأنه حتى رئيس مجلس إدارتها شخصياً، سمو الأمير سعود بن عبدالله بن ثنيان آل سعود، موظف حكومي!
إلام كان يهدف من وضع هذا الشرط؟ الشرط يبدو بوضوح أنه ينتج عنه تقليص التعاملات التجارية مع تايلند إلى حدودها الدنيا. إذا كان هذا هو المطلوب، فلماذا يمارس (المكتب التجاري التايلندي) نشاطه بكل حرية في قلب مدينة جدة، فيعرض منتجات تايلند الوطنية، ويراسل رجال الأعمال السعوديين، ويعد قوائم شهرية بالمعارض الدولية المقامة في تايلند، بل يقدم إقامة مجانية فاخرة لأي مستثمر سعودي يبدي رغبة، مجرد رغبة، في زيارة تايلند!
ولماذا تخصص الخطوط السعودية، وعبر موقعها الرسمي على الإنترنت، رحلتين أسبوعيتين مباشرتين من الرياض إلى بانكوك (بالتعاون مع طيران الخليج)؟ ولماذا أصلاً تسمح المديرية العامة للجوازات لأصحاب المؤسسات الفردية والشركات التي يحمل مالكوها مهنة (تاجر) أو (رجل أعمال) بإقامة علاقات تجارية مع دولة يمنع النظام المواطنين من زيارتها، بينما تمنع الشركات الكبيرة والمساهمة من ذلك؟ ألا يبدو هذا فعلاً لغزاً بيروقراطياً إلى حد أنه لم يستطع أحد كبار مسؤولي الجوازات السعودية برتبة عقيد الإجابة عليه عندما طرح عليه السؤال في مرحلة الإعداد لهذه المقالة؟
الشرط الثاني للحصول على تصريح السفر هو أن يثبت الراغب في السفر وجود تعاملات (سابقة) مع أي شركة تايلندية، أياً كان حجمها. وهذا الشرط غريب أيضاً لسببين: الأول لأنه يمنع تماماً (البدء) في علاقات تجارية مع تايلند، بينما يسمح ب(الاستمرار) في العلاقات السابقة. وهذا يعني السماح لفئة محظوظة من السابقين الأولين من التجار بالاستفادة المفتوحة من هذا النظام، ويحرم كل المتأخرين منهم من الاستفادة من نفس النظام، وهي تفرقة (نظامية) ليس لها محل في النظام التجاري السعودي القائم على تكافؤ الفرص ومبدأ التنافسية فإما أن تمنع الجميع أو تسمح للجميع. والسبب الثاني، أن الغرفة التجارية، وهي الجهة المخولة لتدقيق نوع التعامل التجاري مع تايلند، لا تشترط لإثبات سابق التعامل أكثر من (خطاب دعوة) بدون أي تصديقات من السفارة التايلندية أو أي جهة رسمية أخرى. وهذا يعني أن التثبت من مصداقية الدعوة ليس شأناً ذا أهمية لدى الغرفة التجارية التي تقوم بذلك فقط كعنصر مساند للمديرية العامة للجوازات، التي بالتأكيد، لا تعنيها الشؤون التجارية بقدر ما تعنيها مهنة طالب التصريح.
الألغاز البيروقراطية عادة ما تتشكل لأسباب قليلة ومعدودة، منها ضعف التواصل بين الجهة الحكومية والمستفيدين من أنظمتها، وضعف التواصل بين متخذ القرار ومنفذيه، وضعف ثقافة (المطالبة) بالتبرير أو التفسير، والتي يمعن في تغييبها عدم استشعار المسؤول الحكومي بأنه يتحمل على عاتقه مسؤولية تفسير النظام مثلما يتحمل مسؤولية تطبيقه. كل هذه أسباب محتملة وراء لغزنا هذا، ولكنها في نفس الوقت موعودة بالبقاء لزمن طويل دون علاج لقلة عدد المستفيدين من النظام بالتحديد، مما يشكل دافعاً أقل أمام المسؤولين الحكوميين لوضعه على طاولة النقاش، جوار ألغاز بيروقراطية أخرى، أكثر إلحاحاً ومصيرية.
لغز تصريح السفر إلى تايلند مطروحٌ على القراء، والمديرية العامة للجوازات، والغرف التجارية في كافة مدن المملكة لمساعدة المواطنين في حله!