- د. محمد عبدالله الخازم
د. محمد عبدالله الخازم
تعودت أن أكون متأملاً لما يحدث من تغييرات في المناطق التي أزورها بشكل متكرر، وفي زيارتي الأخيرة لمنطقة الباحة وقفت متأملاً على أطلال القرى القديمة فكانت الملاحظة بارزة في حركة العمران، التي أخرجت كثيراً من الأسر من بيوتها القديمة إلى بيوت إسمنتية حديثة، بل وهروب الأسر من البناء في مواقع القرى التقليدية إلى البناء في أطراف القرى وسفوح الجبال والأودية. الغريب في ظاهرة البناء تلك هو عدم توافقها مع كثافة السكان المقيمين بشكل دائم في المنطقة بل تفوقها بشكل كبير، وذلك بسبب استمرار هجرة سكان المنطقة للمدن الكبيرة مع رغبتهم في بناء منازل خاصة بهم في القرى التي غادروها. لماذا يبني احدنا منزلاً فخماً في مكان إقامته فيه لا تتجاوز الشهر الواحد في السنة أو السنتين (موسم الإجازة)، وفي نفس الوقت لا يبني منزلاً مماثلاً في المكان الذي يقيم فيه معظم اشهر السنة، مقر عمله بالمدينة؟
قد يرى البعض بأن تلك الظاهرة تمثل مؤشر انتماء إيجابي من أبناء المنطقة لقراهم، والبعض الآخر قد يراها دليل شعور ابن القرية بعدم الانتماء للمدينة وعدم الاطمئنان لمستقبله ومستقبل أسرته بالمدينة التي يعمل بها ويدرس بها أبناؤه وبناته، وبالتالي فإن حركة البناء تلك تأخذ بعداً اجتماعياً أكثر منه اقتصادياً.
في مجال البناء بقرى الجنوب، وكما أشرت يلاحظ التوجه نحو البناء في أطراف القرى والأودية بشكل أفقد بعض القرى وحدتها العضوية المكانية، حيث لم تعد بيوت القرية متجاورة كما في السابق، وأصبح هناك هاجس أمني وتنموي في توفير الخدمات الأساسية حيث أصبح المطلوب توفير الخدمات لكل بيتين أو ثلاثة في منطقة بعيدة عن الأخرى. البعد الاجتماعي تأثر كذلك، حيث تباعدت الأسر وتقلصت العلاقات الاجتماعية التي كانت سائدة بالقرى، وكأن الحاجة الامنية والاقتصادية كانت الدافع الذي بانتفائه لم يعد أهل القرية بحاجة كبرى إلى مساندة بعضهم البعض...
لست أدري، هل هوية القرى الجنوبية تتطور أم تذوب وتتلاشى؟ هذا الموضوع يحتاج تحليلا متخصصا، لكنني أطرح ملاحظاتي وأخشى الحكم على القرية الجنوبية بأنها تفقد هويتها بشكل متسارع، فهي أصيبت بهوس البناء العمراني الحديث، الذي قابله أو صاحبه انغلاق اجتماعي يتنكر لعادات القرية التي كانت أقرب للأسرة الواحدة يتعاون أفرادها بشكل دائم في الحرث والحصاد وكل شؤون القرية.
التوجه نحو البناء الحديث صاحبه إهمال المنازل والقصور والقلاع والحصون القديمة، وهناك خشية حقيقية من ضياع تراث معماري وتاريخي هائل بالمنطقة، نتيجة لذلك الإهمال، الذي يقدم شهادة أخرى على توجه القرى نحو الانسلاخ من ماضيها وتراثها...
منقول من جريدة الرياض (نقطة ضوء)
ياشيخ روح ربنا يجعل لك بكل خطوة سلامة
ياشيخ روح بنا يفتح الخير بوشك ووش اللي جابك واللي دلك على المنتدى
سلمت أنامل الدكتور ، التي سطرت هذه الكلمات التي أرى من خلالها نور الفكر النير ، وحرقة الماضي الدفين ...
أخي ابن السعودية ، الشيء الذي أثر في نفسي أكثر من كلام الدكتور وفقه الله ، هو أن البعض يقوم بهدم البيوت القديمة التاريخية ، ويبني مكانها بيتا ً حديثا ً ... فهذه طامة أكبر من تلك ...
حسافة على البيوت القديمة ، والله كانت مصانعا ً للرجال ، والأن للأسف ،، راحوا الرجال وراحت معهم بيوتهم ...
تقبل تحياتي بارك الله فيك