خوله حياتي
03-12-2022 - 04:49 am
من غرائز البَشر حب الإطلاع و سبر أغوار الغموض والغوص في أعماقِ أي شيء لاكتشافه ، ذلكَ هو المغرب الحَبيب الذي كتبت فيه الأدباء والمثقفين أروع ملاحم العشق وصُنِف بأنهُ على قمة هرم الجمال والراحة النفسية والسحر الحَلال .
وهُنا سأحاول الغوصَ في أعماقِ المشاعر والأحاسيس المختلفة للبشر تجاه مغربنا الحَبيب ، وسألخص (حسب خبرتي المتواضعة) تفاوت درجة العشق لهذا البَلد ومرئيات الغالبية العُظمى وأحوالهم قبل السفر وبعد السفر .
لدينا أصناف عديدة من عشاق السَّفر دونَ شك ، لكن دعونا نتطرق إلى لأحاديث عشاق المغرب ، أكاد أجزم بأنهُ يسأل نفسه كثيراً ويعاتبها لماذا لم أسافر إلى المغرب ومتى سأسافِر و ما الذي يوجد بالمغرب ولا يوجد في سواه من الأقطار ؟
صاحبنا هذا ستكونُ معدلات الحيرة لديه عالية جداً ونسبة الاشتياق متذبذبة حتى موعد قطع التذكرة وفي أثناء السفر سيرهقُ تفكيره بأمور كثيرة يسأل عنها كثير من المسافرين ، حيث ستراوده الأسئلة المتعلقة بالمصاريف والسكن وأماكن النُزهة و طريقة العيش واللهجة المغربية
والأسواق والأماكن التراثية إلخ ..!
بل وقد يسأل أسئلة لا تخطرُ على بالِ أحد نظراً للدهشة الممزوجة باستفساراته رغبةً منه في أخذ احتياطات السفر اللازمة ، سأغوص في أعماق هذا الشخص بادئ الأمر !!
نجدهُ مندفعاً جداً يبحثُ عن أي شيء يساعده في هذهِ الرحلة ، يرسم استفهامات كثيرة على خرائط تفكيره يحاول إيجاد الإجابات بشتى الطُرق ، يسأل هُنا وهُناك وفي المواقع الالكترونية
وفي سماء تفكيره كثير من الغيوم التي ما تكاد أن تنقشع حتى يبللهُ مطر الصمت والتَردد .
بعدها يصلُ إلى مرحلةِ ما قبل السفر والتي غالباً ما تكون لياليها طويلة على المسافر ،لأن التفكير أثقله انتظاراً لمعانقةِ (مطار محمد الخامس) وكيف ستكون الأمور و و و و !!
صاحبنا هذا ستكون التذكرة في مأمنٍ من كل شيء وسيتفحصها كثيراً ولن يصدق ما يراه ، رغم أنها مجرد مواعيد وأرقام رحلات لكنها بمثابة صك زيارة المغرب الحَبيب ..!
بل سمعتُ ورأيت وخاطبت أناساً ظننتهم من (مزاعيط المغرب) لما يمتلكونه من مخزون لفظي لا بأس به في اللهجة المغربية وبعض المعلومات عن المدن ، و صدمت حينما قالوا لي : لم نزر المغرب إلى الآن !!
تلك مرحلة العشق الأولى ، أ لم يقولوا بأن الأذن تعشقُ قبل العينِ أحيانا ؟
بل ذُكر في التاريخ بأن أحد الخُلفاء الأمويين دخل في قلبه حُب جارية في الحلم !!
حتى بحث عمن تشبهها و تزوج بها !!
سيكونُ المطار بالنسبة له أجمل مكان وهو متجه إلى منبتِ الأحرار مغربنا المعشوق وستكون أنفاسه ونبضات قلبه متأقلمة مع هذا الحَدَث ومن يعلم قد تكون هذهِ الرحلة بوابةَ (العشق) والزعطة ال (كَبيرة) ..!
ام
لن أواصِل إلا بعد أن يساعدني عشاق المغرب في الغوصِ و اكتشاف محيطات الأحاسيس !!
وسأعود فإن الأوكسجين سيملأ رئتي للغوصِ مجدداً في شخصياتٍ أُخرى ..!
سأواصل
لن أمهلكم الكثير للغوص ، فإني أخشى أن تخونني الحروف والذاكِرة قد تمحها لواعج الصمت ..!
أنهى صاحبنا كل الإجراءات وصعد إلى الطائِرة ، تحدوه الآمال لمعانقة سماء المغرب بل لا تفارق الابتسامة ملامحه ، كونها أول رحلة له فإنها ستكون في الذاكِرة باقية لمدة طويلة .
يتساءل في نفسه : كيف ستكون اجراءات المطار هناك ؟ والجمارك ؟ وسيارات الأجرة ؟
هل سأواجه صعوبات هل و و و و ؟
ولو علم صاحبنا بأنه مجرد أن يقطع (البوردنق) بطاقة صعود الطائرة إلى المغرب فإن الأمور كلها تصبح سهلةً للغاية ، هكذا رأيتُ الوضع شخصياً ولا اعلم إن كانت تختلف الأمور لدى الغير أو تكون هنالك منعطفات أخرى .وصل إلى نافذة الجوازات ، طلبوا منه الورقة ، يتأملُ الحشود التي في المطار وستتجه عينهُ نحو تلك اللافتة الزرقاء في أقصى اليسار التي تخولُ رجال الأعمال والشخصيات الدخول منها أو من له صلاحية العبور من تلك الجهة ، إنها في أقصى اليسار يا صاحبي ..!
الورقة البيضاء يأخذها موظف المطار وصاحبنا يتجهُ بعدها إلى إجراء آخر ، يجدُ ذلك الشُرطي يسأله عن الجواز وقد يتمتم ببعض الكلمات وقد يرتبك صاحبنا لكنه سيجتازُ الوضع وسيكون في المضمار لاحقاً ..!
إلى الأمتعة ، إلى لحظات الانتظار ..!
و و و و و و !!
شاركوني
فإن الأوكسجين بدأ ينفدُ تدريجياً ويجب أن أعود إلى سطحِ المُحيط