- 4- ابيه وامه..
- من اقواله..
كنت قبل سنين مضت..اتصفح كتاب مصارع العشاق للشيخ الدكتور عائض القرني ..
فوجدته ذكر في احد السطور..جمله ...عن النورسي...وقال عنه ..انه النور الذي نُسي...
فاحببت البحث وراء هذا الاسم..ووجدت مطلبي في كتب تلاميذه والمؤرخين عنه..واحب ان اذكر نقاطا قبل التطرق لسيرته تريح القاريء ..وتتضح الصورة امامه..
1- النورسي هو بديع الزمان سعيد النورسي..وبديع الزمان حسب مافهمت لفظ او منصب يُطلق على المتبحر في علوم الدين بعد اجتيازه مراحل معينه..عاش رحمه الله نصف عمره ايام الخلافه والباقي بعد غروبها..
2- هو لم يُنسى رغم كل ماحصل فتعداد اتباعه فاق النصف مليون بل يسجل المؤرخين له.. صموده ضد تيار العلمنه التغريبي وتركه للسياسه واتجاهه لتصحيح ايمان الناس ليتعلقوا بربهم...ومن ذلك قوله ((إن غايتي إصلاح الأسس التي يُبنى عليها الإيمان، فإذا أصبح الأساس صلباً قوياً، فلا يؤثر فيه مؤثر بعد ذلك حتى الزلازل)).ومع ابتعاده عن السياسه لم يتركه السياسيون فسجنوه وسمموه وراقبوه واخيرا بعد موته..احضروا اخاه لينبش قبره...ولايُعرف له قبر للان رحمه الله..وسبحان الله ..كانت احدى رغباته ان يُجهل محل قبره..
3- الرجل له كلمات لها عمق غير عادي حتى تحسبه فيلسوفا..ثم تقرأ له فتستيقن ان هذا الرجل ليس عادي..فلا تغتر بماساكتبه اخي القاريء ولاتحسبني سانقل الصورة الكامله ولاحتى النصف كامله عنه رحمه الله..
4- ابيه وامه..
أسرته الصغيرة المكوّنة من أب تقي ورع، بلغ به ورعه شأواً صار فيه مضرب المثل..فالوالد لم يذق حراماً قط، ولم يطعم أولاده من غير الحلال، حتى إنه كان إذا رجع بمواشيه من المرعى، شدّ أفواهها لئلا تأكل من مزارع الآخرين
وكانت أمّه الصالحة التقيّة (نورية) لا ترضع أطفالها إلا وهي على طهر ووضوء وقد قال النورسي عنها يوماً:
"أقسم بالله، إن أرسخ درس أخذته، وكأنه يتجدّد عليّ، إنما هو تلقينات أمي -رحمها الله- ودروسها المعنوية، حتى استقرتْ في أعماق فطرتي، وأصبحتْ كالبذور في جسدي، في غضون عمري الذي يناهز الثمانين، رغم أني قد أخذت دروساً من ثمانين ألف شخص. بل أرى يقيناً أن سائر الدروس إنما تُبنى على تلك البذور
من اقواله..
إن لم يكن لفكر الجماعة غاية وهدف مثالي، أو نُسيت تلك الغاية، أو تنوسيت، تحوّلت الأذهان إلى أنانيات الأفراد، وحامت حولها، أي يتقوى (أنا) كل فرد، وقد يتحدد ويتصلّب، حتى لا يمكن خرقه، ليصبح (نحن ) فالذين يحبون (أنا) أنفسهم، لا يحبون الآخرين حباً حقيقياً...
ويقول؛
إن ظهور أكثر الأنبياء في الشرق، وأكثر الفلاسفة في الغرب، رمز للقدر الإلهي بأن الذي يستنهض الشرق ويقوّمه إنما هو الدين والقلب، وليس العقل والفلسفة
ومن ماحفظته عندي في ملف قوله:ان كنت تريد ان تفهم كيف ان العبادة تجارة عظمى وسعادة كبرى، وان الفسق والسفه خسارة جسيمة وهلاك محقق، فانظر الى هذه الحكاية التمثيلية وانصت اليها:
تسلَّم جنديان اثنان ذات يوم أمراً بالذهاب الى مدينة بعيدة، فسافرا معاً، الى أن وصلا مفرق طريقين، فوجدا هناك رجلاً يقول لهما:
ان هذا الطريق الايمن، مع عدم وجود الضرر فيه، يجد المسافرون الذين يسلكونه الراحة والاطمئنان والربح مضموناً بنسبة تسعة من عشرة. أما الطريق الايسر، فمع كونه عديم النفع يتضرر تسعة من عشرة من عابريه. علماً ان كليهما في الطول سواء، مع فرق واحد فقط،
هو ان المسافر المتجه نحو الطريق الايسر غير المرتبط بنظامٍ وحكومة يمضي بلا حقيبة متاع ولا سلاح، فيجد في نفسه خفَّة ظاهرة وراحة موهومة.
غير أن المسافر المتجه نحو الطريق الايمن المنتظم تحت شرف الجندية مضطر لحمل حقيبة كاملة من مستخلصات غذائية تزن أربع اوقيات وسلاحاً حكومياً يزن اوقيتين يستطيع أن يغلب به كل عدو.
وبعد سماع هذين الجنديين كلام ذلك الرجل الدليل، سلك المحظوظ السعيد الطريق الايمن، ومضى في دربه حاملاً على ظهره وكتفه رطلاً من الاثقال الا ان قلبه وروحه قد تخلّصا من آلاف الارطال من ثقل المنَّة والخوف.
بينما الرجل الشقي المنكود الذي آثر ترك الجندية ولم يرد الانتظام والالتزام، سلك سبيل الشمال، فمع أن جسمه قد تخلص من ثقل رطل فقد ظل قلبه يرزح تحت آلاف الارطال من المنَّ والاذى، وانسحقت روحه تحت مخاوف لا يحصرها الحد. فمضى في سبيله مستجدياً كل شخص، وجلاً مرتعشاً من كل شئ، خائفاً من كل حادثة، الى أن بلغ المحل المقصود فلاقى هناك جزاء فراره وعصيانه.
أما المسافر المتوجه نحو الطريق الايمن ذلك المحب لنظام الجندية والمحافظ على حقيبته وسلاحه فقد سار منطلقاً مرتاح القلب مطمئن الوجدان من دون أن يلتفت الى منَّة أحد أو يطمع فيها أو يخاف من أحد.. الى أن بلغ المدينة المقصودة وهنالك وجد ثوابَه اللائق به كأي جندي شريف أنجز مهمته بالحسنى.
فيا أيتها النفس السادرة السارحة!اعلمي أن هذين المسافرين؛ أحدهما أولئك المستسلمون المطيعون للقانون الإلهي، والآخر هم العصاة المتبعون للاهواء..
وأما ذلك الطريق فهو طريق الحياة الذي يأتي من عالم الارواح ويمر من القبر المؤدي الى عالم الآخرة..
وأما تلك الحقيبة والسلاح فمهما العبادة والتقوى، فمهما يكن للعبادة من حمل ثقيل ظاهراً إلا أن لها في معناها راحة وخفة عظيمتين لا توصفان، ذلك لان العابد يقول في صلاته: ] لا إله إلا الله[ أي لا خالق ولا رازق إلاّ هو، النفع والضر بيده، وانه حكيم لا يعمل عبثاً كما أنه رحيم واسع الرحمة والاحسان.
فالمؤمن يعتقد بما يقول لذا يجد في كل شئ باباً ينفتح الى خزائن الرحمة الإلهية، فيطرقه بالدعاء، ويرى أن كل شئ مسخَّر لأمر ربه، فيلتجىء اليه بالتضرع. ويتحصَّن أمام كل مصيبة مستنداً الى التوكل، فيمنحه ايمانه هذا الامان التام والاطمئنان الكامل.
نعم! أن منبع الشجاعة ككل الحسنات الحقيقية هو الايمان والعبودية، وأن منبع الجبُن ككل السيئات هو الضلالة والسفاهة.
فلو أصبحت الكرة الارضية قنبلة مُدمِّرة وانفجرت، فلربما لا تخيف عابداً لله ذا قلب منوَّر، بل قد ينظر اليها أنها خارقة من خوارق القدرة الصمدانية، ويتملاها باعجاب ومتعة، بينما الفاسق ذو القلب الميت ولو كان فيلسوفاً ممن يُعدّ ذا عقل راجح اذا رأى في الفضاء نجماً مذنباً يعتوره الخوف ويرتعش هلعاً ويتساءل بقلق: ألا يمكن لهذا النجم أن يرتطم بأرضنا؟ فيتردى في وادي الاوهام
ولي عوده بإذن الله ..
قصص جميلة ولها مكانتها التاريخه