- المدن القديمة إرث المغاربة
المدن القديمة إرث المغاربة
يحتضن المغرب مجموعة من الآثار التاريخية التي تم تصنيفها ضمن التراث العالمي من قبل منظمة اليونسكو، وتتركز أغلب هذه الآثار في المدن العتيقة مثل فاس ومكناس وتطوان ومراكش والصويرة. وإذا كانت هذه المدن تنتمي إلى مراحل تاريخية مختلفة وتتميز بهندسات متباينة، فإن ما يجمع بينها هو عكسها لفترات غنية من تاريخ المغرب، وبقائها شاهدة على التطور العمراني والحضاري الذي عرفته مختلف مناطق المغرب منذ فجر التاريخ.
فمدينة فاس يرجع تأسيسها إلى نهاية القرن الثامن الميلادي إبان مجيء المولى إدريس الأول إلى المغرب سنة 789م، وبنيت النواة الأولى للمدينة على الضفة اليمنى لوادي فاس بحي الأندلسيين. وفي سنة 808م أسس إدريس الثاني مدينة جديدة على الضفة اليسرى لوادي فاس بحي القيروانيين. وشهدت فاس انتعاشا اقتصاديا وعمرانيا منقطع النظير لوجودها في نقطة سهل سايس الخصبة، ولتوفرها على موارد متعددة ومتنوعة ضرورية للبناء، بالإضافة إلى وفرة الملح والطين المستعمل في صناعة الخزف.
أما مراكش فتحدد المصادر بناء نواتها الأولى سنة 1070م من قبل المرابطين، وهم مجموعة قبائل أمازيغية رحل أتت من الصحراء. وتطورت هذه المدينة تحت حكم السلطان يوسف بن تاشفين (1061-1107) إلى حد كبير من نتائج التوسع المرابطي في إفريقيا والأندلس لتصبح المركز السياسي والثقافي للغرب الإسلامي.
أما تطوان فاكتسبت أهمية كبرى خلال العهد الإسلامي، وكانت بمثابة نقطة عبور ما بين شبه الجزيرة الإيبيرية والمغرب. وتؤكد الأبحاث الأركيولوجية التي أجريت بجزيرة موكادور قرب مدينة الصويرة وجود مرفأ تجاري فينيقي، إغريقي، روماني، وتتكون المدينة من ثلاثة أحياء عتيقة مختلفة.
ومدينة مكناس توجد بمنطقة فلاحية خصبة، في ملتقى الطرق التجارية التي كانت تربط بين عدة جهات جعلت منها منطقة عبور واستقرار منذ عهد قديم، وارتبط اسم المدينة في البداية بقبائل أمازيغ زناتة الذين استوطنوا وسط المغرب وسهل سايس وخصوصا على ضفاف وادي بوفكران ووادي وسلان.
ومع مجيء المرابطين ازدهرت المدينة، وظهرت بعض الأحياء أهمها القصبة المرابطية “تاكرارت” كما شيدوا مسجد النجارين وأحاطوا المدينة بسور في نهاية عهدهم. ويعتبر الحي الذي لا زال يوجد قرب مسجد النجارين المشيد من طرف المرابطين أقدم أحياء المدينة.