- الله محلا شوارعك ياكازا... الصورة هيضتني
الله محلا شوارعك ياكازا... الصورة هيضتني
اشتعلت حرب تجارية حقيقية خفية بين تجار مغاربة وتجار صينين بأحد أقدم واهم المراكز التجارية في مدينة الدار البيضاء والمعروف ب«حي درب عمر»، بعد أن اختار الصينيون التمركز في قلبه وعرض السلع المصنعة في بلدهم بأسعار منخفضة، مقارنة مع تلك التي يروج لها المغاربة.
واختار التجار الصينيون التجمع في مركز تجاري مستقل خاص بهم يضم أزيد من 40 محلا تجاريا أطلقوا عليه اسم «المركز التجاري الصيني للجملة»، ولم يتوقف الحلم الصيني عند هذا الحد، إذ انطلقوا يبحثون عن اقتناء محلات أخرى توجد في قلب مركز درب عمر نفسه، على الواجهة بعد أن أقنعوا أصحابها المغاربة بالتخلي عنها مقابل مبالغ خيالية قد تصل في حدها الأدنى إلى 400 ألف دولار أمريكي للمحل التجاري الواحد أحيانا، كما صرح بذلك البعض الذي يؤكد أن الصينيين مستعدون لأداء أي مبلغ يطلب منهم في سبيل الحصول على محل شريطة أن يكون في موقع استراتيجي، وشرع التجار المغاربة في حي درب عمر التجاري، الذين يتحدر جلهم من المناطق الأمازيغية ومن مدينة فاس، في التعبير عن انزعاجهم الحقيقي من الطريقة التي اتبعها «الشينوا» وهو المصطلح الذي يطلقه المغاربة على المواطنين الصينيين واليابانيين بصفة عامة ، أي الاستقرار في المركز التجاري لدرب عمر. ويقول ابراهيم تاجر الألبسة الرجالية «بدأنا نشاهد الصينيين مند 3 سنوات يأتون مرارا ولا يكلمون أحدا ثم ينصرفون وكأنهم كانوا يستطلعون المكان، ثم بعد ذلك سمعنا عن رغبتهم في اقتناء بعض المحلات وشرائها من أصحابها، طبعا الكل هنا رفض هذا الأمر فالكل يعلم مدى الخسائر التي قد يتسببون لنا فيها لكن يبدو أنهم لا يستسلمون أبدا فقد استطاعوا شراء مركز تجاري بكامله يضم العديد من المحلات التجارية في عمارة لا تبعد سوى 10 أمتار عن الشارع التجاري الرئيسي لدرب عمر وأعلنوا علينا الحرب بلا هوادة».
بدا التاجر متأثرا كثيرا وهو يواصل كلامه: «لقد بدأ البعض منا يستسلم لهم شيئا فشيئا عن طريق بيعهم محلاتهم لهؤلاء الصينيين قبل فوات الأوان كما يعتقدون، بينما فضل البعض الآخر مواجهتهم عن طريق التخفيض في أسعار جميع المواد التي يروجون لها بل اختار بعض التجار المغاربة الذهاب مباشرة إلى الصين لجلب السلع بأسعار مواتية لمنافستهم على مستوى الأسعار هنا في درب عمر».
ويقول محمد، تاجر لعب الأطفال، «لا أخفيكم أن التجار الصينيين تسببوا لنا في عدة متاعب منذ قدومهم إلى هنا وبدأوا في عرض لعب الأطفال على الزبائن في البداية بأسعار تقل ب60% أو 70% عن الأسعار التي نعلنها نحن، كانت بالفعل كارثة حلت على رؤوسنا، اضطررنا معها إلى البحث عن سلع مشابهة تكون ذات جودة وبأسعار تماثل أسعار السلع الصينيين بعد أن تبين لنا أن المستهلك المغربي العادي لا يقف كثيرا عند مسألة الجودة إذا وجد أن الأسعار منخفضة».
وعكس تذمر التجار يسجل معظم المواطنين العاديين الذين يتوافدون بالمئات خلال الايام العادية وبالآلاف في العطل الأسبوعية ارتياحهم للأسعار التي تعرض بها السلع الصينية داخل المركز التجاري الصيني. و يرى مواطن أتى للتسوق داخل المركز أن الصينيين «استطاعوا خلق صلة وصل بينهم وبين المغاربة المتعطشين دائما للسلع الأقل كلفة نظرا لقدرتهم الشرائية المتوسطة».
وتؤكد الحاجة فاطمة التي تبدو في الخمسينات أنها اكتشفت هذا المركز عن طريق إحدى جارات الحي وأتت إليه لتقتني بعض السلع لتعيد بيعها لزبائنها بالأحياء البعيدة عن مركز المدينة وتتوقف قليلا قبل أن تضيف ضاحكة «لا أخفيكم سرا أنني أجد صعوبة في التواصل مع هؤلاء الصينيين، فأنا لا أعرف إلا العامية العربية وهم يتحدثون بلغة لا أفهمها وقد أخبرتني إحدى مساعدات الصينيين التي تعمل معهم أنهم لا يتكلمون إلا الصينية وقليلا من الانجليزية وقالت لي إنها تتفاهم معهم بواسطة الإشارات».
لغة الإشارات هي السائدة ليس فقط بين التجار الصينيين وزبائنهم بل مع جل مساعديهم المغاربة الذين أصبحوا صلة الوصل الوحيدة بين التاجر والزبون داخل جميع المحلات التجارية التابعة للصينيين، ويعد المواطن الصيني تسو الوحيد الذي يتكلم قليلا من الفرنسية ويؤكد وهو يتحدث بفرنسية مكسرة أن «التجارة في الدار البيضاء على أحسن ما يرام» قبل أن يضيف «أنا سعيد هنا في المغرب فبعد مرور ستة أشهر على مجيئي إلى المغرب قادما من السينغال تبين لي أن المستقبل واعد ويمكن أن أحقق الكثير من الأرباح، صحيح أن هناك العديد من العوائق التي تتسبب فيها صعوبة التواصل اللغوي مع المغاربة إلا أنني أكتفي بلغة الإشارات في انتظار أن اتقن اللغة الفرنسية» ولا تفارق الابتسامة تسو الذي يضيف «أعتقد أننا وفقنا في الاستجابة لمتطلبات الزبون المغربي وسنواصل عملنا بتفان، فنحن لا نسعى لربح الكثير وهذا هو سر نجاحنا».
وللمحلات الصينية خاصية مميزة، عكس المحلات المغربية المكدسة بالسلع المختلفة، تتمثل في قلة الكميات المعروضة من السلع ظاهريا على الأقل. وتفسرها إحدى معاوناتهم المغربية بالاستراتيجية الصينية في عرض السلع فوق الرفوف التي تؤكد أن الهدف الرئيسي لهؤلاء الصينيين ليس هو الزبون العادي بل تجار الجملة والتقسيط الذين يأتون من مدن أخرى كأغادير ومراكش.
وتؤكد المساعدة أن عامل اللغة لا يشكل مشكلا البتة لأي طرف سواء الصيني أو المغربي، فلغة الأرقام تجمعهما لأنها اللغة الوحيدة السائدة، وتضيف أن استهداف التجار الصينيين لكبار التجار يتسبب في ظهور نوع من البرود في تعاملهم مع الزبائن العاديين فالمعروف عن الزبون المغربي أنه يحاول دائما التفاوض على مستوى الأسعار وهو ما لا يستجيب له الصينيون الذين يضعون أسعارا محددة لا تقبل المناقشة ولا المساومة.
رغم ذلك فهم يستغلون أحيانا جو المرح الذي يتسبب فيه النقاش الجاري بلغتين مختلفتين لسد باب النقاش حول السعر. و تؤكد أن نجاح الصينيين لن يتوقف عند هذا الحد فهم يرغبون في التوسع أكثر داخل هذا المجمع التجاري الذي يعد القلب النابض لمدينة الدار البيضاء عاصمة المغرب الاقتصادية.
إضافة إلى خاصية المحلات الصينية، يلاحظ أن جل التجار الصينيين يتحركون في مجموعات ويفسرها أحدهم بطبيعة المجتمع الذي نشأوا فيه والذي عوّدهم على التضامن والتآزر فيما بينهم، أثناء ممارسة التجارة وفي الحياة اليومية، الأمر الذي يقلق أكثر التجار المغاربة الذين يبدو أنهم بدأوا يتعاملون مع الظاهرة الصينية على أنها قدر لا مفر منه
مشكور على المشاركه الهادفه والمعلومه الرائعه ، وفعلا كلام أنا عايشته ، سواء لما كنت في الصين ورأيت تجار المغرب ، وأيضا لم كنت في الدار البيضاء ورأيت السوق الصيني ، والصين ما خلت لأحد شئ ، الله يستر لأحصل بعد واحد في المنتدى إسمه " المسافر " بس صيني ، ترى كل شئ ممكن...
وتقبلوا تحياتي
المسافر