مدينة الشويمس التي تقع في الجنوب الغربي من منطقة حائل على مسافة 270 كيلومتراً تقريبا، تضم اضخم متحف مفتوح لكل العصور، واكبر واقدم مواقع النقوش الصخرية القديمة ليس في المملكة العربية السعودية فحسب، وانما على مستوى الجزيرة العربية جيمعها لكن الوصول الى هذا المتحف المفتوح الضخم يحتاج الى ترتيبات مسبقة واناس اصحاء يمكنهم تحمل وعورة الطريق غير المعبد، الذي يصل طوله الى نحو 45 كيلومتراً.

• والقصد من المتحف المفتوح مو متحف مبنى هو صخور موجودة لكل من أراد علشان بكرة ما تقولون قلت متحف ومافيه متحف *

واجهات الجبل تبدو كمعرض فني مفتوح تتداخل فيه الاشكال الادمية والحيوانية، فثمة وعول واسود ونمور وبقر وحشي وغزلان بالحجم الطبيعي، تتداخل مع بعضها لتشكل رؤية فنية لانسان هذه المنطقة الذي على ما يبدو كان فنانا بحق فمنحوتاته ورسوماته تنم عن رقي ومهارات فنية في النحت الصخري، ويبدو ان الانسان الذي استعمر هذه المنطقة منذ آلاف السنين وكما رسم نفسه او حفر معالمه في الصخر امامي، كان مهتما بالتعرف على ذاته وتعريف الآخرين بها.
ومن ثم الكثبان الرملية واشجار الطلح في غابة خضراء صفراء تعانقت فيها الصحراء مع الاشجار، تظهر فجأة منحوتة لأقدام بشرية لرجال واطفال وحيوانات حفرت بشكل هندسي بارع يدفع الى الدهشة، ويجعلك تعيد النظر فيما يقال عن بدايات المدارس الفنية الحديثة، من سيريالية وتكعيبية وطبيعية وغيرها، فما ابدعه انسان العصر الحجري هنا يشير الى استيعاب كامل لابعاد هذه المدارس الفنية بل وينم عن براعة في التعبير عن الفكرة التي اراد توصيلها.
وفجأة تظهر لوحة جدارية كاملة لأسد شرس، أطلق عليه اسم «اسد الشويمس»، تم نحته باسلوب ينم عن احترام ومعرفة بأدق التفصيلات التشريحية الخاصة بملك الغابة وغير بعيد عن الاسد يظهر آدميون يحملون نبالا وقد هموا بالخروج للصيد، وبطريقة الحفر العميق تظهر رسوم لستة اشكال ادمية بوضع جانبي الواحد تلو الآخر ويحملون نبال الصيد وعصيا، ويعلوهم شكل لثور طويل القرنين، والرسالة واضحة: نحن ذاهبون لصيد هذا الثور الذي يشكل لحمه المصدر الاساسي لطعامنا.
وتتوالى اللوحات الفنية الجدارية التي تسجل تاريخا كاملا لشعوب عاشت هنا في رسومات غائرة وبارزة فريدة، وتستحق اهتماما اكبر وطريقة عرض اكثر عصرية، فالموقع يمثل ثروة حقيقية للمنطقة
وفي طريق العودة اكتشفنا فجأة أحد أهم المعالم السياحية في الشويمس وهو «الكهف» الذي لا بد وأن إنسان العصر الحجري وما قبل التاريخ قد عاش فيه واتخذه بيتاً فالمكان عبارة عن فوهة لكهف حجري يمكنك النزول بداخله وأنت تحمل ما يضيء لكل تحت أقدامك، ويبلغ طوله 630 مترا فيما يتراوح ارتفاعه وعرضه ما بين 10 إلى 15 مترا، ولقد تم اكتشاف اكثر من عشرة كهوف في المنطقة لكنها أصغر حجماً من كهف الشويمس
ولكن الوصول الى هذا الموقع الاثري يشكل مخاطرة حقيقية، والمكان ذاته لم يُعد بالشكل اللائق ليكون مزارا دائما في الجانب السياحي
المصدر جريدة الوطن