مشرااق
26-08-2022 - 02:32 pm
الرياض - الحياة - الأحد 1 فبراير
هل فُرض على سكان الرياض النوم مبكراً..؟
تبدو الإجابة على هذا السؤال بنعم صائبة إلى حد كبير. فهذه المدينة التي يسكنها خمسة ملايين إنسان من عشرات الجنسيات،
فقدت أبرز ملامحها منذ نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، إذ صارت جميع مقاهيها ومطاعمها وحتى بقالاتها، تجبر على
الإغلاق عند الساعة 12 ليلاً.. وتغيّر المشهد تماماً هنا خلال الاشهر الثلاثة الماضية، إذ ان الشوارع التي كانت تظل مزدحمة
حتى ساعات الفجر الأولى لم تعد كذلك.
وقد يبدو إغلاق المطاعم في غالبية مدن العالم في منتصف الليل أو عند السادسة مساءً أمراً طبيعياً، لكن في الرياض المسألة
مختلفة، فهذه المدينة اعتادت على السهر، فنسبة كبيرة من المطاعم كانت تواصل العمل ليل نهار، حتى بعض المحال التي تقدم
خدمات غير ضرورية، مثل مغاسل الملابس والسيارات أو صالونات الحلاقة الرجالية، كانت لا تغلق أبوابها إلا عند الواحدة صباحاً.
فيما كانت قبل سنوات قليلة المتنزهات الخاصة بالشباب، والتي تحوي صالات رياضية وألعاباً وتقدم الشيشة، تعمل على
مدى 24 ساعة يومياً.
ويأتي الإلزام بالإغلاق تجاوباً مع مطالبات استمرت أعواماً طويلة، بعضها طرح في مجلس الشورى (البرلمان)، كانت تنادي
بضرورة إغلاق المحال كافة في وقت مبكر (الساعة الثامنة أو العاشرة مساءً).
وتقف وراء هذه المطالبات مبررات أمنية واجتماعية. بل ان هناك من رأى أن الإغلاق المبكر، سيوفر فرص عمل أكبر
للسعوديين، «فالسعودي لا يستطيع أن يعمل لمدة تزيد على 12 ساعة يومياً في متجر ما، بعكس الوافد الذي يكون غالب
اً مهيأ للعمل طوال أيام الأسبوع، لتحرره من أية التزامات عائلية».
ويرى البعض ان هذا القرار «لم يأخذ في الاعتبار، أن الرياض مدينة عمل من الدرجة الأولى، فكثير من الموظفين في الشركات
الكبرى أو المستشفيات يعملون بنظام المناوبات الليلية، ولا يغادرون مقرات عملهم إلا في ساعة متقدمة من الليل».
ومن نافل القول ان القرار أثار توجساً لدى بعض سكان مدن «ساهرة»، مثل جدة والخبر في المنطقة الشرقية، فهم يخشون
أن يكون تطبيق القرار في الرياض خطوة أولى «لتطبيقه في مدن السعودية كافة».
يقول فايز بن حمدي (26 سنة): «غادرت الرياض في نهاية شهر أيلول (سبتمبر) في إجازة استمرت نحو شهر، وحينما رجعت
علمت بالمصادفة بالقرار». ويضيف: «خرجت من العمل نحو الثانية صباحاً، واتجهت إلى شارع مليء بالمطاعم شمال الرياض
لكنها كانت مغلقة، ما اضطرني إلى الذهاب إلى شوارع أخرى، بحثاً عن مطعم مفتوح إلا أنني فشلت».
ويتابع: «اتصلت بصديق استفسر منه فأبلغني بالقرار، فاضطررت إلى قطع نحو 30 كلم للوصول إلى محطة بنزين على طريق
الرياض - القصيم لسد جوعي».
الا أن حمدي يرى تمرداً بدأ يتشكل ضد القرار «إذ لاحظت منذ نحو شهر، أن عدداً قليلاً من المطاعم وحتى البقالات، لم تعد تغلق
أبوابها إلا في الرابعة صباحاً». وأشار إلى صالونات حلاقة تطفئ أنوارها، وتستقبل زبائنها حتى بعد 12 ليلاً.
على الجانب الآخر، يرى محمد العتيبي (27 سنة)، أن كثيرين أخذوا يتكيفون مع قرار الإغلاق، «فأنا الذي أعمل في شركة اتصالات،
ويبدأ عملي من الثامنة مساءً وحتى الثانية صباحاً تعبت في البداية لكنني وجدت حلاً، إذ اتفقت مع حارس الاستراحة، التي التقي فيها
مع أصدقائي على أن يجهّز لي عشائي عند الثالثة صباحاً».
ولا يرى عبدالرحمن القزلان (29 سنة) «مبرراً لهذا القرار، فإذا كان لا بد من تطبيقه، فيجب ألا يفرض على المطاعم المنتشرة في
الشوارع الرئيسية». ويؤكد «أن السماح للمطاعم والمحال بفتح أبوابها إلى الثانية صباحاً في عطلة الأسبوع، لم يخفف من سلبيات
هذا القرار».
ويشك القزلان «في أن يكون القرار طبق لدواع أمنية، فالرياض آمنة، ولو كان الأمر غير ذلك، لما كنا نرى نساء ورجالاً، يمارسون
رياضة المشي على طريق الملك عبدالله حتى الثالثة أو الرابعة صباحاً».
يبقى القول إن أكبر المستفيدين من القرار هم ملاك محطات الوقود الواقعة على الطرق السريعة خارج الرياض، إذ ان كثيراً من
السكان يقصدون هذه المحطات لشراء حاجياتهم، متحملين قطع مسافات تصل إلى 60 كيلومتراً ذهاباً وإياباً.