بيروت المسافرون العرب

أكتشف العالم بين يديك المسافرون العرب أكبر موقع سياحي في الخليج و الوطن العربي ، يحتوى على أكبر محتوى سياحي 350 ألف استفسار و نصائح عن السفر و السياحة, 50 ألف تقرير سياحي للمسافرون العرب حول العالم و أكثر من 50 ألف من الاماكن السياحية و انشطة وفعاليات سياحية ومراكز تسوق وفنادق، المسافرون العرب هو دليل المسافر العربي قبل السفر و اثناء الرحلة. artravelers.com ..
bualaa
26-04-2022 - 07:51 pm
  1. «الجميزة» قربها من وسط بيروت أجّل انطلاقتها


حكاياتها نسجت خصوصيتها السياحية

«الجميزة» قربها من وسط بيروت أجّل انطلاقتها

بضع مئات من الامتار تنبض بأكثر من 40 مطعما ومقهى وحانة في حيّ الجميزة المتاخم شرقا لوسط بيروت التجاري، كما تنبض بحركة مميزة تستقطب اللبنانيين والعرب والاجانب وتشكل جاذبية قد لا نصادفها في مناطق اخرى. وربما يعود السبب الى خصوصية الجميزة، التي لم تمح التاريخ وتنسج حضورها بمعزل عن عراقتها وحكاياتها.
الحكاية الاولى تكمن في شجرة جميز، يكاد نوعها ينقرض ولا يعرف ثمارها الا الكبار في السن، لكنها اعطت الحيّ اسمه. كانت قريبة من احدى بوابات بيروت السبع المزروعة في سور يحمي العاصمة من المتسللين اليها ليلاً مطلع القرن الماضي. اغصانها الوارفة شكلت استراحة القادمين الى بيروت من الارياف القريبة والبعيدة ومن عمق الشام في سوريا، ينتظرون طلوع الصباح لتفتح البوابة ويتوجهون الى قضاء حاجاتهم. كذلك شكلت المقر «السري» لمجموعة من «المناضلين» ضد الاحتلال العثماني. وما لبثت وظيفة الشجرة ان توسعت واحتضنت عمليات التبادل التجاري وطورت خدماتها ما استوجب تأسيس مقهى شعبي ذاع صيته طوال أكثر من نصف قرن، هو «قهوة القزاز»، يحيط به عالم صغير، يوفر الخدمات التجارية والسياحية للعابرين، ففتحت الدكاكين واستحدثت غرف للايجار والنُزل، وبدأت حركة عمران متواضعة، سرعان ما توسعت الى ابنية سكنية بهندسة معمارية اوروبية الطراز، امتدت على جانبي الطريق الى اكتسبت أهميتها إثر اختيارها لتعبرها الحافلات الكهربائية التي أحدثت النهضة الاولى في المنطقة. وصارت «الجميزة» الطرف الشرقي من «خط الترامواي» الممتد الى منطقة «البسطة» لتشكل آنذاك الطرف الغربي للعاصمة، التي بدأت تخرج من اسوارها. وهكذا اخذت «الجميزة» تكتسب شيئاً فشيئاً هويتها مع استقرار العائلات في أبنيتها وافتتاح المدارس ونشوء صناعات يدوية وحرفية في دكاكينها، أهمها سوق الكهرباء. قربها من «البلد» (كما كانت تسمية الاسواق التجارية آنذاك) ساهم في تكريس هذه الهوية التي اختلطت فيها مفاهيم بيروتية عديدة، منها اجتماعية، وأشهرها «القبضايات» (او الفتوة) الذين تولوا حماية العائلات ومصالح الدكاكين وفق قوانين غير مكتوبة يعترف بها الجميع. ومنها سياسية، حيث برزت بذور القوى السياسية المنطلقة من أساس طائفي، مسيحي تحديدا، بمواجهة القوى التي نشأت في منطقة «البسطة» الاسلامية الطابع، وبالتنسيق معها في مفارقة خاصة بالموزاييك اللبناني.
الحكاية الثانية تكمن في التسمية الرسمية للحيّ، المدوّن في السجلات «شارع غورو» وهو الجنرال الفرنسي الذي كان المندوب السامي خلال الانتداب الفرنسي. ويروي كبار السن في الحيّ أن الجنرال غورو كان ينام في منزل لعائلة برنار الفرنسية المقيمة فيه خلال الحرب العالمية الثانية. كذلك عرج الرئيس الفرنسي الراحل الجنرال شارل ديغول على المنزل خلال زيارته لبنان. ومن الصفحات السود في «الجميزة» إيواؤها القاتل المتسلسل الوحيد ربما في لبنان، وهو فكتور عواد الذي كان عاملاً في دكان للفحم، وكان يختار ضحاياه من بائعات الهوى ويقطع جثثهن ويضعها في أكياس الفحم. الحكاية الثالثة ترويها الحرب الاهلية التي كان وسط بيروت التجاري ساحة لها. و«الجميزة» تحولت في تلك المرحلة الى محور ساخن. يقول صاحب دكان سمانة من قدامى الاهالي في الحيّ: «رفعت المتاريس وصرنا مسقط القذائف مع تحول المنطقة خط تماس. غادر الحيّ غالبية سكانه بحثا عن الامان واجتاحه المهجرون. كنا نفتح الدكان شهراً ونقفله 11 شهراً. صارت الجميزة اشبه بمدينة اشباح. ومع انتهاء الحرب لم يعد السكان الى منازلهم، الشباب سافروا بحثا عن آفاق أوسع. ومن لم يسافر فضّل مناطق أكثر عصرنة، ذلك ان معظم الابنية في الحيّ مصنفة تراثية ومحظور هدمها. والجيل الجديد يريد الرفاهية من مصاعد ومياه ساخنة».
واليوم ماذا تغير في «الجميزة»؟ يجيب صاحب الدكان: «غابت الطرابيش الحمر التي كانت تميز الوجهاء. وابتعد البحر الذي كان خلف الابنية. ردمته حركة البناء المتزايدة. لكن الشارع ما زال كما هو، لم تتغير فيه الا المطاعم. نقطة الانطلاق بدأت قبل ثلاثة أعوام عندما أعادوا ترميم «قهوة القزاز»، مع اني اجد ان المقهى القديم كان أحلى. ولا أحب هذه الحالة لأني تعودت التقاليد اللبنانية العريقة التي افتقدها، المدارس الكبرى نقلت والمستشفيات الصغيرة اقفلت وتغيرت طبيعة المنطقة».
لكن الحنين لا يستطيع مقاومة التطور. وبعد استقرار الاوضاع الأمنية واتخاذ الوسط التجاري صيغته الجديدة مع مشروع اعادة اعماره وتأهيله الذي تولته شركة «سوليدير» بدأت «الجميزة تحضر مشاريعها الخاصة. يقول احد أصحاب مطعم «طبخة» فادي سابا: «عندما اخترت الحيّ لم يكن قد تطور. كان محافظاً على طابعه القديم. فيه تناقض دكاكين ومشاغل حرفية وبيوت سكنية. شعرنا انه يشكل انطلاقة جيدة لصورتنا. وتجاوزنا عقدة «الجميزة» الموروثة من الحرب. كان شارع اشباح. أكثر محاله مقفل. والناس يتجنبونه. نحن تجرأنا. قبلنا خاضت «قهوة القزاز» التجربة ونجحت. من المبادرين الى اعادة النبض اليه ونجحنا. اليوم هناك الكثيرون من الذين يرغبون في اكتشاف الشارع. حتى الآن افتتحت المطاعم والمقاهي وفق برنامج معين وطريقة منظمة. لكني أخاف أن تأخذ الامور منحى عشوائياً. يجب أن تتولى تنظيمها جهة مسؤولة. حتى الآن ما زالت «الجميزة» حيّاً سكنياً. ولكن اذا اصبح ليلها ضجيجاً وزمامير سيارات ووافدين مزعجين، ستنقلب الامور وتتصاعد الاصوات المعترضة».
فادي سابا اختار لمطعمه خصوصية غير مألوفة في سياسات المطاعم، اختار له هوية «أكل البيت» اي المطبخ اللبناني بامتياز في زحمة المطابخ المستوردة من صينية ويابانية وايطالية وغيرها. فركّز على الاطباق اللبنانية وحدها دون سواها: ملوخية وشيشبرك ومجدرة عدس ويخنة الخضر، وكل ما هو صحي وبعيد عن «الفاست فود». وهو لا يكتفي باستقبال الزبائن وانما يؤمن الطلبات الى المكاتب والمؤسسات وبنسبة كبيرة».
ميشال رزوق صاحب مطعم «كاكتوس» التزم هذه الرؤية وحاول تجنب العشوائية، فأجرى دراسة ميدانية للشارع وقرر اعتماد طابع خاص لمطعمه. والسبب عدم وجود مطاعم مشابهة في المنطقة. يقول انه «اعتمد في دراسته على مقومات استمدها من دراسته للعلوم الفندقية في بلجيكا. وعاد ليفتتح مطعما لا يضطر الى اقفاله بعد فترة قصيرة. فسخى على تجهيز المكان. وخصص في كل نهار جمعة من الساعة الاولى الى السادسة فترة Happy hours، يستطيع الزيون خلالها الاستفادة من حسومات بنسبة خمسين بالمائة». ولا يتوقف ميشال كثيرا عند الاحوال الأمنية، معتبراً ان «اللبنانيين تعودوا عليها ونحن نفكر في خطط تستمر على المدى البعيد».
ولأن طموح اصحاب المشاريع السياحية في الشارع متنوع، لاحظ مكرم الزغبي ودوري أيوب، صاحبا مقهى Barbu، ان الاجانب يقبلون على المنطقة كثيراً، يحبون هندستها التي تتميز بأسلوب العمارة الفرنسي والايطالي وابنيتها التي تعود الى أكثر من مائة عام. لذا قررا افتتاح محل يكمل هذه الصورة مع الاطباق الباردة والسندويشات وانواع السلطة، بالاضافة الى الكرواسون وفنون القهوة مع الشوكولا. وزبائن Barbu ليسوا من الاجانب فقط او من طبقة معينة من اللبنانيين، وانما من الخليجيين ايضا، الذين يستهويهم الاسلوب المريح للمحل والهادىء اجمالا من خلال موسيقى منتصف الخمسينات والستينات المتراوحة بين الجاز والبلوز والاغنيات الرومانسية، ومن خلال خدمة الإنترنت وفق نظام «الواي فاي»، بالاضافة الى الاسعار المعتدلة التي تسمح لمختلف الميزانيات بالحصول على اوقات ممتعة.
وتبقى الخيارات في منطقة «الجميزة» أكثر من ان تحصى. فقربها من وسط بيروت ساهم في جذب الزبائن اليها مع انه اجل انطلاقتها الى حين. وطابعها الخاص وفر لمن يرتادها ان يختار بين بساطة كرسي الخيزران والطاولة الخشبية وتناول المناقيش والفتة والفول المدمس والاستماع الى عزف على العود واغنيات فيروز وعبد الحليم حافظ ووديع الصافي، مقابل الاجواء الغربية مع استقدام فرق عزف اجنبية وتناول عشاء هادىء وتبادل الاحاديث بين الاصحاب.



التعليقات (2)
Cavallo Nero
Cavallo Nero
...
.. ..
« »
. " " ...
.


bualaa
bualaa
M a L e K
.


خصم يصل إلى 25%