جزائرية أندلسية
12-12-2022 - 08:08 am
كنت في الجزائر ..!
الجزائر .. وما أدراك ماالجزائر ؟!
تكاد تكون حسب تقديري البلد العربي الوحيد الذي تنقلب حوله الانطباعات المسبقة بعد رؤيته
رأسا على عقب ! قبل بضعة شهور زرت الجزائر في مهمة عمل رسمية وكانت صورته
في مخيلتي تمثله لي بلدا مضطربا أمنيا سكانه فيهم جفوة وصلف . . إلى غير ذلك من الانطباعات السلبية
فلما ذهبت إليه سُحرت وأنا في فضائه قبل أن تحط بي الطائرة في مطار هوّاري بو مدين ..
فقد تعجبت كثيرا , وقلت لعلنا نحلق فوق أرض في وسط أو غرب أوربا ! لقد بدت الأرض من تحتي
مسطحات خضراء تخلب الألباب , والبحر أزرق زاخر يشع نظافة وبعد أن استقر بي الحال ,
وتجولت في الجزائر العاصمة وضواحيها برفقة زملاء وأصدقاء سعوديين يعملون هناك ,
أدركت حينها ان الجزائر بلد قدم عنه الإعلام صورا نمطية مغايرة للحقيقة .. فهو بلد ساحر
ولعلي لا أكون مبالغا إذا قلت إنه أجمل بلد عربي على الإطلاق من حيث الطبيعة وجوه معتدل جدا ,
له نفحات البحر المتوسط المنعشة .. أما أهله فلم أجد فيهم إلا الطيب وحسن الخلق , على العكس تماما
مما كنت اتوقعه ولعل الأمر يعود إلى اللهجة الجزائرية ففيها شيء من الخشونة والقوة في الألفاظ والأساليب
حتى لتكاد تظن محدثك في بعض الأحيان يخاطبك بغضب بينما هو يكلمك بكل أدب
الجزائر بلد لم تدنسه أوضار السياحة , فهو مغلق .. وكل من فيه جزائريون ولا توجد به عمالة غير جزائرية ..
ولذلك فإن أمراض السياحة ابتداء من التسول , وانتهاء بالاستغلال .. تكاد تكون معدومة في الجزائر
في الجزائر .. تدخل المحل فتسأل عن سلعة معينة , فيقول لك البائع بمائة دينار مثلا ثم يدخل بعد جزائري ,
ويسأل عن نفس السلعة , فيقول له البائع بمائة دينار وفي مصر وسوريا ولبنان والمغرب وغيرها
من البلدان العربية السياحية الأسعار تختلف .. وعندما تعاتب البائع في مصر مثلا على اختلاف السعر باختلاف
جنسية المشتري , يجيبك بأن هذا هو السعر السياحي .. وغني عن التذكير أن فنادق الدرجة الأولى في مصر ,
لها ثلاث تعريفات : السعر المصري , والسعر الغربي , والسعر الخليجي والخليجي هناك يدفع أكثر
مما يدفعه الأوربي والأمريكي .. وهذا كله باسم التضامن العربي
لنهب جيوب أهل الخليج ..! في الجزائر تجولت في العاصمة , وتسكعت في شوارعها برفقة بعض الأصدقاء ..
وأعجبتني نكهة الحياة المحلية في باب الواد , ووسط البلد , ورأيت البنايات القديمة التي أنشأها الفرنسيون ..
وزرت مقام الشهيد , ورياض الفتح مرات عديدة .. آه ما أحلى ذكريات رياض الفتح !
تناولت هناك (آيسكريم الليمون) الطبيعي , ولا يزال طعمه اللذيذ عالقا بذاكرة فمي .. وفيه زرت
متحف الجيش العسكري , وقرأت من خلاله تاريخ الجزائر عبر العصور .. وعشت من خلال لوحاته
وموجوداته أيام النضال المجيد الذي نالت بعده الجزائر استقلالها .. ورأيت فيه صور المناضلين
وشيئا من متعلقاتهم الشخصية .. وسألت مرافقي الجزائري عن مصير المناضلة الجزائرية الشهيرة
(جميلة بو حيرد) فأجابني بجواب ارتفع له حاجباي استغرابا .. لقد قال إنها الآن تعيش في فرنسا !!
وفي العاصمة أيضا دخلت كنيسة (السيدة الإفريقية) والتقطت بعض الصور داخلها وخارجها ..
وقرأت فيها إعلانا يدعو إلى التبرع لمساعدة الفقراء من المسلمين والمسيحيين على حد سواء ..
أما خارج العاصمة فقد (كشتنا) قمنا بنزهات نهارية كانت غاية في الروعة ..
فقد تجولت في مدينة الآثار الرومانية في (تيبازة) , وكان منظر البحر من خلالها ساحرا آسرا
فقد كان الموج يتكسر على صخور الشاطىء في جو معتدل يميل إلى البرودة ..
وفيها رأيت آثار الرومان الذين استوطنوا تلك المنطقة في عصور غابرة .. وكانت آثارا تدل
على حضارة متقدمة .. كما قمت بجولات في (زرالدة) , وبعض المناطق السياحية .. وهي سياحة
خاصة بالجزائريين والمقيمين , والمهاجرين من أهل البلد إذا جاؤوا في العطل ..
فقد زرت منطقة (سيدي فرج) , ومنطقة (بالم بيتش) , ومناطق أخرى نسيت أسماءها
وعلى الرغم من أن زيارتي لم تتجاوز الأيام العشرة , وأنها كانت زيارة عمل لا سياحة إلا أنني
تجولت فيها كل هذا التجوال .. وكل ذلك بفضل رفقة عدد من الزملاء والأصدقاء من الجزائريين والسعوديين ..
وكل ما ذكرته كان في العاصمة وما حولها .. وأتمنى أن تتاح لي الفرصة لزيارة المناطق الأخرى
(تيزي وزو) و(عنابة) ووهران) .. و(مستغانم) وغيرها .. وكذلك منطاق الصيد في الجنوب
حيث الصحراء الممتدة ..
هذه انطباعات أثارها موضوع الزميلة الجزائرية biba المقيمة حاليا في كندا .. عن أسماء شوارع
الجزائر في كندا .. أنثرها هنا بعد أن كدت أنساها .. فشكرا ل biba التي اثارت شهيتي للكتابة
عن الجزائر ذلك البلد الجميل ..
شكرا