مصر المسافرون العرب

أكتشف العالم بين يديك المسافرون العرب أكبر موقع سياحي في الخليج و الوطن العربي ، يحتوى على أكبر محتوى سياحي 350 ألف استفسار و نصائح عن السفر و السياحة, 50 ألف تقرير سياحي للمسافرون العرب حول العالم و أكثر من 50 ألف من الاماكن السياحية و انشطة وفعاليات سياحية ومراكز تسوق وفنادق، المسافرون العرب هو دليل المسافر العربي قبل السفر و اثناء الرحلة. artravelers.com ..
bualaa
20-10-2022 - 03:50 am
هل صحيح ان الاسكندرية فقدت تعدديتها، وباتت أسيرة عيش يضيق بالآخر المختلف؟ أشياء كثيرة تدفع إلى القلق من هذا الاحتمال. وثمة أشياء أُخرى تتحدث عن غير ذلك. وباستعمال لغة المفكر اليوناني المُعاصر كورنيليوس كاستورياديس، يمكن القول ان للمدينة بنية مُتخيّلة منبثة في الحياة اليومية على الناس، تجدد نفسها بطريقة ما، وتُعطي استمرارية لذائقة منفتحة في المدينة وأهلها. ربما يأتيها ذلك من البحر أو من فنارة الميناء (القريبة من قلعة قايتباي) التي تُصرّ على استحضار صورة منارة الاسكندرية الأسطورية. ومنذ عصور قديمة حفظت الاسكندرية فكرة حصر مدخل الميناء بأرصفة صخرية، يمكن إقبالها بمجرد مدّ سلاسل من حديد بينها. ذلك تقليد مستمر منذ سفن الخشب الرومانية. ثمة ما يستمر عبر الزمن. يُحدّثك البعض عن عودة محدودة بعضهم عائلات يونانية، فتكتئب من تقلّص المُكوّن اليوناني الأصيل في المدينة، والذي طبع صورتها في المخيلات قروناً طويلة. «بون فيت (أي عيد سعيد بالفرنسية) يا حاج... كل سنة وانت طيب... معلهش انا باقولهالك النهاردة لاني عارفة انك كنت «أون كونجيه» (أي في عطلة، بالفرنسية ايضاً) علشان العيد الكبير... أصل أنا كنت في مصر (تقصد القاهرة) اليومين اللي فاتوا، ولسه جايه النهار ده... بون فيت كمان مرة». صدرت هذه الكلمات عن مصرية، ذات قامة ممتلئة وميّالة للطول. صافحت الشابة الحاج وقد انحنت قليلاً، لأنه جالس وكذلك لإظهار الاحترام الذي يمازج ود التهنئة بالأعياد الدينية. ملأت ابتسامة مُشرقة وجهها المائل إلى البياض والمُشرّب بحمرة لم تغب عنها بعض آثار الماكياج. ثمة ألوان قليلة فوق العيون، يغلب عليها اللون الأزرق، فيما بدا سواد الرموش قوياً، تحت حاجبين منظّمين بعناية. ارتدت الشابة، التي بدت في ثلاثينياتها، ملابس بسيطة: بنطلون قماش بني اللون، وفوقه قميص أبيض غير ضيق تنسدل أطرافه السفلية مغطية الخصر وصولاً إلى ما قبل الركبتين. ملابس عادية، تغيب عنها البهرجة، ولا تفوتها لمسة الموضة الحديثة. ويلفت انها كانت تُقدّم تهنئتها للرجل الضئيل القامة، والمتقدم في العمر، الذي جلس في كرسي الإدارة عند مدخل «منشأة المعارف»، قرب فندق «سيشل» في حي الرمل في الإسكندرية. وتبيّن ان الشابة صديقة مُقرّبة للحاج وأسرته، وتدأب على مشاركتها بعيد الفصح القبطي. كانت شاشات التلفزة، في المقاهي المُجاورة، مشغولة بأحداث منتجع دهب في سيناء، التي جاءت بعد وقت قصير من انشغال الشاشات عينها بالاعتداءات على كنائس قبطية ومصليها في أكثر من حي في الإسكندرية. وبتلقائية، دعا الحاج الشابة الى زيارة أسرته «لأن الحاجة والأولاد مشتاقين لك كمان».
والحال ان هذه الأمور مألوفة في مدينة اعتادت ان تكون تقاطعاً لحضارات متعددة. وبمعنى ما، تستمر الاسكندرية عبر محجباتها أيضاً. هن اللواتي تراهُنّ العين في كل مكان. في الليل، تجلس مجموعات منهن في المقاهي الممتدة قبالة الكورنيش البحري. يجلسن بلا وجل، ولا يتكلفن في حضورهن شيئاً. يضحكن ويثرثرن ويرددن السلام. ويمتد جلوسهن أحياناً إلى وقت متأخر من الليل.
ولا يأنفن من تناول المأكل الشعبية في تلك المقاهي، ولا في تناول الشاي او النرجيلة. وترن في أحاديثهن كلمات أجنبية شتى، خصوصاً ما يتعلق بالكومبيوتر والخليوي والانترنت. وأحياناً تطغى عبارات الحديث اليومي، خصوصاً بالإنكليزية، على أحاديثهن. شيء ما يستمر في الاسكندرية، لا يقوى التشابه للون الواحد على محوه، ولعل ذلك ما ظهر في مُجاملة العيد بالفرنسية «بون فيت يا حاج... كل سنة وأنت طيب...».


التعليقات (4)
رمح الشمال
رمح الشمال
مشكور ويعطيك العافية ع الموضوع.........

bualaa
bualaa
الأخ الكريم رمح الشمال
أسعدني تشريفكم وأدام الله عزكما.
تحياتي لك

gulfro
gulfro
موضوع مختلف ومميز.
ميرسي بوكو !

bualaa
bualaa
الأخ الكريم gulfro
أشكرك على مرورك الكريم الذي أسعدني كثيرا..
وزادة سعادتي بمشاركتك في موضوعي المتواضع..
تقبل تحياتي


خصم يصل إلى 25%