1. اسطنبول الحداثة والعراقة في تناغم وتكامل


2. ماضي المدينة


3. البازار الكبير


4. فرساي تركيا


5. حمام الراحة.. والاسترخاء


6. جولة بحرية تكمل الزيارة


7. وجه اسطنبول.. الحديث - القديم

صيف 2007 : مدينة الغزاة تتعرض لغزو السياح

اسطنبول الحداثة والعراقة في تناغم وتكامل

زيارة اسطنبول تجعل السائح يعيش الماضي والحاضر في ذات الوقت. فعاصمة الامبراطورية العثمانية الاستانة مقر الباب العالي مازالت تحتفظ بعبق تاريخها التليد، كما تجدها تضم الى جانب اثار ذلك التاريخ الباهر مظاهر العمران الحديث التي تنتمي الى اوروبا القرن الواحد والعشرين.
وبعد ان كانت جيوش الامبراطورية التركية تغزو بلدان العالم القديم نجدها الان تتعرض الى غزو من نوع اخر يظهر في وفود اعداد كبيرة من السياح القادمين من كل انحاء العالم وان كانت الاغلبية منهم تأتي من الدول الاوروبية. ويبدو ان الاتراك قد غيروا تكتيكاتهم فلعدة قرون كانت غنائم الحرب وخيرات الدول التي غزاها السلاطين العثمانيون تستخدم في بناء دولتهم وعاصمتهم اسطنبول التي تضم بعضا من اعظم الابنية التاريخية واكثرها فخامة.
وعند التجول في انحاء اسطنبول تجد ان احياءها التاريخية القديمة قد تمت صيانتها وتجديدها وتحولت الى مواقع سياحية تضم المطاعم والحانات وكل مظاهر حياة الليل. كما تم تحويل الحمامات التقليدية الى منتجعات صحية حديثة، حيث يستمتع الزائر بخدمات الساونا وجلسات التدليك، وغير ذلك من اساليب الترويح الجسدي والروحي.

ماضي المدينة

ورغم غلبة مظاهر العمران العثماني التركي في اسطنبول فان مظاهر تاريخها الاقدم تظل ماثلة امام عين من يزور هذه المدينة الساحرة. فهناك مظاهر ماضيها الروماني والبيزنطي في كل مكان. وبهذا تعد اسطنبول وكأنها بمثابة متحف مفتوح لاثار الحقب التاريخية المختلفة التي عاشتها هذه المدينة المتعددة الجوانب ولا تكتمل اي زيارة لاسطنبول من دون ان يذهب الزائر الى بازار المدينة الكبير الذي يمكن ان يضيع في ارجائه وطرقه الملتوية فهو يضم 60 ممرا وحوالي اربعة آلاف متجر تبيع كل شيء من التحف والعاديات مثل اطقم الشاي التقليدية التركية، وصناديق لعبة النرد، والاراجيل ولا ننسى كذلك متاجر بيع السجاد التركي الشهير، التي بدأت تجاورها ايضا محلات بيع السجاد الحديث ذات التصاميم الطليعية البديعة التي تناسب الحياة العصرية.

البازار الكبير

ويتميز بازار اسطنبول الكبير بصورة خاصة بمحلات بيع المصنوعات الجلدية من احذية وحقائب ومعاطف، وهنالك ايضا المنسوجات القطنية والحريرية.
واسطنبول مدينة مذهلة من حيث جمعها للقديم والحديث في مكان واحد. فرحلة بالعبارة من محطة امينو في الجانب الاوروبي من المدينة والعبور الى منطقة كاديكوي في الطرف الآسيوي تحملك الى عالم آخر، فبعد عبور البوسفور ستجد امامك منارات المسجد السليماني الكبير، الذي يعود تاريخه الى العصور الوسطى تقف في عظمة، كما يطالعك برج قلعة سراي الشامخ، وقبة مسجد آيا صوفيا، وجدران متحف توبكابي الذي يحتاج الى زيارة جميع قاعاته ومشاهدة محتوياته الى أكثر من يوم. وهنالك قصر دولمباشي المطل على البحر والذي يعبر بفخامته عن أمجاد العهد العثماني.

فرساي تركيا

ويعتبر قصر السلطان الذي تحول الى متحف توبكابي بمنزلة قصر فرساي بالنسبة لملوك فرنسا، فهناك قسم الحريم الذي كان يضم حريم السلطان وخدمهن، وقد تم الاحتفاظ به على هيئته القديمة بغرفة بأثاثها التقليدي وقبابها المزينة وارضياتها ذات البلاط الأزرق ونوافذها بزجاجها الملون.
ويحتوي متحف توبكابي أيضا على بعض المحفوظات الاثرية المهمة تعود في اغلبها الى عهد الامبراطورية العثمانية، غير ان هناك بعض القطع الأثرية الإسلامية تعود الى عقود إلى عهد الرسول، صلى الله عليه وسلم، وعهد الإسلام الأول.
والمتحف، كما أشرنا، يحتاج الى أكثر من يوم للتجول في قاعاته والاطلاع على محتوياته، وهو يستحق ان يخصص له الزائر الوقت الكافي.
السائح القادم من البلاد الإسلامية أو العربية لن يواجه أي مشكلة في ما يتعلق بالطعام، اذ لن يكون لديه هاجس التأكد من مما يتناول من لحوم وطيور حلال ام لا، كما يحدث بالنسبة لزوار الدول الأخرى غير الإسلامية، كما ان السائح القادم من الدول العربية معتاد على انواع الاطعمة التركية التي وصلت اغلب البلاد العربية ابان سيطرة العثمانيين على معظم بلاد الشرق الاوسط وهو لا بد ان يكون قد تناول بعضها بعد التعديلات التي ادخلت عليها في تلك البلدان مثل سوريا ولبنان والعراق ومصر وغيرها. وبالتالي فعند زيارة اسطنبول يتاح له تناول الاصل. ويستمتع السائح بتناول شوربة العدس بالفلفل الاحمر والزعتر البري، واللحوم والطيور المشوبة واطباق سلطة الباذنجان المختلفة والمحاشي وانواع مختلفة من الفواكه الطازجة والعصائر.
وتنتشر مطاعم تقديم المأكولات البحرية على الشاطئ في اسطنبول. وتقدم هذه المطاعم الاسماك والمأكولات البحرية الطازجة وهي تعرض للزبون في صينية ويختار منها ما يود تناوله والكيفية التي يرغب في تقديمها له اي ان كانت مشوية ام مطبوخة. واثناء اعداد طعامه تقدم له انواع مختلفة من المقبلات التي تتناسب ونوع الطعام الذي طلبه. وعادة ما تقدم هذه المطاعم خدماتها اثناء الليل.
كما ان معظمها يقدم عزفا حيا للموسيقى التقليدية التركية. وتعتبر تجربة تناول العشاء في المطعم في الطابق العلوي في فندق مرمره بيرا تجربة فريدة. فالمطعم يعطيك اطلالة بانورامية للمدينة من اعلى وكأنك تحلق فوق سمائها. وقائمة الطعام تعد ايضا فريدة من نوعها اذ تقدم الاطباق التركية التقليدية بلمسة اوروبية كوزمبوليتية.

حمام الراحة.. والاسترخاء

بعد هذه الجولات الممتعة في استطلاع وتناول الأطعمة التركية الشهية لابد من أخذ قسط من الراحة الجسدية والذهنية وليس أفضل في هذا الصدد من زيارة احد الحمامات التركية التقليدية التي يعود تاريخ بعضها إلى قرون ماضية وهي مازالت تستخدم الحطب في تسخين المياه. وبعد حمام البخار، والاستحمام بالماء البارد تبدأ مرحلة التدليك التقليدي الذي لا يترك عضلة من عضلات الجسم. وقد أدخلت بعض الفنادق الحديثة في اسطنبول خدمات الحمام التركي. وهي لديها حمامات حديثة أدخلت فيها بعض التعديلات التي تجمع ما بين أجواء الحمام التركي التقليدي والأندية الرياضية الحديثة ذات غرف الساونا. وقضاء حوالي نصف ساعة في هذه الحمامات يعيد للجسم نشاطه وحيويته ويجعل الشخص مستعدا لمواصلة جولاته في مدينة اسطنبول التي بها العديد من المعالم التي تستحق الزيارة.

جولة بحرية تكمل الزيارة

الزيارة لمدينة اسطنبول لا تكتمل إلا بجولة بحرية بالعبارات التي تأخذ الزائر إلى جزر الأمراء أو ادلار. وهي تتكون من تسع جزر صغيرة في مجر مرمرة التي ظل البعض منها مأهولا منذ العهد البيزنطي وفي الأغلب من بعض الأقليات التركية. وقبل العهد التركي كانت هذه الجزر تضم العديد من الأديرة المسيحية.
وتعود تسمية الجزر باسم الأمراء إلى تقليد ظل يتبعه السلاطين العثمانيون وهو نفي الأمراء غير المرغوب فيهم إليها. وقد وفد إلى الجزر الأكبر في هذه المجموعة خلال القرن التاسع عشر أعداد متزايدة من السكان المسلمين وغير المسلمين ويصل عدد السكان الدائمين الآن حوالي 15 ألف مواطن تركي.
وتبدأ رحلة العبارات من مرفأ امينونو. وتتوقف العبارات في أربع من الجزر الكبرى المأهولة وهي بويوكادا وهيبليادا، وبور غزاده وكينالايدا.

وجه اسطنبول.. الحديث - القديم

من المعالم العديدة التي تذخر بها مدينة اسطنبول الساحرة التي لابد ان تكون في جدول زيارة أي وافد لها متحف اسطنبول الحديث في منطقة كاراكوسي وهو يقف بطلعته الحديثة في مواجهة مسجد تاريخي يعود إلى القرن السادس عشر.
وهما بالتالي يمثلان وجه اسطنبول الحديث والقديم، والشباب والحداثة والتقليدية والعراقة، وهذه الثنائية التي يمثلها المبنيان تجد انعكاسا لها في مقتنيات المتحف من الأعمال الفنية المعاصرة. ويقدم المتحف بعض أعمال كبار الفنانين الأتراك مثل لوحات طوران ايرول التي تصور الطبيعة الحية. وأعمال الفنان إحسان كمال التجريدية وغيرها من أهم الأسماء في مجال الفن التشكيلي التركي المعاصر.
وبعد هذه الجولة الفنية الثقافية يستطيع زائر المتحف أخذ قسط من الراحة في المقهى الملحق بالمتحف وهو مقهى حديث ومريح يطل على منظر بديع ويقدم المشروبات من القهوة والشاي بأنواعهما وبعض المأكولات الخفيفة.