- تلك قصة آسية وحكاية أسيفة ...
- لأخبركم أولا شيئا عن نفسي ..
مكثت أياما وليالي أرتب لهذه الرحلة / الحلم ....
صمدت أمام قذائف أم البنين الحارقة ...
جادلت وخاصمت ...
أقسمت واستثنيت ..
أبيت واسترضيت ..
احتملت الدروس التربوية عن خطأ أن يسافر الأب وحده ..!!لكن لا مانع أن يصطحب معه زوجته في كل خروج !!!!!
ولم أكن أعلم أن حلمي سيعجز عن عبور هذا المساء الصعب ...!!
ما كنت أحسب أن أحلامي كالأزهار قصيرة الأعمار ..
انكسر حلمي الليلة .. وعادت أغاني العرس رجع نواح ..
لكن كيف بدأت رحلتي ؟! وكيف انتهت ؟!
تلك قصة آسية وحكاية أسيفة ...
لأخبركم أولا شيئا عن نفسي ..
أنا لم أشعر بالسكينة والأنس إلا في مكانين ، مع الفارق الواضح بينهما ، المكان الأول المدينة النبوية على ساكنيها السلام ، والمكان الآخر مصرالمحروسة ؛ لذلك كل ما هلت إيجازة منيت نفسي بالسفر إليها ، وأزمعت الرحيل ، ورتبت لذلك . وقد كنت حجزت سابقا في شهر فبراير ، وكان ما كان ... فجعلت التذكرة مفتوحة ، حتى صلح الحال والحمدلله ، فأسرعت الخطا إلى مكتب الخطوط المصرية ، وقطعت تذكرة سفر من 4 إبريل لسبعة أيام تنتهي في 11 من الشهر نفسه ، مهاجرا منفردا ، وهذه إحدى عاداتي السيئة التي لا أحب التخلص منها .
ثم أخذت أنقب في منتدانا ، كشحيح ضاع في الترب خاتمه .. لم أترك شاردة ولا واردة دون تسجيلها ، أو تصويرها ، أو حفظها ، حتى اجتمع عندي مئات الصفحات من أسماء الأماكن والعناوين والوصايا ..
ثم وضعت جدولا محكما ، كاد أن يكون بالساعة ، وهذه عادة ثانية من عاداتي السيئة ، لا أحب أن أترك الأمور للصدف والارتجال ، قسمت يومي أقساما ثلاثة ، تبدأ بالسياحة الصباحية ، ثم سياحة ما بعد العصر ، ثم السياحة المسائية ، تتخللها فترتان للراحة في الشقة ..
وتحدثت كثيرا مع أصحاب الشقق والسماسرة ، وبحثت في المواقع عن حجوزات الفنادق ، حتى أقارن بين الأسعار والأماكن ، وأنا لا أرتاح إلا في الشقق ؛ لأنها في كل الأحوال أوسع من غرف الفندق ..
ثم استقر رأي على شقة في عمارة الدبلوماسيين ، في الدور 21 ، مطلة على النيل ، حسب وصف صاحب الشقة ..مكونة من ثلاث غرف وثلاث حمامات أجلكم الله ، بسعر يومي قدره مائة دولار ..
ثم جاءت هذه الليلة .. ليلة البر .. ليلة الواجب ..
زرت أبي ، زيارة ما قبل السفر ، وأنا عادة لا أخبره بسفري ؛ حتى لا يقلق ، كما أن زياراتي لمصر سريعة لا تتعدى الأيام السبعة .. لا يشعربها أحد ..
قال لي : ( يا وليدي الحرمة هذي وعيالها ودهم يروحون المدينة يوم الثلوث وأنا والله ما لي طوقة في المشوار قلت أبغى أجي عندك لين يجون . وش قلت )
معاني الكلمات : الحرمة = زوجة أبي . عيالها = إخوتي منها . ودهم = يريدون . يروحون = يذهبون . الثلوث = الثلاثاء . مالي طوقة = لا أستطيع . ابغى أجي عندك = أريد أن آتي عندك . لين يجون =إلى أن يأتوا . وش قلت = ما رأيك ؟
قلت : حياك الله يا بوي ..
إذن لا سفر !!!
لملمت بقايا حلمي ودمعة ساخنة ، وسألت الله برهما ..
مدن الأحزان