- وجه حضاري يرسخ امتداد وغنى الحضارة التي شهدتها المنطقة
وجه حضاري يرسخ امتداد وغنى الحضارة التي شهدتها المنطقة
تشكل المآثر التاريخية والقصور والقصبات وثراء التقاليد والعادات التي تزخر بها مختلف القبائل بمنطقة الرشيدية عاملا مهما يدل على غنى الحضارة التي شهدتها تافيلالت الكبرى، حاضرة القوافل التجارية التي كانت في الماضي تستقل طريق سجلماسة نحو الصحراء.
فأطلال سجلماسة ما زالت إلى حدود اليوم تشهد على الفترة التي عاشت فيها هذه الحاضرة إشعاعا ثقافيا وتجاريا خلال القرن الثامن الميلادي. وتمثل القصور والقصبات تراثا معماريا ذا حمولة ثقافية واجتماعية غنية بالرموز والدلالات، فالقصر بمنطقة الرشيدية هو عبارة عن تجمع سكني داخل بناية موحدة محاطة بسور ضخم تتخلله أبراج مربعة الشكل وله مدخل رئيسي واحد فضلا عن عدة أروقة مغطاة ومسجد وساحة ودور سكنية موزعة عبر الأزقة.
أما القصبة فهي بدورها سكن محصن لكنها تكون في ملكية أسرة واحدة قائمة على نظام الأبوة، حيث يمتد هذا النمط المعماري على طول الأودية ووسط الواحات وفوق الجبال ويعتبر أداة لتكيف الإنسان مع البيئة المحلية. وهكذا ينتشر في إقليم الرشيدية ما يناهز400 قصرا وقصبة بنيت بالتراب المدكوك بين الألواح الخشبية والمستعملة في تقنية البناء بالتابوت التي تتميز بتكيفها مع الظروف المناخية واندماجها مع المحيط الطبيعي الصحراوي.
ومن بين هذه القصور، قصر مسكي الذي يقع على الضفة اليمينية لوادي زيز على مقربة من العين الزرقاء، وهو ينتمي إلى المآثر التاريخية والبنايات المعمارية التي تجسد مرحلة مهمة من تاريخ المنطقة. أما قصر الفيضة الذي يحتضن فعاليات مهرجان موسيقى الصحراء فيقع على بعد4 كيلومترات في الشمال الشرقي لمدينة الريصاني وهو يعد من أهم قصور العلويين وأقدمها بمنطقة تافيلالت حيث يعود تأسيسه إلى عهد السلطان المولى اسماعيل الذي قام بتشييده ليأوي فيه ابنه مولاي عبدالله.
كما يعد قصر إكلميمن بكلميمة من القصور الخلابة ذات الاسوار العالية والبروج المهمة حيث يعود تاريخه إلى ما يزيد عن المائة عام وأيضا قصر المعاضيض الذي يقع على بعد50 كلم من عين مسكي الزرقاء والذي يعد بدوره من أجمل قصور تافيلالت من خلال أسواره العالية وبواباته الفخمة. وضريح مولاي علي الشريف عبر بوابته الضخمة المغطاة بقطع خزفية خضراء تعلوها قبة فوق القاعة الكبرى التي تحتوي قبر هذا الشريف الذي أسس الدولة العلوية، أضحى قبلة لعدد متزايد من الزوار.
أما مدينة الريصاني التاريخية التي تقع على بعد100 كلم من الرشيدية فتشكل عبر مبانيها العتيقة ثروة ثقافية تجذب الزوار وتغريهم بمعاودة زيارتها لاكتشاف أسواقها الاسبوعية وصناعتها التقليدية وبساتين النخيل التي تحيط بجنباتها مضفية عليها طابعا خلابا وممتعا. كما ان إحياء المدينة لثلاث مناسبات كبرى سنويا : مهرجان طرب الملحون خلال شهري أبريل وماي وجامعة مولاي علي الشريف الخريفية خلال شهر دجنبر والمهرجان الدولي لموسيقى الصحراء خلال شهر ماي يجعلها امتدادا لتاريخ عريق يرسخ لذاكرتها الثقافية التي تشهد على ازدهارها الغابر الذي مازال يحتفظ بعدد كبير من مظاهره المتميزة.
وتشكل النقوش الصخرية الموجودة بمنطقة الطاوز والتي تعود إلى عهود ما قبل التاريخ وكذا تلك الموجودة بمنطقة النيف عاملا مهما وأساسيا لتمكين الباحثين من اعادة تأسيس وبناء تاريخ الشعوب القديمة خاصة تلك المتعلقة بالبنيات الاجتماعية والاعتقادات الدينية والميتولوجية التي كانت سائدة في المنطقة. وفضلا عن النقوش الصخرية، فإن وجود مجسمات بشرية إلى جانبها يوحي بشكل كبير بوجود عوامل استقرار وتنظيمات اجتماعية واقتصادية تختلف في طابعها عن النمط المعيشي والحياتي للشعوب الرحل.
