قد يكون مبنى المحطة الخامسة التابعة لمطار هيثرو اللندني الاكبر
في اوروبا حيث يساوي حجمه مساحة 25 ملعبا لكرة القدم غير انه
المشروع الاكثر إثارة للجدل في بريطانيا منذ ان بدأ الكلام عن
توسيع مطار هيثرو المزدحم.
فبعد عشر سنوات من العمل أبصرت المحطة الخامسة النور امس وقامت
الملكة اليزابيث الثانية بافتتاح المحطة الجديدة في ظل تشديد
امني ملحوظ بعد حادثة اليوم الذي سبقه حيث تعطلت حركة الطيران في
مطار هيثرو بلندن يوم الخميس بسبب تحذيرات أمنية شديدة بعد إلقاء
القبض على رجل يحمل حقيبة ظهر اخترق السياج الخارجي وعبر مدرج
للطائرات في أحد المدرجين الموجودين في المطار.
وألقى رجال الشرطة المسلحة القبض على الرجل عندما كان يعدو نحو
طائرة وصادروا حقيبته. وربما اخترق الرجل السياج الخارجي المرتفع
الذي يعلوه سلك شائك لدخول المنطقة المؤمنة.
ورغم عدم إشارة الشرطة إلى أي خلفية للحادث فهناك احتمال بأن
الرجل أراد الاحتجاج ضد توسيع المطار الذي أثار الجدل.
واختارت الملكة اليزابيث الثانية ان تفتتح المطار بنفسها لان
الديوان الملكي يرى في مشروع توسيع مطار هيثرو إفادة كبيرة لحركة
الطيران ولبريطانيا كما ان الملكة كانت قد قامت منذ نصف قرن
بافتتاح «مبنى اوروبا» الذي يعرف حاليا بالمحطة الثانية لمطار
هيثرو او«Terminal 2» في عام 1955.
ورافق الملكة زوجها فيليب دوق ادنبره وكان في استقبالهما حشد
كبير من العاملين في المحطة الجديدة ووضعت في الصالات الانيقة
صور عملاقة تظهر جميع اركان المحطة المميزة التي تعتبر انجازا
هندسيا ومعماريا لافتا في القرن الحالي.
وقام نايجل رود رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية البريطانية في
مطار هيثرو باستقبال الملكة الى جانب رئيس مجلس الادارة التنفيذي
ل«غروبو فيروفيال» التي تملك الشركة البريطانية للطيران BAA
ورئيس مجلس ادارة بريتش ايرويز مارتن براوتن والرئيس التنفيذي
لبريتش ايرويز ويلي وولش.
وعبر نايجل رود عن سعادته بمناسبة افتتاح المحطة الجديدة التي من
شأنها ان تستوعب ملايين الركاب واعتبر رود المحطة الخامسة بداية
جديدة لمطار هيثرو بحيث سيكون «Terminal 5» نقطة الانطلاق لعدد
كبير من الرحلات. وشكر رود كل من رافقه في تحقيق هذا التوسيع
الذي من شأنه ان يغير النظرة السلبية التي تراها لاصقة بمطار
هيثرو في جميع محطاته.
ومن المنتظر بأن تستوعب المحطة الخامسة التي بلغت تكلفتها 4.3
مليار جنيه استرليني (8.6 مليار دولار اميركي) حوالي 30 مليون
مسافر سنويا. وستفتح المحطة ابوابها امام جميع المسافرين في
السابع والعشرين من الشهر الجاري.
وحضر الافتتاح 800 شخص من بينهم شخصيات اجتماعية وسياسية بارزة
الى جانب عدد من المسؤولين في مجال الملاحة الجوية وعاملين في
المطار وافتتحت المحطة على انغام الموسيقى حيث قام الموسيقي
والمؤلف ستيف سيدويل بتقديم مقطوعة موسيقية رائعة تشير الى بداية
جديدة وولادة للمحطة الجديدة، شاركه بها ثلاثون عضو في اشهر جوقة
موسيقية في بريطانيا.
ويتمتع مبنى المحطة الفريد من نوعه والاكبر في اوروبا بتصميم
رائع يسمح بدخول النور الى جميع اركانه بصورة مستمرة كما انه
المبنى الوحيد بهذا الحجم لا يرتكز على الاعمدة في وسطه وهو
مصنوع في غالبه من الزجاج واستغرقت عملية تركيب سطحه وجدرانه
الزجاجية عدة ايام تم فيها نقل غرفة المراقبة او الرادار على
مسافة كيلومترين وهي تزن 900 طن وبطول 87 مترا، وشارك 60 الف
عامل بعملية البناء واستغرقت عملية البناء ما مجموعه 100 مليون
ساعة عمل وبدأ العمل الفعلي في شهر سبتمبر (ايلول) عام 2002.
وعلق ويلي وولش الرئيس التنفيذي لبريتش ايرويز بأن المحطة
الخامسة هي انجاز رائع وسيكون من شأنها تقديم افضل الخدمات
للمسافرين وستجعل السفر متعة وراحة إن كان على صعيد السفر من
لندن او الى لندن، وأضاف وولش «انا بغاية الفخر ولا يسعني القول
إلا انني انتظر يوم الافتتاح الفعلي في السابع والعشرين من الشهر
الجاري على احر من الجمر».
وعما إذا كانت المحطة الخامسة في مطار هيثرو سوف تضاهي خدمات
أفضل مطارات العالم، أجاب وولش : «المحطة الخامسة سوف تنافس افضل
المطارات وقد تتخطاها بأشواط».
وستضم المحطة الخامسة 60 موقفا للطائرات، ومبنيين للاقمار
الاصطناعية على ان ينتهي العمل من القسم الثاني منها في غضون عام
2010، وسكك حديدية تربط المحطة مباشرة بوسط لندن بالاضافة الى
مواقف عديدة للسيارات.
يشار الى ان تصميم المبنى الفريد يعود الى المهندس روجر ستيرك
هاربور الفائز بجائزة أفضل تصميم هندسي لعام 2006، ويتميز المبنى
بتقديم جميع الخدمات التي يبحث عنها المسافر من جميع الجنسيات،
فهو شاسع وشرح وتحيط به مساحات خضراء جميلة وبما ان جدرانه
الخارجية من الزجاج فسوف يعطي فرصة فريدة للمسافرين لمشاهدة أجمل
المناظر الطبيعية التي تكمل صورة المبنى المميز.
ولكثرة الحديث عن شكل المبنى وضخامته، اصبحت هندسته بمثابة اساس
تنطلق منه اكبر الشركات العالمية للانطلاق في مشاريع مستقبلية
شبيهة بضخامته وتميزه.
ولكن وعلى الرغم من ضخامة المشروع والافتتاح الرسمي إلا ان
المحطة كانت ولا تزال محط انظار نشطاء «جرينبيس» الذين ساروا في
فبراير(شباط) الماضي إلى مدرج في هيثرو ونجحوا في التسلق إلى
أعلى مؤخرة ذيل طائرة من طراز «بي.إيه بوينج» لرفع لافتة احتجاجا
ضد توسيع المطار.
وبعد ذلك بأيام اخترق مؤيدون لمنظمة «بلين ستيوبيد» أسطح مباني
البرلمان في لندن وألقوا بطائرات ورقية احتجاجا على الصالة
الجديدة في مطار هيثرو والتي أثارت الجدل وخطط إنشاء مدرج ثالث.
كما ان المشروع لاقى رفضا كبيرا من قبل السكان الذين يقيمون على
مسافة قريبة من المدرج غير ان المسؤولين وجدوا بأن بناء محطة
خامسة لمطار هيثرو قد تكون الامل في إصلاح الصورة السلبية لمطار
هيثرو الذي يعتبر من بين اسوأ المطارات في العالم من حيث الزحمة
وقلة التنظيم والتأخير.
المصدر/ جريدة الشرق الأوسط
العدد 10700 تاريخ 15/3/2008