- وإليكم الآن ما جاء في هذا الكتاب
- الأندلس
- أشبونة
- أقيانس
إخواني قرأت مؤخراً كتابا قديماً أسمه (كتاب صفة جزيرة الأندلس للحميري) وبه معلومات كثيرة ومفيدة لمحبي أرضنا المفقودة وقد إقتطعت جزء من الكتاب لما فيه من إثبات أن مسلمي الأندلس قد قاموا بمحاولات لعبور المحيط الأطلسي (بحر الظلمات) قبل (كولمبوس) بمئات السنين وبعضهم نجح بالغبور والعودة. وسوف أذكر معلومات أخرى لاحقاً وكذلك الرابط لهذا الكتاب لمن يريد الإطلاع.
وإليكم الآن ما جاء في هذا الكتاب
الأندلس
هذه الجزيرة في آخر الإقليم الرابع إلى المغرب، هذا قول الرازي، وقال صاعد ابن أحمد في تأليفه في طبقات الحكماء: معظم الأندلس في الإقليم الخامس وجانب منها في الرابع كإشبيلية ومالقة وقرطبة وغرناطة والمرية ومرسية.
واسم الأندلس في اللغة اليونانية إشبانيا، والأندلس بقعة كريمتة طيبة كثيرة الفواكه، والخيرات فيها دائمة، وبها المدن الكثيرة والقواعد العظيمة، وفيها معادن الذهب والفضة والنحاس والرصاص والزيبق واللازورد والشب والتوتيا والزاج والطفل.
والأندلس آخر المعمور في المغرب لأنها متصلة ببحر أقيانس الأعظم الذي لا عمارة وراءه، ويقال: إن أول من اختط الأندلس بنو طوبال بن يافت بن نوح، سكنوا الأندلس في أول الزمان، وملوكهم مائة وخمسون ملكاً، ويقال إن الأندلس خربت وأقفرت وانجلى عنها أهلها لمحلٍ أصابهم فبقيت خالية مائة سنةٍ، ثم وقع ببلاد إفريقية محل شديد ومجاعة عظيمة فرقت أهلها، فلما رأى ملك إفريقية ما وقع ببلاده اتخذ مراكب وشحنها بالرجال، وقدم عليهم رجلاً من إفريقية ووجههم، فرمى بهم البحر إلى حائط إفرنجة وهم يومئذ مجوس، فوجههم صاحب إفرنجة إلى الأندلس.
وقيل اسمها في القديم: إبارية، ثم سميت بعد ذلك: باطقة، ثم سميت: إشبانيا من اسم رجل ملكها في القديم كان اسمه إشبان، وقيل سميت بالإشبان الذين سكنوها في الأول من الزمان، وسميت بعد ذلك بالأندلس من أسماء الأندليش الذين سكنوها.
وسميت جزيرة الأندلس بجزيرة لأنها شكل مثلث وتضيق من ناحية شرق الأندلس حتى تكون بين البحر الشأمى والبحر المظلم المحيط بالأندلس خمسة أيام، ورأسها العريض نحو من سبعة عشر يوماً، وهذا الرأس هو في أقصى المغرب في نهاية انتهاء المعمور من الأرض محصور في البحر المظلم، ولا يعلم أحد ما خلف هذا البحر المظلم، ولا وقف منه بشر على خبرٍ صحيحٍ لصعوبة عبوره وإظلامه، وتعاظم موجه وكثرة أهواله، وتسلط دوابه وهيجان رياحه، حسبما يرد ذلك في موضعه اللائق به إن شاء الله تعالى، وبلاد الأندلس مثلث الشكل كما قلناه.
ويحيط بها البحر من جميع جهاتها الثلاث؛ فجنوبيها يحيط به البحر الشأمى، وجوفيها يحيط به
وجهته ولى ششبوت بن الملك غيطشه ميمنته وأخاه ميسرته، وهما الولدان الذان سلبهما ملك أبيهما، فبعثا إلى طارق يسألانه الأمان إذا مالا إليه عند اللقاء بمن معهما، وعلى أن يسلم إليهما ضياع والدهما غيطشة إن ظفر، فأجابهما طارق إلى ذلك، وعاقدهما عليه؛ فلما التقى الجمعان انحاز هذان الغلامان إلى طارق، فكان ذلك سبب الفتح، وكان الطاغية لذريق في ستمائة ألف فارسٍ.
وقد خرجت عن حكم الاختصار الذى التزمت في هذا الوضع فلنقتصر على هذا القدر، وأما ذكر بلاد الأندلس فتأتى في مواضعها اللائقة بها إن شاء الله تعالى.
وافتتحت الأندلس في أيام الوليد بن عبد الملك، فكان فتحها من أعظم الفتوح الذاهبة بالصيت في ظهور الملة الحنيفية؛ وكان عمر بن عبد العزيز معتنياً بها، مهتماً بشأنها، وهو الذي قطعها عن نظر وإلى إفريقية وجرد لها عاملاً من قبله.
أشبونة
بالأندلس من كور باجة المختلطة بها، وهي مدينة الاشبونة، والأشبونة بغربي باجة، وهي مدينة قديمة على سيف البحر تنكسر أمواجه في سورها، واسمها قودية، وسورها رائق البنيان، بديع الشأن، وبابها الغربي قد عقدت عليه حنايا فوق حنايا على عمدٍ من رخام مثبتةٍ على حجارة من رخام وهو أكبر أبوابها، ولها باب غربي أيضاً يعرف بباب الخوخة مشرف على سرح فسيح يشقه جدولا ماء يصبان في البحر، ولها باب قبلي يسمى باب البحر تدخل أمواج البحر فيه عند مده وترتفع في سوره ثلاث قيم، وباب شرقي يعرف بباب الحمة، والحمة على مقربةٍ منه ومن البحر ديماس ماءٍ حارٍ وماءٍ باردٍ، فإذا مد البحر واراهما؛ وباب شرقي أيضاً يعرف بباب المقبرة.
والمدينة في ذاتها حسنة ممتدة مع النهر، لها سور وقصبة منيعة؛ والأشبونة على نحر البحر المظلم؛ وعلى ضفة البحر من جنوبه قبالة مدينة الأشبونة حصن المعدن؛ ويسمى بذلك لأن عند هيجان البحر يقذف بالذهب التبر هناك؛ فإذا كان الشتاء قصد إلى هذا الحصن أهل تلك البلاد فيخدمون المعدن الذي به إلى انقضاء الشتاء، وهو من عجائب الأرض.
ومن مدينة الأشبونة كان خروج المغرورين في ركوب بحر الظلمات ليعرفوا ما فيه وإلى أين انتهاؤه، ولهم بأشبونة موضع بقرب الحمة منسوب إليهم يعرف بدرب المغرورين، وذلك أن ثمانية رجال، كلهم أبناء عمٍ، اجتمعوا فابتغوا مركباً وأدخلوا فيه من الماء والزاد ما يكفيهم لأشهرٍ، ثم دخلوا البحر في أول طاروس الريح الشرقية، فجروا بها نحواً من إحدى عشر يوماً؛ فوصلوا إلى بحرٍ غليظ الموج، كدر الروائح، كثير التروش، قليل الضوء، فأيقنوا بالتلف، فردوا قلعهم في اليد الأخرى، وجروا في البحر في ناحية اثنى عشر يوماً؛ فخرجوا
أقيانس
هو اسم لبحر الظلمات، ويقال له البحر الأخضر، والمحيط الذي لا يدرك له غاية، ولا يحاط بمقداره، ولا فيه حيوان، وهو الذي يخرج منه البحر الرومي الذي هو بحر الشأم ومصر والغرب والأندلس، فإنه خليج يخرج من هذا البحر، وقد خاطر بنفسه خشخاش من الأندلس، وكان من فتيان قرطبة، في جماعة من أحداثها، فركبوا مراكب استعدوها، ودخلوا هذا البحر، وغابوا فيه مدةً، ثم أتوا بغنائم واسعةٍ وأخبارٍ مشهورةٍ.
وإنما يركب من هذا البحر مما يلي المغرب والشمال، وذلك من أقاصي بلاد السودان إلى برطانية، وهي الجزيرة العظمى التي في أقصى الشمال، وفيه ست جزائر تقابل بلاد السودان تسمى الخالدات، ثم لا يعرف أحد ما بعد ذلك، وستأتي إن شاء الله تعالى حكاية أخرى عمن دخل هذا البحر أطول من هذه في موضعها في ذكر الأشبونة.
وكل عام وانت بخير
أضيف لطرحك الرائع هذا الرابط
وتقبل التحية ووافر التقدير