ولـد الـدرب
01-12-2022 - 08:46 am
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد توقف طويل عن الكتابة دام لسنوات ، هذه الخربشات إهداء لكل عاشق قديم وجديد للمغرب ، ولمن يفهم جيداً ماذا اعني ....
وأنا استعد للنوم المبكر ، استعداداً لرحلة طويلة شرق الكرة الأرضية .. قررت ذلك القرار ..
أفقت قبل انبلاج النور بكثير ، كل شيء جاهز ، أنهيت كل إجراءاتي ، وإذا بي في داخل صالة الذهاب ..
(مطار دبي الدولي) محط انطلاق اغلب رحلاتي (للمغرب) .. التوقف المعتاد قبل الانطلاق ..
حفظته وحفظت الرحلة عن ظهر قلب , فالموضوع عشرة عمر ..
سنوات عديدة .. تتالت بسرعة البرق ..
ولا أحس أنها سنون .. إلا عندما انظر إلى تلك الشعيرات البيضاء ..
التي بدأت تعترف بقرب نهاية عقد ثلاثيني ..
اعرف توقيت المغادرة ، ورقم البوابة ، وحتى شكل الموظفين ..
لا بل اعرف جيدا ملامح ركاب تلك الرحلة ..
و اعرف أيضاً إحساسهم ...
لذلك .. قررت .. أن أكون هناك ..
نعم .. هناك .. لسبب واحد فقط ..
السبب .. انه و بما أنني لن اذهب إليه.. إلى المغرب ..
أريد أن أتمتع برؤية ملامح هؤلاء الركاب وهم يدلفون للطائرة .. منطلقين إلى هناك ..
صدقوني .. إنها متعة ..
ولن يفهمني أحد .. إلا من أمضى ردحا من الزمن.. بين جبال الأطلس ..
بين نخيل مراكش .. بين حارات كازا ..
ولن يصدقني احد .. إلا من شم هواء طنجة .. وعانق شواطئ أغادير ..
وطاف بين فاس ومكناس .. وسكن الرباط ..
وسيكذبني الجميع .. إلا من ذاق ماء سيدي علي .. وتلذذ بالطاجين والطنجية ..
وتحلى بالسلو والشباكية ..
وسيقولون مجنون .. إلا من عاشر وتعرف وعرف طباع العائلة المغربية ..
وذهبت .. وصلت للبوابة .. رحلة 751 ..
جلست ..
واضعاً رجل فوق رجل وبيدي كاس من القهوة .. وبيدي كتاب..
وبدأت أتأمل .. وأتفرس .. الوجوه .. العيون .. الحواجب .. يا سبحان الله ..
إنني أرى ما بداخل عقولهم ..
وأكاد انطق على لسانهم .. اعرف تلك النظرات جيداً .. أنها نشوه ..
حاله من اللاوعي اللذيذ ..
ودلفوا جميعاً إلى الداخل .. والموظف يصرخ لجمع من تبقى منهم ..
كازبلانكا .. كازبلانكا .. لم يكن يعلم ..
لم يكن يعلم انه بعد كل مره ينطق بها .. يخفق قلب مخضرم ..
عشرات المرات قبل أن يعيد النطق بها مره أخرى ..
لم يكن يعلم .. ولا الركاب .. أن هناك عيون تراقب .. عيون تعرف ..
أن الدخول إلى تلك القاعة .. تعني لها .. الكثير ..
ذاك يحمل أغراضه على كتفه ..
والأخر يتأمل في بطاقة الدخول للطائرة .. ينظر لكلمة cmn في محطة القدوم ..
وعائلة مغربية تستعجل أطفالها والشوق يحدوهم ..
و عجوز تحث الخطى للدخول للقاعة .. عالم آخر تلك القاعة ..
وفجأة وفي خضم التأمل.. جال بخاطري .. شيء أفزعني ..
يا سبحان الله .. بعد هذه السنوات .. أصبح حتى النظر للمسافرين إليها .. متعة ..
ماذا دهاك يا رجل؟؟ .. متعة أم جنون!! .. إلى أين وصلت .. مع هذا البلد ..
لحظتها .. أطرقت راسي لما بين يدي .. وابتسمت فجأة ..
فالإجابة كانت في عنوان الكتاب .. الذي كنت اقرأه ..
(( نهاية بطل .. وميلاد أسطورة )) لكاتبة الثوري تشي غيفارا ..
وقفت .. ومشيت واثق الخطوة .. بعكس اتجاه تلك البوابة ..
وأنا مبتسم ابتسامة جيفارا وهو يموت بعد كفاح ..
كتبة ولد الدرب
1432ه - 2010م
كم وددتُ فعلاً أن أكون من أول القُراء الذين يضعون بصمتهم على حروفك الجَميلة
على مشاعرك الصادِقة والوصف العفوي والأسلوب الخلاب الذي يدخل القلوب من أول حرف !!
جعلتني أتذكرُ الكثير وأعيش الكَثير ، حتى أصوات المسافرين وهمس الخطوات في تلك المطارات شعرتُ بها ، أصختُ سمعي لكل الأحاديث هنا وفي كل الطرق المؤدية إلى المغرب !!
ولد الدرب
يشتاقُ لك المغرب كله ، بكل تفاصيله وتشتاق لك الديار
وسنراك مراراً وتكراراً
ألجمت كل أحرفي حقيقة ولا أملكُ شيئاً اكتبه
تحياتي القلبية