الشاب
26-01-2022 - 03:03 am
يا أرض الأندلس الخضراء حيينا لعل روحا من الحمراء تحيينا
عادت الى أهلها تشتاق فتيتها فأسمت من غناء الحب تلحينا
كانت لنا فعنت تحت السيوف لهم لكن حاضرها رسم لماضينا
في عزنا اكتسبت منا فصورتنا محفوظة أبدا فيها تعزينا
لابدع ان نشقتنا من أزاهرها طيبا فانا ملأناها رياحينا
و ان طربنا لألحان نرددها فانها أخذت عنا أغانينا
وفي البرتغال و اسبانية ازدهرت آدابنا و سمعت دهرا مبانينا
و في صقلية و الآثار ما برحت تبكي التمدن حينا و العلى حينا
كم من قصور و جنات مزخرفة فيها الفنون حمعناها أفانيا
و كم صروح و أبراج ممردة زدنا بها الملك توطيدا و تمكينا
و كم مساجد أعلينا مآذهنها فأطلعت أنجما منها معالينا
تلك البلاد استمدت من حضارتنا ما أبدعته وأولته أيادينا
فيها النفائس جاءت من صناعتنا و من زراعتنا صارت بساتينا
فأجدبت بعدنا و استوحشت زمنا تصهر الينا و تبكي من تنائينا
أيام كانت قصور الملك عالية كان الفرنج الى الغابات آوينا
و حين كنا نجر الخز أردية كانوا يسيرون في الأسواق عارينا
جاءت من الملأ الأعلى قصائدنا و الروم قد أخذوا عنا قوافينا
لم يعرفوا العلم الا من مدارسنا و لا الفروسية الا من مجارينا
أعلى الممالك داستها جحافلنا و سرحت خيلنا فيها سراحينا
تلك الجياد بأبطال الوغى قطعت جبال برنات وانقضت شواهينا
في أرض إفرنسة القصوى لها أثر قد زاده الدهر ايضاحا و تبيينا
داست حوافرها ثلجا كما وطئت رملا و خاضت عبابا في مغازينا
كسرى و قيصر قدفرت جيوشهما للرزبان و للبطريق شاكينا
حيث العمامة بالتيجان مرزية من يوم يروموك حتى يوم حطينا
وللعروش طواف بالسيرير اذا قام الخليفة يعطى الناس تأمينا
بعد الخلافة ضاعت أرض أندلس و مافي العرب الدنيا و لا الدينا
الملك أصبح دعوى في طوائفهم و استمسكوا بعرى اللذات غاوينا
و كل طائفة قد بايعت ملكا لم يلف من غارة الإسبان تحصينا
وهكذا يفقد السلطان هيبته ان اكثر الناس بالفوضى السلاطينا
تلك المساجد صارت للعدى بيعا بعد الأئمة لا تهوى الرهابينا
هل ترجعن لنا ياعهد قرطبة فكيف نبكي و قد جفت مآقنيا
ذبلت زهرا و من ذياك نشوتنا و ان ذكراك في البلوى تسلينا
ماكان أعظمها للملك عاصمة و كان أكثرها للعلم تلقنا
لم يبق منها و من ملك و من دول الا رسول و أطياف تباكينا
و الدهر مازال في آثار نعتمها يروي حديثا به يشجو أعادينا
أين الملوك بنو مروان ساستها يصحون قاضين أو يسمون غازينا
و أين أبناء عباد و رونقهم و هم أواخر نوفي دياجينا
يأيها المسجد العاني بقرطبة هلا تذكرك الأجراس تأذينا
تلك القصور من الزهراء طامسة و بالتذكر نبنيها فتبنينا
علىالممالك منها أشرفت شرف و الملك يعشق تشييدا و تزيينا
و عبد رحمانها يلهو بزخرفها و الفن يجمع فيها الهند و الصينا
كانت حقيقة سلطان و مقدرة فأصبحت في البلى و هما و تخمينا
عمائم العرب الأمجاد ما برحت على المطارف بالتمثيل تصبينا
و في المحاريب أشباح تلوح لنا و في المنابر أصوات تنادينا
يابرق طالع قصورا أهلها رحلوا و حى أجداث أبطال منيخنيا
أهكذا كانت الحمراء موحشة اذ نت ترقب أفواج المغنينا
و للبرود حفيف فوق مرمرها و قد تضوع منها مسك دارينا
و ياغمام افتقد جنات مرسية ورد من زهرها وردا و نسرينا
و أمطر النخل و الزيتون غادية و التوت و الكرم و الومان و التينا
أوصيك خيرا بأشجار مباركة لأنها كلها من غرس أيدنيا
كنا الملوك و كان الكون مملكة فكيف بتنا المماليك المساكينا
و في رقاب العدى انفلت صوارمنا و اليوم قد نزعوا منا السكاكينا
و هذه القصيدة نقلا من كتاب الحلل السندسية للأمير شكيب أرسلان و الذي قال في كتابه(( اذا اطلعت في جريدة الصفاء سنة 1339 هجري على قصيدة مؤثرة في رثاء الأندلس و ذكرها أيامها لاخالية لأبي الفضل الوليد بن طعمة من أدباء اخواننا المسيحيين اللبنانيين فأحببت تخليدها في هذا الكتاب لمكانها من النخوة الأدبية و النزعة العربية و هي)):
يا أرض الأندلس الخضراء حيينا لعل روحا من الحمراء تحيينا
عادت الى أهلها تشتاق فتيتها فأسمت من غناء الحب تلحينا
كانت لنا فعنت تحت السيوف لهم لكن حاضرها رسم لماضينا
في عزنا اكتسبت منا فصورتنا محفوظة أبدا فيها تعزينا
لابدع ان نشقتنا من أزاهرها طيبا فانا ملأناها رياحينا
و ان طربنا لألحان نرددها فانها أخذت عنا أغانينا
وفي البرتغال و اسبانية ازدهرت آدابنا و سمعت دهرا مبانينا
و في صقلية و الآثار ما برحت تبكي التمدن حينا و العلى حينا
كم من قصور و جنات مزخرفة فيها الفنون حمعناها أفانيا
و كم صروح و أبراج ممردة زدنا بها الملك توطيدا و تمكينا
و كم مساجد أعلينا مآذهنها فأطلعت أنجما منها معالينا
تلك البلاد استمدت من حضارتنا ما أبدعته وأولته أيادينا
فيها النفائس جاءت من صناعتنا و من زراعتنا صارت بساتينا
فأجدبت بعدنا و استوحشت زمنا تصهر الينا و تبكي من تنائينا
أيام كانت قصور الملك عالية كان الفرنج الى الغابات آوينا
و حين كنا نجر الخز أردية كانوا يسيرون في الأسواق عارينا
جاءت من الملأ الأعلى قصائدنا و الروم قد أخذوا عنا قوافينا
لم يعرفوا العلم الا من مدارسنا و لا الفروسية الا من مجارينا
أعلى الممالك داستها جحافلنا و سرحت خيلنا فيها سراحينا
تلك الجياد بأبطال الوغى قطعت جبال برنات وانقضت شواهينا
في أرض إفرنسة القصوى لها أثر قد زاده الدهر ايضاحا و تبيينا
داست حوافرها ثلجا كما وطئت رملا و خاضت عبابا في مغازينا
كسرى و قيصر قدفرت جيوشهما للرزبان و للبطريق شاكينا
حيث العمامة بالتيجان مرزية من يوم يروموك حتى يوم حطينا
وللعروش طواف بالسيرير اذا قام الخليفة يعطى الناس تأمينا
بعد الخلافة ضاعت أرض أندلس و مافي العرب الدنيا و لا الدينا
الملك أصبح دعوى في طوائفهم و استمسكوا بعرى اللذات غاوينا
و كل طائفة قد بايعت ملكا لم يلف من غارة الإسبان تحصينا
وهكذا يفقد السلطان هيبته ان اكثر الناس بالفوضى السلاطينا
تلك المساجد صارت للعدى بيعا بعد الأئمة لا تهوى الرهابينا
هل ترجعن لنا ياعهد قرطبة فكيف نبكي و قد جفت مآقنيا
ذبلت زهرا و من ذياك نشوتنا و ان ذكراك في البلوى تسلينا
ماكان أعظمها للملك عاصمة و كان أكثرها للعلم تلقنا
لم يبق منها و من ملك و من دول الا رسول و أطياف تباكينا
و الدهر مازال في آثار نعتمها يروي حديثا به يشجو أعادينا
أين الملوك بنو مروان ساستها يصحون قاضين أو يسمون غازينا
و أين أبناء عباد و رونقهم و هم أواخر نوفي دياجينا
يأيها المسجد العاني بقرطبة هلا تذكرك الأجراس تأذينا
تلك القصور من الزهراء طامسة و بالتذكر نبنيها فتبنينا
علىالممالك منها أشرفت شرف و الملك يعشق تشييدا و تزيينا
و عبد رحمانها يلهو بزخرفها و الفن يجمع فيها الهند و الصينا
كانت حقيقة سلطان و مقدرة فأصبحت في البلى و هما و تخمينا
عمائم العرب الأمجاد ما برحت على المطارف بالتمثيل تصبينا
و في المحاريب أشباح تلوح لنا و في المنابر أصوات تنادينا
يابرق طالع قصورا أهلها رحلوا و حى أجداث أبطال منيخنيا
أهكذا كانت الحمراء موحشة اذ نت ترقب أفواج المغنينا
و للبرود حفيف فوق مرمرها و قد تضوع منها مسك دارينا
و ياغمام افتقد جنات مرسية ورد من زهرها وردا و نسرينا
و أمطر النخل و الزيتون غادية و التوت و الكرم و الومان و التينا
أوصيك خيرا بأشجار مباركة لأنها كلها من غرس أيدنيا
كنا الملوك و كان الكون مملكة فكيف بتنا المماليك المساكينا
و في رقاب العدى انفلت صوارمنا و اليوم قد نزعوا منا السكاكينا