- شغف المثقفين بها وراء الطفرة الجديدة
أصيلة المغربية: سعر الأرض يعادل الموجود في مراكش والدار البيضاء.. وأسعار إيجار البيوت تتضاعف 100% خلال الصيف
شغف المثقفين بها وراء الطفرة الجديدة
فيما الأضواء مسلطة على مراكش في جنوب المغرب تعيش مدينة أصيلة الصغيرة الواقعة في شمال البلاد طفرتها العقارية في هدوء وصمت. فنتيجة ارتفاع الطلب الأجنبي والسياحي على المدينة أصبحت أسعار العقار في أصيلة، الذائعة الصيت بموسمها الثقافي الدولي، والتي لا يتجاوز عدد سكانها 30 ألف نسمة، تضاهي أسعار مراكش والدار البيضاء، إذ أصبح ثمن المتر المربع من الأرض في أصيلة يتجاوز 10 آلاف درهم (1.13 الف دولار) في المتوسط، ويصل عتبة 20 ألف درهم قرب الشاطئ.
ورغم أن أصيلة لا تبعد سوى 40 كيلومترا عن مدينة طنجة، التي باتت تلعب دور قاطرة التنمية في المحافظات الشمالية المغربية، من خلال عدد من المشاريع الهيكلية الكبرى مثل الميناء المتوسطي الضخم، والمناطق الحرة الصناعية والتجارية، وشبكة الطرق البرية، إلا أن الطفرة العقارية التي تعرفها أصيلة غير ناتجة عن الديناميكية الاقتصادية لطنجة وإنما عن مقومات ذاتية للمدينة. كما أن هذه الطفرة لا تشكل إمتدادا للإقبال الأجنبي على الاستثمار في العقار بالمغرب خلال السنوات الأخيرة، والذي تقوده مدينة مراكش.
فمدينة أصيلة من خلال العمل الدءوب على مدى ربع قرن في تطوير موسمها الثقافي الدولي، تمكنت من صقل هويتها الخاصة وبناء مقومات جاذبيتها التي ترتكز على اشعاعها الثقافي. فالمدينة الصغيرة التي ظلت لمدة طويلة، ولا تزال كذلك في أذهان بعض صناع القرار الاقتصادي والسياسي في المغرب، مجرد ملحقة تدور في فلك مدينة طنجة، تمكنت من خلال المراهنة على الثقافة كرافعة للتنمية، من تحديد مسارها الخاص، والتحول من مدينة فلكية إلى قطب جديد للتنمية بالمنطقة الشمالية للمغرب.
وكانت البداية في سنة 1978 عندما بادرت جمعية «المحيط» الأهلية إلى تنظيم موسمها (مهرجانها) الثقافي الأول، والذي تم خلاله استقدام فنانين تشكيليين من آفاق وبلاد مختلفة ليساهموا في تحويل جدران المدينة إلى لوحات فنية بإشراك السكان. وتطور الموسم الثقافي على مر السنين ليشمل العديد من المنتديات الدولية الثقافية والسياسية والدبلوماسية، وفضاءات للحوار والتبادل.
وواكب الاستثمار تطور المنتوج الثقافي للمدينة، من خلال إنشاء بنيات في مستوى طموح المهرجان، مثل اعادة ترميم «قصر الثقافة» وبناء «مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية» و«مكتبة الأمير بندر بن سلطان».
ولم تتأخر الاستثمارات العقارية والسياحية في مسايرة الطلب المتنامي على المدينة التي أصبحت محطة في المسارات السنوية للعديد من الفنانين المبدعين والمهتمين بالثقافة عبر العالم. وتحول الطموح الثقافي لجمعية «المحيط» الأهلية التي تحولت اخيرا الى «مؤسسة منتدى اصيلة» إلى مشروع مدينة.
وتعرف المدينة إقبالا قويا خلال الفترة الممتدة من يونيو (حزيران) حتى الأسبوع الأول من سبتمبر (ايلول)، والتي تتزامن مع تنظيم فعاليات موسمها الثقافي.
وتكون كل الغرف الفندقية وكل الشقق المفروشة خلال هذه الفترة محجوزة، وترتفع أسعار إيجار البيوت خلال هذه الفترة ايضا بنسب تصل إلى 100% مقارنة مع باقي أشهر السنة. وتعرف المدينة فترة ثانية لارتفاع الطلب خلال احتفالات رأس السنة الميلادية، والتي تمتد ما بين 23 ديسمبر (كانون الأول) و6 يناير (كانون الثاني) من كل سنة، حيث يتوافد عليها السياح الاسبان، لاسيما انها كانت مدينة مستعمرة من طرف اسبانيا.
غير أن الاهتمام بأصيلة لا يقتصر على هذه الفترات. فالعديد من رواد موسمها الثقافي الدولي وزوارها خلال الصيف يعودون إليها خلال باقي فصول السنة. فالمدينة التي شغفت العديد من الفنانين والمثقفين المبدعين بهدوئها وسكينتها بعيدا عن الثلوث والضجيج وضوضاء المدن الصناعية، وخطفت قلوبهم بجمالية شاطئها المترامي، ومدينتها العتيقة التي يهيمن عليها اللونين الابيض والازرق، أصبحت تشكل ملاذا لهؤلاء كلما رغبوا في الخروج من المسارات المهنية من أجل الإسترخاء والتأمل وإعادة شحن طاقاتهم الذاتية والإبداعية.
كعادتك دائما سباق الى كل ماهو جديد ومميز
تهنئك على هذه الحيويه والنشاط
تحياتي