قرطبه المسافرون العرب

أكتشف العالم بين يديك المسافرون العرب أكبر موقع سياحي في الخليج و الوطن العربي ، يحتوى على أكبر محتوى سياحي 350 ألف استفسار و نصائح عن السفر و السياحة, 50 ألف تقرير سياحي للمسافرون العرب حول العالم و أكثر من 50 ألف من الاماكن السياحية و انشطة وفعاليات سياحية ومراكز تسوق وفنادق، المسافرون العرب هو دليل المسافر العربي قبل السفر و اثناء الرحلة. artravelers.com ..
اعتماد
14-04-2022 - 06:45 pm
  1. 20/04/2007

  2. ترجمة وتقديم: مزوار الادريسي

  3. غشِيَمُ الليالي أَنْ تُشكِّكَ ناقتي/ صدري بها أفضي أَمِ البيداءُف

  4. كلارا خانيس: ألهذا الحَدِّ كانتْ جذريَّةُ التَّغيُّر؟

  5. رهين المحبسين

  6. كلارا خانيس: ومع ذلك، فقد كتب أشعارا مناسباتيَّة.

  7. كلارا خانيس: وهذا الكمُّ الهائل من القصائد القصيرة جدا...

  8. كلارا خانيس: لم أتخيَّلْ ذلك قَطُّ.


20/04/2007

ترجمة وتقديم: مزوار الادريسي

العلاقة بيْن الشاعر العربي أدونيس والشاعرة الإسبانية الكاطلانية كلارا خانيس تعود إلي وقت قديم نسبيا، إذ بينهما رسائل، تشهد علي ذلك، علي الأقل مجلَّة أدَمار؛ التي تشرف عليها الشاعرة، التي ساهمت بقسط وافر في التعريف بالأدب الشرقي، خصوصا العربيَّ منه، عبر الترجمة لأعلامه الكبار، وآخر ما أنجزَتْهُ هو ترجمة ديوان أبي الطيب المتنبي.
يطّلع القارئ في هذا النص الطَّريِّ علي آخر حوار دار بين أدونيس وكلارا خانيس، نشره الملحق الثقافي إلكولطورال .
بدأ يوم الأربعاء المهرجان الشعري الكبير كوسموبويطيكا، الذي يجمع بقرطبة، إلي غاية 22 نيسان (أبريل)، مبدعين بارزين عالميا، مثل زاغاجينسكي، وهوغو موخيكا، وإيدا بيطالي، وغارثيَّا بايِّينا، وكلارا خانيس، إلي جانب الأصوات الشابة (قرنانديث مايُّو، وأنطونيو لوكاس، وإِلينا ميديل)، كي يتقاسموا التجارب والأشعار. لكنَّ النجم الكبير لهذه الأيام سيكون هو الشاعر أدونيس (1930)، الشاعر اللبناني الذي ازداد بسورية، والذي يمثل قمة الشعر العربي وإنتيليجنسيا العالم العربي الأكثر استنارة وموضوعية. إنه صاحب قصائد مجدِّدة، لكنها لم تتخلَّ عن أناقة تقاليدها، ودوما مقرونة بالكلمة الصافية التي تقتضيها اللحظة. يحاور أدونيس في هذه السطور صديقتَهُ ومترجمته كلارا خانيس، التي كان وراء دفعها إلي مغامرتها الأخيرة؛ وهي ترجمة المتنبي (التي أنهتها صحبة المستعربة ميلاغروس نوين) الشاعر الذي ازداد جنوب العراق، في بداية القرن العاشر، وقد تماهي معه أدونيس في كتابه الرئيسي الكتاب .
كلارا خانيس: أطلب منكَ الاعتراف بمسؤولياتك: بسبب حماسك وضعتني في إهاب رجل، وهو يركب الحصان، يلقي قصائده علي طريقة الخطب الحربية قُبالةَ الأمير، الذي يركب بدوره حصانه، وأمام الجيش قبل انطلاقه للقتال. لقد حرَّضتني إذن، علي هذا التحوَّل.
أدونيس: حسنا. لقد قلتُ ذلك: التحول والشعر مترابطان بشكل حميم. التحوُّل يَصْدر عن قوَّة غامضة، والاستعارة هي نبع الولادة المتجدِّدة الأبدية والتجديد المستمر للحركة الإبداعية الذي يتضمن المتناقضات: الخيال والواقع، الغريب والمألوف، والجليّ والخفي... الاستعارة هو الاسم الشعري للتحوُّل.
الحياة باعتبارها استعارة
كلارا خانيس: والحياة؟ هل بوُسعها أن تكون استعارة؟
أدونيس: ما يكتبه المرءُ يُشكِّلُ مُكمِّلا لحركة الحياة. الأساسيُّ في الحياة هو الإبداع. الطبيعة بذاتها هي في خلق أبديٍّ، وفي تجدُّد، وتغيُّر، هكذا إذن تكون النسبية. تأمَّلي هذا البيت للمتنبي:

غشِيَمُ الليالي أَنْ تُشكِّكَ ناقتي/ صدري بها أفضي أَمِ البيداءُف

المتنبي هو الشاعر العربي، الذي حقق علي أفضل وجه، الوحدةَ بين السياسي والشاعري. أقول السياسيَّ، لأنه لم يكن مُدمجا في الحياة السياسة اليومية. كان يحلم بإبداع رؤية سياسية تتأسس علي رؤية شعرية، لهذا السبب تجدين شعره في الوقت ذاته يعبِّر عن السياسيِّ والشعريِّ، إنه لم يقف وسَطيًّا. وحاليا أُسيء تأويلهُ، لقد اعْتُقِدَ أنه كان يستعمل الشعرَ للحصول علي منصب، أو مال...إلخ. هذا تفسيرٌ جدُّ سطحيٍّ. هو نفسُه عبَّر عن ذلك بقوله: لم أكتب شعرا كي أمتدح كافور، لكنني بامتداح كافور كنت أنتقد كل المجتمع، لأن هذا المجتمع أجبرني علي المضي إلي شخص مثل كافور . يمكن القول إن مشروع المتنبي كان رؤية شمولية وعملا كلِّيا، إنه عودة إلي الشعر الجاهلي، الذي لم يكن يقتصر علي التعبير عن التجربة الذاتية، وإنما كذلك عن حقائق العالم: الحقيقة. لكن بعد مجيء الإسلام تَمَّ إقصاء الشعر، لأنَّ الحقيقة سيقولها الإسلامُ، ومن قِبَلِ الدينِ الذي لهُ حقُّ التصرُّفِ فيها.

كلارا خانيس: ألهذا الحَدِّ كانتْ جذريَّةُ التَّغيُّر؟

أدونيس: منذئذ والشاعر مُلْزَمٌ بالحديث عن مشاعره فحسبُ، وعن تجربته الشخصية. ما يُفْعلُ لا علاقة له بالسابق: هنالك قطيعةٌ بين الفكر والفلسفة والشِّعْر. وبالطبع، فإن الشعراء لم ينصتوا إلي المعايير الدينية، وكان أبو نواس من بدأ بقول لا ، وبالجهر والتعبير عن أنه في الشِّعر يكون موضع التجربة الشخصية متَّحِدا مع تجربة أكثر شمولا. لقد كان المتنبي مقتنعا بأن الشعر إبداعٌ كونيٌّ يقولُ الشَّخْصَ، والمجتمع، والكون، في وقتٍ، وهذه هي مساهمته، يفوق العادة.

رهين المحبسين

كلارا خانيس: ومع ذلك، فقد كتب أشعارا مناسباتيَّة.

أدونيس: هذا النوع من الشعر كان يُنتَجُ في أوروبا أيضا، فقد كان هنالك شعراء بالبلاط، وفيما يخص العرب، فإنَّ الشاعر كان ينهض بعمل عِوَضَ التسوُّل لقِلَّةِ المال. لقد كان الكبارُ جميعُهم يكتبون للساسة باستثناء المعري. هذا الأخير كان يقول: أنا سجين المحبسين: بيتي وشعري ، وعندما قرأ له الشاعرُ سيرون قال لي: أدونيس، لو كنت أعْلَمُ أنَّ لديكم شاعرا هكذا لما كنتُ قد كتبتُ. لم أفعلْ سوي ترديد ما قاله المعري .
كلارا خانيس: لنتحَدَّثْ قليلا عن العََرُوض. أدونيس: يتوافر الشعر العربي وَزْنِيَّا علي ستة عشر بحرا، لكنْ لا شاعرَ استعملها جميعها، كُلُّ واحد كان يكتب حسب شخصيَّته. وعلينا أن ننبه إلي الفرق الموجود بين القصائد الطويلة والقصائد القصيرة.
كلارا خانيس: أجل، وتوجد قصائدُ تذكِّرُ برُباعيات الخَيَّام الفارسية. ما يكون الأصلُ؟
أدونيس: الرُّباعياتُ لا تُكتَبُ بين العرب؛ أي أنها ظهرتْ بسبب التقليد فحسبُ، وفي وقت متأخِّر في القرن الثامن والتاسع، ولمْ تُكْتَبْ جيِّدا.

كلارا خانيس: وهذا الكمُّ الهائل من القصائد القصيرة جدا...

أدونيس: في الشعر العربي توجد الكثير من القصائد من أربعة أبيات وبيتيْن وحتي من بيت واحد. وهي القصائد التي تُكْتَبُ حين يكون الشاعر يتحدَّث عن شيء واحد: مائدة، زهرة، ألوان... وكانت تُنَظَّمُ في هذا الصدد مسابقاتٌ شعرية من هذا النوع. لهذا تجدين الكثير من التشابه مع الهايكو. يُتكلّمُ عن الهايكو بالإحالة علي الشعر الياباني، بينما هو ذو أصل عربي.

كلارا خانيس: لم أتخيَّلْ ذلك قَطُّ.

أدونيس: العرب كانوا دوما مخدوعين من قِبَلِ الأجنبي، ولا ينظرون إلي تراثهم؛ لكن ما هو طريف، أنهم يدافعون في الوقت ذاته عن التراث والتقليد. إنهم وهم مفتونون بما هو غربيٌّ تجدينَهم يُقلِّدونه. وفي حال الهايكو يكونون هم الذين ابتكروه، لكنهم لم ينتبهوا إلي ذلك.
هذا اللعب الشعري العربي هو أيضا ياباني: الرينغا. لقد قمنا بذلك في اليونسكو ذات مرَّة: كنَّا عشرةَ شعراء حول مائدة، أنتَ تقولُ بيتا، وآخرُ يواصله... قلتُ في ذلك اللقاء: هذا كان عربيًّا، ويحْدُثُ الآنَ أنه ابتكارٌ يابانيٌّ . فقال اليابانيون: ربما جاءنا من العرب، لكنَّكم تخلَّيْتم عنه، ونحن تَعَهَّدْناه .
كلارا خانيس: لكنَّ الهايكو مختلف عن البيت العربي القصير، إنه طريقة خاصة في التعبير، لها قواعدُها المؤسسة، وإن كان الاثنان في نواحٍ أخري صنوان: يتعلَّق الأمر بالقبض علي اللحظة. ما قلتَه: مائدة، شيء... لهذا ليستْ توجدُ حريَّةٌ.
أدونيس: توجد في حضن الحضارة العربية أشياءُ كثيرةٌ بمعني أن السياسة كانتْ عربية، لكنَّ العالم العربي كان مزيجا، هجينَ ثقافاتٍ غير مألوفة: الفارسية، والكردية، والهندية، جميعا... لقد عرف المجتمع العربي ثراءً يتجاوز النظامَ السياسي الذي كان عربيا أو مسلما.
كلارا خانيس: لكنَّك جئتَ علي القول بأن الإسلام...
أدونيس: أكيد، إنَّ الدين كان أحيانا وسيلةً للاستحواذ علي السلطة، وكان دوما وسيلةً لمراقبة المجتمع، لكنْ لا يلزمُ أن نُطابق بين النظام السياسي والثقافة.
كلارا خانيس: أفترضُ أن هنالك لحظاتٍ ولحظات، أنتَ ذاتُك لجأتَ إلي المنفي.
أدونيس: ولا زلتُ منفيًّا، لأني منفيٌّ داخل تلك الجزيرة التي تُسمَّي اللغة العربية . الشعراء والمفكرون وكلُّ الذين لديهم شيء يقولونه يعيشون، بصيغة ما، نوعا من المنفي. لكنَّ الواضح، أنه كانت هنالك لحظة، كنتَ إذا لم تنتقد الدينَ فيها يكون بوسعك أنْ تفعل ما تشاء. الآن، لا. حتي وإنْ لم تنتقد الدين، إنِ انتقدْتَ السياسة... لقد وضع النظامُ السياسيُّ يدهُ علي كلِّ شيء: الاقتصادي، والمجتمعي، كلّ شيء، حتي علي الثقافة، لهذا لا وجود للحريات. ليس بوُسعك أن تنتقد التربية والاقتصاد... ذلك أنه هكذا: لا يمكنُ التحدُّث مثلا عن وضعية المرأة دون التطرق للآيات القرآنية التي تتعلق بالمرأة. ذات مرَّة، حاولنا في مجلَّتي مواقف أن نصدر عددا خاصا بوضعية المرأة العربية، محاولين الإجابة عن السؤال: لماذا المرأةُ العربية غير موجودة؟ لماذا هي غير متملِّكة لجسدها، ولا ممتلكة لفكرها؟ لماذا هي تَبَعِيَّةٌ علي كل الأصعدة؟ لماذا؟ طيب، إذن، للحصول علي جواب يلزم اللجوء إلي القرآن، وعلي الأقل، قراءةُ النصوص الدينية. لم نعثر علي أحد يرغب في الحديث عن ذلك، لا أحد تجرَّأ، لأن القرآن، علي سبيل المثال، يقول في الشهادة مثلا؛ إن رجلا يعادل امرأتيْن. لماذا؟ لماذا في ما يتعلَّق بالمواريث والزواج...؟
نظرا إلي ذاك، قرَّرْتُ أن أقولَ كفي. إذا لم نستطعْ قول ما علينا أن نقوله، فالأفضل أن نسكت. لا، إذا لم أستطع إعادة طرح مشاكل المجتمع كي أضعَ الكلَّ محطَّ تساؤل، فإنني لن أواصل. هذا لا يعني أن العالم قد انتهي. لكنَّ الوضع الاجتماعيَّ قد تدهور، في هذا السياق، الناسُ يشعرون بأنهم أسري، لكنَّ الحياة تتخطَّي كلَّ شيء، والتاريخُ كذلك. وعظمة الإنسان أنه يلعبُ دورا في التاريخ، لكنَّه يُمْكنُ أن يتخطَّاه.


التعليقات (1)
أبن زيدون
أبن زيدون
مقال جميل ومحاورة ادبية تحفه ورائعه
شكرا لكم أخيتي اعتماد


خصم يصل إلى 25%