سدهارتا
17-12-2022 - 12:52 am
وقفتُ عند النافذة الزجاجيّة النظيفة في صالةِ المغادرين بمطار دبي ( 30 يوليو 2014 )
متأملا الطائرة العملاقة ذات الطابقين التي ستحملنا إلى ميونخ .! التفتُ لأبحث عن طائرات أخرى لأجل المقارنة .. اكتشفتُ أنّ طائرتنا هي الأكثر فخامة وأناقة .. وأيضا بطابقين .!
كنتُ مزهوا بهذه النتيجة التي توصّلتُ إليها .. اقتربتُ أكثر من النافذة الزجاجيّة .. وفكّرتُ بأن ألصق وجهي بها كما يفعلُ الأطفال .! وأن أترك بصماتي عليها كما يفعلُ الأطفال .. لكنّي تذكّرت أنّي أقترب من الخامسة والثلاثين .! وأنّ عليّ ألا أظهر مشاعري .. ارتديتُ قناعي سريعا .. وافتعلتُ الجديّة وبعد قليل شعرتُ بأنّ وجهي بات محايدا وجامدا .!
كان هو القناع المناسب لصالات المغادرين وفي المطارات !
ويمكنني استبداله لاحقا حسب الحاجة .!!
يبحثون عن إخوانهم بين الكراسي فيتحول الركاب جميعا إلى مشتبه بهم .! قد يكونوا مشاركين في إخفاء الآخرين .!! يشكون في الجميع ويفتّشون الجميع .!! وعندما يتيقنوا من براءتنا يكون الحل في البكاء ..!
بعض الأطفال وجدوا تسليتهم في لعبة أكثر جديّة .. يقفون عند دوراتِ المياه وما أكثرها ليوجّهوا المحتاجين للحمّام الفاضي .!! مارسوا هوايتهم بإتقان شديد وأنا شاهد على ذلك .! هم بذلك قللوا من فتراتِ الانتظار والدّق على الأبواب وبالتالي قلّ الزحام .! كانوا بمثابةِ إشارات مرور بشريّة .!! فلهم منّا جميعا كل الشكر والتقدير .. وما جعل المشهد أكثر درامية وواقعيّة هنّ المربيات الآسيويات .. حيث قمن بالإشراف المباشر على الفعاليات والبرامج والمسابقات التي ينظمها وينفذها الأطفال في الطائرة .!
أتصدّقون .. وحشتني تلك الأجواء العائليّة الدافئة والأصوات الطفوليّة العابثة.! وحين اقتربنا من ميونخ هدأتِ الطائرة ذات الطابقين تماما أو تكاد .. لقد تخلى الأطفال عن سيطرتهم المطلقة على الطائرة بكل ممراتها وطرقاتها وطوابقها واستسلموا للنّوم .!
عدا الأطفال الذين تحملوا مسئوليّة تنظيم دوراتِ المياه .. لقد ظلوا في أماكنهم حتى النهاية .!!