- أوفياء هذا المنتدى وروّاد هذه البوّابة
أوفياء هذا المنتدى وروّاد هذه البوّابة
أغيب أغيب عنكم ولكنّكم في بالي متى قصدت مكانًا أثريًّا، أو ارتدت مطعمًا بمأكولاته غنيًّا، أو التقطت عدسة كاميرتي مشهدًا فنّيًّا؛ معكم وأفكّر بكم إذ أشرككم بمشاهداتي، وأنقل إليكم زياراتي، وأبثّكم تحيّاتي مسطّرة بتقارير سريعة أو موجزة أو دسمة، يا أصدقائي.
اليوم سأصحبكم إلى مطعم "كَرَمْنَا" في وسط البلد، شارع الماليّة.
عندما يقرص الجوع معدتنا تقرص بدورها عقلنا فتشلّه عن التّفكير، فكيف الاستمتاع بما يحيطه!
لم تنجح الأجواء الصّاخبة- قُبيل ولادة اللّيلة الأولى من شهر كانون الثّاني من السّنة الميلاديّة الجديدة- في إخماد ثورة جوعي الّتي تعالت صرخاتها لتكاد تطغى على صيحات المحيطين بساعة البلد، المشرئبّة أعناقهم، يرقبون حلول السّاعة الثّانية عشرة، ويبتهجون بالمفرقعات النّاريّة الّتي تلوّن سماء لبناننا.
كان هذا المطعم في فكري منذ وقت، ولكنّني لم أجد الفرصة المناسبة لارتياده. حتّى تلك اللّحظة حيث ساقتني قدماي وبدون تخطيط مسبق إلى اختياره ليكون الدّواء الّذي يعالج دائي ألا وهو الجوع...
استقبلنا المضيف والأسف يتآكل جبينه المتعرّق، زاعمًا صعوبة تأمين طاولة تضمّنا، وذلك لإسقاطنا من حساباتنا خطوة الحجز المسبق، بخاصّة في يوم مزدحم كذلك اليوم!
فوقفت مهزومة أُعْمِلُ التّفكير سريعًا للخروج من هكذا ورطة؛ نعم ورطة بعدما قمت بمسح بصريّ ضوئيّ للمطاعم المنتشرة على جنبات المكان والمكتظّة طاولاتها بالزّوّار والوقوف أكثر من الجلوس هنا وهناك!
إلاّ أنّ "الضّحوك" أصرّ على إبقاء الابتسامة تعتلي شفتي وبادر المدير بقوله:
"جوعانين وبدنا ناكل..."
ويبدو أنّ المدير قد أشفق على كلينا فهمس في أذن العامل أن أمّن لهما طاولة وأهلاً وسهلاً بكما معنا...
كانت الموسيقى تنبعث وبقوّة محمّلة بأغنيات منوّعة تستقطب المارّة الّذين كانوا يتوقّفون أمام مدخلي المطعم قبل أن يكملوا مسيرهم.
ثمّ بدأت الأطباق تترنّح على طاولتنا وطيب ما تحويه يعلو صفحاتها ويغمز لمعدتي بعين نكهته وحلاوة صورته وسحر رائحته،،، وذائقتي تزداد شوقًا لتتلوّن بشتّى الأصناف المقدّمة، ولساني يتخبّط في بحر لعابي الّذي راح يتدفّق اشتهاءً لما تصوّره عيناي...
وما عاد الأمر يحتمل الاحجام بل عليّ الهجوم والإقدام. وما بين انتظار وانتظار تطاولت يدي على حرمة الطّاولة فبعثرت كرامتها، وشتّت كيانها، وقبضت على أعناق أطباقها، ومسحت وجودها، وما أبقت لها أثرًا وقطعت لها وترًا...
وحقًّا كان "كرمنا" اسمًا على مسمّى، ناهيك عن جودة الأطعمة انسيابها تحت الأضراس...
هيّا بنا معًا نكشف ستر تلك الطّاولة ونرفع الغطاء عن تفاصيلها
كانت الافتتاحيّة مع طبق "بابا غنّوج" أو "متبّل باذنجان" منثور فوقه الرّمّان الأحمر الورديّ، ويا لغنج طعمه ودلاله
فغريمه "الحمّص متبّل"
"الرّاهب"، باذنجان تفترشه البندورة والرّمان
ثمّ ملكة المائدة اللّبنانيّة: التّبّولة
فغريمها الفتّوش مع الخبز المقلي
وبما أنّنا على أعتاب عام جديد فأحببت أن أزيل الخصام ما بين الغريمين ونجحت في جمعهما في لقطة نادرة
ورق عنب بزيت
بستان خضار مشكّلة: ملفوف، بندورة، خيار، نعنع، فجل، وجزر
مقانق مقلي،، حامض
"هبرة نيّة" ويا ويلي شو كانت طيّبة
صورة عائليّة للمازة اللّبنانيّة
ما عرفت اسمه ولا آنست طعمه، وأكره الجوز في الطّعام
سلطة القريدس وكانت رائعة
الهندباء
المعجّنات: كبّة مقليّة، رقاقات لحمة، رقاقات جبنة، فطائر سبانخ، فطائر لحمة
بطاطا حَرّة
سوداء مقليّة وفيها حامض كتير
سفن آب،،، وقناع التّنكّر الّذي وُزّع على الحضور مع أبواق وبالونات وقبّعة وغيره
طبق المشاوي: لحمة وكفتا وششطاووق
طبق السّمك إلى جانبه خضار مسلوق بطاطا مقليّة
الفاكهة، وأسقطنا طبق الحلويات لعدم تمكّننا من رؤية الطّعام بعد ذلك
الشّباب أشبه بالنّحل
الفاتورة
سمعنا المفرقعات فهرولنا خارجًا لنشهد الحدث
المفرقعات
وهكذا كان وسط البلد مضيافًا يستقبل ضيوفه دونما تأفّف
الزّحمة وأجواء وسط البلد
ثمّ إلى بيتنا عدنا
وتقريرنا ختمنا بباقة ورد لجميع من تابعنا
زورونا واشهدوا على كرمنا
صباحكم خير
اهلا بمن حضر هنا واتحفنا بما لذ وطاب .... لقد قُلبت علينا المواجع ....مع هذا الصباح الجميل ....
نقل رائع ... ووصف أروع وأجمل .... باذن الله رحلتى المقبلة الى لبنان ... لا بد من المرور على كرمنا
شكرا من الاعماق ... وننتظر دوما كل جديدك .... بدون تأخير ولا اإنقطاع
دمتي بكل خير