- السبت 05-03-2005
السبت 05-03-2005
يقودني الصمت إلى ما لا نهاية وتأخذني الأمنيات إلى ما وراء المحسوس حيث ينتهي بعقولنا التفكير حينما تفقد الفيزياء قوانينها لتخرج الحقيقة عن طورها إلى ما وراء الحقيقة....!
لم يكد الضياء ليخرج من خلف أستار الظلام حتى استيقظنا نسابق الزمن ونستبق الوقت منطلقين إلى لندن لعلنا نجد من الوقت ما يكفي لنكتشف عاصمة الدولة التي كانت في يوم من الأيام لا تغيب عن مستعمراتها الشمس. في حوالي الساعة التاسعة ركبنا القطار المتوجه إلى لندن ( التذكرة تساوي حوالي خمسة عشر جنيها وستين بنساً تشمل التنقلات بالباصات وقطارات الأنفاق) ،المسافة بالقطار حوالي خمسة وعشرين دقيقة إذا ما استخدم القطار السريع الذي لا يتوقف في المحطات البينية، تأخر القطار قليلا لازدحام طرق السكة بقطارات أخرى ، طبعاً خدمات القطارات في بريطانيا لا تقارن أبداً بخدمات قطارات اليابان لا في التنظيم ولا في الإنتظام بالمواعيد فالقطارات في بريطانيا ليست منتظمة الى حد بعيد بالوقت بدقة.
في لندن وصلنا الى محطة( بادنقتون ) ومن ثم مشينا على أقدامنا حتى وجدنا باص لندن الأحمر المشهور مكشوف الدور الثاني الذي يجوب لندن ومزود بسماعات تعطى لكل راكب يتحدث منها مرشد مسبق التسجيل بست لغات . صعدنا الباص ورغم البرد القارص، قررنا أن نصعد إلى الدور الثاني المكشوف في قمة برد لندن لنثبت للإنجليز أن أبناء الصحراء لا يقهرهم برد إنجلترا, كان الهواء البارد يلفح وجهينا عن اليمين وعن اليسار، ولكن لم نستسلم فنحن يجب أن نصمد ( مدري وش اللي حادنا على البرد). جُبنا لندن ابتداءاً بشارع اوكسفورد التجاري الشهير ثم التفينا حول( الهايد بارك )المشهورة بحرية التعبير، مروراً بقوس الرخام، و نصب الأميرة ديانا ، ومن ثم توجهنا إلى ميدان بيكاديللي، ومبنى هيئة الإذاعة البريطانية سابقاً، وقصر الباكنجهام، وساعة البج بن ، ولا أنسى كذلك جسر لندن الشهير ،وعين لندن التي هي عبارة عن: عجلة كعجلة الدراجة الكبيرة بها العديد من العربات التي تدور إلى الأعلى لتمكن الزائر من رؤية معظم ملامح لندن، سعر هذه التذكرة حوالي ثمانية عشر جنيهاً شاملة رحلة قصيرة في نهر التايمز ومدة صلاحيتها حوالي أربعة وعشرين ساعة.
بينما نحن نجوب شوارع لندن وخصوصاً حينما مررنا بدوار (بيكاديللي) سولت لنا أنفسنا النزول لعلنا نتلمس معالم المدينة عن قرب، ( والحقيقة الكامنة أننا لم نستطع مقاومة الصقيع ولكن عزة النفس أبت علينا أن ننزل إلى الدور الأول من الباص) فنزلنا على عجل قرب دوار بيكاديللي – حيث أنه يمكن لمستخدم الباص أن ينزل في أي موقع يريد ثم يرجع لأي باص آخر فيما بعد- يبدو أننا من سوء ما لقينا من البرد فقدنا التركيز, وما أن استقر بنا المقام على الرصيف حتى صرخت واو الكاميرا نسيناها في الباص..... رجعت على عجل إلى أحد موظفي الباص وأخبرته عما حصل وما قصر كان شهم وأتصل على سائق الباص وطلب منه أن يبحث عن الكاميرا في الباص ولكن لسوء الحظ لا حياة لمن تنادي ذهبت الكاميرا.. ( آه... آه.. يا كاميرتي كم رافقتني في حلي وترحالي وكم وثقت من أسفاري.. البقاء لله... ويمكن كانت تبغى الفكة)
طبعاً وقفنا لمدة دقيقة ولم نتفوه بأي حرف حداداً على كميرتنا العزيزة، ثم واصلنا المسير على الأقدام, خلال شوارع لندن. ولما حان وقت صلاة العصر بحثنا عن مكان أو حديقة نصلي فيها ولكن لسوء الحظ لم نجد درنا وجلنا، وفي النهاية وجدنا حديقة صغيرة، أما اختلاف العلماء والفتاوى فحدث ولا حرج، الله يرحمنا برحمته كل أفتى على حسب اجتهاده المهم في النهاية صلينا قريباً من شجرة، والله وحده الذي يعلم هل قبلتنا صح والا صلاتنا عكس القبلة، والأدهى من ذلك من يدري يمكن المكان غير طاهر فالكل يعرف أن البريطانيون يحبون اصطحاب الكلاب، وكما هو معروف عن الكلاب تحب ( والقارىء بالكرامة ) تتبول قريباً من جذوع الأشجار، عموماً صلينا واللي صار صار. بس يا خوفي تقرأ زوجتي هذا الكلام تخليني أعيد الصلاة.
لم نعد الى ركوب الباص وإنما استمرينا في المشي، نمتر شوارع لندن مستعينين بالله ثم بالخارطة، حتى قادتنا خطانا على شارع اوكسفورد ومن ثم وصلنا إلى محطة (بادنقتون) ونحن في غاية التعب والارهاق. لنركب أول قطار لنعود أدراجنا الى مأوانا الأخير لهذا اليوم الفراش الوفير.